انتخابات النمسا غداً وتوقع ائتلاف جديد بين المستشار كورتز والحزب القومي

العلاقة الجيّدة مع روسيا لن تتأثر

وزيرة خارجية النمسا كارين كنيسل ترقص الفالس مع فلاديمير بوتين  في حفل زفافها في أغسطس 2018 (أ.ف.ب)
وزيرة خارجية النمسا كارين كنيسل ترقص الفالس مع فلاديمير بوتين في حفل زفافها في أغسطس 2018 (أ.ف.ب)
TT

انتخابات النمسا غداً وتوقع ائتلاف جديد بين المستشار كورتز والحزب القومي

وزيرة خارجية النمسا كارين كنيسل ترقص الفالس مع فلاديمير بوتين  في حفل زفافها في أغسطس 2018 (أ.ف.ب)
وزيرة خارجية النمسا كارين كنيسل ترقص الفالس مع فلاديمير بوتين في حفل زفافها في أغسطس 2018 (أ.ف.ب)

من شبه المؤكد أن العلاقة الجيدة بين النمسا وروسيا لن تتغير بعد إعادة الانتخاب المتوقعة للمستشار سيباستيان كورتز، الذي يرجح أنه سيشكل من جديد ائتلافاً مع الحزب القومي «حزب الحرية النمساوي». فيما تشهد النمسا غدا الأحد انتخابات جديدة، تبقى صورة واحدة من الائتلاف المنتهية ولايته بين اليمين واليمين المتطرف، حاضرة في الأذهان، هي صورة وزيرة الخارجية تراقص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في خطوة أثارت الشكوك حول مدى حيادية فيينا. وليس معروفاً بأي لغة دعت وزيرة الخارجية النمساوية في حكومة كورتز المرتبطة بحزب الحرية، كارين كنيسل، فلاديمير بوتين لحضور زفافها في أغسطس (آب) 2018، لكن صورها وهي ترقص الفالس مع الرئيس الروسي انتشرت بشكل كبير في العالم. وبوتين الذي عمل في ألمانيا الشرقية بين عامي 1985 و1989 عندما كان في الاستخبارات السوفياتية (كي جي بي)، «يتحدث اللغة الألمانية بطلاقة».
في فبراير (شباط) 2018، خصص كورتز أول زيارة له خارج الاتحاد الأوروبي إلى روسيا. وردّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الزيارة بعد إعادة انتخابه بعد نحو أربعة أشهر. واعتبر حينها بأن النمسا «شريك تقليدي». وكانت تلك سادس زيارة رسمية لفلاديمير بوتين إلى النمسا. وحينما استقبل دونالد ترمب بدوره كورتز مطلع عام 2019. أبدى الرئيس الأميركي اهتماماً بهذه العلاقة القريبة بين فيينا وموسكو، بحسب مصدر مقرب من الحزب المحافظ النمساوي. وأوضح المصدر «أجاب كورتز دونالد ترمب بالقول إنه مجبر على ضمان إمدادات النمسا من الطاقة وأن روسيا أثبتت أنها طرف جدير بالثقة».
ويرى بيتر شولتز المتخصص بالشأن الروسي في جامعة كوتينغن في ألمانيا أن «النمسا تملأ فراغاً تركته برلين التي تراجعت علاقتها مع الكرملين في السنوات الأخيرة. وينظر إليها في موسكو أكثر من أي وقت مضى بعين الثقة». مع ذلك، لعبت روسيا دوراً في إسقاط حكومة كورتز قبل 4 أشهر والدعوة لانتخابات مبكرة تنظم الأحد.
في مايو (أيار)، نشرت وسائل إعلام ألمانية مقطع فيديو أثار دهشة كبيرة، صور بكاميرا خفية في جزر البليار عام 2017. ويظهر نائب المستشار هاينز - كريستيان شتراخيه الذي ينتمي إلى حزب الحرية، وهو يطرح بيع عقود عامة لامرأة شابة قدمت نفسها على أنها ابنة شقيق أوليغارغي روسي، وذلك مقابل منحه تمويلات سرية. وأدت الفضيحة إلى استقالة شتراخيه، لكنها لم تكسر «التوافق السياسي» الحالي في النمسا، حيث تؤيد كل الأطراف الحفاظ على مستوى عال من التعاون مع روسيا، وفق بول شميدت من مركز دراسات «الجمعية النمساوية للسياسة الأوروبية». وفي يوليو (تموز)، انضم المستشار السابق الاشتراكي الديمقراطي كريستيان كرن إلى مجلس الإشراف على شركة سكك الحديد الروسية «أر زد دي». ويوضح الدبلوماسي بيتر لونسكي - تفنتال، الذي كان متحدثاً باسم الحكومة بين ديسمبر (كانون الأول) 2017 مايو 2019. لوكالة الصحافة الفرنسية «يبقى مهماً لنا أن نستمر بهذا الحوار (مع روسيا)».
ويؤكد بول شميدت على وجود «مصالح اقتصادية واضحة» بين البلدين. ومدد الطرفان العام الماضي لعشرين عاماً عقدهما بشأن الغاز الطبيعي، وهو أول عقد وقع قبل ربع قرن بين الاتحاد السوفياتي السابق وبلد أوروبي غربي.
وعكس بريطانيا وغالبية الدول الأوروبية، رفضت فيينا في مارس (آذار) 2018 طرد دبلوماسيين روس رداً على اتهام الكرملين بتسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال. ويذهب حزب الحرية أبعد من ذلك، بدعمه القاطع سياسة موسكو في أوكرانيا وجورجيا والبلقان. وقبل عامين، وقع اليمين المتطرف النمساوي اتفاق تعاون مع حزب «روسيا الموحدة» الحاكم في روسيا.
تعود العلاقة المميزة بين فيينا وموسكو إلى قرون مضت، منذ أن زار القيصر بطرس الأكبر النمسا في عام 1698. وأنشأ علاقات دبلوماسية بين إمبراطورتي هابسبورغ ورومانوف. وقدم موزارت حفلات موسيقية أمام سفير القيصر.
وبعدما احتلها الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية، باتت النمسا، تلقائياً، بمثابة منطقة عازلة طوال فترة الحرب الباردة. وصافح نيكيتا خروتشوف الرئيس الأميركي جون كيندي عام 1961 في النمسا، وهناك أيضاً صافح ليونيد بريجنيف جيمي كارتر عام 1979.
والنمسا بموجب سياستها الحيادية، ليست عضواً في حلف شمال الأطلسي. وهي تضم، منذ تلك الحقبة، مقرات المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي تشهد غالباً مفاوضات متعددة الأطراف.


مقالات ذات صلة

يهود يمنعون رئيس البرلمان النمسوي من تكريم ضحايا الهولوكوست

أوروبا رئيس البرلمان النمسوي فالتر روزنكرانتس (أ.ف.ب)

يهود يمنعون رئيس البرلمان النمسوي من تكريم ضحايا الهولوكوست

منع طلاب يهود، الجمعة، أول رئيس للبرلمان النمسوي من اليمين المتطرف، من وضع إكليل من الزهور على نصب تذكاري لضحايا الهولوكوست، واتهموه بـ«البصق في وجوه أسلافنا».

«الشرق الأوسط» (فيينا)
يوميات الشرق المغنية الأميركية تايلور سويفت (أ.ب)

تايلور سويفت شعرت بـ«الخوف والذنب» بعد إحباط خطة لتفجير بإحدى حفلاتها

قالت المغنية الأميركية تايلور سويفت إنها شعرت بـ«الخوف» و«الذنب»، أمس (الأربعاء)، بعد إلغاء حفلاتها الثلاث في فيينا بسبب اكتشاف خطة لتفجير انتحاري خلال إحداها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا أعلنت السلطات النمسوية توقيف رجل ثالث بعد الكشف عن خطة لتنفيذ هجوم انتحاري خلال إحدى حفلات سويفت في فيينا (ا.ب)

واشنطن تؤكد تزويد النمسا بمعلومات استخبارية لإحباط هجوم ضد حفلات سويفت

أعلن البيت الأبيض، الجمعة، أن الولايات المتحدة زودت النمسا معلومات استخبارية للمساعدة في إحباط هجوم جهادي» كان سيستهدف حفلات لنجمة البوب الأميركية تايلور سويفت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا المغنية تايلور سويفت في نيو جيرسي بالولايات المتحدة في 28 أغسطس 2022 (رويترز)

الشرطة النمساوية: المشتبه به الرئيسي في «المؤامرة الإرهابية» لعروض تايلور سويفت أدلى باعترافات كاملة

أفادت الشرطة النمساوية بأن المشتبه به الرئيسي في المؤامرة الإرهابية المزعومة التي كانت تستهدف عروضاً للمغنية تايلور سويفت في فيينا، أدلى باعترافات كاملة.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
أوروبا تايلور سويفت خلال حفل بفرنسا في 2 يونيو 2024 (أ.ب)

إلغاء حفلات تايلور سويفت في فيينا بعد كشف مخطط هجوم إرهابي

ألغيت ثلاث حفلات للنجمة الأميركية تايلور سويفت كانت مقرّرة في فيينا هذا الأسبوع، وفق ما أعلن المنظمون الأربعاء، بعد إعلان الشرطة كشف مخطط لهجوم إرهابي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».