وصل مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث مجدداً إلى صنعاء أمس ضمن مساعٍ يرجح أنها لإنعاش اتفاق استوكهولم المتعثر بين الحكومة اليمنية الشرعية وقادة الميليشيات الحوثية.
وجاء وصول المبعوث الأممي إلى صنعاء غداة منع مسلحي الجماعة مسؤولاً أممياً رفيعاً من دخول العاصمة المحتلة وإجبار طائرته على المغادرة وفق ما أفاد به مسؤولون في مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.
وفي حين أكد مكتب المبعوث غريفيث في بيان رسمي أن الزيارة ستستمر يومين، دون ذكر تفاصيل للقضايا التي سيناقشها مع قادة الجماعة الحوثية، رجحت مصادر يمنية مطلعة أن يكون إنعاش اتفاق السويد المتعثر تنفيذه منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي على رأس القضايا التي يحملها المبعوث.
وذكر البيان الصادر عن مكتب غريفيث أن الأخير أثنى مرة أخرى على إطلاق سراح المحتجزين الأحادي الجانب الذي قام به الحوثيون وقال إن مبادرات كهذه «تساعد على تهيئة بيئة مواتية وبناء الثقة لاستئناف عملية السلام».
ووفق ما جاء في البيان، أعرب المبعوث الأممي «عن أمله في أن يحثّ ذلك الأطراف على تجديد التزامها بتبادل الأسرى والمحتجزين وفقاً لما تمّ الاتفاق عليه في استوكهولم».
ولا يزال الاتفاق الموقع بين الشرعية والجماعة الموالية لإيران يراوح مكانه في ملفاته الثلاثة وهي تبادل الأسرى والمعتقلين والانسحاب الحوثي من الحديدة وموانئها وفك الحصار عن مدينة تعز. وأكد وزير الخارجية اليمني محمد عبد الله الحضرمي في آخر لقاء له مع غريفيث في نيويورك قبل أيام أن الحكومة الشرعية في بلاده لن تذهب إلى أي مشاورات مقبلة مع الميليشيات الحوثية إلا إذا تم تنفيذ اتفاق استوكهولم المتعلق بالحديدة.
وأنهى غريفيث أخيرا قبل وصوله صنعاء جولة جديدة في المنطقة شملت السعودية وسلطنة عمان ونيويورك في سياق مساعيه لتحقيق السلام في اليمن.
وذكرت المصادر الرسمية اليمنية أن الحضرمي بحث مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث، مستجدات اتفاق الحديدة لا سيما تنفيذ المرحلة الأولى من الانسحابات وموضوع قوات الأمن المحلية، والمبادرة السابقة للحكومة حول فتح مطار صنعاء أمام الرحلات الداخلية.
وحذر الحضرمي، وفق ما نقلته عنه وكالة «سبأ»، من التراخي والسماح للحوثيين بإفشال اتفاق الحديدة، مؤكدا أن قضية قوات الأمن والسلطة المحلية المعنية بحفظ الأمن في مدينة وموانئ الحديدة هي المدخل لإحراز تقدم في تنفيذ الاتفاق.
ورغم مزاعم الميليشيات الحوثية أنها أنهت أكثر من 90 في المائة من التزاماتها المتعلقة باتفاق الحديدة، فيما يخص إعادة الانتشار في المرحلة الأولى إلا أن الحكومة الشرعية تؤكد أن انسحاب الجماعة من موانئ الحديدة الثلاثة المعلن عنه كان صورياً فقط؛ نظراً لأن الجماعة قامت بتسليم الموانئ لعناصرها أنفسهم بعد أن ألبستهم زي قوات خفر السواحل.
وتمثل ملفات السلطة المحلية وقوات الأمن المحلية وموارد الموانئ أهم أبرز 3 نقاط حالت حتى الآن دون تحقيق أي تقدم ملموس لتنفيذ اتفاق الحديدة المتعثر منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وجدد الحضرمي لغريفيث - بحسب المصادر الرسمية - حرص الحكومة اليمنية على تحقيق السلام المبني على المرجعيات، كما أكد له أن «الانتقال إلى أي مشاورات سياسية حول التسوية الشاملة مع الحوثيين مرهون بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في ستوكهولم حول الحديدة.
ودعا الحضرمي المجتمع الدولي للضغط على الحوثيين لتنفيذ ذلك وقال إن «الحكومة الشرعية لا تتوقع ممن لا يلتزم بالاتفاقات السابقة أن يمتثل للاتفاقات اللاحقة».
وتشير مصادر سياسية ودبلوماسية إلى أن المبعوث الأممي يسعى إلى استئناف المشاورات بين الشرعية والحوثيين حول الإطار السياسي والأمني والعسكري الشامل مع الاستمرار في الجهود الراهنة لتنفيذ اتفاق الحديدة، وهو الأمر الذي ترفضه الشرعية.
وذكرت المصادر الرسمية أن وزير الخارجية اليمني أوضح لغريفيث أن استمرار مزايدة الحوثيين ومتاجرتهم بالكثير من القضايا التي تمس المواطنين ومنها المساعدات الغذائية الإنسانية ومطار صنعاء يجب أن ينتهي، وأن يتم التصدي له.
ونسبت وكالة «سبأ» إلى المبعوث غريفيث أنه أكد التزامه بالعمل على تنفيذ اتفاق ستوكهولم وحرصه على استمرار التشاور في هذا الصدد، معرباً عن تطلعه للعمل مع الحكومة الشرعية في جميع القضايا المطروحة.
في سياق آخر، أكدت المفوضية الأممية لحقوق الإنسان أن مسلحي الجماعة الحوثية منعوا مسؤولاً رفيعاً في المفوضية من دخول صنعاء، وأمروا طائرته بالإقلاع من العاصمة بعد وقت قصير من هبوطها يوم الاثنين الماضي.
وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن الإجراء جاء بعد تقرير لاذع قدمه خبراء بتكليف من مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أورد فيه تفاصيل الانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات في حرب اليمن، بما في ذلك العنف الجنسي ضد نساء في سجون يديرها الحوثيون.
ووفق الوكالة، أفاد مسؤولو المفوضية بأنه بعد وصول ممثل المفوضية، العبيد أحمد العبيد، إلى صنعاء الاثنين، استقل مسلحون من ميليشيات الحوثي الطائرة، وسحبوا تصريح سفره، وأمروا قائد الطائرة بالمغادرة.
وفيما أكد روبرت كولفيل المتحدث باسم المفوضية، طرد العبيد من صنعاء، تتزايد الشكوك من قبل مراقبين يمنيين حول عدم قدرة غريفيث على إحراز أي تقدم فيما يخص إقناع الميليشيات الحوثية بالانسحاب الفعلي من الحديدة وموانئها.
وتتهم القوات الحكومية الجماعة الموالية لإيران بأنها مستمرة في خرق التهدئة المعلنة في الحديدة بشكل يومي من خلال عمليات القصف والاستهداف لمواقعها وللمناطق المحررة رغم وجود المراقبين الأمميين.
وكانت الجماعة الحوثية أعلنت إطلاق سراح 350 مختطفاً في صنعاء، وهو العدد الذي نفته اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مؤكدة أن المفرج عنهم 290 شخصا فقط.
وفي أول تعليق حكومي رسمي، قال رئيس لجنة الأسرى في الشرعية الشيخ هادي هيج: «لا يوجد، حتى الآن إلا الأرقام التي صدرت عن الصليب الأحمر، لأن جماعة الحوثي، سبق وأن قالت إنها ستفرج عن 350، وتراجعت وقالت إنها أطلقت سراح 50 أسيراً سابقاً ثم قالت إنها أفرجت عن 9 سابقا ثم قالت إنها أطلقت شخصا واحدا رغم أنه أطلق هو والبعض ضمن تبادل جزئي».
وأكد هيج لـ«الشرق الأوسط» أن حكومة الشرعية والتحالف سبق وأن أطلقا 110 أطفال كانوا يقاتلون في صفوف الحوثيين وتم أسرهم من قبل قوات الجيش في الكثير من جبهات القتال، وتم تسليم هؤلاء الأسرى لذويهم عبر الصليب الأحمر الدولي، دون ضجيج إعلامي.
وأضاف: «الحكومة الشرعية ترحب بالإفراج عن أي يمني من أي طرف، وتؤكد أن كل من أطلق الحوثيون سراحه بحسب قوائم الصليب الأحمر، خطفوا من منازلهم وعادوا إليها».
وجدد المسؤول الحكومي التزام الشرعية بنص اتفاقية استكهولم وهو «إطلاق الكل مقابل الكل».
غريفيث في صنعاء لإنعاش اتفاق «استوكهولم»
غداة منع الحوثيين مسؤولاً أممياً رفيعاً من دخول العاصمة المختطفة
غريفيث في صنعاء لإنعاش اتفاق «استوكهولم»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة