استلهام روح أوبرا «الناي السحري» في معرض تشكيلي بالقاهرة

الفنان كلاي قاسم يثير شغف المتلقي عبر 40 لوحة

لوحة تعبر عن السحر والجمال والهوية
لوحة تعبر عن السحر والجمال والهوية
TT

استلهام روح أوبرا «الناي السحري» في معرض تشكيلي بالقاهرة

لوحة تعبر عن السحر والجمال والهوية
لوحة تعبر عن السحر والجمال والهوية

استلهم تجربته الفنية هذه المرة من قصة حب أسطورية، يحكمها الصراع بين الخير والشر، والنور والظلام، وصولاً إلى انتصار الحب وفوز الدفء الإنساني... الفنان المصري كلاي قاسم في معرضه الجديد المقام حالياً بغاليري «آرتس مارت» بالقاهرة، والذي يضم نحو 40 لوحة تقدم رؤية مدهشة لأوبرا «الناي السحري»، لتستدعي من ذاكرة الفن الأجواء السحرية المبهرة لواحدة من أعظم الأوبرات في تاريخ الفن، والتي كتبها الألماني إيمانويل شيكانيدير، ووضع موتسارت موسيقاها في عام 1791.
إن كنت شغوفاً بحضور هذه الأوبرا على مسارح العالم المختلفة، فلا تعتقد أنك ستلتقي بمحاكاة تشكيلية لأحداثها وشخوصها وألحانها، ولا تتعب نفسك في البحث عن لوحة تتناول لحظة ما جاءت بها، فلا يقدم لنا كلاي مشاهد درامية مقتبسة من الأوبرا، إنما هي «تركيبات بصرية تعبر عن مفهومه ورؤيته للأوبرا»، بحسب وصف كلاي الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «أقدم لوحات ليست تقريرية، تعكس جوانب من زخم المشاعر أو قوة الحركة أو التسابق للوصول إلى الهدف، وربما تكوينات محددة استوقفتني بالأوبرا».
لوحات كلاي البعيدة عن السينوغرافيا تثير المزيد من الشغف في نفوس المشاهدين، فتارة تبحث عن الروح الشرقية الكامنة في قلب الناي السحري، وتارة أخرى تتبع مفهوم الصراع كما جسده دكتور كلاي قاسم، مدرس التصوير بكلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية، بين القوة الشيطانية التي ترمز إليها «ملكة الليل» والنساء الثلاث مكسوات الرؤوس بالأفاعي، والقوة الملائكية المتمثلة في الملك «ساراسترو»، الذي يقيم حكمه على أساس الحكمة والعقل.
وقد تتعمق في النظر إلى بعض اللوحات التي تجمع بين الأمير الوسيم تامينو، والفتاة رائعة الجمال بامينا في محاولة للوصول إلى لذة الحب الجارف الذي يكنه لها، أو لتشعر بمشقة الصعاب التي خاضها هو والصياد خفيف الظل ومعاونيهما من أجل تحريرها من أسرها، ثم للقضاء على دسائس ملكة الليل بمساعدة ساراسترو، وأثناء محاولاتك هذه بحثاً عن أحداث الأوبرا على مسطح اللوحات فإن مزيجاً مثيراً من المشاعر والمعاني والأفكار المختلفة والمتناقضة والمغايرة لما جاء في الأوبرا الشهيرة تتدفق داخلك بقوة وتتصاعد كما يحدث بالنسبة لموسيقاها التي برع موتسارت في إكسابها بعداً درامياً في كل لحظة فيها.
وأثناء ذلك كله أيضاً تلتقي برموز مهمة تساهم في إثراء الأعمال الفنية، بعضها مأخوذ من الأوبرا مثل: الناي السحري، وعربات الأطفال والغابة الخضراء والريف والطائر سواء بشكله المعروف أو بشكل الرمز متخذاً هيئة إنسان، إضافة إلى الأجراس السحرية، والأفاعي والسلسال الذي يحمل صورة بامينا التي كانت سبب إعجاب الأمير بها، وبعضها الآخر لجأ إليه الفنان إمعاناً في ترك الحرية للمتلقي؛ كي يضع بنفسه ملامح الشخوص وانطباعات وجوههم ومغزى العمل الفني، مثل الأقنعة التي جاء بها هي أيضا ً بلا ملامح.
لا يكمن تأثر الدكتور كلاي بـ«الناي السحري» فقط في مضمون لوحاته، لكن كذلك ثمة تأثر واضح في الشكل وبناء اللوحة والألوان، على سبيل المثال من فكرة تحرير أسر الفتاة الحسناء استوحى فكرة تحرير لوحاته من ازدحام الشخوص وتكدسها على سطح لوحاته، على العكس من أعماله السابقة، كما جاءت بعض العناصر التي تضفي على اللوحات أجواء الأوبرا مثل ملابس النساء والأمير والصياد، وظهر فيها كذلك بوضوح التنقل في الألوان بين الانخفاض والعلو مثلما يحدث في موسيقى أوبرا «الناي السحري»، التي تتصاعد، وهو ما عبر عنه أيضاً عبر التراوح ما بين السكون والحركة.
ورغم الاحتفاء الخاص الذي يوجه كلاي لتحضير اللوحات، فإنه من اللافت أنه في الوقت نفسه يتركها للصدفة دون أي تدخل من جانبه، عملاً بنصيحة أستاذه الفنان محمد شاكر بأن «امتلاك الصدفة... إبداع»، إذ يلقي كلاي الأحبار والألوان على المسطح ويتركها تكون ما تكونه من بقع ومساحات شفافة، لذلك تطل عليك في اللوحات آثار من البقع وخطوط الأحبار السائلة والمتعرجة التي تتخذ بدورها أشكالاً جديدة.
انبثقت فكرة المعرض المستمر حتى الثالث من شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، من تجربة فنية سابقة شارك فيها العام الماضي، وهي معرض جماعي بعنوان «سرد بصري - سيدات يحتفي بهن الفن»، حيث اختار كل فنان نموذجاً للمرأة الملهمة المؤثرة في المجتمع ليرسمه، وكان اختياره للسوبرانو فاطمة سعيد التي حدثته طويلاً عن أوبرا «الناي السحري» يقول: «أخذتني إلى عوالم من الفن والموسيقى والجمال، وجسدت الفنانة في أكثر من لوحة تُحاكي عالمها، إلا أنني شعرت أنه لا يزال بداخلي رغبة قوية لتجسيد خيوط فنية وبصرية محملة بالمشاعر والمعاني المشحونة بالأحداث والمشاهد والشخصيات الساكنة في أوبرا الناي السحري عبر أعمال جديدة، فكان هذا المعرض».
ورغم استلهام كلاي أفكار معرضه من هذه الأوبرا العالمية، فإنه لا يزال يبحث عن الهوية المصرية في أعماله، متمسكاً بالجذور والطين والأرض، وذلك ما يفسر لنا وجود ملامح للفلاحات المصريات، وأجواء ريفية إلى جانب بعض الوجوه الأفريقية في بعض الأعمال، ولعله في ذلك قد تأثر أيضاً بآراء بعض النقاد من حيث إن كاتب النص إيمانويل شيكانيدر قد استقى «الناي السحري» من كتاب «جنّستان» أو (بلاد الجن) الذي يجمع فيه الكثير من حكايات الجن والسحرة الآتية من بلاد الشرق، إلى جانب ما تنطوي عليه أوبرا «الناي السحري» من حضور فرعوني لافت.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.