علي النعيمي.. مايسترو «أوبك»

«رجل الأرقام» قضى 68 عاما في رحاب صناعة النفط.. وشعاره دائما: «لا تقلق»

علي النعيمي.. مايسترو «أوبك»
TT

علي النعيمي.. مايسترو «أوبك»

علي النعيمي.. مايسترو «أوبك»

إذا كنت صحافيا وتريد الحصول على تعليق من وزير النفط السعودي علي النعيمي، فيجب أن تكون رياضيا حتى تتمكن من المشي بسرعة للحاق به.
وإذا تمكنت من اللحاق به، فهناك صيغتان للأسئلة من الأفضل أن تبتعد عنهما حتى لا تسمع أي إجابة. أما الصيغة الأولى للسؤال المهدر فهي تبدأ بجملة: «هل أنت قلق من..؟»، وأما الصيغة الثانية فهي تبدأ بـ: «ماذا لو..؟». في الغالب سيكون رد النعيمي على الصيغة الأولى للسؤال في صورة السؤال الاستنكاري التعجبي: «لماذا أقلق؟!» أو: «لماذا تريدونني أن أقلق؟!». أما الصيغة الثانية للسؤال فستكون الإجابة عنها بالصيغ التالية: «لماذا تفترضون أمورا لمّا تحدث بعد؟!!» أو: «لماذا تحبون أن تفترضوا سيناريوهات؟!».
يرفض النعيمي القلق بسبب طبيعته المتفائلة، ففي مارس (آذار) هذا العام قال الوزير البالغ من العمر 80 عاما أمام مئات من الحضور في مؤتمر بمدينة ينبع على ساحل البحر الأحمر إن التفاؤل لم يفارقه طوال 68 عاما أمضاها في الصناعة النفطية، أي منذ أن بدأ العمل في «أرامكو السعودية» عندما كان عمره 12 عاما.
من الصعب أن يسمع الصحافيون الذي يطاردون النعيمي في أروقة الفنادق وقاعات المؤتمرات ويركضون خلفه وإلى جواره ومن أمامه، وهو يقول إنه قلق من شيء، خصوصا من الأسعار حتى، وإن كان السوق والعالم من حوله يغرق في الاضطراب، خصوصا هذه الأيام، حيث إن الانخفاض الحالي في أسعار النفط تحت 100 دولار للبرميل وبقائها عند مستويات 97 دولارا لا يعني أي شيء لرجل عاصر هبوط أسعار نفط برنت إلى 9 دولارات للبرميل في أواخر التسعينات.
لقد مر النعيمي بأسوأ المراحل في تاريخ السوق في مرات عديدة طوال الأعوام الـ19 التي أمضاها وزيرا. ففي أكثر من مر ة كان الطلب يهبط بشدة والسوق يسبح في النفط والكل في «أوبك» وخارجها يتصارعون على الحصص السوقية.

* المايسترو
* واستطاع النعيمي أن ينتشل أسعار النفط من القاع في عام 1998 بعد مرور أشهر على نشوء الأزمة الآسيوية، بمجهود أقل ما يوصف به أنه ماراثوني قام من خلاله بإقناع 17 دولة منتجة للنفط من داخل «أوبك» وخارجها مثل النرويج والمكسيك بخفض إنتاجها لرفع الأسعار. ومنذ بداية عام 1999 بدأ السعر في التحسن والصعود وسط إصرار وتنسيق النعيمي على أن يلتزم الجميع بتخفيض إنتاجه.
هذا الجهد الذي بذله للتنسيق مع باقي المنتجين لخفض الإنتاج ورفع الأسعار في ذلك الزمن هو ما أكسبه العديد من الألقاب من بينها لقب «المايسترو». فالنعيمي يستحق هذا اللقب عن جدارة كما يقول المحلل النفطي الكويتي كامل الحرمي لـ«الشرق الأوسط»؛ «إذ لا يستطيع أحد أن يقوم بما قام به في ذلك الوقت».
ومنظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» ليست كما يتصور كثيرون، فهي ليست مجموعة من الدول التي تلتقي وتتفق بسهولة على أي أمر، وكان الخلاف هو سمتها لعقود طويلة خاصة في الثمانينات والسبعينات عندما كانت اجتماعات «أوبك» تأخذ أياما طويلة وتمتد لأسابيع.
لكن الخلافات قلت كثيرا في السنوات الأخيرة، والفضل في ذلك يعود للنعيمي كما يقول الحرمي؛ إذ إنه «رجل الأرقام»، فهو يتناقش مع الجميع بالأرقام وتوقعات الطلب والعرض وليس بالكلام الرخيص والأساليب السياسية. ويضيف الحرمي، وهو رئيس تنفيذي سابق لشركة البترول الكويتية العالمية: «هذا الرجل هو حكيم («أوبك»)».
أما اجتماعات «أوبك» اليوم التي تحصل في مقر المنظمة في العاصمة النمساوية فيينا، فهي تجسيد للفاعلية، كما يقول النعيمي هو نفسه. ويعبر النعيمي عن هذا الأمر في إحدى المرات وهو يمشي صباحا في طريقه من الفندق «جراند» الشهير إلى مبنى المنظمة لحضور أحد الاجتماعات قائلا: «في السابق كانت الاجتماعات تأخذ أياما وأسابيع، أما اليوم فنحن الوزراء لسنا سوى رجال أعمال ونحضر اجتماعاتنا كما يحضرها رجال الأعمال، ولا يوجد لدينا سوى اجتماع واحد نحضره ثم يمضي كل منا في طريقه».

* «12 رجلا غاضبون»
* ولكن تخفيض أيام الاجتماع لا يعني أن الاجتماعات في حد ذاتها ليست مرهقة وتنتهي بكل سلاسة وهدوء. وعلى العكس، فإن الاجتماعات في الغالب هي عبارة عن شد وجذب، فهناك بعض الدول في «أوبك» تريد أسعارا عالية، والبعض يريد أسعارا معقولة.. والبعض يركز على الأسعار، بينما يركز البعض على إبقاء العرض في السوق متوازنا مع الطلب.
وهناك بعض الاجتماعات السيئة كالاجتماع الصيفي في عام 2011 الذي قال عنه النعيمي إنه «أسوأ اجتماع» حضره في تاريخه مع «أوبك» عندما رفضت بعض الدول المقترح الخليجي برفع سقف الإنتاج بناء على توقعاتهم لنمو الطلب في النصف الثاني من ذلك العام.
ويشبه النعيمي بنفسه للصحافيين في إحدى المرات حالة الاجتماعات بالوضع في الفيلم الأميركي الشهير «12 رجلا غاضبون» أو (Twelve Angry Men). وبالفعل لا يوجد عمل فني ممكن أن يقرب الفكرة أكثر من هذا الفيلم.
ففي هذا الفيلم يتحدد مصير شاب متهم في قضية قتل والده بالحكم الذي ستصدره هيئة من المحلفين يبلغ عددهم 12 شخصا، وهو بالضبط عدد الدول الأعضاء نفسه في منظمة «أوبك». ويجتمع المحلفون الذين يقابلون بعضهم للمرة الأولى في غرفة للتناقش حول الحكم، ولأن الحكم بالإجماع (كما هي حال قرارات منظمة «أوبك» استنادا إلى نظامها) فإن المحلفين يجب أن يتفقوا على حكم واحد. وفي البداية اتفق 11 محلفا على أن الصبي مذنب، إلا محلفا واحدا (قام بدوره في هذا الفيلم الممثل الأميركي هنري فوندا) وهو رقم 8 الذي حاول أن يغير قناعات الباقين. وبدلا من أن ينتهي الموضوع بسهولة طال الاجتماع بهم.
ومنذ تأسيس «أوبك» والسعودية، ممثلة في وزرائها ابتداء من الشيخ أحمد زكي يماني، ومرورا بهشام ناظر، وانتهاء بالنعيمي، تلعب دائما هذا الدور الذي قام به المحلف رقم 8 لأنها الدولة الأكبر في إنتاج النفط في «أوبك» ولا بد أن توازن بين الجميع وتراعي مصالح المنتجين والمستهلكين وتبقي الكل سعيدا بقدر المستطاع.
وبسبب الدور الذي تلعبه السعودية في المنظمة ويلعبه النعيمي في الاجتماعات، فإن قلق السوق حيال نتائج لقاءات الوزراء خف كثيرا، فلم يعد هناك داعٍ لأن تنتظر السوق أسابيع لتعرف ماذا ستقرر «أوبك» أخيرا.

* بعبع النفط الصخري
* وقلق الصحافيين والسوق لا ينتهي عند أي حد، فمنذ أن ظهر إنتاج النفط الصخري من المكامن في تكساس وداكوتا الشمالية في الولايات المتحدة، والكل يتحدث عن زوال «أوبك» وضعفها. وأصبحت التكهنات تدور حول: ما رد فعل «أوبك» تجاه النفط الصخري الذي يهدد صادراتها ومستقبلها؟
وفي كل اجتماع يظهر فيه وزراء دول «أوبك»، يظهر الصحافيون القلق نفسه ويعيدون التساؤلات نفسها عن مستقبل إنتاج المنظمة، الأمر الذي جعل وزير النفط الكويتي السابق مصطفى الشمالي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي يقول لهم: «لماذا تجعلون النفط الصخري وكأنه بعبع لنا؟».
والشمالي مثل النعيمي أو حتى أمين عام منظمة «أوبك» الليبي عبد الله البدري، لا يرون في النفط الصخري مصدرا كبيرا للقلق حتى وإن كانت صادرات المنظمة إلى الولايات المتحدة قد بدأت في التراجع منذ مطلع 2013، والسبب في ذلك بسيط حسب ما يرونه، وهو أن نفط «أوبك» تقليدي، ولهذا هو أسهل في الإنتاج وأقل في التكلفة، على عكس النفط الصخري، فهو نفط مكلف جدا، واستمرارية الإنتاج منه تتطلب استثمارات عالية وبقاء أسعار النفط عند مستويات لا تقل عن مستوياتها الحالية.
ويقول النعيمي في أكثر من مناسبة إنه لا داعي له بأن يقلق حيال زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري، بل إنه، وعلى العكس، يرحب به وبأي إنتاج من أي دولة أخرى، فالطلب العالمي على النفط يجب أن تجري تلبيته من مصادر متعددة ومن كل مناطق الإنتاج.
وفي أحد الاجتماعات الأخيرة في فيينا قال النعيمي ردا على تساؤلات ما لا يقل عن 20 صحافيا وقفوا أمامه واستند بعضهم على الطاولة التي يجلس عليها، عن مدى قلقه حيال النفط الصخري قائلا: «لماذا تريدونني أن أقلق؟!! احذفوا كلمة (أقلق) من كل سؤال تسألونني إياه. هذه ليست المرة الأولى التي تشهد السوق زيادة في الإنتاج». وأضاف حينها: «لقد سمعنا هذه الأحاديث نفسها عندما بدأ بحر الشمال في ضخ إنتاجه، ولكن ماذا حدث اليوم؟ هل زالت (أوبك)؟ هل انتهى دورها؟».
وتتحكم «أوبك» في نحو 40 في المائة من الإنتاج اليومي العالمي للنفط، إلا أن هذه الحصة قد تقل إلى 33 في المائة هذا العام والأعوام المقبلة نظرا لأن الإنتاج من خارج «أوبك» في زيادة مستمرة والطلب على نفط «أوبك» لن يتجاوز 30.5 مليون برميل يوميا للسنة بأكملها و29.5 مليون برميل يوميا في العام المقبل.
وتتوقع «أوبك» كما تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية ذاتها أن إنتاج النفط الصخري سيصل إلى الذروة بعد 5 أعوام من الآن، وتعود الكرة بعد ذلك إلى ملعب «أوبك» لأنها تمتلك أكبر الاحتياطات المؤكدة في العالم، مما يجعلها المصدر الرئيس للنفط في العالم لسنين طويلة.
ولكن الجميع في «أوبك» يعون جيدا أن السنوات الخمس المقبلة لن تكون سهلة؛ إذ إن المنافسة ستزيد بين المنتجين خصوصا إذا ما بدأت الولايات المتحدة في تصدير نفطها للأسواق الذي حظرت الحكومة تصديره منذ سبعينات القرن الماضي.
وبغض النظر عن المنافسة، فإن النعيمي ينظر بالتفاؤل نفسه للسنوات المقبلة؛ إذ يتوقع هو أن يزيد الطلب على النفط مع الزيادة الكبيرة في السكان التي يشهدها العالم، وتحسن دخل الملايين من الفقراء في الاقتصادات الناشئة وتحولهم للطبقة المتوسطة.

* النعيمي ومستقبل الأسعار
* لقد تمكن النعيمي خلال تاريخه الطويل من أن ينتشل الأسعار بمساعدة «أوبك» في أكثر من مرة، كان آخرها في عام 2008 عندما اجتمعت «أوبك» في وهران في الجزائر وقرروا قص الإنتاج بنحو 4 ملايين برميل يوميا في الاجتماع التاريخي الذي وصفه أكثر من مسؤول في المنظمة تحدثت معهم «الشرق الأوسط» بأنه الأفضل للمنظمة.
وستظل السوق قلقلة حيال مستقبل الأسعار، فالنعيمي قد لا يكون موجودا في السنوات المقبلة عندما يحتاج العالم إلى «مايسترو» بحجمه ليدير المعروض عندما يستفحل إنتاج النفط الصخري، ويزيد العراق إنتاجه إلى 8 ملايين برميل يوميا بحلول 2020 كما هو مستهدف، وتعود إيران للتصدير بعد حل أزمتها النووية مع الغرب.
ومن حق التجار والمتعاملين في السوق أن يقلقوا، فهبوط النفط بسنت واحد للبرميل يعادل 10 دولارات في كل عقد والعقود المتداولة يوميا بالملايين.
ولكن النعيمي لا يرى أن الأسعار ستهبط كما يراها الجميع اليوم، لأن تكاليف إنتاج النفط الصخري ستمثل دعامة للأسعار وأرضية ثابتة لها.
ولا بد للنعيمي أن يرحل من منصبه في يوم ما، ولكنه سيرحل بكثير من التفاؤل كما عبر عنه في ينبع عندما قال: «سأكون صريحا، إنني رجل متفائل بمستقبل البترول والغاز والتصنيع في المملكة، وتفاؤلي لم يخذلني خلال 68 عاما من عملي في قطاع البترول».
وليس التفاؤل هو الشيء الوحيد الذي لم يخذل النعيمي طيلة هذه السنوات، بل إيمانه الكبير بأن السوق هي التي تحدد كل شيء، وكما يقول في أكثر من مرة للصحــافيين القلقين: «لمــاذا تريدون إقــلاق السوق.. دعوها وشأنها.. وكل شيء سيكون بخير».

* النعيمي من خلفية متواضعة؛ فلقد ولد في الراكة في الخبر ودخل «أرامكو» وتعلم في مدارس الشركة وكانت أول وظائفه مراسلا للبريد في الشركة، ولهذا قال للصحافيين في فيينا في إحدى المرات ممازحا إنه لا يزال يفتقد توزيع البريد.

* يوضح النعيمي في إحدى المرات أن السبب في تفوق جيله هو الحياة الصعبة التي عاشوها والتي ساهمت في جعلهم ناضجين في سن مبكرة. ويقول: «عندما كنت في الثانية عشرة من عمري كان عندي هدف مهم وهو أن أجد دخلا أعيش عليه، بينما اليوم هناك من هم أكبر من هذه السن لا يشعرون بأهمية لقمة العيش والعمل».

* بدأ النعيمي طريقه في «أرامكو» في الحفر قبل أن يذهب لإكمال تعليمه في لبنان ثم في الولايات المتحدة التي رجع منها وهو حاصل على الماجستير في الجيولوجيا. ومن هنا كانت انطلاقة النعيمي في الشركة ودخوله قسم الإنتاج الذي ترقى فيه حتى وصل إلى نائب الرئيس للإنتاج.

* النعيمي متواضع جدا وواقعي في الحديث عن نفسه عندما يتكلم عن تعليمه وإمكانياته؛ ففي إحدى المرات قال: «الشباب في (أرامكو السعودية) اليوم حاصلون على تعليم أفضل من التعليم الذي تعلمته. لو أردنا تطبيق مبادئ الجيولوجيا التي تعلمتها في الخمسينات والستينات فلن نجد برميلا واحدا من النفط اليوم».

* النعيمي خارج ضغط الاجتماعات شخص يحب الاجتماع بالناس وممازحتهم. ومن النادر أن تفارقه الابتسامة. ومن المعروف عنه أنه أحد اللاعبين المهرة للعبة الورق الشهيرة في المملكة المعروفة باسم البلوت. ومن النادر أن يهزمه أحد بسهولة كما يقول أحد المسؤولين السابقين في وزارة البترول. والنعيمي رجل رياضي نادر؛ إذ يمارس رياضة المشي كل صباح ويحب صعود الجبال على قدميه. وأخبر «الشرق الأوسط» أكثر من شخص عملوا معه أنه كان يتسابق معهم لصعود الكثبان الرملية في الربع الخالي ومن النادر أن يسبقه أحد.



ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل
TT

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ) و«الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، فإنه كان غالباً «الشريك» المطلوب لتشكيل الحكومات الائتلافية المتعاقبة.

النظام الانتخابي في ألمانيا يساعد على ذلك، فهو بفضل «التمثيل النسبي» يصعّب على أي من الحزبين الكبيرين الفوز بغالبية مطلقة تسمح له بالحكم منفرداً. والحال أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تحكم ألمانيا حكومات ائتلافية يقودها الحزب الفائز وبجانبه حزب أو أحزاب أخرى صغيرة. ومنذ تأسيس «الحزب الديمقراطي الحر»، عام 1948، شارك في 5 حكومات من بينها الحكومة الحالية، قادها أحد من الحزبين الأساسيين، وكان جزءاً من حكومات المستشارين كونراد أديناور وهيلموت كول وأنجيلا ميركل.

يتمتع الحزب بشيء من الليونة في سياسته التي تُعد «وسطية»، تسمح له بالدخول في ائتلافات يسارية أو يمينية، مع أنه قد يكون أقرب لليمين. وتتمحور سياسات

الحزب حول أفكار ليبرالية، بتركيز على الأسواق التي يؤمن بأنها يجب أن تكون حرة من دون تدخل الدولة باستثناء تحديد سياسات تنظيمية لخلق أطر العمل. وهدف الحزب الأساسي خلق وظائف ومناخ إيجابي للأعمال وتقليل البيروقراطية والقيود التنظيمية وتخفيض الضرائب والالتزام بعدم زيادة الدين العام.

غينشر

من جهة أخرى، يصف الحزب نفسه بأنه أوروبي التوجه، مؤيد للاتحاد الأوروبي ويدعو لسياسات أوروبية خارجية موحدة. وهو يُعد منفتحاً في سياسات الهجرة التي تفيد الأعمال، وقد أيد تحديث «قانون المواطنة» الذي أدخلته الحكومة وعدداً من القوانين الأخرى التي تسهل دخول اليد العاملة الماهرة التي يحتاج إليها الاقتصاد الألماني. لكنه عارض سياسات المستشارة السابقة أنجيلا ميركل المتعلقة بالهجرة وسماحها لمئات آلاف اللاجئين السوريين بالدخول، فهو مع أنه لا يعارض استقبال اللاجئين من حيث المبدأ، يدعو لتوزيعهم «بشكل عادل» على دول الاتحاد الأوروبي.

من أبرز قادة الحزب، فالتر شيل، الذي قاد الليبراليين من عام 1968 حتى عام 1974، وخدم في عدد من المناصب المهمة، وكان رئيساً لألمانيا الغربية بين عامي 1974 و1979. وقبل ذلك كان وزيراً للخارجية في حكومة فيلي براندت بين عامي 1969 و1974. وخلال فترة رئاسته للخارجية، كان مسؤولاً عن قيادة فترة التقارب مع ألمانيا الديمقراطية الشرقية.

هانس ديتريش غينشر زعيم آخر لليبراليين ترك تأثيراً كبيراً، وقاد الحزب بين عامي 1974 و1985، وكان وزيراً للخارجية ونائب المستشار بين عامي 1974 و1992، ما جعله وزير الخارجية الذي أمضى أطول فترة في المنصب في ألمانيا. ويعتبر غينشر دبلوماسياً بارعاً، استحق عن جدارة لقب «مهندس الوحدة الألمانية».