الخرطوم: اجتماع بين مجلسي السيادة والوزراء لحسم الجدل حول الإعلان الدستوري

حمدوك أجرى محادثات مع ماكرون والتقى أحد قادة متمردي دارفور في باريس

الرئيس ماكرون مصافحاً رئيس الحكومة السودانية عبد الله حمدوك في الإليزيه أمس (رويترز)
الرئيس ماكرون مصافحاً رئيس الحكومة السودانية عبد الله حمدوك في الإليزيه أمس (رويترز)
TT

الخرطوم: اجتماع بين مجلسي السيادة والوزراء لحسم الجدل حول الإعلان الدستوري

الرئيس ماكرون مصافحاً رئيس الحكومة السودانية عبد الله حمدوك في الإليزيه أمس (رويترز)
الرئيس ماكرون مصافحاً رئيس الحكومة السودانية عبد الله حمدوك في الإليزيه أمس (رويترز)

أجرى رئيس وزراء السودان، عبد الله حمدوك، محادثات في باريس أمس مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كما التقى عبد الواحد نور، أحد أبرز قادة المتمردين في دارفور والمقيم منذ سنوات في العاصمة الفرنسية.
وقال ماكرون في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الحكومة السودانية: «لقد ساعدنا في عقد الاجتماع الذي جمع البارحة رئيس الحكومة حمدوك بعبد الواحد نور الموجود في بلادنا»، مشيراً إلى الوصول إلى «مرحلة أساسية» للسلام في السودان، بحسب ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وجاء ذلك في وقت أحال مجلس السيادة السوداني تعيين رئيس القضاء والنائب العام لاجتماع مشترك بين مجلس السيادة ومجلس الوزراء يعقد الأربعاء المقبل، ويتوقع أن يبت تعيينهما في اليوم ذاته، على أن يعقب ذلك نشر الوثيقة الدستورية بتعديلاتها في الجريدة الرسمية.
ومنذ توقيع وثائق الفترة الانتقالية في 17 أغسطس (آب) الماضي، تثير تسمية رئيس القضاء والنائب العام جدلاً واسعاً، استناداً إلى أن الوثيقة الدستورية نصت على أن تعيين الشخصين من صلاحيات مجلسي القضاء والنائب العام.
وقال عضو مجلس السيادة والمتحدث باسمه محمد الفكي لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع مجلس السيادة الذي عقد أمس، أحال قضية تعيين كل من رئيس القضاء والنائب العام إلى اجتماع مشترك بين مجلس السيادة ومجلس الوزراء، يتم فيه نشر الوثيقة الدستورية عقب الاجتماع المشترك.
وأوضح الفكي، أن حكّام الولايات (العسكريين) المكلفين طلبوا إعفاءهم من المهمة وتكليف وزراء مدنيين مكانهم وفقاً للوثيقة الدستورية، مضيفاً أنهم مصرّون على التنحي. وتبعاً لذلك؛ أحيل الموضوع للجنة رباعية من وزير الحكم الاتحادي والمحلي وممثلين من أطراف عدة لبحث الموضوع. وأضاف الفكي: «الولاة العسكريون مصرّون على التنحي، وسنبحث مع رئيس الوزراء بعد عودته للبلاد كيفية تعيين الولاة».
وقال الفكي، إن الاجتماع توصل إلى نشر الوثيقة الدستورية، بعد الاجتماع الذي سيعقد الأربعاء المقبل، ومناقشتها بصورتها النهائية من قبل المجلسين مجتمعين، مضيفاً أن تعيين رئيس القضاء والنائب العام «ربما يجري في اليوم نفسه».
وعيّن المجلس العسكري الانتقالي المنحل إبان سيطرته على الحكم في البلاد رئيساً للقضاء ونائباً عاماً، لكن «قوى إعلان الحرية والتغيير» رأت أن الرجلين محسوبان على النظام المعزول، وطالبت ببديلين للمنصبين المهمين، قبل توقيع الوثيقة الدستورية.
ورشحت «قوى الحرية والتغيير» رجلين للمنصبين، لكن المجلس العسكري الانتقالي لم يوافق عليهما. ثم رشحت «قوى الحرية» شخصين آخرين، بيد أن قرار تعيينهما لم يصدر حتى توقيع الوثيقة الدستورية التي أعطت السلطة للمجلس التشريعي الذي ينتظر تعيينه في غضون شهرين من الآن.
وتتمسك «قوى إعلان الحرية والتغيير» بتعيين شخصين تقترحهما هي للمنصبين، ليعيدا النظر في وضع الهيئة القضائية والنيابة العامة، ولتفكيك قبضة رموز النظام المعزول في الجهازين العدليين المهمين في مرحلة محاسبة رموز النظام السابق ومحاسبة الفاسدين، وتكوين هيئات عدلية مستقلة.
ويرى التحالف الذي قاد الثورة الشعبية التي أطاحت نظام الرئيس السابق عمر البشير، أن تكوين مجلس القضاء العالي ومجلس النائب العام قبل تعيين مرشحيه للمنصبين، سيكرس سيطرة رموز النظام السابق في الجهازين، وسيجعل من محاسبة رموز النظام السابق عسيرة.
وفي تسعينات القرن الماضي، أحال انقلاب «ثورة الإنقاذ» بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير مئات القضاة والمستشارين من غير الموالين للإسلاميين على التقاعد تحت ذريعة الصالح العام؛ ما أفقد الهيئة القضائية والنيابة العامة خيرة الكوادر المؤهلة. ولا يزال رجال النظام القديم يسيطرون على الجهاز القضائي والنيابة العامة.
من جهته، أعلن مجلس الوزراء السوداني أن رئيسه عبد الله حمدوك التقى في باريس رئيس «حركة - جيش تحرير السودان» عبد الواحد محمد نور في العاصمة الفرنسية باريس، في لقاء وصفه بأنه «ودي ومثمر»، وشهد حواراً «عميقاً حول قضايا السودان المختلفة، بالتركيز على أسباب النزاعات في السودان وتداعياتها، وأهمية السلام والسعي الجاد والدؤوب والمضي قدماً في تحقيق سلام شامل وعادل ومستدام».
وذكرت نشرة إعلام مجلس الوزراء، أن حمدوك ونور اتفقا على «مواصلة مثل هذه الحوارات واللقاءات، حتى تنتقل إلى مراحل أكثر تقدماً».
ومنذ عام 2003 تحارب «حركة تحرير السودان» بقيادة عبد الواحد محمد نور وحركات مسلحة أخرى القوات الحكومية في إقليم دارفور، وسط اتهامات للحكومة السودانية بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم تصفية عرقية أدت إلى مقتل أكثر من 300 ألف مواطن وشردت الملايين داخل البلاد وخارجها، ونتج منها إصدار مذكرتي قبض بحق الرئيس المخلوع عمر البشير وعدد من قيادات حزبه وحكومته.
وأعطت وثائق الفترة الانتقالية تحقيق السلام في السودان أولوية قصوى، وحددت ستة أشهر لتوقيع اتفاقية سلام مع الحركات المسلحة كافة؛ وهو ما تسعى إليه الحكومة التي يقودها حمدوك الوصول خلال الفترة التي حددتها الوثيقة الدستورية.
وكانت جوبا، عاصمة جنوب السودان، قد شهدت توقيع اتفاقيات مبدئية بين «قوى الجبهة الثورية» و«الحركة الشعبية لتحرير السودان» – جناح عبد العزيز الحلو» من جهة، ومجلس السيادة من جهة أخرى، بيد أن عبد الواحد نور الذي دأب على وصف الحكومة الحالية بأنها «الإنقاذ 3» (بنسختها الثالثة)، لم يشارك في تلك المباحثات واشترط إحداث التغيير الشامل وتحقيق السلطة المدنية وتصفية نظام المؤتمر الوطني ومؤسساته كافة ومحاكمة رموزه.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.