قيادي في المجلس العسكري: انشقاقات عن «داعش» للالتحاق بـ«النصرة» و{الحر}

جهاديون يدعون للمصالحة بين الظواهري والبغدادي.. وبيان الجولاني يقطع الطريق

قيادي في المجلس العسكري: انشقاقات عن «داعش» للالتحاق بـ«النصرة» و{الحر}
TT

قيادي في المجلس العسكري: انشقاقات عن «داعش» للالتحاق بـ«النصرة» و{الحر}

قيادي في المجلس العسكري: انشقاقات عن «داعش» للالتحاق بـ«النصرة» و{الحر}

بينما تعلو أصوات من داخل المجموعات المتشدّدة في سوريا للدعوة إلى التوحّد بين «تنظيم داعش» و«جبهة النصرة» في مواجهة التحالف ضدّ الإرهاب، استبعدت مصادر في المعارضة السورية ذلك وكشفت عن «انشقاقات عكسية» من التنظيم إلى «النصرة» بعد التدخل العسكري الدولي والخطط لدحر عناصر «داعش» في العراق وسوريا.
وأجمع عضوا المجلس العسكري في الجيش السوري الحر، رامي الدالاتي وأبو أحمد العاصمي، على أنّ التقارب بين «النصرة» و«داعش» أمر مستبعد وإن كان الطرفان يتفقان في عداوتهما للغرب والضربات العسكرية التي استهدفتهما معا.
ويشير الدالاتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّه في الفترة الأخيرة تشهد الساحة العسكرية وعلى وقع بدء التدخّل العسكري خلط أوراق كثيرة في صفوف التنظيمات والفصائل العسكرية. وأوضح أنّ هناك مجموعات أعلنت انشقاقها عن «داعش» للالتحاق بـ«النصرة» والجيش الحر بشكل خاص لا سيما في ظل تحرّك الدعم العسكري والمادي لما يعرف بـ«المعارضة المعتدلة». وهو ما أكّد عليه كذلك الدالاتي، وقال «هناك الكثير من المجموعات أعلنت مبايعتها لداعش بعد تراجع الدعم المادي لكنّ بعد بدء التدخّل العسكري والمعلومات التي تشير إلى أنّ دحر داعش ليس بعيدا أتوقّع أن يسجّل انشقاقات عكسية وتحديدا من (داعش) باتجاه فصائل (الحرّ)».
بينما عد مصدر في الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط» أنّ بيان زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني الأخير قطع الطريق أمام احتمال اندماج التنظيمين. ورأى أنّ توحّدا كهذا من شأنه أن يقضي على «النصرة» ومن ورائها زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري لصالح «داعش»، مستبعدا بالتالي تحقيق هذا الأمر. مع العلم أنّ مواقع النصرة وقيادييها لم يكونوا بعيدين عن مرمى ضربات التحالف التي أوقعت في صفوف الجبهة خسائر بشرية تخطّت الـ50 قتيلا من القياديين أبرزهم أبو حسن التركي، المعروف بأنّه سادس قناص في العالم.
وانصبت المطالبات التي أطلقها أعضاء في الطرفين، ولا سيّما «النصرة» في اليومين الأخيرين في اتجاه دعوة كل الظواهري وأبو بكر البغدادي، زعيم «داعش»، إلى المصالحة والتوحّد بإطلاق هاشتاغ «شيخي البغدادي والظواهري». وكشفت التدوينات التي أطلقها الأعضاء أن هناك مطالبات عدّة من داخل «النصرة» تدعو أبو محمد الجولاني، زعيم الجبهة إلى الموافقة على توحيد قاعدة الجهاد في كيان واحد يضم «داعش».
وقال الشامخ العدناني عضو «جبهة النصرة»: «علينا حث كل مجاهدي سوريا للانضمام لراية الجهاد صفا واحدا»، فيما كشف سياف الشامي، عضو بـ«جبهة النصرة»، أنّ «هناك أصوات ترتفع كل يوم داخل معسكرات الجبهة، لمطالبة الجولاني بالتوحد مع داعش تحت أي مسمى، ضد العدوان عليهما»، مضيفًا «كل الجهاديين حذروا من استمرار الفرقة بين القيادات وعدم التوحد تحت راية وصف واحد، وتوحيد الجهود ضد التحالف الدولي، مطالبين بإعلان اتفاق رسمي لضم كافة الفصائل الجهادية في التحالف وتحذير المعارضة السورية من الاستمرار في التحالف».
وسبق للقيادي في «القاعدة»، أبو محمد المقدسي، أن دعا إلى مناصرة داعش على الرغم من الخلافات، عادا إن الحرب ليست موجهة ضدّ التنظيم فقط. مضيفًا «أنصح داعش بإنهاء خلافاتها مع جبهة النصرة وكافة الفصائل الجهادية، والإفراج عن المعتقلين في سجونها، وبناء علاقة جديدة مع الكل، وعدم التمنع عن المصالحة».
وفي هذا الإطار، يشير المتخصّص في الشؤون السورية في معهد كارنيغي ارون لاند إلى أن «الجماعة الجهادية ترص صفوفها الآن وإن كان بدرجة محدودة»، مشيرا إلى أن «دعاة الجهاد يحجمون الآن عن انتقاد داعش الذي يواجه بشكل مباشر الولايات المتحدة». وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية أفادت بأن قادة جبهة النصرة يعقدون اجتماعات مع نظرائهم في «داعش»، للرد على الغارات الجوية التي تشنها دول التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على مواقع التنظيم في سوريا.
وقالت الصحيفة إن مصدرا بارزا لم تكشف عن هويته في جبهة النصرة أكد لها «أن قادة الأخير وتنظيم (داعش) يعقدون الآن اجتماعات للتخطيط للحرب، لكنهم لم يتوصلوا إلى اتفاق رسمي بهذا الشأن حتى الآن».
ونقلت عن المصدر أن «73 مقاتلا انشقوا عن جبهة النصرة وانضموا إلى (داعش) يوم الجمعة الماضي وحده، فيما يخطط عشرات آخرون للحاق بهم في الأيام القليلة المقبلة»، مشيرة إلى أن المتحدث باسم جبهة النصرة، أبو فراس السوري، كان أعلن عبر وسائل الإعلام الاجتماعية أن «الجبهة تخوض حربا طويلة لن تنتهي خلال أشهر ولا سنوات ويمكن أن تستمر عقودا طويلة».
وتطابقت هذه المعلومات مع ما سبق للمرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ أعلنه، مشيرا إلى أنّ وتيرة التجنيد في صفوف داعش، في سبتمبر (أيلول) الماضي، كانت أسرع من المتوسط لكنها أدنى من مستواها في يوليو (تموز) بعدما أعلن التنظيم «دولة الخلافة» في الأراضي التي سيطر عليها في سوريا والعراق ودعا المسلمين للانضمام للجهاد.
وقال المرصد إن 73 آخرين انضموا إلى التنظيم يومي 23 و24 من سبتمبر في ريف حلب منذ بدء الهجمات، مشيرا إلى أنّ معظم المجندين الجدد كانوا من جبهة النصرة وهي الجناح الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا ومعظمهم سوريون.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.