أدلى الناخبون في النمسا بأصواتهم، أمس، في انتخابات برلمانية مبكرة يبدو أن الزعيم المحافظ سيباستيان كورتز، يتجه للفوز بها، لكنه سيظل في احتياج لشريك في ائتلاف للحصول على الأغلبية. وجاءت هذه الانتخابات بعد انهيار ائتلاف كورتز مع حزب «الحرية» اليميني المتطرف في مايو (أيار) الماضي، عقب فضيحة مقطع مصور أرغمت نائب المستشار هاينز كريستيان شتراخه المنتمي لحزب «الحرية» على التنحي.
ولم يلحق ضرر كبير بكورتز (33 عاماً) من الفضيحة، بل حصل على أصوات من حزب «الحرية»، الذي تراجعت نسبة تأييده إلى نحو 20 في المائة، أي خمس الناخبين المسجلين، بعد أن كانت قد تجاوزت 25 في المائة، أي الربع في انتخابات عام 2017. وفي جانب اليسار، هناك بعض التحول في التأييد من «الحزب الاشتراكي الديمقراطي» إلى «حزب الخضر» الصاعد.
وفي أعقاب الفضيحة التي عُرفت باسم «إيبيزا غيت»، دُعي الناخبون، وعددهم نحو 6.4 ملايين، للإدلاء بأصواتهم أمس. وقالت الناخبة كلارا هايسينغر، بعد أن أدلت بصوتها في وسط فيينا، أمس، «كان هناك الكثير من الفوضى في الأشهر الأخيرة، نأمل بشيء أقلّ فوضوية». ويسجّل حزب «الشعب» النمساوي بزعامة كورتز، منذ أشهر، تقدماً كبيراً. وأشارت نوايا التصويت إلى أن نسبة التأييد له تتراوح بين 33 و35 في المائة، أعلى بنقطتين ونصف النقطة من انتخابات عام 2017.
وكتبت صحيفة «دي برس» المحافظة، عشية الانتخابات، أن كورتز لديه «ما يخسره أكثر مما يربحه»، لأنه أمام «ثلاثة خيارات محتملة لتشكيل ائتلاف، لكن جميعها لا تعجبه». فيمكنه أن يشكل ائتلافاً مع اليمين المتطرف أو العودة إلى التحالف مع «الاشتراكيين الديمقراطيين»، وفق صيغة استُنفدت على مدى عقود من الإدارة المشتركة، أو إحداث تغيير جذري عبر التحالف مع دعاة حماية البيئة والليبراليين.
كل هذه الخيارات محفوفة بالمخاطر للمستشار السابق الذي يعوّل على حصوله على أعلى نسبة تصويت ممكنة، بهدف زيادة هامش المناورة. وقال كورتز بعد الإدلاء بصوته في فيينا «هدفنا الأول هو ألا تكون أكثرية ضدنا». ودعت زعيمة «الحزب الاشتراكي الديمقراطي»، باميلا ريندي فاغنر، إلى التعبئة «لوقف» عودة تحالف «أسود - أزرق»، لوني حزب المحافظين واليمين المتطرف على التوالي.
وتُشكل الانتخابات اختباراً لحزب «الحرية» النمساوي الذي تضرر جراء فضيحة «إيبيزا غيت»، التي اقترنت في الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية، بشبهات حول اختلاس أموال داخل الحزب. وأصبح لحزب اليمين المتطرف زعيم جديد هو نوربرت هوفر، بعد الفضيحة التي طالت سلفه هاينز كريستيان شتراخه.
وأُرغم هذا الأخير على الاستقالة من كل مهامه بعد نشر مقطع فيديو التقط بكاميرا خفية في جزيرة إيبيزا الإسبانية، يكشف عن محادثات بين شتراخه وامرأة قدمت نفسها على أنها ابنة شقيق رجل أعمال روسي قريب من السلطة. وكان شتراخه يشرح لها خلال اللقاء طريقة سرية لتمويل حزبه. وشتراخه مستهدف أيضاً بمزاعم اختلاس الأموال التي يحقق القضاء بشأنها، للاشتباه بأنه استخدم أموال الحزب لتغطية نفقات شخصية.
وأقرّ هوفر، أمس، بأن هذا السياق يشكل «تحدياً حقيقياً» للحزب المشكك بجدوى الاتحاد الأوروبي، والمعادي للإسلام، الذي يرغب في التحالف مع كورتز. وقال بعد الإدلاء بصوته في بلدته بينكافيلد قرب الحدود مع المجر: «ما يهمّ هو أن تعطينا هذه الانتخابات قاعدة متينة».
وبينما يواجه الحزب القومي الذي أسّسه نازيون سابقون في خمسينيات القرن الماضي، انتقادات من جانب عدد كبير من النواب المحافظين، يترتّب على «حزب الخضر» أن يحققوا عودتهم إلى البرلمان بنسبة تتراوح بين 11 و13 في المائة.
ويرى المحلل السياسي باتريك مورو، أنه بعد حملة حلّت خلالها التحديات المناخية محل مسألة الهجرة التي هيمنت على انتخابات 2017: «لا يستبعد (كورتز) بعد أن انتهج سياسية صارمة حيال الهجرة، إضافة وسيلة جديدة لتحقيق هدفه عبر انتهاج سياسة بيئية محافظة».
توقعات بفوز المحافظين في الانتخابات النمساوية
توقعات بفوز المحافظين في الانتخابات النمساوية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة