موسكو لـ«توسيع أجندة» الاجتماع المقبل في آستانة

اتهمت واشنطن بإفشال خطة إخلاء «الركبان»

TT

موسكو لـ«توسيع أجندة» الاجتماع المقبل في آستانة

أعلن وزير خارجية كازاخستان مختار تلاوبردي أن بلاده تواصل التحضيرات لعقد اجتماع لمجموعة البلدان الضامنة وقف النار في سوريا، في إطار «صيغة آستانة»، مشيراً إلى «توسيع أجندة النقاش» في الجولة المقبلة. وقال تلاوبردي إن بلاده التي تستشف اللقاء في العاصمة نور سلطان «بانتظار تأكيد المواعيد رسمياً» من جانب البلدان الضامنة (روسيا وتركيا وإيران). وزاد أن «صيغة آستانة لتسوية الأزمة السورية تحافظ على أهميتها، والوضع لا يتجه نحو الاستقرار على أي حال». ومن دون أن يحدد ما إذا كانت الاتصالات مع الأطراف التي ستتم دعوتها قد بدأت بالفعل، أم لا، قال إن «عدد المشاركين في عملية آستانة ازداد مع انضمام الدول المراقبة؛ وهي لبنان والأردن والعراق إليها، بعد أن كانت تقتصر على الدول الضامنة، بما يعنيه ذلك من توسيع لأجندة النقاش».
وكان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين أكد أن الاجتماع المرتقب سيناقش التطورات الجارية بعد إعلان تشكيل اللجنة الدستورية والخطوات اللاحقة. ولفت فيرشينين إلى أن الدول الضامنة «ستعقد قريباً اجتماعاً على مستوى رفيع في العاصمة الكازاخية نور سلطان»، وأوضح أن «عقد اجتماعات حول سوريا على مستوى بارز ضمن إطار آستانة سيستمر، ومن المقرر عقد لقاء آخر على هذا المستوى في وقت قريب»، من دون أن يوضح ما إذا كان الحديث عن «مستوى رفيع» يعني مشاركة التشكيلة ذاتها للوفود المشاركة، على مستوى نواب وزراء الخارجية، أم أن الحديث يجري عن زيادة حجم الحضور الرسمي للبلدان الضامنة، علماً أن روسيا ممثلة في هذه الاجتماعات بمبعوث الرئيس الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، فضلاً عن فيرشينين الذي يتولى الملف السوري في الخارجية الروسية.
ودعا فيرشينين المجتمع الدولي إلى دعم عمل اللجنة الدستورية السورية، والسعي للحفاظ على الحوار السوري الذي من المقرر أن يبدأ في جنيف أواخر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وأكد فيرشينين «رفض محاولات التدخل في الحوار السوري - السوري وفرض وصفات على السوريين، تتعارض مع تقاليدهم الثقافية والدينية والقومية».
إلى ذلك، اتهم مكتب التنسيق الروسي والسوري المشترك المعني بملف إعادة اللاجئين السوريين، الولايات المتحدة، بـ«إحباط خطة أممية لإجلاء النازحين عن مخيم الركبان بمنطقة التنف المحتلة جنوب شرقي سوريا».
وأشار بيان مشترك صدر عن رئيس المكتب الروسي رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع عن روسيا الفريق أول ميخائيل ميزينتسيف، ورئيس المكتب السوري وزير الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف، إلى أن «تنفيذ هذه المرحلة من الخطة أفشله الجانب الأميركي بنقضه التعهدات التي قطعها على نفسه».
وذكّر البيان بأنه تسنى في الفترة السابقة إجلاء وإنقاذ نحو 18 ألف نازح، أي ما يعادل وفقاً للبيان نصف سكان المخيم، وذلك «بفضل عملية أطلقت بجهود روسية وسورية»، مشيراً إلى أنه انطلاقاً من الحرص على إيجاد حل نهائي للمشكلة، أيدت دمشق خطة وضعتها الأمم المتحدة لإجلاء جميع الراغبين في مغادرة المخيم على دفعات في غضون شهر، موضحاً أنه «في 29 سبتمبر (أيلول) لم يمر خلال معبر جلغيم (الذي أعلنت عنه الحكومة السورية لخروج النازحين من الركبان) سوى 336 وافداً بدلاً من 2000، وفقاً لتوقعات سابقة». ونقل البيان شهادات من الخارجين من المخيم، بأن ما يسمى «إدارة» الركبان التي تضم «عناصر العصابات المسلحة المدعومة أميركياً، تمنع السكان من المغادرة تحت تهديد القتل، أما الذين تمكنوا من الخروج، فاضطروا لدفع إتاوات ضخمة للمسلحين لقاء ذلك».
ولفت البيان إلى ازدواجية المعايير لدى واشنطن في التعامل مع مشكلة الركبان، لجهة أن «الولايات المتحدة، أبدت من ناحية، موافقتها على الخطة الأممية، ومن ناحية أخرى قدمت نوعاً من الضمانات الأمنية لموظفي الأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري في منطقة الـ55 كيلومتراً في التنف، لكنها لم تفعل شيئاً لتنفيذ التزاماتها».
وجدد البيان مطالبة القوات الأميركية الموجودة في التنف بمغادرة الأراضي السورية على الفور، و«إفساح المجال أمام الحكومة السورية الشرعية لاستعادة النظام الدستوري في المنطقة وتطهيرها من الإرهابيين».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».