ميركل تؤكد مسؤولية إيران عن هجمات «أرامكو» وفرنسا تحذّر من تصعيد «يخرج عن السيطرة»

طهران تنتقد الموقف الأوروبي بشدة وتتوعد بـ«الدمار والأسر» لمن يهاجمها

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الإيراني حسن روحاني على هامش أعمال الجمعية العامة بنيويورك أمس (إ.ب.أ)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الإيراني حسن روحاني على هامش أعمال الجمعية العامة بنيويورك أمس (إ.ب.أ)
TT

ميركل تؤكد مسؤولية إيران عن هجمات «أرامكو» وفرنسا تحذّر من تصعيد «يخرج عن السيطرة»

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الإيراني حسن روحاني على هامش أعمال الجمعية العامة بنيويورك أمس (إ.ب.أ)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الإيراني حسن روحاني على هامش أعمال الجمعية العامة بنيويورك أمس (إ.ب.أ)

أبلغت المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس، قناعة أوروبية بمسؤولية إيران عن هجمات «أرامكو»، فيما رفضت مطلب طهران بإنهاء العقوبات عليها كشرط مسبق لإجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة والغرب. وحذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من «خطر حصول تصعيد يخرج عن السيطرة» في المنطقة بعد الهجمات التي استهدفت منشآت أرامكو، وأعرب عن أمله «في حصول تقدم» بشأن المفاوضات مع إيران، وذلك بعد اجتماع مطول بالرئيس الإيراني حسن روحاني أول من أمس.
وتزامناً مع ذلك، احتجت الخارجية الإيرانية أمس، على بيان أصدرته بريطانيا وفرنسا وألمانيا، واتهمت فيه طهران بالمسؤولية عن الهجوم على منشآت أرامكو، وذلك بعد ساعات من انتقادات لاذعة وجهها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، متهماً الدول الثلاث بـ«التكرار الببغاوي» للاتهامات الأميركية.
وقالت المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، عقب لقاءات مع كل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الإيراني حسن روحاني، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس: «أرحب بالمحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، لكن لن يتسنى رفع جميع العقوبات أولاً، ثم تنعقد المحادثات. أعتقد أن هذا ليس واقعياً».
وناقشت ميركل مع روحاني الوضع في الإقليم بعد هجمات «أرامكو» ومستقبل الاتفاق النووي، وأشادت المستشارة بالبيان المشترك الصادر عن ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، بخصوص مسؤولية إيران عن الهجمات.
وأضافت ميركل أنه تم توضيح «أننا على قناعة بأن إيران تتحمل المسؤولية»، ولفتت إلى أن كلمتي «تتحمل المسؤولية» تم انتقاؤهما بشكل مقصود للغاية، طبقاً لوكالة الأنباء الألمانية.
وذكرت ميركل أن المحادثات تضمنت أيضاً حرب اليمن وكيف يمكن «إحلال مزيد من السلام في هذه المنطقة».
وقال ماكرون أمس في أول تصريح للصحافيين: «لا بد من الجلوس مجدداً إلى الطاولة لإجراء محادثات صريحة وحازمة حول النشاط النووي، وحول ما تقوم به إيران في المنطقة، ونشاطاتها الباليستية، لكن أيضاً مع التسلح بمقاربة أوسع لماهية العقوبات. آمل بأن نتمكن من التقدم خلال الساعات القليلة المقبلة». وقال أيضاً: «أجريت نقاشاً مطولاً لساعة ونصف الساعة مع الرئيس روحاني، أتاح كما أعتقد فتح ثغرات، وهي دقيقة جداً». وتابع: «كان الاجتماع مباشراً جداً ودقيقاً. والوضع متوتر بعد الضربات. تصارحنا بشأن الأشياء المهمة وبحثنا خصوصاً في سبل ومقترحات حلول».
وأصر ماكرون على التمسك بالوساطة التي تتولاها فرنسا بين إيران والولايات المتحدة، محذراً من أنه «إذا لم نجد شروط التفاوض، فإننا نجازف بتصعيد وأقل استفزاز يمكن أن يؤدي إلى ردود فعل مفرطة». وأضاف: «رأيتم كيف أن الأيام التي تلت (هجمات 14 سبتمبر/ أيلول) لم تؤدِ إلى تصعيد، نجحنا بالحفاظ على نوع من الاستقرار. لكن أي حدث جديد يمكن أن يؤدي إلى تصعيد، هذا ما يتعين قطعاً تفاديه».
ويسعى الرئيس الفرنسي الذي يقوم بوساطة لجمع ترمب وروحاني في إطار العمل على تخفيف حدّة التوتر بين البلدين وفي منطقة الخليج بشكل خاص. وتحمس ترمب الشهر الماضي لمشروع ماكرون بشأن إمكانية اجتماعه بالرئيس الإيراني حسن روحاني في نيويورك، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن فرص اللقاء تضاءلت بعد الهجوم على منشآت أرامكو، التي تزامنت مع سجال داخلي إيراني حول لقاء روحاني وترمب.
وقبل لقاء روحاني بساعات، قال ماكرون: «الإيرانيون على طريق نحو تصعيد التوتر، وهذا خطأ استراتيجي بالنسبة لهم وللمنطقة ولأمنها الجماعي». وأضاف: «لكنّ شيئاً ما يمكن أن يحدث في نيويورك». وتابع: «إذا كان ترمب مقتنعاً فهو قادر على تغيير الأمور بسرعة. يقرّر بسرعة ووحده ويتمتّع بمنطق عملاني». وأوضح أن «الإيرانيين مرنون حول المعايير، وغير مرنين حول اللقاء الذي في نظرهم يجب أن يأتي في نهاية العملية في حين أن هدف الأميركيين هو أن يتمّ على الأجل القصير».
من الجانب الإيراني، أبدى الرئيس حسن روحاني استعداده لمناقشة إدخال تغييرات أو إضافات أو تعديلات محدودة على الاتفاق النووي. ونقلت رويترز عن روحاني قوله لوسائل الإعلام في نيويورك: «سأكون مستعداً لبحث إدخال تغييرات أو إضافات أو تعديلات محدودة على الاتفاق النووي حال رفع العقوبات».
ونقلت وكالة «فارس» الإيرانية لاحقاً عن برويز إسماعيلي مسؤول العلاقات العامة في مكتب الرئيس الإيراني، نفيه صحة ما أوردته وكالة «رويترز» عن روحاني.
وكانت الإدارة الأميركية رهنت في يوليو (تموز) أي مقترح من هذا النوع «يجب أن يأتي من المرشد الإيراني علي خامنئي»، وذلك رداً على إعلان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف استعداد إيران القبول مقابل تفتيش دائم للمنشآت النووية مقابل أن ترفع الإدارة الأميركية العقوبات عن إيران «بشكل دائم».
وجدد ظريف أول من أمس هذا المقترح ونقلت عنه مذيعة «سي إن إن» كريستيان أمانبور قوله إن روحاني مستعد للقاء نظيره الأميركي مقابل «قيام ترمب بما يجب القيام به». وأوضح أن «إيران ستوافق على تفتيش دائم مقابل رفع العقوبات».
وقال ظريف أمس رداً على سؤال حول إمكانية لقاء الرئيسين الإيراني والأميركي: «لم نتلقَ حتى الآن أي طلبات هذه المرة لعقد اجتماع، وأوضحنا أن مجرد تقديم طلب لن يفي بالغرض».
وفي المقابل، انتقد إيران بشدة البيان الأوروبي الذي حملها مسؤولية الهجوم على منشآت أرامكو. ونقلت «رويترز» عن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي قوله: «أظهر البيان أن الأطراف الأوروبية ليست لديها قوة أو قوة إرادة للتصدي للتنمر الأميركي». وأعربت الخارجية أيضاً عن «إدانتها الشديدة ورفضها الاتهام غير المسؤول لقادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا». وأضافت أنه «يشكل عملاً استفزازياً ومؤذياً». وشدد البيان على أن ميليشيا الحوثي المتحالفة مع إيران «أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم».
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية نقلاً عن البيان الإيراني بأن ما ورد في بيان القادة الأوروبيين الثلاثة «بعيد عن الحقيقة». وحذر البيان من أن «على الدول الموقعة على هذا الإعلان أن تتحمل تداعيات هذه السياسة وتتحسب لنتائجها المضرة على السلام والاستقرار في المنطقة». وحملت بريطانيا وفرنسا وألمانيا إيران مسؤولية هجوم 14 سبتمبر (أيلول) على منشآت أرامكو، وطالبت طهران بالموافقة على محادثات جديدة مع القوى العالمية بشأن برامجها النووية والصاروخية وقضايا الأمن الإقليمي.
وفي مقابلة مع شبكة «إن بي سي» الأميركية أول من أمس، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إن ترمب «هو الشخص الوحيد الذي يستطيع إبرام اتفاق أفضل... أتمنى أن يتم التوصل إلى اتفاق ترمب».
ونقلت «رويترز» عن مسؤول خليجي رفيع المستوى طالباً عدم نشر اسمه، أنه ينبغي أن تشترك دول الخليج والولايات المتحدة والأوروبيون ودول أخرى في «دبلوماسية جماعية» لنزع فتيل التوتر. وأضاف: «ينبغي ألا يقتصر الحديث بعد الآن على الاتفاق النووي، وإنما أيضاً برنامج إيران الصاروخي وسلوكها في المنطقة، وهي أمور على القدر نفسه من الأهمية، إن لم تكن أكثر أهمية».
وجاء موقف الدول الأوروبية الثلاث في بيان مشترك عقب اجتماع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على هامش لقاءات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك أول من أمس. وذكر البيان المشترك أن «من الواضح لنا أن إيران تتحمل مسؤولية هذا الهجوم. لا يوجد أي تفسير معقول آخر. نحن نؤيد التحقيقات الجارية لتأكيد مزيد من التفاصيل».
لكن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في أول رد على البيان الأوروبي، رفض «اتفاقاً نووياً جديداً دون الالتزام بالاتفاق الراهن». وغرد على موقع «تويتر» للتواصل، رداً على البيان الثلاثي: «منذ مايو (أيار) عام 2018 (عندما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق)، فشلت الدول الثلاث في تنفيذ التزاماتها تجاه الاتفاق النووي». وقال إن «السبيل لمعالجة هذا العجز (الأوروبي) هي توفر الإرادة الشاملة لإيجاد طريق مستقلة وعدم التكرار الببغائي لمزاعم الولايات المتحدة الفارغة».
في الأثناء، رفض قائد «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي مسؤولية إيران عن هجوم أرامكو. وقال رداً على بيان الدول الأوروبية إنها «أظهرت حقيقتها ويتهمون إيران من دون وثائق ومستندات»، بحسب ما نقلت وكالة «إرنا». واعتبر سلامي البيان الأوروبي دليلاً على ما يقوله المرشد الإيراني حول «تشابه الأوروبيين والأميركيين» في مواقفهم من إيران قبل أن يقول إن «الأميركيين يعرفون أن الحوثيين من قام بذلك».
وتوعد رئيس هيئة الأركان الإيرانية، محمد باقري بـ«الدمار والأسر» لكل من يهاجم بلاده، وذلك في كلمة ألقاها أمام البرلمان الإيراني أمس. وقال إنّ «نتيجة كل عدوان ستكون بالتأكيد الدمار والأسر».
في موسكو، أكد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أن «الاتصالات موجودة مع شركائنا وأصدقائنا السعوديين، وأعتقد أننا سنعتمد على نتائج تحقيق موضوعي».
وفي حديث لوكالة «إنترفاكس» أوضح بوغدانوف: «لقد أكدت قيادتنا ضرورة إجراء تحقيق موضوعي ومحايد وجدي في هذه القضية».
من جانبه، وجه وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الشكر للبلدان الأوروبية على بيانها الذي وجه اللوم لإيران، قائلاً: «هذا سيعزز الدبلوماسية وقضية السلام».



قائد الجيش الإسرائيلي يأمر بالتأهب لمواجهة «هجوم إيراني محتمل»

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
TT

قائد الجيش الإسرائيلي يأمر بالتأهب لمواجهة «هجوم إيراني محتمل»

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025

قرر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، رفع مستوى التأهب لمواجهة أي هجوم إيراني مباغت، على الرغم من أن التقديرات تشير إلى «احتمالات ضعيفة للغاية».

وأوضحت مصادر أمنية مقربة منه أن التصريحات المتداولة في واشنطن وتل أبيب بشأن تصاعد التوتر واحتمالية شن هجوم أميركي على طهران لا تعكس بالضرورة قراراً وشيكاً.

وأضافت المصادر أن الرئيس جو بايدن وفريقه للأمن القومي ناقشوا مختلف الخيارات والسيناريوهات، بما في ذلك مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، لكن الرئيس لم يتخذ حتى الآن قراراً نهائياً بهذا الشأن.

وأفادت المصادر بأن بعض القوى في الجهاز الأمني الإسرائيلي ترى أن التغيرات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، عقب الضربات التي تلقتها إيران و«حزب الله» اللبناني و«حماس»، التي بلغت ذروتها بانهيار نظام بشار الأسد في سوريا، قد تدفع إيران لاتخاذ إجراءات انتقامية متطرفة ضد إسرائيل.

ومع ذلك، تؤكد التقديرات السائدة بين القيادات الأمنية في تل أبيب أن هذا الاحتمال لا يزال ضعيفاً للغاية. لكن، حرصاً على عدم وقوع مفاجآت، أصدر هيرتسي هليفي توجيهات باتخاذ تدابير احترازية صارمة، بما في ذلك رفع جاهزية سلاح الجو وقوات الدفاع الجوي للتعامل مع أي تطورات محتملة.

تحديات طهران

ويرى المؤيدون لاحتمالية قيام إيران بشن هجوم على إسرائيل في الوقت الراهن أن تدهور الأوضاع الداخلية في طهران يشكل دافعاً لمثل هذا التحرك. ويتجلى هذا التدهور في الانهيار الحاد لقيمة الريال الإيراني، وتصاعد الانتقادات للمسؤولين، وعودة بوادر الاحتجاجات الشعبية، بالإضافة إلى مشكلات التلوث وانقطاع التيار الكهربائي، والضغوط الأميركية المتزايدة. ومن المرجح أن تتفاقم هذه التحديات مع دخول الرئيس الجديد، دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض، مما يضع حكام إيران أمام تحديات إضافية.

ووفقاً لما نقله موقع «واللا» العبري، فإن ترمب، المعروف بسياساته غير المتوقعة، قد يتخذ خطوات مفاجئة من شأنها خلخلة التوازنات القائمة في المنطقة. وفي السياق ذاته، تناولت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، الأحد، هذا الموضوع، مشيرةً إلى أن هذه التحولات تصب في مصلحة إسرائيل، نظراً لدعم ترمب المطلق لها ورفضه القاطع السماح لإيران بتطوير قدراتها النووية.

في هذا السياق، أفادت مصادر أمنية في تل أبيب بوجود «قلق واضح» في إسرائيل والولايات المتحدة من احتمال أن تقدم طهران على اتخاذ «خطوة متطرفة»، رداً على الضربات التي تلقتها أو قد تتلقاها مستقبلاً، تتمثل في التوجه نحو تطوير تسلح نووي بوتيرة متسارعة. وترى تل أبيب وواشنطن أن من واجبهما التدخل بالقوة لمنع هذا السيناريو.

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش هيرتسي هليفي أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025

خيارات العمل العسكري

وفي تقرير نشره مراسل «أكسيوس» في تل أبيب، باراك رافيد، أشار إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن ناقش مع مستشاريه احتمالية شن هجوم أميركي على المنشآت النووية الإيرانية. وأوضح التقرير أن هذا الخيار سيصبح وارداً في حال توافرت معلومات تفيد بأن طهران بدأت بتحقيق تقدم سريع في تطوير أسلحة نووية، وذلك قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، مهامه الرسمية في البيت الأبيض في العشرين من الشهر الحالي.

وجاء في تقرير موقع «واللا» الإلكتروني، الخميس الماضي، أن مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، عرض على بايدن «قبل بضعة أسابيع» خيارات لشن عمل عسكري أميركي ضد المنشآت النووية الإيرانية، وذلك في حال تسارع النظام في طهران نحو تطوير أسلحة نووية قبل نهاية ولاية بايدن في 20 من الشهر الحالي، وفقاً لما نقل عن ثلاثة مصادر مطلعة.

وأشار التقرير إلى أن توجيه ضربة أميركية ضد البرنامج النووي الإيراني خلال فترة يعد فيها بايدن «بطة عرجاء» سيكون بمثابة مقامرة كبرى. فمن جهة، أكد الرئيس الأميركي التزامه بمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، لكن من جهة أخرى، فإن تنفيذ هجوم كهذا قد ينطوي على خطر نقل أزمة إقليمية أكبر في الشرق الأوسط إلى خليفته، دونالد ترمب.

وذكرت المصادر أن «بايدن وفريقه للأمن القومي ناقشوا خلال الاجتماع مختلف الخيارات والسيناريوهات، لكن الرئيس لم يتخذ قراراً نهائياً». وأضافت أن بعض مساعدي بايدن، ومن بينهم سوليفان، «يرون أن تآكل أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية والقدرات الصاروخية، إلى جانب الضعف الكبير لوكلاء إيران في المنطقة، قد يعزز فرص توجيه ضربة ناجحة ضد المنشآت النووية، مع تقليل مخاطر الانتقام الإيراني والتصعيد الإقليمي».

وقال الدبلوماسي السابق، داني زاكن، إن «ترمب، يبدو مصمماً على استعادة مكانة الولايات المتحدة كأكبر قوة عالمية. لا يبدو هذا التقدير بعيداً عن الواقع، حيث من المتوقع أن تكون ولايته هذه مختلفة تماماً عن (الولايات العادية) التي شهدتها إدارة الرؤساء الديمقراطيين ومعظم الجمهوريين، وأن التغييرات ستتم بسرعة أكبر وبعظمة أكبر من تلك التي حدثت في ولايته السابقة». وأضاف: «استناداً إلى محادثات أجريتها مع مسؤولين سابقين وآخرين في الإدارة المقبلة، ومع موظف كبير في البنتاغون، إضافة إلى مصدر سياسي إسرائيلي مطلع على الاتصالات مع كبار مسؤولي الإدارة الجديدة، تبدو الأمور أكثر من إيجابية لإسرائيل، ولديها طابع عملي للغاية».

وفيما يتعلق بإيران وإمكانية شن هجوم ضدها، قال زاكن إن هناك نيةً من الإدارة الجديدة لتوسيع وتطبيق العقوبات على صادرات النفط الإيراني إلى الصين، وهو المصدر الأساسي لتمويل النظام في طهران. ومع ذلك، من المحتمل أن يفضل ترمب خوض مفاوضات مع النظام الإيراني على أساس التهديد، بهدف التوصل إلى اتفاق يجبره على التنازل الكامل عن برنامجه النووي تقريباً.

وأضاف: «ترمب ليس من محبي الحروب، بل هو محب للصفقات الكبيرة، ومصمم على تنفيذها بسرعة». وذكر أيضاً: «ترمب يسعى لصفقة كبرى، شاملة، تقوم على أساس (صفقة القرن) من جوانب اقتصادية وأمنية. الرئيس الحالي ليس دونالد ترمب 2017، بل أصبح أكثر نضجاً بكثير، ويعرف خفايا الإدارة. على مدار سنوات إدارة بايدن، تابع عن كثب القضايا المركزية، خصوصاً القضايا الخارجية. وإذا كان قد احتاج إلى عامين في ولايته السابقة لتنفيذ التغييرات الكبرى في الشرق الأوسط، فسيتم ذلك الآن في بداية ولايته».

وحسب مصدر آخر نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن ترمب يسعى إلى اتفاق مع إيران، لكنه يعتمد على إسرائيل للضغط العسكري على طهران، بهدف تسريع تراجعها عن مطالبها السابقة والتوجه نحو اتفاق نووي يرضي جميع الأطراف.