1251 حالة انتهاك للحريات الصحافية منذ بدء الأزمة السورية

مركز يعمل على توثيقها بغض النظر عن الجهة المرتكبة

TT

1251 حالة انتهاك للحريات الصحافية منذ بدء الأزمة السورية

قتل وخطف واعتقال وتغييب، انتهاكات طالت مئات الصحافيين والإعلاميين السوريين بعد ربيع 2011. منهم من قتل بنيران الحرب المستعرة، وآخرون لقوا حتفهم تحت التعذيب في أقبية المعتقلات، بينما لا يزال عشرات المختفين والمختطفين قسراً قابعين في غياهب السجون ينتظرون الحرية، حين كانت أسلحتهم عدسات كاميراتهم وهواتفهم المحمولة وأقلامهم الجريئة التي رصدت ووثقت مشاهد القصف والتدمير والتهجير على مدار ثمان سنواتٍ عجاف، فأولئك الإعلاميون والصحافيون والناشطون نجحوا في نقل الصورة من أرض الحدث إلى الرأي العام العالمي وأصبحوا سفراء الحقيقة.
ونظراً لتبعية اتحاد الصحافيين في سوريا للسلطة الحاكمة، شهد شهر فبراير (شباط) 2012 ولادة رابطة الصحافيين السوريين، أسسها صحافيون وصحافيات من سوريا لتكون بمثابة نقابة مهنية مستقلة تضم عدداً من المشتغلين بالصحافة المكتوبة والإذاعية والمرئية وباقي قطاعات الإعلام، ولعل أكثر مفاصل الرابطة فعالية هو «المركز السوري للحريات الصحافية»، الذي تأسس في شهر يونيو (حزيران) 2014. ليخلف لجنة الحريات في الرابطة.
- مؤشرات الانتهاكات الإعلامية
يترأس المركز القاضي والإعلامي إبراهيم حسين المتحدر من بلدة عامودا الكردية الواقعة أقصى شمال سوريا ومن مواليد 1969. والذي دخل قطاع الإعلام بعد التحاقه بجامعة دمشق لدراسة الحقوق في دمشق عام 1987. حيث تم اعتماده مراسلاً لصحيفة الاتحاد التي كان يرأس تحريرها المذيع والإعلامي السوري الراحل عدنان بوظو آنذاك، ثم كان عضواً في الكادر التحريري المؤسس لصحيفة الرياضية التي صدرت في دمشق إبان السماح بإصدار دوريات مطبوعة خاصة من قبل السلطات السورية في البلاد بعد سنة 2000. الأمر الذي أكسبه الخبرة في مجال الإعلام والكتابة الصحافية، وملامسة متاعب وهموم زملائه الصحافيين.
وبعد خروجه من سوريا عام 2013 معلناً انشقاقه عن السلطة القضائية احتجاجاً على الطريقة التي تعاملت بها السلطات مع الانتفاضة الشعبية ومطالبها، تقدم بطلب إلى رابطة الصحافيين ليصبح عضواً فيها، وبعد إعلان تأسيس مركز الحريات في الرابطة بعدة أشهر عمل باحثاً فيه ثم تولى إدارة المركز منذ يونيو 2016 وحتى اليوم، وعن بدايات عمله ولدى حديثه إلى صحيفة «الشرق الأوسط»، يقول القاضي إبراهيم حسين: «بعد تأسيس الرابطة كانت هناك لجنة للحريات أوكلت إليها مهمة التوثيق والرصد، بعدها ونظراً لحجم العمل الكبير تأسس المركز ومنذ ذاك الحين نعمل بشكل مستقل على التوثيق والرصد بشكل مهني وحرفي».
ويرصد مركز حريات مؤشرات الانتهاكات الإعلامية في بلد تعددت فيه الأطراف المتحاربة، ويوثق باحثوه الانتهاكات التي تطال الإعلاميين أفراداً ومؤسسات، بالإضافة إلى تسجيل الخروقات التي يتعرض لها الإعلاميون السوريون خارج بلادهم، ويصدر بيانات وتقارير شهرية دورية، وينشر دراسات وتقارير سنوية.
ويضيف القاضي إبراهيم: «تعاون خبراء من منظمتي (مراسلون بلا حدود) و(فري بريس)، وتراكم خبرات أعضاء الرابطة الذين عملوا بلجنة الحريات سابقاً، كلها أمور ساهمت بإنجاح تأسيس المركز، ووضع معايير وآليات مهنية تحكم عمله»، مما أكسبه المصداقية لدى العديد من المؤسسات الإعلامية والمنظمات المهتمة بالشأنين الإعلامي والحقوقي.
ومنذ مارس (آذار) 2011 تشهد سوريا حرباً متعددة الأطراف، أبرزها النظام الحاكم والذي بات يسيطر مجدداً على معظم الأراضي التي كان قد خسرها، بدعم من إيران وروسيا، وفصائل سورية مسلحة ووحدات كردية وتشكيلات إسلامية متطرفة، وتصاعدت حدّة العنف بعد 2014 مع ظهور تنظيم «داعش» الإرهابي وسيطرته على مساحات واسعة في ذروة قوته بين أعوام 2015 و2017 قبل أن يطرد بشهر مارس الماضي، لكن منظمات حقوقية محلية ودولية أكدت أن الحرب أوقعت نحو 370 ألف قتيل، وهُجر نصف السوريين داخل بلدهم وخارجها.

- نقابة صحافية مستقلة
«فعندما اجتمعت إرادة عشرات الصحافيات والصحافيين خارج جسم النظام، بهدف إنشاء منظمة تدافع عنهم وتحتويهم كانت رابطة الصحافيين»، والكلام للصحافي علي عيد رئيس رابطة الصحافيين، والتي وسعت عملها وأنشطتها لتشمل قطاع التدريب المهني وبناء القدرات والتشبيك مع مختلف الجهات للدفاع عن الحريات الإعلامية في سوريا، وأوضح عيد: «تعمل الرابطة لضمان استقلالية مهنة الصحافة، والدفاع عن الحريات العامة، وصون حرية الرأي والتعبير على وجه الخصوص».
وتمكنت الرابطة التي ينتسب لها نحو 500 من الإعلاميين السوريين من مختلف المكونات، في نهاية 2017 من نيل عضوية الاتحاد الدولي للصحافيين، وعن علاقة مركز الحريات بالرابطة يقول عيد: «المركز يشكل الذراع الحقوقي والقانوني للرابطة، ومع أنه يتبع لها إدارياً، فإنه يقوم برصد وتوثيق الانتهاكات بشكل مهني يتوافق مع المعايير الدولية وبكل استقلالية».
ويقوم فريق مركز حريات بإعداد قاعدة بيانات للانتهاكات بعد رصد حالات الاعتقال والاختفاء والاختطاف والقتل والضرب، يضاف إليها مصادرة المعدات الصحافية ومنع ممارسة المهنة والمضايقات التي يتعرض لها العاملون في مجال الإعلام في بلد باتت منقسمة إلى جزر جغرافية منفصلة بحسب تموضع كل جهة وسيطرتها العسكرية.
وعن كيفية آليات التوثيق ورصد الانتهاكات أشار القاضي حسين: «نوثق حالات الانتهاك بغض النظر عن الجهة المرتكبة للانتهاك أو الجهة التي تتعرض له، لدينا معايير وقواعد مهنية محددة لا نحيد عنها»، منوهاً بوجود صحافيين في معظم مناطق سيطرة النظام يزودون المركز بالمعلومات الأولية في حال تعرض صحافي أو إعلامي لأي انتهاك.
ومن بين أبرز التحديات والعقبات التي تواجه عمل المركز وفريق باحثيه، «عدم احترام الجهات العسكرية المسيطرة في سوريا لحرية نقل المعلومة والأخبار، مما قد يعيق إمكانية التحقق من الانتهاكات الواقعة في مناطق نفوذها»، بحسب إبراهيم حسين.
وتمكن مركز الحريات من توثيق قرابة (1251) حالة انتهاك منذ شهر مارس (آذار) 2011. لغاية نهاية أغسطس (آب) الماضي، وتصدر النظام السوري والقوات الحكومية قائمة الجهات المعتدية بمسؤوليتها عن أكثر من نصف الانتهاكات، وبحسب قاعدة بيانات مركز الحريات لقي (452) صحافياً وإعلامياً سورياً حتفهم خلال نفس الفترة، كما وثق المركز (250) حالة اعتقال واحتجاز وخطف تعسفي على يد مختلف الأطراف، وتم تسجيل (100) حالة انتهاك ضد جهات مجهولة، وهناك (36) إعلامياً لا يزالون قيد الاحتجاز أو الإخفاء القسري ومصيرهم لا يزال مجهولاً.
وفي ذروة اتساع سيطرته الجغرافية والعسكرية، واحتلال مسلحي تنظيم «داعش» الإرهابي مساحات واسعة من سوريا بين أعوام 2015 و2017، كانت المعلومات شبه معدومة ومغلقة، ونقل القاضي حسين، «لا أحد كان يجرؤ على نقل معلومة أو حدث، وكانت تلك المناطق أشبه بصندوق أسود محكم الإغلاق، وما كنا نوثقه غالباً كان يصلنا من أشخاص ناجين فروا من مناطق التنظيم»، لافتاً بأن أكثر جهة بعد النظام ارتكبت انتهاكات ضد الصحافيين والإعلاميين كان تنظيم «داعش» المتطرف.

- سوريا الأخطر للصحافيين
يشرح المحامي محمد الصطوف، وهو باحث بمركز الحريات، آلية عمل المركز، إذ يرصد باحثوه الانتهاكات ومن ثم يتحققون منها بالتشارك مع المتعاونين بمنطقة الحدث، وقال: «فبعد التأكد من وقوع الانتهاك بالاعتماد على المصادر الموثوقة، والتيقن من أنه يتماشى مع المعايير المتبعة بعملنا، ندرجه في قاعدة البيانات، ومن ثم ننشره في التقرير الشهري الذي يصدره المركز».
يتألف كادر المركز من مدير وباحثين اثنين، وهناك عشرات من المتعاونين من أعضاء رابطة الصحافيين ومن خارج الرابطة متوزعين على مختلف المناطق السورية وخارج البلاد، سيما تلك التي يوجد بها إعلاميون سوريون. حيث ينشر المركز تقريراً دورياً كل شهر وتقريراً نصف سنوي يستعرض بواسطة الإنفوغرافيك الانتهاكات التي حصلت خلال ستة أشهر، وفي الشهر الأول من كل عام يصدر تقرير سنوي يستعرض بالتحليل أبرز الانتهاكات.
وتقول الإعلامية علا الحريري التي تعمل باحثة في المركز، إن المركز، إضافة لذلك يصدر بيانات في مناسبات محددة، وأضافت: «نقوم كذلك بإعداد ونشر تقارير خاصة تتعلق بحدث معين أو موضوع ما يتعلق بالحريات الإعلامية في سوريا، وكل إصدارات المركز أقوم بترجمتها إلى اللغة الإنجليزية»، ويتم إرسال هذه الإصدارات عبر البريد الإلكتروني «إلى مئات من عناوين المؤسسات الإعلامية والجهات الصحافية السورية والعربية والدولية، إضافة إلى الجهات والمنظمات الحقوقية المهتمة بالشأن الإعلامي في مختلف بلدان العالم».
وبحسب التقرير النصف سنوي الأخير الصادر عن المركز، بلغ عدد الانتهاكات الموثقة منذ بداية العام الحالي ولغاية نهاية شهر أغسطس الماضي 56 انتهاكاً، وكانت هيئة تحرير الشام - جبهة النصرة سابقاً - وفصائل «درع الفرات» و«غصن الزيتون» بشمال سوريا الأكثر انتهاكاً.
ويصف القاضي إبراهيم حسين المشهد الإعلامي في سوريا بـ«القاتم»، ويعزو السبب إلى «أن البلاد يحكمها نظام استبدادي حوَّل سوريا إلى سجن كبير تنعدم فيه الحريات»، في وقت أرخت الحرب بظلالها على المشهد وجعلته سوداوياً، ويضيف: «أثبتت كل أطراف النزاع أن عدوها اللدود هو من ينقل الحقيقة، وتستغل هذه الأطراف كل فرصة للتنكيل والاعتداء على الإعلاميين والناشطين ونشر الرعب والخوف في أوساطهم».
ومن الجدير بالذكر أن منظمة «مراسلون بلا حدود» صنفت سوريا على أنها البلد الثاني الأكثر خطورة بالنسبة للعمل الصحافي في تقريرها السنوي الأخير، وفي ختام حديثه شدد القاضي إبراهيم حسين: «برائيي هي الأكثر خطورة نتيجة غياب حرية العمل الإعلامي والمهني، فالديكتاتورية والاستبداد أدت إلى فشل الدولة السورية، وانتفاضة الشعب مردها قمع الحريات العامة والإخلال بمبدأ سيادة القانون».


مقالات ذات صلة

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

آسيا خلال احتجاج نظمته حركة «طالبان» في أفغانستان (رويترز - أرشيفية)

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

أفادت الأمم المتحدة، الثلاثاء، بأنها سجّلت 336 اعتداءً على صحافيين وعاملين في وسائل إعلام منذ عودة «طالبان» لحكم أفغانستان في أغسطس 2021.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
TT

تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)

شدد تميم فارس، رئيس «ديزني+» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، على أن منصة «ديزني+» مهتمة بالعمل على «تقديم محتوى يلائم ويحترم ويراعي الثقافة المحلية للجمهور» في المنطقة. وأشار إلى أن «ديزني+» ماضية قدماً ليس فقط في تقديم أفلام ومسلسلات مشهورة مع ضمان ملاءمتها واحترامها للثقافة المحلية، بل إن «جميع المحتوى الموجه إلى الجمهور تجري مراجعته بدقة لتحقيق هذه الغاية».

تميم استهلّ اللقاء بقوله «أولاً وقبل كل شيء، يسعدني أننا أطلقنا منصة هنا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهذه المنطقة غنية بالثقافة والتراث والتقاليد. ولقد كان بمثابة حلم يتحقق أن نقدّم هذا المحتوى المميز إلى الجمهور المحلي العاشق للسينما والترفيه».

وتابع، من ثم، ليتطرّق إلى مواجهة بعض التحديات خلال هذه الرحلة فيقول: «ونحن بعد سنتين تقريباً على إطلاق (ديزني+)، نواصل - مثلاً - التعلّم من جمهورنا، وتنقيح محتوى المنصة؛ كي يراعي الثقافة المحلية للمشاهدين في المملكة العربية السعودية. ويشمل هذا نهجنا المحلي للمحتوى، وهذه أولوية كبيرة بالنسبة لنا».

إطلاق «ديزني+»

تميم فارس شرح أن «ديزني+» منصة توفّر خدمة عرض المحتوى الترفيهي حول العالم، منذ إطلاقها في عام 2022 في 16 سوقاً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأنها «تعرض مجموعة واسعة من أشهر القصص من إنتاج شركة (والت ديزني)، بما في ذلك الأفلام والمسلسلات والأفلام الوثائقية والأعمال الأصلية الحصرية من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) وغيرها الكثير».

ثم ذكر أن كثيرين اعتادوا مشاهدة الأفلام الكلاسيكية من «ديزني» بدءاً بـ«الأسد الملك» و«علاء الدين»، ووصولاً إلى «موانا» و«إنكانتو». بالإضافة إلى عرض هذه الأفلام العائلية المفضلة على «ديزني+»، فهي متوافرة كذلك للمشاهدة بخياري الدبلجة باللهجة المصرية أو اللغة العربية الفصحى المعاصرة.

وبعدها علّق من واقع تجربته الشخصية: «أنا مثلاً، نشأت على مشاهدة الكثير منها مدبلجاً بصوت أشهر الممثلين والممثلات مثل محمد هنيدي ومنى زكي وعبلة كامل وخالد صالح، والآن أُتيحت لي فرصة مشاهدتها مرة أخرى مع ابني زين على المنصة».

ثم لفت إلى أن «ديزني+» تقدّم محتوى جديداً باستمرار، بما في ذلك الإصدارات السينمائية الحديثة والضخمة الصيفية، وكان آخرها فيلم «قلباً وقالباً 2» من إنتاج «ديزني» و«بيكسار» على «ديزني+» في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي. وأفاد بأن «هذا الفيلم تصدّر قائمة أفلام الأنيميشن الأعلى تحقيقاً للإيرادات على الإطلاق، وجارٍ الآن عرضه حصرياً على (ديزني+)... وفي الواقع، يجري عرض أعمال (ديزني) السينمائية كافّة على منصة (ديزني+) في نهاية المطاف».

تميم فارس، رئيس "ديزني+" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (ديزني)

التكيّف مع المشهد التنظيمي الإقليمي

من جانب آخر، بالنسبة إلى الامتثال للقوانين المحلية للبث، أكد تميم فارس أن «فريقنا الإقليمي في (ديزني+) يقدّر الثقافة العربية تماماً، وأنا بصفتي أباً عربياً، أشارك تجربة شخصية مع ابني زين البالغ من العمر 7 سنوات؛ إذ نشاهد المحتوى معاً أو يشاهده بمفرده أحياناً. لذلك، أحرص على أن يكون ما يشاهده آمناً ومناسباً لثقافتنا العربية، ويتماشى مع قيمنا وتقاليدنا وأعرافنا».

وأردف: «وكما ذكرت سابقاً... المحتوى هو الركيزة الأساسية لكل ما نقدّمه. ومنذ إطلاق المنصة، أنشأنا فريق امتثال متخصصاً على المستوى المحلي، وهو الفريق المسؤول عن مشاهدة المحتوى المعروض ومراجعته وفحصه بدقة. ولا يُجاز شيء إلا بعد تأكد هذا الفريق من أن كل كلمة تُنطق أو تُترجم أو تُدبلج تتوافق أو يتوافق مع قيمنا العربية وتقاليدنا. ولا بد أن يتوافق المحتوى الموجه إلى الجمهور الأصغر سناً مع هذه الإرشادات ليصار إلى عرضه على (ديزني+)».

وفي الاتجاه نفسه ركّز تميم على أنه «بالإضافة إلى فريقنا، ونظراً إلى أنني أب عربي لابن صغير، أدرك أن ابني يستطيع مشاهدة مسلسلاته وأفلامه المفضلة ضمن بيئة آمنة ومناسبة لكل أفراد العائلة من دون استثناء، وذلك من خلال تمكين الوالدين من ضبط إعدادات المشاهدة بسهولة مطلقة لمراقبة المحتوى الذي يشاهده الأطفال، بما في ذلك خيار إعداد حسابات خاصة بهم وحمايتها من خلال رمز سري».

وأضاف شارحاً: «وحقاً، نحن نولي أهمية قصوى للحفاظ على صدقنا وأصالتنا تجاه جمهورنا العربي، ونلتزم بتقديم محتوى عالي الجودة يتماشى مع قيمنا العربية الأصيلة. وبصفتي أباً، أشعر بالطمأنينة لمعرفة أن أطفالي يستمتعون بمحتوى آمن ومناسب لأعمارهم».

استراتيجيات «ديزني+» في المنطقة

وحول استراتيجيات «ديزني+» في منطقة الشرق الأوسط، أوضح أن المحتوى الذي تقدمه المنصة كفيلٌ بالتأكيد على مدى نجاحها، وقال: «منصة (ديزني+) تعرض ثمانية من أفضل عشرة أفلام تحقق أعلى مستوى مبيعات حول العالم التي تُعرض تقريباً معظمها بشكل حصري على (ديزني+)، ويمكن لمشاهدي المنصة مشاهدة آلاف المسلسلات والأفلام من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) والمحتوى الترفيهي للبالغين من (ستار). إننا نقدم حقاً المحتوى الذي يناسب تفضيلات الجميع من الفئات العمرية كافّة ومختلف شرائح المجتمع».

وزاد: «إننا نحرص دوماً على عرض الأعمال الجديدة على منصتنا، لكننا ندرك في الوقت نفسه أن خيارات مشاهدينا المفضلة تتغيّر وتتوسع لتشمل رغبتهم في مشاهدة المحتوى العالمي أيضاً». وتابع: «لقد بادرنا مثلاً إلى تنظيم مجموعات متخصصة في الكثير من المدن السعودية، للتفاعل مع المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي والوقوف على المحتوى الذي يشاهدونه عبر المنصة. وفي الوقت نفسه، نحرص دوماً على الاستفادة من عملائنا المحليين والارتقاء بإمكاناتنا والمحتوى الذي نقدمه إليهم؛ كي ننجح في توفير خدمات تلبي احتياجات المنطقة».

المحتوى المحلي

تميم فارس قال إن «ديزني+» تتطلع لمزيد من الأعمال والإنتاجات التي تعزّز مكانتها في المنطقة، وبالتحديد على المستوى المحلي، «على سبيل المثال، أعلنا شعارنا الجديد الذي يضم للمرة الأولى على الإطلاق كلمة (ديزني) باللغة العربية. وبادرنا إلى إطلاق أول حملة إعلانية ننتجها محلياً على الإطلاق، ويشارك فيها فريق عمل سعودي بامتياز يضم أشهر صناع المحتوى المحليين، لتعزيز شعور المشاهدين على مستوى المنطقة بالشمولية والانتماء».

ثم أضاف: «وثانياً هناك المحتوى الذي تقدّمه المنصة؛ حيث نؤكد مواصلة التزامنا بتقديم محتوى جديد ومتنوع والحفاظ على مكانتنا الحالية، من خلال إضافة أعمال جديدة إلى مكتبتنا الضخمة من المحتوى الذي نعرضه للمشاهدين كل يوم... ونحرص على تقديم المحتوى الترفيهي الذي يرتقي إلى مستوى تطلعات المشاهدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتفضيلاتهم، بدءاً من الأعمال العالمية التي تحقق نجاحاً كبيراً وصولاً إلى المحتوى المحلي المدبلج باللغة العربية».

ومع تشديده على أن جميع الأفلام والمسلسلات والبرامج التي تُعرض على «ديزني+» تتوافق بالكامل مع المتطلبات التنظيمية المحلية السعودية، أوضح تميم أن المنصة تسعى باستمرار إلى عقد مزيد من الشراكات مع أبرز الشركات المزودة لخدمات الاتصالات، مثل شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة «دو»، وشركة اتصالات «زين» في الكويت، لتوفير مجموعة من خيارات الاشتراك، وتتطلّع إلى مواصلة عقد مزيد من الشراكات خصوصاً في السعودية في المستقبل القريب.

واختتم بتسليط الضوء على عروض الأفلام الوثائقية المرتبطة بالمنطقة، فقال: «نعرض حالياً فيلم (كنوز الجزيرة العربية المنسية) على منصة (ناشيونال جيوغرافيك)، لتمكين المشاهدين من رؤية ثقافتهم الغنية وتراثهم العريق من زاوية مختلفة، وننظر أيضاً في فرص توسيع نطاق المحتوى الذي نقدمه إلى المشاهدين، من خلال بناء شراكات واتفاقيات تعاون مع مجموعة محلية من صناع المحتوى وشركات الإنتاج».