1251 حالة انتهاك للحريات الصحافية منذ بدء الأزمة السورية

مركز يعمل على توثيقها بغض النظر عن الجهة المرتكبة

TT

1251 حالة انتهاك للحريات الصحافية منذ بدء الأزمة السورية

قتل وخطف واعتقال وتغييب، انتهاكات طالت مئات الصحافيين والإعلاميين السوريين بعد ربيع 2011. منهم من قتل بنيران الحرب المستعرة، وآخرون لقوا حتفهم تحت التعذيب في أقبية المعتقلات، بينما لا يزال عشرات المختفين والمختطفين قسراً قابعين في غياهب السجون ينتظرون الحرية، حين كانت أسلحتهم عدسات كاميراتهم وهواتفهم المحمولة وأقلامهم الجريئة التي رصدت ووثقت مشاهد القصف والتدمير والتهجير على مدار ثمان سنواتٍ عجاف، فأولئك الإعلاميون والصحافيون والناشطون نجحوا في نقل الصورة من أرض الحدث إلى الرأي العام العالمي وأصبحوا سفراء الحقيقة.
ونظراً لتبعية اتحاد الصحافيين في سوريا للسلطة الحاكمة، شهد شهر فبراير (شباط) 2012 ولادة رابطة الصحافيين السوريين، أسسها صحافيون وصحافيات من سوريا لتكون بمثابة نقابة مهنية مستقلة تضم عدداً من المشتغلين بالصحافة المكتوبة والإذاعية والمرئية وباقي قطاعات الإعلام، ولعل أكثر مفاصل الرابطة فعالية هو «المركز السوري للحريات الصحافية»، الذي تأسس في شهر يونيو (حزيران) 2014. ليخلف لجنة الحريات في الرابطة.
- مؤشرات الانتهاكات الإعلامية
يترأس المركز القاضي والإعلامي إبراهيم حسين المتحدر من بلدة عامودا الكردية الواقعة أقصى شمال سوريا ومن مواليد 1969. والذي دخل قطاع الإعلام بعد التحاقه بجامعة دمشق لدراسة الحقوق في دمشق عام 1987. حيث تم اعتماده مراسلاً لصحيفة الاتحاد التي كان يرأس تحريرها المذيع والإعلامي السوري الراحل عدنان بوظو آنذاك، ثم كان عضواً في الكادر التحريري المؤسس لصحيفة الرياضية التي صدرت في دمشق إبان السماح بإصدار دوريات مطبوعة خاصة من قبل السلطات السورية في البلاد بعد سنة 2000. الأمر الذي أكسبه الخبرة في مجال الإعلام والكتابة الصحافية، وملامسة متاعب وهموم زملائه الصحافيين.
وبعد خروجه من سوريا عام 2013 معلناً انشقاقه عن السلطة القضائية احتجاجاً على الطريقة التي تعاملت بها السلطات مع الانتفاضة الشعبية ومطالبها، تقدم بطلب إلى رابطة الصحافيين ليصبح عضواً فيها، وبعد إعلان تأسيس مركز الحريات في الرابطة بعدة أشهر عمل باحثاً فيه ثم تولى إدارة المركز منذ يونيو 2016 وحتى اليوم، وعن بدايات عمله ولدى حديثه إلى صحيفة «الشرق الأوسط»، يقول القاضي إبراهيم حسين: «بعد تأسيس الرابطة كانت هناك لجنة للحريات أوكلت إليها مهمة التوثيق والرصد، بعدها ونظراً لحجم العمل الكبير تأسس المركز ومنذ ذاك الحين نعمل بشكل مستقل على التوثيق والرصد بشكل مهني وحرفي».
ويرصد مركز حريات مؤشرات الانتهاكات الإعلامية في بلد تعددت فيه الأطراف المتحاربة، ويوثق باحثوه الانتهاكات التي تطال الإعلاميين أفراداً ومؤسسات، بالإضافة إلى تسجيل الخروقات التي يتعرض لها الإعلاميون السوريون خارج بلادهم، ويصدر بيانات وتقارير شهرية دورية، وينشر دراسات وتقارير سنوية.
ويضيف القاضي إبراهيم: «تعاون خبراء من منظمتي (مراسلون بلا حدود) و(فري بريس)، وتراكم خبرات أعضاء الرابطة الذين عملوا بلجنة الحريات سابقاً، كلها أمور ساهمت بإنجاح تأسيس المركز، ووضع معايير وآليات مهنية تحكم عمله»، مما أكسبه المصداقية لدى العديد من المؤسسات الإعلامية والمنظمات المهتمة بالشأنين الإعلامي والحقوقي.
ومنذ مارس (آذار) 2011 تشهد سوريا حرباً متعددة الأطراف، أبرزها النظام الحاكم والذي بات يسيطر مجدداً على معظم الأراضي التي كان قد خسرها، بدعم من إيران وروسيا، وفصائل سورية مسلحة ووحدات كردية وتشكيلات إسلامية متطرفة، وتصاعدت حدّة العنف بعد 2014 مع ظهور تنظيم «داعش» الإرهابي وسيطرته على مساحات واسعة في ذروة قوته بين أعوام 2015 و2017 قبل أن يطرد بشهر مارس الماضي، لكن منظمات حقوقية محلية ودولية أكدت أن الحرب أوقعت نحو 370 ألف قتيل، وهُجر نصف السوريين داخل بلدهم وخارجها.

- نقابة صحافية مستقلة
«فعندما اجتمعت إرادة عشرات الصحافيات والصحافيين خارج جسم النظام، بهدف إنشاء منظمة تدافع عنهم وتحتويهم كانت رابطة الصحافيين»، والكلام للصحافي علي عيد رئيس رابطة الصحافيين، والتي وسعت عملها وأنشطتها لتشمل قطاع التدريب المهني وبناء القدرات والتشبيك مع مختلف الجهات للدفاع عن الحريات الإعلامية في سوريا، وأوضح عيد: «تعمل الرابطة لضمان استقلالية مهنة الصحافة، والدفاع عن الحريات العامة، وصون حرية الرأي والتعبير على وجه الخصوص».
وتمكنت الرابطة التي ينتسب لها نحو 500 من الإعلاميين السوريين من مختلف المكونات، في نهاية 2017 من نيل عضوية الاتحاد الدولي للصحافيين، وعن علاقة مركز الحريات بالرابطة يقول عيد: «المركز يشكل الذراع الحقوقي والقانوني للرابطة، ومع أنه يتبع لها إدارياً، فإنه يقوم برصد وتوثيق الانتهاكات بشكل مهني يتوافق مع المعايير الدولية وبكل استقلالية».
ويقوم فريق مركز حريات بإعداد قاعدة بيانات للانتهاكات بعد رصد حالات الاعتقال والاختفاء والاختطاف والقتل والضرب، يضاف إليها مصادرة المعدات الصحافية ومنع ممارسة المهنة والمضايقات التي يتعرض لها العاملون في مجال الإعلام في بلد باتت منقسمة إلى جزر جغرافية منفصلة بحسب تموضع كل جهة وسيطرتها العسكرية.
وعن كيفية آليات التوثيق ورصد الانتهاكات أشار القاضي حسين: «نوثق حالات الانتهاك بغض النظر عن الجهة المرتكبة للانتهاك أو الجهة التي تتعرض له، لدينا معايير وقواعد مهنية محددة لا نحيد عنها»، منوهاً بوجود صحافيين في معظم مناطق سيطرة النظام يزودون المركز بالمعلومات الأولية في حال تعرض صحافي أو إعلامي لأي انتهاك.
ومن بين أبرز التحديات والعقبات التي تواجه عمل المركز وفريق باحثيه، «عدم احترام الجهات العسكرية المسيطرة في سوريا لحرية نقل المعلومة والأخبار، مما قد يعيق إمكانية التحقق من الانتهاكات الواقعة في مناطق نفوذها»، بحسب إبراهيم حسين.
وتمكن مركز الحريات من توثيق قرابة (1251) حالة انتهاك منذ شهر مارس (آذار) 2011. لغاية نهاية أغسطس (آب) الماضي، وتصدر النظام السوري والقوات الحكومية قائمة الجهات المعتدية بمسؤوليتها عن أكثر من نصف الانتهاكات، وبحسب قاعدة بيانات مركز الحريات لقي (452) صحافياً وإعلامياً سورياً حتفهم خلال نفس الفترة، كما وثق المركز (250) حالة اعتقال واحتجاز وخطف تعسفي على يد مختلف الأطراف، وتم تسجيل (100) حالة انتهاك ضد جهات مجهولة، وهناك (36) إعلامياً لا يزالون قيد الاحتجاز أو الإخفاء القسري ومصيرهم لا يزال مجهولاً.
وفي ذروة اتساع سيطرته الجغرافية والعسكرية، واحتلال مسلحي تنظيم «داعش» الإرهابي مساحات واسعة من سوريا بين أعوام 2015 و2017، كانت المعلومات شبه معدومة ومغلقة، ونقل القاضي حسين، «لا أحد كان يجرؤ على نقل معلومة أو حدث، وكانت تلك المناطق أشبه بصندوق أسود محكم الإغلاق، وما كنا نوثقه غالباً كان يصلنا من أشخاص ناجين فروا من مناطق التنظيم»، لافتاً بأن أكثر جهة بعد النظام ارتكبت انتهاكات ضد الصحافيين والإعلاميين كان تنظيم «داعش» المتطرف.

- سوريا الأخطر للصحافيين
يشرح المحامي محمد الصطوف، وهو باحث بمركز الحريات، آلية عمل المركز، إذ يرصد باحثوه الانتهاكات ومن ثم يتحققون منها بالتشارك مع المتعاونين بمنطقة الحدث، وقال: «فبعد التأكد من وقوع الانتهاك بالاعتماد على المصادر الموثوقة، والتيقن من أنه يتماشى مع المعايير المتبعة بعملنا، ندرجه في قاعدة البيانات، ومن ثم ننشره في التقرير الشهري الذي يصدره المركز».
يتألف كادر المركز من مدير وباحثين اثنين، وهناك عشرات من المتعاونين من أعضاء رابطة الصحافيين ومن خارج الرابطة متوزعين على مختلف المناطق السورية وخارج البلاد، سيما تلك التي يوجد بها إعلاميون سوريون. حيث ينشر المركز تقريراً دورياً كل شهر وتقريراً نصف سنوي يستعرض بواسطة الإنفوغرافيك الانتهاكات التي حصلت خلال ستة أشهر، وفي الشهر الأول من كل عام يصدر تقرير سنوي يستعرض بالتحليل أبرز الانتهاكات.
وتقول الإعلامية علا الحريري التي تعمل باحثة في المركز، إن المركز، إضافة لذلك يصدر بيانات في مناسبات محددة، وأضافت: «نقوم كذلك بإعداد ونشر تقارير خاصة تتعلق بحدث معين أو موضوع ما يتعلق بالحريات الإعلامية في سوريا، وكل إصدارات المركز أقوم بترجمتها إلى اللغة الإنجليزية»، ويتم إرسال هذه الإصدارات عبر البريد الإلكتروني «إلى مئات من عناوين المؤسسات الإعلامية والجهات الصحافية السورية والعربية والدولية، إضافة إلى الجهات والمنظمات الحقوقية المهتمة بالشأن الإعلامي في مختلف بلدان العالم».
وبحسب التقرير النصف سنوي الأخير الصادر عن المركز، بلغ عدد الانتهاكات الموثقة منذ بداية العام الحالي ولغاية نهاية شهر أغسطس الماضي 56 انتهاكاً، وكانت هيئة تحرير الشام - جبهة النصرة سابقاً - وفصائل «درع الفرات» و«غصن الزيتون» بشمال سوريا الأكثر انتهاكاً.
ويصف القاضي إبراهيم حسين المشهد الإعلامي في سوريا بـ«القاتم»، ويعزو السبب إلى «أن البلاد يحكمها نظام استبدادي حوَّل سوريا إلى سجن كبير تنعدم فيه الحريات»، في وقت أرخت الحرب بظلالها على المشهد وجعلته سوداوياً، ويضيف: «أثبتت كل أطراف النزاع أن عدوها اللدود هو من ينقل الحقيقة، وتستغل هذه الأطراف كل فرصة للتنكيل والاعتداء على الإعلاميين والناشطين ونشر الرعب والخوف في أوساطهم».
ومن الجدير بالذكر أن منظمة «مراسلون بلا حدود» صنفت سوريا على أنها البلد الثاني الأكثر خطورة بالنسبة للعمل الصحافي في تقريرها السنوي الأخير، وفي ختام حديثه شدد القاضي إبراهيم حسين: «برائيي هي الأكثر خطورة نتيجة غياب حرية العمل الإعلامي والمهني، فالديكتاتورية والاستبداد أدت إلى فشل الدولة السورية، وانتفاضة الشعب مردها قمع الحريات العامة والإخلال بمبدأ سيادة القانون».


مقالات ذات صلة

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

شمال افريقيا مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم سيارة عليها كلمة «صحافة» بالإنجليزية بعد تعرض فندق يقيم فيه صحافيون في حاصبيا بجنوب لبنان لغارة إسرائيلية في 25 أكتوبر (رويترز)

اليونيسكو: مقتل 162 صحافياً خلال تأديتهم عملهم في 2022 و2023

«في العامين 2022 و2023، قُتل صحافي كل أربعة أيام لمجرد تأديته عمله الأساسي في البحث عن الحقيقة».

«الشرق الأوسط» (باريس)

الانتخابات الرئاسية الأميركية عزّزت وضع «بلوسكاي» منافساً لـ«إكس»

العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
TT

الانتخابات الرئاسية الأميركية عزّزت وضع «بلوسكاي» منافساً لـ«إكس»

العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)

يبدو أن انتخابات الرئاسة الأميركية، التي أُجريت يوم 5 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، عزّزت مكانة منصة «بلوسكاي» منافساً رئيساً لـ«إكس»، ما أثار تساؤلات بشأن مستقبل المنصتين، ولمَن ستكون الغلبة في سباق منصات التواصل الاجتماعي للتنافس على زيادة عدد المستخدمين. وفي حين عدّ خبراء حاورتهم «الشرق الأوسط» أن «بلوسكاي» قد تكون «بديلاً» لـ«إكس»، فإن هؤلاء توقّعوا أن هذا التغير قد يحتاج لسنوات.

من جهتها، أفادت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية بأن منصة «بلوسكاي» شهدت زيادة مليون مستخدم جديد خلال الأسبوع الذي أعقب الانتخابات الأميركية، وعلّقت قائلة «في الوقت الراهن يبحث بعض مستخدمي (إكس) عن منصة بديلة للتفاعل مع الآخرين ونشر أفكارهم». أما صحيفة «الغارديان» البريطانية، فأوردت في تقرير نشرته منتصف الشهر الحالي، أن كثيراً من المستخدمين «يسعون الآن للهروب من (إكس)، وسط تحذيرات من زيادة خطاب الكراهية والمعلومات المضلّلة على المنصة». وحقاً، وفق «بلوسكاي» ارتفع عدد مشتركيها «من 10 ملايين في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى 16 مليون مستخدم حالياً».

رائف الغوري، المدرّب والباحث المتخصّص في الذكاء الاصطناعي التوليدي، أرجع ازدياد الإقبال على منصة «بلوسكاي» إلى «فقدان منصة (إكس) مكانتها تدريجياً». وأردف أن جاك دورسي نقل الخبرات والتجارب الناضجة لـ«تويتر» سابقاً و«إكس» عند تأسيس «بلوسكاي»، ما منح المنصة «عناصر قوة تظهر في مزايا اللامركزية، والخوارزميات التي يستطيع المستخدم أن يعدلها وفق ما يناسبه». وتابع: «انتخابات الرئاسة الأميركية كانت من أهم التواريخ بالنسبة لبلوسكاي في ظل ازدياد الإقبال عليها».ولذا لا يستبعد الغوري أن تصبح «بلوسكاي» بديلاً لـ«إكس»، لكنه يرى أن «هذا الأمر سيحتاج إلى وقت ربما يصل إلى سنوات عدة، لا سيما أن بلوسكاي حديثة العهد مقارنة بـ(إكس) التي أُسِّست في مارس (آذار) 2006، ثم إن هناك بعض المزايا التي تتمتع بها (إكس)، على رأسها، تمتعها بوجود عدد كبير من صنّاع القرار الاقتصادي والسياسي والفنانين والمشاهير حول العالم الذين لديهم رصيد واسع من المتابعين، وهذا عامل يزيد من صعوبة التخلي عنها».

ويشار إلى أن «بلوسكاي» تتمتع بسمات «إكس» نفسها، ويعود تاريخها إلى عام 2019 عندما أعلن جاك دورسي - وكان حينئذٍ لا يزال يشغل منصب المدير التنفيذي لـ«تويتر» («إكس» حالياً) - عن تمويل الشركة تطوير منصة تواصل اجتماعي مفتوحة ولا مركزية تحمل اسم «بلوسكاي». وفي فبراير (شباط) 2022 تحوّلت إلى شركة مستقلة، لتطلق نسختها التجريبية مع نهاية العام.

من جانبه، قال محمد الصاوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، إن «منصة (بلوسكاي) في طريقها بالفعل للاستفادة من التغيّرات الجذرية التي تشهدها منصات كبيرة مثل (إكس)». وأوضح أن «النموذج اللامركزي الذي تعتمده (بلوسكاي) يمنحها ميزةً تنافسيةً ملحوظةً، لا سيما مع ازدياد الوعي حول الخصوصية والتحكم في البيانات، أضف إلى ذلك أن المستخدمين اليوم يبحثون عن منصات توفر لهم الأمان، لا سيما بعد التحوّلات الكبيرة التي شهدتها (إكس) تحت قيادة ماسك... ومن هذا المنطلق يبدو أن لدى (بلوسكاي) فرصة حقيقية للنمو، إذا استمرت في تعزيز مبادئها المتعلقة بالشفافية وحرية التعبير».

الصاوي أشار أيضاً إلى أن عمل ماسك مع ترمب قد يكون له تأثير مزدوج على منصة (إكس)، بشأن الرقابة على المحتوى، وقال: «إن العلاقة الحالية بينهما قد تدفع نحو تغييرات دراماتيكية في إدارة (إكس) وتوجهاتها المستقبلية، ما يزيد ويبرّر الحاجة إلى منصات بديلة أكثر استقلالية مثل (بلوسكاي)».