موسكو تعلن نتائج تحقيقاتها حول استهداف «مسيّرات» لقاعدة «حميميم»

حذرت من زيادة «تسلل الإرهابيين» من سوريا والعراق إلى أوروبا

موظفة في وزارة الدفاع الروسية قرب «درون» استهدفت قاعدة حميميم الروسية في سوريا (أ.ب)
موظفة في وزارة الدفاع الروسية قرب «درون» استهدفت قاعدة حميميم الروسية في سوريا (أ.ب)
TT

موسكو تعلن نتائج تحقيقاتها حول استهداف «مسيّرات» لقاعدة «حميميم»

موظفة في وزارة الدفاع الروسية قرب «درون» استهدفت قاعدة حميميم الروسية في سوريا (أ.ب)
موظفة في وزارة الدفاع الروسية قرب «درون» استهدفت قاعدة حميميم الروسية في سوريا (أ.ب)

أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس، نتائج تحقيقاتها حول هجمات الطائرات المسيرة التي استهدفت قاعدة «حميميم» بكثافة خلال الشهور الماضية، وكشف الناطق باسم الوزارة إيغور كوناشينكوف، أن تجهيز وتسليح «الدرونات» تطلب «قدرات فنية وخبرات معقدة»، ملمحاً إلى تلقي مسلحي المعارضة السورية دعماً تقنياً واسعاً من جانب أطراف لم يحددها.
وعرضت الوزارة بعض الطائرات المسيرة التي تم إسقاطها أو التحكم بها قبل أن تصل إلى أهدافها، وأعلنت نتائج التحقيقات التي أجرتها لتحديد آليات عمل الطائرات المستخدمة ومصادر تسليمها إلى المعارضة السورية.
وأضاف الناطق العسكري، وهو يعرض أمام الصحافيين قطعة من إحدى هذه الطائرات التي تم إسقاطها أخيراً عند اقترابها من القاعدة الروسية: «هذا خطير جداً». مشيراً إلى أن «المظهر الخارجي لهذه الطائرات يبدو بسيطاً وغير جذاب، إلا أن الذين صمموها، استخدموا حلولاً تقنية معقدة تتطلب مستوى تعليمياً متخصصاً».
وزاد: «على أحد هذه الأجهزة القتالية، تم تركيب منظومة توجيه للملاحة وثلاثة هوائيات وأجهزة لتعليق الذخيرة. وعلى جهاز آخر، تم تركيب محرك يعمل بالبنزين مع خزان وقود عادي سعة 5 لترات». لافتاً إلى أن «أكثر ما يثير الاهتمام، الآلية المخصصة لرمي الذخيرة، فعند الاقتراب من النقطة المحددة للقصف، يتم دفعها وإسقاطها من ارتفاع 1.5 - 2 كيلومتر».
ووفقاً لكوناشينكوف فإن «الأجهزة المستخدمة في الهجمات تم تجميعها على طرازات الطائرات الخفيفة الموجهة، لكن أضيفت إليها أنظمة ملاحة، وأجهزة معقدة للتحكم في التوجيه وتفجير الذخيرة». مشدداً على أنه «تمت مساعدة الإرهابيين من الخارج من جانب أطراف لديها هذه الخبرات المعقدة». ووفقاً لنتائج الفحوص التي جرت فإن الطائرات من دون طيار يمكنها أن تقطع مسافة تصل إلى 150 كيلومتراً على ارتفاع يصل إلى 4 آلاف متر.
وكانت قاعدة «حميميم» تعرضت لسلسلة هجمات مكثفة خلال الشهور الماضية، استخدمت فيها الطائرات المسيرة والقذائف الصاروخية والمدفعية. ووفقاً لبيانات وزارة الدفاع، فقد تعرضت القاعدة إلى أكثر من 40 هجوماً خلال الفترة منذ أبريل (نيسان) الماضي. واتهمت الخارجية الروسية في وقت سابق «أطرافاً غربية» بمساعدة المسلحين على تطوير تقنيات الطائرات من دون طيار.
من جانب آخر، أعلن رئيس الشرطة العسكرية الروسية في سوريا العقيد ألكسندر بيزكلوبوف، أن وحدات الشرطة العسكرية الروسية العاملة على خط ترسيم الحدود بين أطراف النزاع في مرتفعات الجولان، كثفت دورياتها لضمان الأمن والاستقرار في محافظة القنيطرة السورية.
وزاد أنه «بعد طرد التنظيمات المسلحة من منطقة القنيطرة وتسلم الشرطة العسكرية الروسية، مهامها في المنطقة، برز تحول واسع على الأرض، انعكس على عودة جزء من سكان المنطقة وانطلاق عمليات ترميم المنازل التي تضررت من الأعمال العسكرية أو تشييد منازل جديدة».
وأوضح بيزكلوبوف أنه «في كل نقطة مراقبة روسية، يعمل العسكريون الروس على مدار 24 ساعة لضمان وقف إطلاق النار ورصد الصواريخ التي تطلقها إسرائيل على الأراضي السورية». كما أعلن نائب قائد القوات الروسية في سوريا أن الشرطة العسكرية الروسية أمنت وصول قوات الأندوف إلى مرتفعات الجولان عبر الأراضي السورية لأول مرة منذ اندلاع النزاع السوري.
على صعيد آخر، أعلن مدير قسم التحديات الجديدة والتهديدات، بوزارة الخارجية الروسية، فلاديمير تارابرين، أن «تسلل الإرهابيين الأجانب من سوريا والعراق إلى بلدان ومناطق أخرى تحول إلى ظاهرة تنمو بشكل متزايد».
وأوضح في حديث أمس إلى وسائل إعلام، أن «انتقال الإرهابيين الأجانب من سوريا والعراق إلى بلدان ومناطق أخرى، بما في ذلك المناطق التي يصعب الوصول إليها في منطقة الصحراء والساحل، إلى مالي والنيجر وبوركينا فاسو والكاميرون ونيجيريا والصومال، أصبح واضحاً بشكل متزايد. كما يهرب الإرهابيون إلى أفغانستان، حيث لا يزال هناك تهديد إرهابي كبير، بما في ذلك من جانب (الفرع) الأفغاني لتنظيم داعش تحت اسم (ولاية خراسان) وهي جماعة إرهابية خطيرة».
لكنه أكد في الوقت ذاته، على أن «سوريا تعود بشكل عام إلى الحياة السلمية. ويمكن الآن قول ذلك بكل تأكيد. طبعاً هناك صعوبات، والعملية تجري بشكل أبطأ مما نود، ولكن هذه العملية مستمرة وربما لا رجعة فيها. ومع ذلك لا يزال الوضع صعباً جدا في بعض أنحاء هذا البلد».
وأشار الدبلوماسي الروسي إلى أنه من بين نحو 3 آلاف مقاتل كانوا ينتمون إلى تنظيم داعش، تم تسجيل انتقال نحو 1500 منهم إلى جنوب شرقي سوريا وإلى منطقة خفض التصعيد في إدلب، فيما عاد الآخرون إلى أماكن إقامتهم الدائمة أو تفرقوا كنازحين إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية. وكانت الخارجية الروسية أعلنت في وقت سابق أن معطياتها تشير إلى أن «العدد الإجمالي لعناصر تنظيم داعش ومؤيديهم في سوريا يبلغ نحو 3 آلاف شخص».
في شأن متصل، أعلنت المتحدثة باسم لجنة التحقيقات الروسية سفيتلانا بيترينكو، أن نحو 800 طفل روسي يمكن أن يتواجدوا في مخيمات للإرهابيين في الشرق الأوسط. وأوردت بيترينكو أن المشاركين في اجتماع حول البحث عن قاصرين مفقودين، عقده رئيس اللجنة ألكسندر باستريكين، ناقشوا أيضاً «موضوع إعادة الأطفال الموجودين في مخيمات الإرهابيين في الدول المختلفة». وأضافت أن «ثمة معلومات تفيد بأن قرابة 800 طفل روسي يمكن أن يتواجدوا في مثل هذه المخيمات في منطقة الشرق الأوسط».
وأوضحت أن السلطات الروسية تبذل منذ عام 2017 جهوداً لإعادة الأطفال الذين أخرجهم ذووهم من البلاد إلى مناطق سيطرة تنظيم داعش، مشيرة إلى أنه «بفضل هذه الجهود، عاد عشرات الأطفال من سوريا والعراق إلى عوائلهم في روسيا وكازاخستان وأوزبكستان».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.