أكثر من 100 غارة خلال أسبوع على المتطرفين في سوريا أوقفت تمددهم.. إلى حين

استهدفت قياديين في «خراسان» وضربت معسكرات ومنشآت نفطية في 6 محافظات

أكثر من 100 غارة خلال أسبوع على المتطرفين في سوريا أوقفت تمددهم.. إلى حين
TT

أكثر من 100 غارة خلال أسبوع على المتطرفين في سوريا أوقفت تمددهم.. إلى حين

أكثر من 100 غارة خلال أسبوع على المتطرفين في سوريا أوقفت تمددهم.. إلى حين

نجحت ضربات التحالف الدولي لمحاربة المتشددين في سوريا، منذ انطلاقها فجر 23 سبتمبر (أيلول)، في وقف تنظيم «داعش» من التمدد، إلى حد ما، وقوّضت حركته في المناطق الخاضعة لسيطرته والمحاذية لها، وأسهمت في التأسيس لتقليص قدرته على الصمود، بعد استهداف منشآت حيوية ومصالحه في سوريا، أهمها آبار النفط الخاضعة لسيطرته، فيما زعزعت مراكز القيادة عند منظمات متشددة أخرى، باستهداف قادتها، أبرزهم قياديون في تنظيم «خراسان» وتنظيم «جبهة النصرة»، على الرغم من أن خبراء ومسؤولين، يعدون أن تأثيراتها في هذا الوقت محدودة.
وخلال أسبوع من بدء الحملة العسكرية، نفذت قوات التحالف أكثر من مائة غارة جوية وهجوم بالصواريخ شملت 6 محافظات سوريا هي دير الزور (شرق) وحمص (وسط) والحسكة (شمال شرق) والرقة وحلب وإدلب (شمال)، استهدفت مقرات التنظيمات، ومستودعات ذخيرة، ومعسكرات تدريب وثكنات عسكرية وآليات ومدرعات وآبار نفط، ومنشآت لتكرير النفط والغاز، كما استهدفت مقاتلين أجانب، ما دفع بالتنظيمات إلى إخلاء مقراتها، وتنفيذ إعادة انتشار في مواقع أخرى، فيما تسبب الضربات بأزمة وقود في المناطق التي يسيطر عليها «داعش».
وأكد عضو الائتلاف الوطني السوري عبد الرحمن الحاج لـ«الشرق الأوسط» أن الضربات، «أوقفت قدرة التنظيم على التمدد في سوريا والعراق»، مشيرا إلى أن استراتيجية التحالف على المدى البعيد، «هي القضاء على إمكانات داعش ومنعه من القدرة على التحرك والتمدد». لكن التنظيم، وتنظيمات أخرى، اتخذت 3 خطوات الأقل، لتجنب الضربات وللتقليل من تأثيراتها عليها. وقال الحاج إن التنظيمات المتشددة «أفرغت مقراتها من العناصر، وأبقت على عدد محدود من الحراس، ونفذت عملية إعادة انتشار وفتحت جبهات جديدة في مناطق حساسة مثل كوباني، وضد فصائل المعارضة المعتدلة في شمال سوريا، كما أجروا عمليات تقييم لقياداتهم، واستبدال بعضها وتصفية آخرين، بتهمة الارتباط بالجيش السوري الحر».
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن «داعش» أعدم أمس 4 عناصر تابعين له، بينهم اثنان بتهمة «العمالة للنظام ورمي أقراص تعقب ودلالة على أماكن المجاهدين»، وذلك بعد 3 أيام من إعدام «شرعي» التنظيم في ريف دير الزور الغربي أبو عبد الله الكويتي.
ويلتقي ذلك مع ما أكده المرصد السوري، من أن الضربات أجبرت مقاتلي التنظيمات على الاختفاء، وسط ترجيحات بتغلغلهم بين السكان المدنيين. وقال رامي عبد الرحمن: «لم يعد ممكنا رؤيتهم كما من قبل، كنا نشاهد الجهاديين وهم يقومون بدوريات في المدن التي يسيطرون عليها، لكنهم اختفوا الآن عن الأنظار». وأشار إلى أن «الجهاديين تغلغلوا بين السكان»، مشيرا إلى أنهم وضعوا دباباتهم بين السكان في إحدى النواحي الواقعة شرق سوريا ما أثار غضب الأهالي.
وبموازاة ذلك، يشن «داعش» هجمات واسعة ضد مدينة كوباني ذات الأغلبية الكردية، وهو ما عده الحاج «تصعيدا خطيرا جدا كونه سيغيّر الخريطة ويضع الأقليات أمام تحديات جديدة». كما تقدم التنظيم أيضا باتجاه الحدود العراقية محكما سيطرته على عدد من البلدات في محافظة الحسكة (شمال شرق) وقتل نحو خمسين مقاتلا كرديا.
ولا ينفي الحاج أن حجم الأضرار «كبير»، لكنه يعرب عن مخاوفه من أن يكون للضربات، بغياب استراتيجية وإعادة تقييم لنتائجها، «تأثيرات سلبية على الداخل السوري»، مشيرا إلى أن السكان السوريين «باتوا تحت ضغوط معاناة جديدة حيث تتلقى مناطقهم الضربات من النظام ومن طائرات التحالف»، مشيرا إلى أن ضرب مصافي النفط «رفع أسعار المحروقات، وبات الوقود على أبواب الشتاء سلعة شبه مفقودة».
وإذ أشار إلى حالة «استياء شعبية» في المنطقة، نتيجة انعكاسات الضربات على الواقعين الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة، أعرب الحاج، وهو خبير في الجماعات الإسلامية أيضا، عن مخاوفه من أن تعزز الضربات «قواعد داعش الشعبية أو قيام تنظيمات جديدة بديلة عنه بالتوجه نفسه، كون أهم أسباب نشوئه تعود إلى الشعور بالغبن»، مطالبا التحالف بإجراء تقييم للضربات.
وأسفرت ضربات التحالف عن مقتل 200 جهادي، وتدمير بعض محطات تكرير النفط المحلية التي يسيطر عليها التنظيم في شرق سوريا والتي كانت تحقق له إيرادات بنحو مليوني دولار يوميا. إلا أن أغلب النفط الذي كان التنظيم يبيعه هو من النفط الخام غير المكرر يستخرج من نحو مائة بئر أغلبها ما يزال منتجا.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.