الألمان غاضبون من «المركزي الأوروبي»

يتهمونه بممارسة سياسات مرنة على حسابهم

الألمان غاضبون من «المركزي الأوروبي»
TT

الألمان غاضبون من «المركزي الأوروبي»

الألمان غاضبون من «المركزي الأوروبي»

على ألمانيا إيجاد بديل بعد استقالة سابين لوتنشلاجر، التي كانت تمثل بلادها في مجلس البنك المركزي الأوروبي. وتلك الاستقالة ترافقت مع انتقاد شديد اللهجة وجّهته لوتنشلاجر للسياسات النقدية المتبعة.
وبعد الاستقالة المفاجئة، الأربعاء الماضي، انطلقت المضاربة بالأسماء البديلة للحلول محلها. والتركيز مرتفع جداً في هذا الجانب، ليس لأن المكان استراتيجي فقط، بل أيضاً لأن المناخ في البنك المركزي الأوروبي متقلب جداً حالياً، ولأن الألمان غاضبون من تلك المؤسسة الأوروبية، ويتهمونها باتباع سياسات «مرنة» على حسابهم، لذا يضيق هامش المناورة أمام الحكومة لاختيار الشخص المناسب.
وعند دخول الاستقالة حيز التنفيذ الفعلي في 31 أكتوبر (تشرين الأول)، وإذا تعذر التوصل إلى بديل، سيكون المقعد الألماني في مجلس الإدارة شاغراً، وهذا ليس مطروحاً أبداً، لأن الاقتصاد الألماني هو الأكبر أوروبياً.
والسيناريوهات المتداولة حالياً أن ألمانيا سترشح امرأة أيضاً، لأن سابين كانت المرأة الوحيدة في مجلس «المركزي الأوروبي»، بالإضافة إلى كريستين لاغارد، التي ستتولى رئاسة البنك المركزي.
ويؤكد المتابعون الأوروبيون أن الأنظار متجهة إلى ألمانيا، لأن الاسم الذي ستطرحه سيعني حتماً ماذا تريد المستشارة أنجيلا ميركل وحكومتها من هذه المؤسسة النقدية، في وقت ترتفع فيه الأصوات المنددة في ألمانيا بعمل تلك المؤسسة الأوروبية، بعدما عبّرت سابين لوتنشلاجر صراحة عن معارضتها لعودة «المركزي الأوروبي» إلى برنامج التحفيز وشراء الأصول، الذي أعلن عنه بداية الشهر الحالي. ويضيف المراقبون أنه إذا اختارت ألمانيا اسماً «حمائميّاً»، فهذا يعني أنها مع سياسة نقدية أوروبية تحفيزية. أما اختيار اسم «صقوريّ» فيعني معارضة تلك السياسة.
والأسماء المطروحة تشمل إيزابيل شنابل، التي تنتمي إلى مجموعة من الخبراء، الذين يقدمون النصح الاقتصادي للحكومة، ولديها اطلاع واسع على المسائل المصرفية والاستقرار المالي، فضلاً عن السياسة النقدية. لكن اسمها يثير حفيظة المعارضين لسياسات التحفيز، لأنها مصنفة بين الحمائم.
الاسم الآخر المطروح هو كلودين بوش، التي تشغل حالياً منصب نائب رئيس البنك المركزي الألماني «البوندسبنك»، ومن موقعها هذا تعتبر الأكثر معرفة بكواليس وظروف عمل البنك المركزي الأوروبي، وهي أيضاً من دعاة الاستقرار المالي وقريبة من مطالب البنوك الأوروبية.
إلى ذلك، يتردد أيضاً اسم أولغا بارتش، التي قضت 20 سنة في «مورغان ستانلي» اقتصاديةً متخصصةً في الشؤون الأوروبية والسياسات النقدية، ثم في 2018 أتت على رأس قسم الأبحاث الاقتصادية والمالية في «بلاك روك للاستثمار». وهي من دعاة تعزيز سلطات البنوك المركزية التدخلية في ظروف الأزمات، ولا سيما لجهة التحفيز وشراء الأصول، لذا ستجد من يعارض ترشيحها من قبل المنادين بسياسات أكثر صرامة، ووفق الأصول التاريخية لعمل البنوك المركزية.
على صعيد متصل، تعلو أصوات في ألمانيا تقول إنه لم يعد هناك شيء مشترك بين البنك المركزي الأوروبي و«البوندسبنك». وانتقاد المؤسسة النقدية الأوروبية متواصل منذ سنوات.
وجاء إعلان استقالة سابين لوتنشلاجر بشكل مفاجئ، الأربعاء الماضي، ليحرك تلك المشاعر النقدية أكثر، حتى إن هذا النقاش دخل في صلب البرامج الانتخابية.
ففي جريدة «بيلد» نشر رسم لرئيس البنك المركزي الأوروبي، ماريو دراغي، على أنه يضحي بصغار المودعين الألمان، ولا يعبأ بهم. كما أن وزير الاقتصاد في مقاطعة تورينغ، وولفغانغ تيفونسي، اتهم المركزي الأوروبي بأنه من خلال سياساته المتبعة حالياً يسحق المودعين ويهدد استقرار العملة الأوروبية الموحدة (اليورو)، وبالنسبة إليه فإن استقالة لوتنشلاجر جرس إنذار لا بد من سماعه.
كما أن اليمين المتطرف في ألمانيا جعل من معاداة البنك المركزي الأوروبي شعاراً يعتبره رابحاً في حملته في مقاطعة «تورينغ» حيث تجري انتخابات في 27 أكتوبر المقبل. ويلاحظ المراقبون أن ذلك الشعار يتمدد إلى مقاطعات أخرى، ويجد صدى بين شرائح يمينية معينة.
في المقابل، تحاول المستشارة أنجيلا ميركل تهدئة الخواطر والمشاعر الملتهبة في هذا الملف، إذ تقول: «هدفنا السياسي ليس الطلب كثيراً من السياسة النقدية. لكن مساعدة البنك المركزي الأوروبي على إجراء إصلاحات حكيمة، وتشجيع سياسات لموازنات أكثر عقلانية». جاء ذلك في خطاب لها الخميس الماضي في حدث اقتصادي استضافته فرانكفورت.
ويقول اقتصاديون إن لدى الألمان إحساساً بأن البنك المركزي الأوروبي بات بعيداً جداً عن بنكهم المركزي، علماً بأنهم عندما أقدموا على منح الثقة تاريخياً للوحدة النقدية، ووضعوا في اعتبارهم عكس ذلك تماماً، أي شبه التطابق بين سياسات البنكين.
وأبرز حجج الألمان الناقمين حالياً على «المركزي الأوروبي»، هي الفائدة السلبية والاستمرار في شراء الأصول، ولا سيما سندات الدول الأوروبية «المتعثرة».
وثمة عودة للذاكرة للألمان عند استقالة سابين لوتنشلاجر، لاستقالات سابقة لألمان من المؤسسة النقدية الأوروبية احتجاجاً على السياسات المرنة. وتعزّز الاحتجاج أكثر بعد أن خسر الألمان موقع الإدارة الاقتصادية في قلب البنك المركزي الأوروبي، فتلك الإدارة كانت تشكل ضمانة لهم وعيناً تراقب عن قرب معدلات الفائدة وكل الأدوات النقدية المستخدمة، وبأي اتجاه تستخدم. وخسران ذلك الموقع حصل في 2017 ليذهب المنصب إلى بلجيكي.
ويستحضر الألمان كل ذلك حالياً للدفع باتجاه ترشيح شخصية ألمانية صارمة، تعيد ضبط السياسة النقدية الأوروبية التي حادت برأيهم عن جادة الصواب.



نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
TT

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)

ارتفعت تكاليف النقل في نيجيريا بشكل كبير مع ارتفاع سعر البنزين بأكثر من 3 أمثاله، بعدما أنهى الرئيس النيجيري بولا تينوبو، الدعم المالي للوقود في أكثر دول أفريقيا اكتظاظاً بالسكان.

ومنذ تخلت نيجيريا عن دعم الوقود في العام الماضي، أدى ذلك إلى أسوأ أزمة في تكلفة المعيشة في البلاد منذ نحو جيل كامل. وهذا يعني انخفاضاً هائلاً في عدد الركاب، وتأثر العاملون في مجال استدعاء سيارات الأجرة في العاصمة أبوجا.

وكانت الحكومة تزعم أن التخلي عن دعم الوقود سيخفض تكاليف النقل في النهاية بنحو 50 في المائة.

وقدمت السلطات النيجيرية في أغسطس (آب) مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط (CNG) للاستفادة من احتياطاتها الضخمة من الغاز - الأكبر في أفريقيا - وإطلاق حافلات تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط مع تحويل المركبات التي تعمل بالبنزين أيضاً.

وجرى تعديل أكثر من 100 ألف مركبة للعمل بالغاز الطبيعي المضغوط أو بالموتور الهجين من الغاز الطبيعي والبنزين، واستثمرت الحكومة ما لا يقل عن 200 مليون دولار في إطار هذه المبادرة، وفقاً لمدير المبادرة مايكل أولوواغبيمي.

وتهدف الحكومة إلى تحويل مليون مركبة من أكثر من 11 مليون مركبة في نيجيريا في السنوات الثلاث المقبلة، لكن المحللين يقولون إن العملية تسير بشكل بطيء، مشيرين إلى ضعف التنفيذ والبنية الأساسية المحدودة.

وعلى الرغم من أن نيجيريا واحدة من أكبر منتجي النفط في أفريقيا، فإنها تعتمد على المنتجات البترولية المكررة المستوردة؛ لأن مصافيها تكافح مع انخفاض الإنتاج إلى أدنى مستوياته منذ عقود بسبب عمليات سرقة النفط الضخمة.

إلى جانب الإصلاحات الأخرى التي قدمها تينوبو بعد توليه السلطة في مايو (أيار) من العام الماضي، كان من المفترض أن يؤدي إلغاء الدعم إلى توفير أموال الحكومة ودعم الاستثمارات الأجنبية المتضائلة. ومع ذلك، فقد أثر ذلك في سعر كل شيء تقريباً، وأجبرت تكاليف النقل المرتفعة الناس على التخلي عن مركباتهم، والسير إلى العمل.

التحول إلى الغاز صعب

وبالإضافة إلى الافتقار إلى شبكة كافية من محطات تحويل الغاز الطبيعي المضغوط وتعبئته، المتاحة في 13 ولاية فقط من ولايات نيجيريا الـ 36، كان نجاح مبادرة الحكومة محدوداً أيضاً بسبب انخفاض الوعي العام بين جموع الشعب، وقد ترك هذا مجالاً للتضليل من جهة والتردد بين السائقين للتحول للغاز من جهة أخرى.

وقد أعرب بعض السائقين عن مخاوفهم من أن تنفجر سياراتهم مع تحويلها إلى الغاز الطبيعي المضغوط - وهي ادعاءات قالت الهيئات التنظيمية إنها غير صحيحة ما لم يتم تركيب المعدات بشكل غير مناسب.

وفي ولاية إيدو الجنوبية، وجدت السلطات أن السيارة التي تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط والتي انفجرت تم تصنيعها من قبل بائع غير معتمد.

حتى في أبوجا العاصمة والمركز الاقتصادي في لاغوس، محطات الوقود نادرة وورش التحويل القليلة المتاحة غالباً ما تكون مصطفة بمركبات تجارية تنتظر أياماً للتحول إلى الغاز الطبيعي المضغوط بأسعار مدعومة. وفي الوقت نفسه، تبلغ تكلفة المركبات الخاصة للتحول 20 ضعف الحد الأدنى للأجور الشهرية في نيجيريا البالغ 42 دولاراً.

وهناك تحدٍّ آخر، وهو أن التحدي الذي يواجه مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط هو محدودية خط أنابيب الغاز في نيجيريا.

وتدرك الحكومة أنه لا يزال هناك «كثير من عدم اليقين» حول مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط، وتعمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة، وتوفير البنية الأساسية اللازمة، كما قال توسين كوكر، رئيس الشؤون التجارية في المبادرة، وفق وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية.

وقال كوكر: «الغاز الطبيعي المضغوط هو وقود أنظف، وهو وقود أرخص وأكثر أماناً مقارنةً بالبنزين الذي اعتدناه؛ لذا سيكون لديك مزيد من المال في جيبك وهو أنظف للبيئة».