رعاية روسية ـ إيرانية لفتح «ممر استراتيجي» بين سوريا والعراق

تشغيل معبر القائم ـ البوكمال بعد خمس سنوات من إقفاله

جانب من مراسم إعادة فتح معبر القائم - البوكمال العراقي - السوري أمس (أ.ف.ب)
جانب من مراسم إعادة فتح معبر القائم - البوكمال العراقي - السوري أمس (أ.ف.ب)
TT

رعاية روسية ـ إيرانية لفتح «ممر استراتيجي» بين سوريا والعراق

جانب من مراسم إعادة فتح معبر القائم - البوكمال العراقي - السوري أمس (أ.ف.ب)
جانب من مراسم إعادة فتح معبر القائم - البوكمال العراقي - السوري أمس (أ.ف.ب)

مع دخول التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا عامه الخامس، أعادت دمشق وبغداد فتح معبر القائم - البوكمال على الحدود السورية - العراقية في خطوة تدل على إعادة فرض الحدود التي كان «داعش» أزالها من جهة، وتمسك طهران بدعم موسكو بطريق برية تربطها ببغداد ودمشق وبيروت من جهة ثانية، و«الالتفاف» على جهود واشنطن لقطع الطريق بين طهران ودمشق من جهة ثالثة.
وعبرت أمس أولى الشاحنات من المنفذ الوحيد الواقع تحت سيطرة الحكومة السورية على حدود العراق، ذلك أن المعبرين الآخرين يقع أحدهما سيطرة القوات الأميركية في شكل مباشر، والآخر تحت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية، الحليفة لواشنطن.
وفي عام 2014، وبعد سيطرته على ثلث مساحة العراق ونصف مساحة سوريا، بدأ «داعش» رسم حدود مناطقه عبر إزالة الحدود وتأسيس «ولايات» تقع على جانبها. لكن التدخل الروسي قلب الموازين في سوريا، في حين غيّر التحالف الدولي بقيادة أميركا المعادلات غرب العراق إلى أن انتهى قبل أسابيع «داعش» جغرافياً، وبقيت خلاياه النائمة تجول في المناطق الصحراوية.

وفي منتصف 2015، كانت قوات الحكومة السورية تسيطر فقط على نحو 15 في المائة من البلاد، وعلى البوابات الحدودية مع لبنان، مقابل سيطرة «داعش» وفصائل المعارضة وقوات كردية على باقي البلاد، ومعظم البوابات الـ19 مع العراق وتركيا والأردن، وخط الفصل مع إسرائيل. واذ رفعت دمشق، بفضل دعم موسكو وطهران، خلال السنوات الأربع مناطق السيطرة إلى نحو 65 في المائة من مساحة البلاد البالغة 185 ألف كيلومتر مربع، فإنها رفعت أيضاً حصتها على البوابات الحدودية.
وبين 19 بوابة حدودية، تسيطر دمشق على 5 مع لبنان، ومعبر مع الأردن، وآخر مع العراق، ومعبرين مع تركيا مقفلين من طرف أنقرة. وهنا تفاصيل السيطرة:

- الأردن
- نصيب - جابر: سيطرت الفصائل المعارضة عليه في أبريل (نيسان) 2015، لكن قوات الحكومة استعادته في يوليو (تموز) الماضي.
- الرمثا - درعا: استعادته دمشق قبل السيطرة على نصيب - جابر، بعدما فقدت السيطرة عليه منذ عام 2013.

- تركيا
- كسب: تحت سيطرة دمشق من طرف اللاذقية، لكنه مقفل من الجانب التركي بعد معارك في 2014.
- باب الهوى: تحت سيطرة إدارة مدنية تابعة لـ«هيئة تحرير الشام» التي تسيطر على معظم إدلب.
- باب السلامة: تابع لمنطقة أعزاز في محافظة حلب ويقع تحت سيطرة فصائل «درع الفرات» التي تدعمها أنقرة.
- جرابلس: يتبع لحلب ويقع تحت سيطرة فصائل «درع الفرات» المدعومة من الجيش التركي.
- تل أبيض: تحت سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية، ضمن «قوات سوريا الديمقراطية» التي طردت «داعش» في 2015. وتريد تركيا خروج «الوحدات» منه ضمن اتفاق مع واشنطن لإقامة «منطقة أمنة». ووافقت واشنطن على البدء بـ«آلية أمنية» تمتد من تل أبيض إلى رأس العين.
- عين العرب (كوباني)، شمال حلب: تحت سيطرة «وحدات حماية الشعب»، وهو مغلق رسمياً. تقع قربه قاعدة عسكرية أميركية. ولا تزال واشنطن طلب أنقرة ضمه إلى «المنطقة الآمنة».
- رأس العين: في صيف عام 2013، تم طرد «داعش» من قبل المقاتلين الأكراد. ووافقت واشنطن على آلية أمنية مع أنقرة تتضمن إخراج «الوحدات» وسحب السلاح الثقيل.
- القامشلي - نصيبين: يقع في الحسكة ولا يزال تحت سيطرة قوات الحكومة، لكنه مقفل من السلطات التركية.
- عين ديوار، في الحسكة: وهو تحت سيطرة المقاتلين الأكراد، وتتم الإفادة من معبر زاخو للعبور إلى كردستان العراق.

- العراق
- اليعربية - الربيعة: يقع في محافظة الحسكة، ويربطها مع العراق، وهو تحت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية».
- البوكمال - القائم: تحت سيطرة قوات الحكومة والميليشيات الإيرانية. وقام قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري الإيراني» قاسم سليماني بزيارته. ووسعت إيران من سيطرتها على المنطقة. وسربت إسرائيل صوراً لـ«قواعد إيرانية» فيها قبل حصول «غارات غامضة» يعتقد أنها إسرائيلية.
- التنف - الوليد: تسيطر عليه قوات التحالف بقيادة أميركية، مع فصائل معارضة تدعمها، منذ طرد تنظيم «داعش». وتقع قربه قاعدة التنف. أعلنت واشنطن لن تنسحب منه أو من مناطق شرق سوريا، ما لم تخرج إيران وميلشياتها من سوريا. والسيطرة عليه رمت إلى قطع طريق طهران - بغداد - دمشق - بيروت، بحسب تصور واشنطن.

- لبنان
تقع بين سوريا ولبنان خمسة معابر، جميعها تحت سيطرة الحكومة السورية، وهي: جديدة يابوس - المصنع، والدبوسية - العبودية، وجوسية - القاع، وتلكلخ - البقيعة، وطرطوس - العريضة. وتوجد على طول الحدود معابر كثيرة غير شرعية، معظمها في مناطق جبلية وعرة، بحسب تقرير سابق لوكالة الصحافة الفرنسية.

- إسرائيل
ليست هناك معابر بين البلدين، لكن فصائل كانت تسيطر على القنيطرة، غير أن قوات الحكومة عادت إليها بدعم روسي في بداية 2018. وأعاد الجيش الروسي العمل باتفاق فك الاشتباك في الجولان، ونشرت الشرطة الروسية «القوات الدولية لفك الاشتباك» (أندوف). وقد يستخدم معبر مؤقت في القنيطرة لعبور سوريين من الجولان المحتل إلى دمشق.

- موانئ ومطارات
الجزء المتبقي من حدود سوريا، مفتوح على البحر المتوسط حيث تسيطر دمشق عليه. وتقيم روسيا قاعدة بحرية في ميناء طرطوس، وقاعدة جوية في قاعدة حميميم في ريف اللاذقية.
وتسيطر الحكومة على مطارات دمشق وحلب واللاذقية، إضافة إلى مطار القامشلي في مناطق الأكراد شرق نهر الفرات. لكن التحالف الدولي أقام عدداً من القواعد العسكرية التي تسمح له باستخدامها لأغراض هبوط وإقلاع وإقامة طائرات مروحية وشاحنة شرق نهر الفرات.

- الطرق الرئيسية
تمتد طريق «إم 5» 450 كلم من نصيب على حدود الأردن إلى باب الهوى على حدود تركيا، ويربط أوروبا عبر تركيا بالخليج عبر الأردن. وتتقاطع مع طريق «إم 4» بين اللاذقية وحلب. وتم ربطها بطريق ممتدة من حلب إلى دير الزور والعراق، وإذا تم تشغيل طريق بيروت أو طرابلس بنصيب، يكون الربط بين المتوسط والعراق والخليج قد تم عبر البوابة السورية.
بدأ التحول في نهاية 2016، عندما سيطرت قوات الحكومة على شرق حلب؛ إذ إن الفصائل ركزت منذ عام 2011 على قطع أجزاء من الطريق في محافظتي دمشق وحمص، قبل أن تسيطر على أجزاء رئيسية منها في العام التالي.
وتمكنت قوات الحكومة بداية العام الماضي، بدعم روسي، من استعادة كل الأحياء الخارجة عن سيطرتها في جنوب العاصمة، وطرد الفصائل المعارضة من غوطة دمشق، ومن مدن عدة في محافظة حمص (وسط)، تقع جميعها على الطريق الرئيسية بين نصيب والشمال والشمال الغربي.
كان نحو 30 كلم من الطريق يمر في مناطق في الغوطة الشرقية وجنوب دمشق، وقسم مشابه في ريف حمص، لكن في مايو (أيار) العام الماضي أعلنت دمشق تشغيل القسم الواقع في ريف حمص ثم ترميم القسم الآخر في حرستا شرق دمشق.
وتسلك قوات دمشق طريقاً بديلة بين حمص وحلب بسبب استمرار غلق طريق «إم 5». وتحول سيطرة فصائل على منطقة إدلب وريفها دون السيطرة على تواصل طريقي «إم 4» و«إم 5». وكانت موسكو تمسكت مع أنقرة بأن يتضمن اتفاق سوتشي في 17 سبتمبر (أيلول) العام الماضي بإعادة فتح الطريقين في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ولا يزال الجانب الروسي يضغط على الجانب التركي لتنفيذ وتشغيل الطريقين الرئيسيتين. وهناك فكرة تسيير دوريات روسية - تركية لحمايته. وأبدت أنقرة خلال مفاوضات مع موسكو اهتمامها بتشغيل حلب - اعزاز (في سوريا) - غازي عيناب (التركية). كما أن الجانب التركي أبدى اهتماماً خلال مفاوضات مع الأميركيين بإقامة «منطقة أمنية» شمال طريق «إم 5» بين حلب والحسكة.
ويعتقد أن الصراع على البوابات الحدودية والطريق الرئيسية سيكون أساسياً في المرحلة المقبلة لدى الحديث عن إعمار سوريا والتنافس الجيوسياسي الإقليمي؛ إذ قصفت إسرائيل مواقع إيران في البوكمال مرات عدة، في حين بدت طهران متمسكة بالسيطرة على الطريق البرية لاستمرار دعم حلفائها في سوريا وتصدير بضائع إلى الأسواق المجاورة.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.