خفض تصنيف لبنان الائتماني يصل إلى مصارفه

الملاءة تتقلص إلى 12 % بعد زيادة «مخصصات» الديون الحكومية بالدولار

خفض تصنيف لبنان الائتماني يصل إلى مصارفه
TT

خفض تصنيف لبنان الائتماني يصل إلى مصارفه

خفض تصنيف لبنان الائتماني يصل إلى مصارفه

بينما يسعى لبنان لمعالجة أزمته الاقتصادية المتفاقمة، وبعد صدور تقارير من كل من «ستاندرد أند بورز» و«فيتش» للتصنيف الائتماني. أعطت وكالة التصنيف الأولى الدولة اللبنانية فترة سماح تصل إلى ستة أشهر، مع الإبقاء على تصنيف لبنان عند درجة B -، أما «فيتش»، فقد صنفتها عند C - .
تقريران يتجهان إلى نقطة واحدة، وهي دقة الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وضرورة القيام بإجراءات إصلاحية سريعة توقف النزف الحاصل في المالية العامة للدولة اللبنانية، وتعيد إطلاق العجلة الاقتصادية للبلاد من خلال الاستثمارات، وما تحمله من ضخّ للعملة الأجنبية في السوق المحلية، وتحافظ على استقرار الوضع النقدي.
وبحسب ما تجري الأمور في العادة، تمنح مؤسسات التصنيف الائتماني، المصارف اللبنانية، درجة التصنيف السيادي نفسه الذي منحته للدولة، بسبب عوامل عدة، أبرزها ما تحمله المصارف التجارية من نسبة من الدين العام، ومن هذا المنطلق خفّضت وكالة «فيتش للتصنيف الائتماني»، تصنيف المصدر الائتماني IDR طويل الأجل، لكل من مصرفي «عودة» و«بيبلوس» من درجة - B إلى درجة CCC، وتصنيف الجدوى أيضاً من - B إلى CCC.
وبحسب «فيتش»، هذا التصنيف سببه انكشاف كل من المصرفين على الدولة اللبنانية، وعلى مصرف لبنان، فضلاً عن معاناتهما في الوقت الحالي من بيئة تشغيلية صعبة وضعف رسملتهما، ورغم ذلك، أثنت «فيتش» على قاعدة الودائع المرنة في المصرفين. هذا، ويحتل «بنك عودة» رأس قائمة المصارف اللبنانية، فيما يأتي «بنك بيبلوس» في المرتبة الثالثة.
ويقول الخبير المالي الدكتور غسان الشماس لـ«الشرق الأوسط» إن تعديل التصنيف السيادي الائتماني للبنان، يفرض تلقائياً «سقفاً ائتمانياً» موازياً للمصارف اللبنانية، أو العاملة في لبنان، التي بحوزتها سندات خزينة لبنانية أو «يورو بوند» عالية القيمة.
لكنه يشير إلى أنه «من حيث المضمون، لن تتأثر المصارف اللبنانية الكبيرة أو الصغيرة داخلياً، بهذا التعديل، فإن تخفيض تصنيفها الائتماني لدرجة ccc+، ينعكس على نسبة ملاءتها سلباً»؛ إذ يتوجب على هذه المصارف زيادة الرسملة (رأس المال)، المندرج الأول بنسبة تتراوح بين 2 إلى 3.5 في المائة.
ويضيف شماس، أن المصارف المراسلة (أي المصارف العالمية التي تسهّل الحوالات، والتحويلات للتجارة الخارجية) ستُضطر لتخفيض سقوف الائتمان لهذه المصارف، بشكل يتماشى مع التصنيف الجديد.
لكن، ومن الناحية العملية، فإن هذا التخفيض بدرجة واحدة ليس مؤذياً «للمصارف اللبنانية، كونها بالأساس تلتزم السقف السيادي للتصنيف، الذي في أفضل مراحله، لم يبلغ الدرجة الاستثمارية أبداً»، هذه الدرجة الائتمانية، هي الدرجة الدنيا المتعارف عليها عالمياً، بأنها درجة استثمارية منخفضة المخاطر، ولم تبلغ المصارف اللبنانية ولا التصنيف السيادي، هذه الدرجة.
وخفض التصنيف السيادي للبنان من مستوى «بي» إلى الدرجة «سي» من قبل وكالات التصنيف، إلى المصارف اللبنانية الثلاثة الأكبر المستجيبة للتقييمات الدولية، مما يضيف تحديات جديدة أمام القطاع المصرفي بأكمله، بعد طلب «البنك المركزي» تعزيز تثقيل المخصصات المقابلة لمحفظة الديون الحكومية بالعملات الأجنبية، بما يماثل 150 في المائة من قيمتها. مع الإبقاء على نسبة تثقيل (50 في المائة) على محفظة شهادات الإيداع والتوظيفات بالدولار لدى «البنك المركزي».
وإذ تتشارك أغلب التقارير الدولية بالتنويه بخصائص القوّة في الجهاز المصرفي، فإنها تنبه تكراراً إلى تناقص قوة الرساميل والتأثيرات المرتقبة على متانة المراكز المالية ونسب الملاءة، في ظل تنامي الصعوبات التشغيلية وانكماش الائتمان الموجه للقطاع الخاص والزيادة الملحوظة في الانكشاف والتعرض الكبير للديون السيادية الحكومية وللتوظيفات المباشرة في «مصرف لبنان المركزي».
ويستخلص تقرير «فيتش» أنّ «احتمال تخفيض تصنيف هذَين المصرفَين مجدداً مرتبط بعدّة عوامل، منها تعرض التصنيف السيادي اللبناني لأي خفض جديد، أو تدهور ثقة المودعين، أو تراجع جذري في نوعيّة أصولهما أو في نِسَب كفاية رأس المال لديهما. بالمقابل، فإنّ رفْع تصنيف المصرفَين يرتبط بشكلٍ رئيسي بتحسُّن التصنيف السيادي، أو تراجع مستوى التعرّض للديون السياديّة كنسبة من الأموال الخاصّة»، وهو الأمر الذي تستبعده الوكالة حالياً.
وبالفعل، فقد أبلغ حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، مجلس إدارة جمعية المصارف، بالتوجه إلى رفع نسبة تثقيل سندات «اليوروبوندز» من 100 إلى 150 في المائة، والإبقاء على نسبة تثقيل 50 في المائة لودائع المصارف بالعملات الأجنبية لدى «البنك المركزي»، متوقعاً بالنتيجة «تراجع معدل الملاءة إلى حدود 12.5 أو 12 في المائة، وهو معدل أعلى من المعدلات الموصى بها في اتفاقية «بازل 3» البالغة حاليا 10.5 في المائة، علماً بأن متوسط الملاءة لدى المصارف كان يقارب 15 في المائة قبل خفض التصنيفات.
وذكّر الحاكم بالتدبير الحكيم الذي اعتمدته المصارف بطلب من «مصرف لبنان» والقاضي برسملة المداخيل الناتجة عن الهندسات المالية، ما ساعد في تقوية قاعة رساميل المصارف، وبأن «الانعكاس على الخسائر المتوقعة لن يكون كبيراً»، كما تؤكده كذلك المعطيات المتوفرة لديه.
وتظهر البيانات الماليّة المجمعة (غير المدقَّقة) لمجموعة «مصارف ألفا»ALPHA التي تدير ودائع تزيد عن ملياري دولار، ونحو أكثر من 90 في المائة من النشاط المصرفي في لبنان والوحدات الخارجية التابعة، تراجعاً سنويّاً في أرباحها الصافية المجمعة بنسبة 6.63 في المائة، لتصل إلى نحو مليار دولار خلال النصف الأوّل من عام 2019. مقارنة مع 1.07 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي. وشهدت الأموال الخاصّة للمجموعة تراجعاً طفيفاً بنسبة 0.96 في المائة إلى نحو 21.21 مليار دولار.
وفي قياس مردود الربحيّة، بلغ العائد على متوسِّط الموجودات والعائد على متوسِّط حقوق المساهمين 0.77 في المائة و9.41 في المائة على التوالي في النصف الأوّل من عام 2019. مقارنة مع 0.9 و10.08 في المائة في الفترة نفسها من العام السابق. وقد تراجع هامش صافي الفوائد من 1.9 في المائة إلى 1.56 في المائة، كما انخفض هامش صافي التشغيل من 37.51 إلى 36.83 في المائة.



السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.