قيومجيان: لا سياسة حكومية للتضييق على النازحين

هدم أبنية مخالفة قيد الإنشاء لسوريين في بعلبك

TT

قيومجيان: لا سياسة حكومية للتضييق على النازحين

أكد وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان أن لا سياسة حكومية ممنهجة للتضييق على النازحين السوريين، بل يتم العمل على خطة لعودتهم، على أن تترافق مع إجراءات تطمينية من النظام. وجاء كلام الوزير مع إعلانه يوم أمس عن هدم منازل قيد الإنشاء لسوريين في منطقة القاع بقضاء بعلبك (أقصى شمال شرقي لبنان)، يتم تشييدها بشكل غير قانوني في أرض تابعة للبلدية، بحسب ما أكده رئيسها بشير مطر.
قيومجيان قال، خلال استقباله وفد مبادرة المدافعين عن حقوق اللاجئين، إنه «لا وجود إطلاقاً لسياسة حكومية ممنهجة في لبنان للتضييق على النازحين السوريين، كما أنه لا وجود لأي سياسة تخلي عن حقوقهم، أو لأي محاولة لغض النظر عن أي انتهاكات أو عنف وتمييز في حقهم»، مؤكداً أن «ممارسات كهذه لا تمثل إلا مرتكبيها، كما أنها لا تسهم في العودة، إنما في إثارة النعرات والغرائز».
وأضاف: «جميعنا نؤيد عودة النازحين السوريين إلى وطنهم، لكن العودة مرتبطة بسلسلة إجراءات تطمينية على النظام السوري القيام بها، بحيث تضمن عدم ابتزاز اللاجئين لناحية التجنيد الإجباري، وتكفل حريتهم وأمنهم، كما تسهل حصولهم على صكوك الملكية العقارية، وتسجيل الولادات».
وكذلك لفت إلى «أن لبنان يرزح تحت عبء هذه الأزمة، فهو البلد الأول في العالم من حيث عدد اللاجئين، مقارنة بعدد المواطنين»، مضيفاً: «إننا نقوم كوزارة بواجبنا كاملاً، من خلال تنفيذ خطة الاستجابة للأزمة السورية، والتنسيق مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومع مختلف الوزارات والجهات والمنظمات المعنية بملف اللاجئين، إضافة إلى تنفيذنا برامج الدعم، وتعاوننا مع المجتمع المدني اللبناني الناشط في هذا المجال».
وعد قيومجيان أن «مسألة النازحين السوريين تشمل ملفين أساسيين، هما: الوجود الإنساني والعودة، غير أنه لا يمكننا أن نغفل القلق الذي ينتاب اللبنانيين، لا سيما أن ثلث المقيمين في لبنان هم من اللاجئين الفلسطينيين والسوريين، ولا أن نغفل ما ينتج عادة في أي بلد من تشنج بين اللاجئين والمجتمع المضيف، خصوصاً في ظل هشاشة البنى التحتية في لبنان، وضعف الخدمات، وتأزم الوضع الاقتصادي، ناهيك عن حساسية التركيبة اللبنانية».
وشدد الوزير على أن «المشهد ليس سوداوياً في لبنان، فخطاب الكراهية والعدائية لا ينتهجه إلا بعض اللبنانيين، والمشكلات التي نرصدها ليست بكبيرة. لكن الجدير قوله إن الدولة اللبنانية لم تحسن منذ البداية التعاطي مع الأزمة، سواء لناحية انعدام أي تنظيم لعملية الدخول إلى لبنان، أو تنظيم الإقامات، أو حتى مسألة رفض إقامة مخيمات محصورة عند الحدود اللبنانية - السورية. لذا نعمل على وضع خطة تقرها الحكومة اللبنانية لتحقيق عودتهم».
وحيا قيومجيان جهود المبادرة، مؤكداً أن «المسار ليس سهلاً، ونأمل في أن تصل المبادرة إلى ما تصبو إليه»، وأضاف: «إن ما شهدته سوريا في مارس (آذار) 2011 كان حركة تحرر للشعب السوري، ولكن للأسف تعرضت لمحاولات تشويه وقمع. وتبقى المعركة الأساسية في الوصول إلى نظام سياسي جديد، نظام ديمقراطي يكرس ويحترم حقوق الإنسان وحرياته».
وفي المقابل، ركز وفد المبادرة على «أهمية صون كرامة اللاجئين، وتحقيق العودة الطوعية، والحد من التعذيب وحالات الاعتقال والاختفاء القسري والخدمة العسكرية الإلزامية، وحل مسألة تجديد الإقامات، والحد من خطاب الكراهية ومن حالات الترحيل القسري التي فاقت ألفي حالة، بحيث بررها الأمن العام بأنها تأتي تنفيذاً لقرار المجلس الأعلى للدفاع».
وفي هذه الأثناء، قامت بلدية القاع، تؤازرها الأجهزة الأمنية والعسكرية، بهدم أبنية مخالفة شيدها سوريون نازحون على أرض البلدية الملاصقة للساتر الحدودي مع الأراضي السورية، بمواد بناء مهربة من الأراضي السورية. ونبه رئيس بلدية القاع، بشير مطر، إلى «خطورة وجود البيوت والأراضي التي احتلت بالسابق من لبنانيين وسوريين في سهل القاع، على بعد أمتار عن الحدود الدولية المرسمة والمحددة والممسوحة، لسهولة تهريب البضائع ومواد البناء والأشخاص الذين يدخلون إلى الأراضي اللبنانية، ويباشرون بمطالبتنا بالسماح لهم ببناء الخيم والجور الصحية والاستحصال على المساعدات من الجمعيات والجهات المانحة».
وأوضح مطر لـ«الشرق الأوسط» أنه «تم تهديم 4 منازل قيد الإنشاء في أرض تابعة للبلدية، من دون ترخيص، أحدها كان صاحبه يعمد إلى تهريب الأحجار والحديد من سوريا»، ولفت إلى أن هناك منزلاً خامساً تسكنه عائلة سبق إنذارها.
وأكد مطر أن هذه الخطوة أتت لإنهاء مخالفة، وليس موجهة ضد النازحين، قائلاً: «في القاع، يسكن 30 ألف نازح. وفي بقعة الأرض نفسها التي هدمت فيها المنازل، هناك 15 خيمة لنازحين». وقال إنه «لا يمكن ضبط الحدود إلا بعد إخلاء هذه الأراضي من محتليها وشاغليها غير الشرعيين؛ ذلك أن معظمها ملك لبلدية القاع والجمهورية اللبنانية»، مناشداً المعنيين «ضرورة تسريع مشروع الضم والفرز في مناطق القاع العقارية، وإخلاء العقارات المشغولة بطريقة غير شرعية».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».