لماذا غض نيوكاسل الطرف عن طرق التدريب «غير الملائمة» لبيتر بيردسلي؟

يعود فشل المدير الفني لفريق الشباب إلى اعتماده على أسلوب فظ وقاسٍ في التعامل مع اللاعبين

بيردسلي (يسار) يواجه اتهامات بتوجيه إساءات عنصرية
بيردسلي (يسار) يواجه اتهامات بتوجيه إساءات عنصرية
TT

لماذا غض نيوكاسل الطرف عن طرق التدريب «غير الملائمة» لبيتر بيردسلي؟

بيردسلي (يسار) يواجه اتهامات بتوجيه إساءات عنصرية
بيردسلي (يسار) يواجه اتهامات بتوجيه إساءات عنصرية

في البداية، يجب أن نلقي الضوء على قرار الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بإيقاف المهاجم الإنجليزي السابق بيتر بيردسلي عن ممارسة أي نشاط يتعلق بكرة القدم لمدة 32 أسبوعاً في أعقاب إدانته بتوجيه عدد من التعليقات العنصرية للاعبين من أصحاب البشرة السمراء خلال فترة قيادته لفريق نيوكاسل يونايتد تحت 23 عاماً، وهي الاتهامات التي نفاها بيردسلي.
وكان من المفترض أن يُغلق ملف هذه القضايا إلى الأبد في عام 2006. عندما قام المدير الفني لنادي نيوكاسل يونايتد آنذاك، غلين رويدر، بإقصاء بيردسلي، الذي يعد أحد أبرز لاعبي النادي عبر تاريخه الطويل، بطريقة سرية ودبلوماسية من فريق الشباب بالنادي ونقله إلى وظيفة أخرى كسفير للنادي، وهي الوظيفة التي برع فيها بيردسلي تماماً في حقيقة الأمر.
وفي ذلك الوقت، لم يكن هناك أي حديث عن العنصرية، وكان كل ما يقال يتعلق بإدارته «القاسية» بعض الشيء للاعبين الشباب. وكان يبدو أن كل هذه المخاوف قد تبخرت عندما قام مالك النادي مايك أشلي بإعادة بيردسلي لتولي فريق الشباب بالنادي عام 2009. ومنذ ذلك الحين، فإن عدم وجود تواصل واضح وقيادة سليمة - ناهيك عن انعدام الذكاء العاطفي والتعليم - قد سمح له بأن يتولى إدارة «إقطاعيته» في فريق النادي تحت 23 عاماً!
وفي الحقيقة، لا يوجد أي تفسير لقيام الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بمعاقبة بيردسلي على تورطه «بشكل واضح في ثلاثة تصريحات عنصرية»، في الوقت الذي يعلن فيه الاتحاد أيضاً أنه يرى أن بيردسلي «ليس عنصرياً بطبعه، بمعنى أنه لا يتعمد إساءة التصرف تجاه شخص على أساس عرقه». إن أولئك الذين يعرفون بيردسلي جيداً يعتقدون أن عقليته قد توقفت تماماً عند عام 1979 وعند تجربة تكوين شخصيته في عهد الراحل بوب ستوكوي في نادي كارلايل يونايتد. لقد كان بيردسلي يبلغ من العمر 18 عاماً آنذاك، ودخل العالم الاحترافي لكرة القدم بعد فترة قصيرة من عمله في أحد المصانع في تينيسايد وكان يحصل خلال تلك الفترة على 90 جنيهاً إسترلينياً في الأسبوع.
وكان ستوكوي يدير الفريق بشكل يشبه الحكم العسكري من حيث الانضباط، في عصر كانت فيه ملاعب تدريب كرة القدم في كثير من الأحيان عبارة عن أماكن وحشية يعمل فيها اللاعبون الكبار على استغلال أي نقاط ضعف ملحوظة لزملائهم في الفريق والسخرية منهم، وكان اللاعبون الشباب الجدد يتعرضون للتخويف والاضطهاد، سواء من الناحية الذهنية أو البدنية. وإذا كانت هذه التجربة قد جعلته قاسياً وشرساً إلى درجة مكنته من استغلال «موهبته الهشة» لتقديم أداء جيد مع كل من نيوكاسل يونايتد وليفربول وإيفرتون عندما كان لاعباً، فمن المؤكد أيضاً أن هذه التجربة قد شكلت شخصيته كمدير فني بعد ذلك.
وفي حين أن العديد من لاعبي كرة القدم الشباب في نيوكاسل يونايتد قد تخرجوا في هذه المدرسة التدريبية التي تعتمد على القسوة والعنف اعتقاداً منهم بأن هذه الطريقة العدوانية المتمثلة في بعض الأحيان فيما يطلق عليه اسم «الحب القاسي» والأسلوب الساخر، هي التي صنعت منهم لاعبين كبار، فمن المؤكد أيضاً أن هذه السياسة قد دمرت العديد من اللاعبين الآخرين. ومنذ ثلاثة عشر عاماً، أراد رويدر أن يعتمد على فلسفة تدريب مختلفة تماماً، وبعد أن دخل في مواجهة مع بيردسلي بسبب اختلاف وجهات النظر بينهما، لم يتحملا العمل معاً، ولم يكن من الغريب أن يفترقا عن بعضهما البعض.
لقد ظهرت أجراس الخطر للمرة الأولى في نادي نيوكاسل يونايتد في عام 2003. عندما أجرى الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم تحقيقاً خلص في نهاية الأمر إلى تبرئة بيردسلي من اضطهاد بعض اللاعبين في أكاديمية الناشئين بالنادي، لكن القلق استمر في بعض الأوساط. وفي يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، ظهرت شكاوى أخرى ضد بيردسلي وتم إيقافه في البداية، ثم إقالته من منصبه بعد ذلك. لكن الادعاءات كانت هذه المرة أكثر تحديداً - وتدميرا - لكن يبدو أن استخدامه للعبارات والكلمات المسيئة والمهينة كانت عبارة عن مجرد «عرض» لمشكلة أوسع نطاقاً نشأت من حقبة كان يُنظر فيها إلى الصحة العقلية على أنها شيء من المحرمات.
وإذا أكدت التقارير المكتوبة التي تدافع عن شخصية بيردسلي قد قُدمت إلى الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم من قبل بعض الزملاء - بعضهم من أصحاب البشرة السمراء - بما في ذلك جون بارنز، وأندرو كول، وليس فرديناند، وكيفن كيغان، والذين أكدوا أن هذه حالة معقدة للغاية، فإن الشيء المؤكد هو أن بيردسلي لم يستطع التكيف مع تغير الزمن وظل متحجراً وبنفس العقلية القديمة.
لقد كان مايك أشلي يعتقد أن شهرة بيردسلي الواسعة ستمكن النادي من اجتذاب أفضل اللاعبين الشباب إلى نيوكاسل يونايتد، لكن اتضح أن الطريقة التي يتعامل بها بيردسلي مع اللاعبين الشباب لا تهتم بالعديد من المجالات الأخرى مثل علم النفس والذكاء العاطفي، وهي الأمور التي ساعدت العديد من المديرين الفنيين، بما في ذلك سام ألاردايس وغاريث ساوثغيت، على تحسين طريقة عملهم وتحقيق نجاحات كبيرة.
ويجب التأكيد على أن تجاهل نيوكاسل يونايتد لما يقوم به بيردسلي قد أدى إلى تفاقم المشكلة، ويجب أن نشير أيضاً إلى أن بيردسلي لم يحصل على رخصة التدريب الأولى من قبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم إلا عام 2018! وبالنظر إلى أن فرص عمل بيردسلي في مجال التدريب باتت شبه معدومة في المستقبل، فمن المحتمل ألا تكون هذه الرخصة التدريبية ذات فائدة كبيرة بالنسبة لرجل تحول من رمز محلي إلى رجل يشير إليه الجميع الآن بسبب ارتكابه للعديد من الأشياء الخاطئة.


مقالات ذات صلة

فونسيكا: أبحث عن استعادة توازن ميلان

رياضة عالمية باولو فونسيكا مدرب ميلان (أ.ب)

فونسيكا: أبحث عن استعادة توازن ميلان

قال باولو فونسيكا، مدرب ميلان، الجمعة، إن فريقه أظهر كثيراً من نقاط الضعف في آخر مباراتين، ويجب أن يجد التوازن الصحيح بين الدفاع والهجوم.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
رياضة عالمية بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي (أ.ب)

غوارديولا: أتحمل عبء إثبات نفسي

قال بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم إنه يتحمل عبء إثبات أنه يستطيع تصحيح مسار الفريق.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (أ.ف.ب)

ماريسكا: تشيلسي لا ينافس على لقب البريميرليغ

قال إنزو ماريسكا، مدرب تشيلسي، إن فريقه الشاب لا ينافس على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية دييغو سيميوني مدرب أتلتيكو مدريد (إ.ب.أ)

سيميوني: ما زال بإمكاننا التحسن

تلقى أتلتيكو مدريد دفعة معنوية هائلة بعد الفوز في ست مباريات متتالية، لكن المدرب دييغو سيميوني قال إن فريقه لا يزال لديه مجال كبير للتحسن.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية محمد صلاح سينتهي عقده مع ليفربول بنهاية الموسم (إ.ب.أ)

صلاح ودي بروين... متى نقول وداعاً؟

لمدة عقد تقريباً، كان أحد ألمع النجوم في سماء الدوري الإنجليزي، ويُصنف على أنه ربما يكون أفضل لاعب في جيله.

The Athletic (لندن)

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.