«الإنماء المتوازن» في لبنان لا يزال حبراً على ورق

TT

«الإنماء المتوازن» في لبنان لا يزال حبراً على ورق

لا تخلو البيانات الوزارية للحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ اتفاق الطائف حتى الآن، من بند أساسي يتعهد تطبيق سياسة «الإنماء المتوازن» وإطلاق المشاريع التنموية والخدماتية لكل المناطق، لكنه غالباً ما يبقى حبراً على ورق، بحيث تخضع المشاريع لقوة ونفوذ الفريق السياسي في هذه المنطقة أو تلك، بما يرفع من شعبيته ورصيده في الانتخابات، وهي توزّع بعيداً عن معايير الشفافية، إن لجهة حسن التنفيذ أو لجهة حاجة المنطقة إليها.
وغالباً ما تخلق هذه المشاريع خلافات سياسية بين القوى النافذة داخل السلطة، على غرار السجال الذي وقع الثلاثاء الماضي في مجلس النواب بين رئيس الحكومة سعد الحريري، ونواب تكتل «لبنان القوي» المحسوب على الرئيس ميشال عون، عندما أصرّ الحريري على استرداد مشروع قانون يتعلّق بصرف مبلغ 94 مليون دولار على مشاريع طرق في جبل لبنان، لعدم توافر الاعتمادات المالية له، وتشديده في الوقت نفسه على استكمال تبطين وبناء سدّ للمياه في منطقة الضنية (شمال لبنان) ممول بقرض ميسّر من صندوق التنمية الكويتي بقيمة 4.5 مليون دينار كويتي، وهو ما خلق سجالاً حاداً بين الطرفين.
وتجمع غالبية القوى السياسية على غياب المعايير السليمة لتوزيع المشاريع وتمويلها. واعتبر عضو كتلة نواب «المستقبل» النائب محمد الحجار أن «توزيع المشاريع لا يحصل بشكل متكافئ، بل تعطى لمناطق على حساب أخرى أكثر حاجة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا التمييز هو موضع شكوى دائمة من النواب، ويحاول الرئيس الحريري أن يطبّق سياسة الإنماء المتوازن بنسبة مقبولة». وفرّق الحجّار بين المشروع الذي طلب نواب تكتل «لبنان القوي» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، والمقدرة كلفته بـ94 مليون دولار ويحتاج تنفيذه إلى قرض من السوق بفوائد تصل إلى 15 في المائة، وبين مشروع سدّ برصا في الضنية الذي لا تتجاوز كلفته 8 ملايين دولار، والمموّل بقرض كويتي ميسّر بفائدة أقل من 2 في المائة.
ورأى عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب ياسين جابر أن المشاريع الإنمائية في لبنان «لا تعتمد المعايير المطلوبة، بل قاعدة الشاطر بشطارته». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الفريق الموجود بموقع حساس ويمتلك السلطة يحيل معظم المشاريع إلى منطقته... للأسف منذ ثلاث سنوات حتى الآن، لدينا شكوى من تنفيذ المشاريع غير المثالية والتي لم تؤت أكلها، رغم الأموال الباهظة التي صرفت عليها». وأشار إلى أن «معالجة المياه المبتذلة كلّفت الخزينة 700 مليون دولار، ومع ذلك هناك 80 في المائة من محطات التكرير معطلة ومياه البحر باتت ملوثة بالمجارير على طول الشاطئ اللبناني».
ودائماً ما يوجّه نواب مناطق مثل بعلبك ــ الهرمل (البقاع) وعكّار (شمال لبنان)، انتقاداً لاذعاً للمشاريع التي تتولاها الوزارات المختصة ومجلس الإنماء والإعمار، ويتحدثون عن «حرمان» مناطقهم. ولفت النائب جابر، وهو وزير أسبق للأشغال العامة، إلى أن «مشروع جرّ المياه إلى العاصمة بيروت بدأ بـ200 مليون دولار، واليوم يأتي من يطلب 90 مليون دولار إضافية».
ويرى خبراء أن معالجة هذه المشكلة تحتاج لإدارة مختلفة تقدم الأهم على المهم، وأن يخضع التنفيذ لرقابة مشددة تضبط الهدر وتسهر على حسن تنفيذ الأشغال. وقال جابر: «عندما عينت وزيراً للأشغال سابقاً، وضعنا إطاراً لتحديث الطرقات، على أن تعطى الأولوية للطريق الأكثر استعمالاً وأقل جودة، بينما نشهد الآن معايير معاكسة، فهناك أشغال صرفت عليها أموال طائلة لطرق لا تسلكها بضع سيارات في اليوم، بينما الإهمال يصيب الطرق الرئيسية».
وعما يتردد عن أن منطقة البترون (شمال لبنان)، مسقط رأس الوزير الخارجية جبران باسيل ودائرته الانتخابية، «تنال حصّة الأسد من المشاريع على حساب مناطق محرومة»، قال جابر إن البترون «تحظى بالحصة الأكبر من المشاريع بما يوازي حاجة ثلاث مناطق مماثلة»، معتبراً أن «المشكلة تكمن بسوء الإدارة وليست بالمشاريع نفسها». وأعطى مثالاً على «أزمة الكهرباء التي تمثّل أم المشاكل، بحيث ترصد الأموال لبناء معامل توليد الطاقة، بينما لا نجد اهتماماً ببناء شبكات النقل والتوزيع والجباية، وهي خير دليل على اعتماد سياسة إنفاق من دون دراسات فعّالة ومجدية».



الأردن وقطر ينددان بقرار إسرائيل وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة

مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

الأردن وقطر ينددان بقرار إسرائيل وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة

مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)

ندّد الأردن، اليوم (الأحد)، بقرار إسرائيل تعليق دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، معتبراً أنه «انتهاك فاضح لاتفاق وقف إطلاق النار»، يهدد «بتفجر الأوضاع مجدداً في القطاع» الفلسطيني.

ونقل بيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية عن الناطق باسمها، سفيان القضاة، قوله إن «قرار الحكومة الإسرائيلية يُعد انتهاكاً فاضحاً لاتفاق وقف إطلاق النار، ما يهدد بتفجر الأوضاع مجدداً في القطاع»، مشدداً على «ضرورة أن توقف إسرائيل استخدام التجويع سلاحاً ضد الفلسطينيين والأبرياء من خلال فرض الحصار عليهم، خصوصاً خلال شهر رمضان المبارك».

من جانبها، عدّت قطر التي ساهمت في جهود الوساطة لإبرام الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» في غزة، أن تعليق الدولة العبرية إدخال المساعدات إلى القطاع المحاصر هو «انتهاك صارخ» للاتفاق. وندّدت وزارة الخارجية القطرية في بيان بالقرار الإسرائيلي، مؤكدة أنها «تعدّه انتهاكاً صارخاً لاتفاق الهدنة والقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة وكافة الشرائع الدينية». وشدّدت على رفض الدوحة «القاطع استخدام الغذاء كسلاح حرب، وتجويع المدنيين»، داعية «المجتمع الدولي إلزام إسرائيل بضمان دخول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومستدام ودون عوائق إلى كافة مناطق القطاع».

وسلمت حركة «حماس» 33 رهينة لإسرائيل خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، بينما أطلقت إسرائيل سراح نحو ألفي فلسطيني وانسحبت من بعض المواقع في قطاع غزة. وكان من المقرر أن تشهد المرحلة الثانية بدء مفاوضات الإفراج عن الرهائن المتبقين، وعددهم 59، بالإضافة إلى انسحاب إسرائيل تماماً من القطاع وإنهاء الحرب، بموجب الاتفاق الأصلي الذي تم التوصل إليه في يناير (كانون الثاني). وصمد الاتفاق على مدى الأسابيع الستة الماضية، على الرغم من اتهام كل طرف للآخر بانتهاك الاتفاق. وأدّت الحرب الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 48 ألف فلسطيني وتشريد كل سكان القطاع تقريباً وتحويل معظمه إلى أنقاض. واندلعت الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بعد هجوم شنّته «حماس» على إسرائيل، أسفر عن مقتل 1200، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.