المشهد: في فن الصورة المندثر

• إذا لم يكن لديك، كفرد، خطة حياة فإنك على الأرجح جزء من خطة حياة فرد آخر. والكلام نفسه صحيح لمجموعة من الناس تعمل في مهنة واحدة أو تلتقي على عمل معين.
• المصوّر السينمائي (أو مدير التصوير كما الأجدر تسميته) دخل محراب العمل هذه الأيام محاطاً بالمتغيرات التقنية والمهنية. لا يكفي أن إدارة الكاميرا صار يتكل على حملها والركض بها وراء الممثلين على أساس أنها جزء من الواقع (كما لو أن سبب دخولنا السينما هو مشاهدة الواقع)، بل تداخلت في المهنة عوامل كانت منفصلة عن بعضها بعضاً.
• في السينما الأكثر انتشاراً، الأميركية، بات التصوير ملتحماً بالمؤثرات البصرية. نعم، هناك ممثل فعلي يتعلق بحبل رمته طائرة مروحية إليه لإنقاذه من النيران، لكن النيران والحبل والطائرة كلها ليس موجوداً خلال التصوير. هناك شاشة خضراء يتم تصوير الممثل وهو يتحرك كما لو أنه يلتقط الحبل والباقي سيدخل مصنع المؤثرات ليضاف إلى الفيلم.
• بذلك انتقلت إدارة التصوير من مهنة فنية هي الركيزة الأولى في عملية تحويل نص سينمائي إلى فيلم، إلى موقع يخلو عملياً من سمات التوظيف الفني لأدوات التصوير ويستجيب إلى عوامل أخرى تنتظر الصورة الملتقطة لتدخل خضم التطورات التقنية التي لا علاقة لها بمهنة التصوير مطلقاً.
• لا أدري ما الذي يدرسونه في معاهد السينما العربية، لكن إذا لم تكن العوامل التي تؤثر على مستقبل مهنة التصوير وتشكل خطراً عليها، سواء من تصوير محمول لا فن فيه إلى اختلاف شروط ونتائج المهنة بوجود هذا الاحتلال التقني للمؤثرات فإن خريجي المعاهد سيجدون أنفسهم جسوراً للعبور أكثر منهم فنانين اختاروا العمل في مهنة مهددة.