مخاوف سوقية واسعة مع أكبر انكماش للصناعة الأميركية في عقد

التضخم يواصل التباطؤ في منطقة اليورو

TT

مخاوف سوقية واسعة مع أكبر انكماش للصناعة الأميركية في عقد

تفشت موجة من المخاوف في الأسواق العالمية أمس، عقب صدور تقارير تظهر تراجع نشاط القطاع الصناعي الأميركي إلى أسوأ مستوى في أكثر من 10 سنوات، وكذلك نظيره في منطقة اليورو لأقل مستوياتها منذ عام 2012، ما دفع أسواق الأسهم إلى تراجع حاد أمس، بعد بداية مرتفعة للتداولات.
وأظهر تقرير للقطاع الخاص صدر الثلاثاء انكماش قطاع الصناعات التحويلية بالولايات المتحدة في سبتمبر (أيلول)، إلى أضعف مستوياته في أكثر من 10 سنوات، في ظل تدهور أوضاع الشركات بدرجة أكبر، وسط توترات التجارة بين الصين والولايات المتحدة.
وقال معهد إدارة المشتريات إن مؤشره لأنشطة المصانع الأميركية تراجع إلى 47.8 نقطة، في أدنى قراءة له منذ يونيو (حزيران) عام 2009. وتشير أي قراءة دون الخمسين إلى انكماش قطاع المصانع. وتأتي بيانات سبتمبر بعد تسجيل 49.1 نقطة في أغسطس (آب). وكان محللون استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا قراءة تبلغ 50.1 لشهر سبتمبر.
وفي القارة العجوز، التي تعد رائدة الصناعة الحديثة، أظهر مسح الثلاثاء أن أنشطة المصانع انكمشت في منطقة اليورو بأكبر نسبة في نحو 7 أعوام الشهر الماضي، ما يلمح إلى أنه لن يكون هناك تحسن في أي وقت قريب. وسجلت القراءة النهائية لمؤشر «آي إتش إس ماركت» لمديري المشتريات في القطاع الصناعي 45.7 نقطة في سبتمبر (أيلول)، وهي أعلى قليلاً من القراءة الأولية عند 45.6 نقطة، لكنها الأقل منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2012. كما أنها تقل كثيراً عن مستوى 50 نقطة الفاصل بين النمو الانكماش.
وهوى مؤشر يقيس الإنتاج ويستخدم في المؤشر المجمع لمديري المشتريات الذي من المقرر صدوره يوم الخميس ويعد مقياساً جيداً لسلامة الاقتصاد إلى 46.1 نقطة من 47.9 نقطة، وهو أقل مستوى منذ ديسمبر (كانون الأول) 2012، وهو الشهر الثامن له دون مستوى 50 نقطة.
وقال كريس ويليامسون كبير اقتصاديي قطاع الأعمال في «آي إتش إس ماركت»: «صحة قطاع الصناعة في منطقة اليورو تدهورت من سيئ إلى أسوأ في سبتمبر. ومن المرجح أن المستقبل سيشهد ما هو أسوأ مع مزيد من التدهور في المؤشرات المستقبلية خلال الشهر».
وتسببت التقارير في إثارة مخاوف سوقية واسعة النطاق، وبعدما بدأ يوم أمس على مكاسب مدعومة بنظرة متفائلة، تدهورت الأسهم لاحقاً.
ومع بلوغ الساعة 15:05 ت. غ، كان المؤشر داو جونز الصناعي متراجعاً 155.48 نقطة، بما يعادل 0.58 في المائة إلى 26761.35 نقطة، وتدهور المؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بمعدل 18.34 نقطة أو 0.62 في المائة إلى 2958.40 نقطة، والمؤشر ناسداك المجمع 21.31 نقطة أو 0.26 في المائة إلى 7978.21 نقطة.
وعلى المسار ذاته، انخفضت أغلب البورصات الأوروبية الكبرى، وانخفض «داكس» الألماني 150.41 نقطة أو 1.21 في المائة، و«كاك 40» الفرنسي 77.61 نقطة أو 1.37 في المائة، و«فوتسي 100» البريطاني 46.57 نقطة أو 0.63 في المائة.
وفي سوق العملات، ارتفع الدولار الأميركي الذي يعد ملاذاً آمناً إلى أعلى مستوى، فيما يصل إلى نحو عامين ونصف العام مقابل سلة من العملات. وترنح اليورو قرب أقل مستوى في أكثر من عامين مقابل الدولار مع صدور بيانات التضخم الأوروبية الضعيفة.
وأفاد التقدير الأولي من مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) الثلاثاء، بأن التضخم في منطقة اليورو شهد مزيداً من التباطؤ على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي، بسبب تراجع أسعار الطاقة، لكن التضخم الأساسي - الذي يستثني مثل هذه المكونات متقلبة الأسعار - ارتفع.
وقال «يوروستات» إن التضخم في دول منطقة اليورو البالغ عددها 19 دولة ارتفع 0.2 في المائة على أساس شهري في سبتمبر و0.9 في المائة على أساس سنوي، في تباطؤ عن قراءة أغسطس (آب) الماضي التي بلغت واحداً في المائة. وكان اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا ثبات القراءة عند واحد في المائة على أساس سنوي.
ومن أهم أسباب تحقيق رقم دون التوقعات في سبتمبر تراجع أسعار الطاقة بنسبة 1.8 في المائة على أساس سنوي.
وتبقى هذه النسبة أدنى بكثير مما حدده البنك المركزي الأوروبي، الذي كان يريد إبقاء نسبة التضخم عند مستوى أدنى بقليل من 2 في المائة، كما أن هذا هو أدنى مستوى للتضخم في منطقة اليورو منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 حينما بلغ 0.6 في المائة.
ويمكن تفسير هذا التراجع نتيجة للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، التي تشلّ الاقتصاد العالمي، خصوصاً في الدول المصدرة للسلع مثل ألمانيا. ودخل القطاع الصناعي بألمانيا في مرحلة ركود.
وخلال اجتماع في سبتمبر الماضي، خفض البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة، وأطلق من جديد عملية إعادة شراء الديون، بهدف مساعدة اقتصاد منطقة اليورو، في ظلّ انقسام كبير داخل مجلس حكام المصارف المركزية حول جدوى هذه القرارات.



مسح «بنك إنجلترا»: الشركات البريطانية تتوقع زيادة الأسعار وتقليص العمالة

نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
TT

مسح «بنك إنجلترا»: الشركات البريطانية تتوقع زيادة الأسعار وتقليص العمالة

نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)

أظهر مسحٌ أجراه «بنك إنجلترا»، يوم الخميس، على أكثر من ألفَي شركة، أن الشركات البريطانية تتوقَّع رفعَ الأسعار وتقليص أعداد الموظفين رداً على زيادة مساهمات أصحاب العمل في الضمان الاجتماعي التي ستدخل حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) المقبل.

وأشارت النتائج إلى أن 61 في المائة من الشركات تتوقَّع انخفاضاً في الأرباح، و54 في المائة تخطِّط لزيادة الأسعار، و53 في المائة تتوقَّع تقليص العمالة، في حين تعتزم 39 في المائة منها تقليص زيادات الأجور؛ نتيجة لزيادة التأمين الوطني، التي تم إعلانها في موازنة 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقد أظهرت استطلاعات أخرى انخفاضاً في معنويات الأعمال وتراجعاً في نوايا التوظيف والاستثمار، منذ إعلان وزيرة المالية، راشيل ريفز، زيادة قدرها 25 مليار جنيه إسترليني (31 مليار دولار) في ضرائب الرواتب. وقد أسهم تباطؤ الاقتصاد في إثارة القلق في الأسواق المالية بشأن مستويات الدين العام في المملكة المتحدة، مما دفع تكاليف الاقتراض إلى الارتفاع بشكل حاد هذا الأسبوع. كما أظهرت أرقام منفصلة، يوم الخميس، من «جمعية وكالات التوظيف» انخفاضاً في الطلب على الموظفين الجدد، وهو الانخفاض الأكبر منذ أغسطس (آب) 2020.

ومن جانبه، يراقب «بنك إنجلترا» - الذي يدرس احتمالية خفض أسعار الفائدة مجدداً - تأثير تكاليف التوظيف المرتفعة على التضخم من خلال زيادة الأسعار أو تقليص الوظائف، وانخفاض الاستثمار، ونمو الأجور، مما قد يبطئ من النشاط الاقتصادي.

وعلق روب وود، كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة في «بانثيون ماكرو إيكونوميكس»، قائلاً إن مسح بنك إنجلترا يشير إلى أن الزيادات الضريبية تؤدي إلى دفع الأسعار للأعلى بشكل أكبر، بينما التأثير في التباطؤ أقل مما أظهرته استطلاعات مؤشر مديري المشتريات.

وأضاف: «لا تزال الأسئلة الأساسية للمسح تشير إلى تضخم مستمر وزيادة في الأجور، مع ضعف أقل حدة في سوق العمل مقارنة بالمسوحات النوعية، وهو ما يستدعي أن تتبنى لجنة السياسة النقدية خفض أسعار الفائدة بشكل تدريجي فقط».

وارتفع تضخم أسعار المستهلكين البريطاني إلى أعلى مستوى له في 8 أشهر ليصل إلى 2.6 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، مع توقعات من «بنك إنجلترا» بأن التضخم سيواصل الارتفاع في 2025، ولن يعود إلى هدفه البالغ 2 في المائة حتى عام 2027، مما يحد من احتمالية خفض أسعار الفائدة عن مستواها الحالي، البالغ 4.75 في المائة.

وأظهر مسح «بنك إنجلترا»، الذي أُجري بين 6 و20 ديسمبر (كانون الأول)، أن الشركات تخطط لرفع الأسعار بنسبة 3.8 في المائة على مدار الأشهر الـ12 المقبلة، بزيادة قدرها 0.1 نقطة مئوية عن التوقعات في الأشهر الثلاثة حتى نوفمبر. وظل نمو الأجور المتوقع للعام المقبل ثابتاً عند 4 في المائة على أساس المتوسط المتحرك لثلاثة أشهر في ديسمبر.

على صعيد آخر، هبطت أسهم شركة «ماركس آند سبنسر» البريطانية وبعض شركات التجزئة الأخرى يوم الخميس، حيث فقد القطاع مليارَي جنيه إسترليني (2.45 مليار دولار) من قيمته، مع تأثر التجارة الجيدة خلال موسم عيد الميلاد بتراجع ثقة المستهلك والضعف الاقتصادي.

ويستعد تجار التجزئة، الذين يواجهون أصلاً ضعفاً في معنويات المستهلكين، لتكاليف أعلى اعتباراً من أبريل المقبل، حيث من المتوقع أن ترتفع ضرائب أرباب العمل والحد الأدنى للأجور. كما ألقت قفزة في تكاليف اقتراض الحكومة البريطانية في الأيام الأخيرة بظلال من القلق على التوقعات الاقتصادية، مما ضاعف الضغوط على المالية العامة، ودفع المحللين إلى التحذير من احتمال الحاجة إلى زيادات ضريبية إضافية. ومع التوقعات بارتفاع التضخم، يتوقَّع تجار التجزئة عاماً صعباً.

وقال ستيوارت ماشين، الرئيس التنفيذي لشركة «ماركس آند سبنسر»، للصحافيين بعد إعلان تحقيق الشركة أعلى مبيعات للأغذية خلال موسم عيد الميلاد: «هناك ثقة حذرة من جانب العملاء». وعلى الرغم من النمو الأعلى من المتوقع بنسبة 8.9 في المائة في مبيعات المواد الغذائية و1.9 في المائة في مبيعات الملابس والمستلزمات المنزلية، فإن أسهم الشركة تراجعت بنسبة 6.5 في المائة. في المقابل، سجَّلت «تيسكو»، أكبر مجموعة سوبر ماركت في البلاد، زيادة في مبيعاتها بنسبة 4.1 في المائة، لكن أسهمها انخفضت بنسبة 1.3 في المائة.

وقال مات بريتزمان، محلل الأسهم في «هارغريفز لانسداون»: «لن يكون العام المقبل سلساً تماماً لشركات التجزئة الكبرى، حيث يستعد القطاع لمواجهة الزيادات الضريبية الوشيكة».

وبينما ساعدت مبيعات المواد الغذائية المزدهرة على دعم أداء «ماركس آند سبنسر» و«تيسكو»، إلا أن فئات أخرى شهدت تراجعاً. فقد تباطأ نمو شركة «غريغز» المتخصصة في الأطعمة السريعة في الأشهر الأخيرة من عام 2024، بينما سجَّلت شركة «بي آند إم» للتخفيضات انخفاضاً في المبيعات بنسبة 2.8 في المائة؛ مما أدى إلى انخفاض أسهمها بنسبتَي 10 في المائة و12 في المائة على التوالي.

وفي الوقت الذي شهدت فيه شركات التجزئة تراجعاً، ارتفع مؤشر الأسهم القيادية البريطانية الذي يركز على الأسواق العالمية بنسبة 0.5 في المائة.

وتستمر التحديات، إذ تقول الرئيسة التنفيذية لشركة «غريغز»، رويسين كوري، إن المستهلكين أصبحوا أكثر حذراً بشأن الإنفاق. وأضافت أن «النصف الثاني من عام 2024 كان مليئاً بالتحديات، وأعتقد أننا يجب أن نفترض أن هذا الأمر سيستمر حتى عام 2025».

وعلى الرغم من أن شركة «غريغز» قد حققت أداءً جيداً في السنوات الأخيرة، فإن نمو مبيعاتها الأساسي انخفض إلى 2.5 في المائة في الرُّبع الأخير من عام 2024، مقارنة بـ5 في المائة في الفترة السابقة.

من جانبها، حذَّرت أكبر شركة لتجارة الملابس في المملكة المتحدة من حيث القيمة السوقية، يوم الثلاثاء، من أن نمو المبيعات سيتباطأ في عام 205 - 2026؛ نتيجة لتأثير زيادة الضرائب الحكومية على مستويات التوظيف ورفع الأسعار.

وفيما يخص «تيسكو»، أظهر كين مورفي، رئيس الشركة، تفاؤلاً ملحوظاً. وأوضح أنه على الرغم من أن المستهلكين الذين «احتفلوا فعلاً بعيد الميلاد» سيكونون أكثر حرصاً على القيمة في يناير (كانون الثاني)، فإن هذه الظاهرة تُعدّ سمة تقليدية دائماً في بداية العام.