ألمانيا: بدء محاكمة خلية يمينية متطرفة في قضية عنف سياسي

عناصر مجموعة «كيمنتس» أمام القضاء بتهمة «تشكيل تنظيم إرهابي»

ألمانيا: بدء محاكمة خلية يمينية متطرفة في قضية عنف سياسي
TT

ألمانيا: بدء محاكمة خلية يمينية متطرفة في قضية عنف سياسي

ألمانيا: بدء محاكمة خلية يمينية متطرفة في قضية عنف سياسي

كانت الساعة قد تجاوزت الثالثة فجراً في 26 أغسطس (آب) من العام الماضي، عندما بدأت تنتشر في مدينة كيمنتس قصة طعن لاجئَين شاباً يدعى دانيال هيليغ. القاتلان كانا لاجئَين، عراقي وسوري. والشاب المقتول كان ألمانياً من أصول مهاجرة، أسود البشرة، ويمقت اليمين المتطرف. لكن هذا لم يمنع مجموعة من النازيين الجدد من استغلال العملية لبدء تجميع أنفسهم والتواصل عبر خدمة «تلغرام» لتشكيل مجموعة أسموها «التخطيط للثورة»؛ بهدف «الانتقام» من قتل اللاجئين للشاب.
كانت خطط المجموعة حشد أكبر عدد ممكن من النازيين أمثالهم وتنفيذ عمليات كبيرة في العاصمة الألمانية برلين يوم 3 من أكتوبر (تشرين الأول)، التي تصادف فيها يوم الوحدة الألمانية، تستهدف بشكل أساسي أجانب وسياسيين من الذين يعتبرون أعداءهم وأيضاً صحافيين. لكن خططهم لم تبصر النور؛ إذ اعتقلتهم الشرطة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأحالتهم للمحاكمة بتهمة تشكيل منظمة إرهابية. وضمت للتهم الموجهة إليهم أخرى تتعلق بالسعي «لتحقيق أهداف سياسية لهزّ أسس الدولة».
واليوم، بعد عام تقريباً على إلقاء القبض عليهم، بدأت محاكمة الرجال الثمانية من مجموعة «كيمنتس» الذين تتراوح أعمارهم بين 21 عاماً و32 عاماً، في المحكمة العليا بمدينة دريسدن في ولاية ساكسونيا والتي تضم أيضاً مدينة كيمنتس، وتقع في شرق ألمانيا، وتعد معقل اليمين المتطرف في البلاد.
والمحاكمة التي وصفها الادعاء بأنها: «الأكبر والأهم لمحاكمة أفراد من اليمين المتطرف»، من المتوقع أن تستمر حتى 20 أبريل (نيسان) من العام المقبل وتشمل الاستماع لـ75 شاهداً.
وبحسب الادعاء العام الفيدرالي، فإن زعيم العصابة يدعى كريستيان كيلبيرغ ويبلغ من العمر 32 عاماً، وكان هو من أطلق مجموعة التواصل عبر خدمة «تلغرام». ويتهمه الادعاء أيضاً بالتدبير لاعتداءات «تجريبية» على لاجئين في كيمنتس. وكان قد ظهر في شريط فيديو من المدينة بعد وقت قصير من مقتل الشاب دانيال، يظهر مجموعة من النازيين الجدد، الحليقي الشعر وأجسادهم تغزوها الأوشام، يطاردون لاجئين ويشتمونهم ويضربونهم.
وتسبب الشريط حينها في صدمة كبيرة في ألمانيا، وحصلت مقارنات بما يعرف بـ«ليلة الكريستال» في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) 1938 حين طارد النازيون مئات الألمان اليهود، وحرقوا منازلهم ومحالهم، وقتل في الليلة التاريخية مئات اليهود. وزاد من النقمة حينها تشكيك رئيس الاستخبارات الداخلية هانز يورغ ماسن بصحة الشريط؛ وهو ما أدى إلى إقالته من منصبه لاحقاً.
وألقي القبض على 5 من الرجال قبل يومين فقط من تنفيذ عمليتهم التي كانوا يخططون لها في برلين، في الأول من أكتوبر، في حين اعتقل الباقون بعد أسبوعين من بينهم زعيم العصابة.
ويقول الادعاء إن المتهمين نفذوا ليلة 14 سبتمبر من العام الماضي «عملية تجريبية» لما أرادوا تنفيذه في برلين، لكنهم فشلوا. وتجمع حينها 17 عنصراً من النازيين الجدد في مدينة كيمنتس، وبدأوا يحاصرون مجموعة من اللاجئين ويطلبون هوياتهم واعتدوا على بعضهم. وأحدهم حطم زجاجة مشروب على رأس شاب عراقي. ويقول الادعاء، إن 5 من المتهمين كانوا مسلحين: «بزجاجات وقفازات بعقد حديدية وآلة توجه صدمات كهربائية».
وأظهرت المحادثات على هواتفهم بأنهم كانوا يخططون لشراء بنادق نصف أوتوماتيكية، على أن يحشد كل أحد منهم عدداً كبيراً من أنصارهم لينفذوا معهم هجمات في برلين. ويبدو أن خططهم لتجربة اعتداء شبيه في كيمنتس في 14 سبتمبر لم تكن ناجحة بسبب عدم حضور الأعداد التي كانوا يأملون بها لمساندتهم.
ويقول الادعاء الألماني أيضاً، إن محادثات المجموعة أظهرت كذلك مساعيهم لتحقيق: أهداف أكبر من تلك التي حققتها جماعة نازية كانت تعرف بـ(ن إس أو) كشف عنها عام 2011، كانت مسؤولة عن قتل 10 أشخاص من المهاجرين، معظمهم أتراك، وزرع 3 قنابل. وكان بعض أعضاء هذه الجماعة السرية من كيمنتس، ونجحوا بتفادي الشرطة والاستمرار في تنفيذ جرائهم لسنوات قبل كشفهم والقبض عليهم.
وتزداد المخاوف من ألمانيا من خطر أعمال عنف تنفذها جماعات من «اليمين المتطرف»، وقد عبّر وزير الداخلية هورست زيهوفر عن هذه المخاوف قبل أيام، عندما قال: «بأن خطر اليمين المتطرف بات يوازي خطر الأصوليين». وكشف قبل أيام بأن ما يزيد على الألف قطعة سلاح، تمت مصادرتها خلال تنفيذ عمليات دهم لعناصر مرتبطة باليمني المتطرف في العام الماضي، وهو ضعف عدد الأسلحة التي تمت مصادرها في عام 2017 من جماعات «يمينية متطرفة».
وفي يونيو (حزيران) الماضي شكل اغتيال السياسي فاتلر لوبكه عمدة بلدة في ولاية هيسن، على يد يميني متطرف صدمة في الأروقة السياسية في ألمانيا. واعتقل رجل من اليمين المتطرف اعترف باغتياله، وقال إنه استهدفه بسبب دفاعه عن اللاجئين. وكان لوبكه ينتمي إلى حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الذي تنتمي إليه المستشارة أنجيلا ميركل.
وفي ولاية شرق ألمانيا عامة، وساكسونيا خاصة، يتزايد الشعور بالنقمة ضد ميركل بسبب سياسة اللجوء التي اعتمدتها وسماحها لمئات الآلاف من السوريين بالدخول عام 2015.
وتعتبر الولايات الشرقية معقل حزب البديل لألمانيا اليميني المتطرف والذي نجح بدخول البرلمان الفيدرالي (البوندستاغ) في انتخابات عام 2017 للمرة الأولى، وبات أكبر حزب معارض. وفي ولاية ساكسونيا التي شهدت انتخابات محلية قبل بضعة أسابيع، حل البديل لألمانيا ثانياً بنسبة 27.5 في المائة من الأصوات مقابل 32 في المائة لحزب ميركل.
وفي مدينة كيمنتس التي تقع في ولاية ساكسونيا، تخرج مظاهرة معادية للاجئين بشكل منتظم منذ عام رغم اعتقال اللاجئ السوري واتهامه بقتل دانيال وإدانته بتسعة أعوام ونصف العام في السجن. وينفي اللاجئ البالغ من العمر 24 عاماً قتل دانيال. ولم تنجح الشرطة بالقبض على اللاجئ العراقي الذي شارك بقتل دانيال بعد فراره من البلاد.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».