انسداد الأفق السياسي في إسبانيا يدفع نحو انتخابات جديدة

توقعات بتراجع المشاركة في الاقتراع بنسبة 12 %

رئيس الحكومة بيدرو سانتشيز يرد على أسئلة النواب في البرلمان الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة بيدرو سانتشيز يرد على أسئلة النواب في البرلمان الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)
TT

انسداد الأفق السياسي في إسبانيا يدفع نحو انتخابات جديدة

رئيس الحكومة بيدرو سانتشيز يرد على أسئلة النواب في البرلمان الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة بيدرو سانتشيز يرد على أسئلة النواب في البرلمان الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)

يعود الإسبان، للمرة الرابعة في أقلّ من أربع سنوات، إلى صناديق الاقتراع في العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل لانتخاب برلمان جديد يُخرج البلاد من الأزمة السياسية التي تتخبّط فيها بسبب عجز الأحزاب عن تشكيل تحالف يضمن الحد الأدنى من الاستقرار للحكومة حتى نهاية الولاية التشريعية.
أربع سنوات من حكومات تصريف الأعمال والحكومات العاجزة عن الاستناد إلى أغلبية برلمانية كافية لتنفيذ برنامجها، ما يضفي على هذه الانتخابات المقبلة طابعاً استثنائياً من حيث تأثيرها على النظام الدستوري الإسباني، وعلى التحديّات السياسية والاجتماعية الكبرى التي تواجه المجتمع الإسباني منذ سنوات، وفي طليعتها الأزمة الانفصالية في كاتالونيا.
لا شك في أن منظومة المؤسسات التي انبثقت عن دستور العام 1978 مع عودة الديمقراطية، قد أظهرت قدرة فائقة على استيعاب الأزمات الكثيرة التي واجهتها إسبانيا في السنوات المنصرمة وتمكّنت من معالجتها من غير تأثير يذكر على صلابة النظام الديمقراطي ومناعته. لكن الضرر الذي قد تُلحقه الانتخابات المقبلة بالمؤسسات الدستورية الإسبانية قد يكون بالغ الخطورة من حيث انكشاف عجز الأحزاب السياسية عن إدارة هذه المؤسسات ومعالجة الأزمات في كنفها وبمقتضى قواعدها.
وتكشف الاستطلاعات الأخيرة أن الانتخابات المقبلة لن تسفر عن تغيير كبير في التوزيع الحالي لمقاعد البرلمان بين الأحزاب السياسية، ما يلقي على عاتقها مسؤولية مضاعفة لتشكيل تحالفات حكومية ثابتة بعد الفشل الذريع الذي أظهرته في السنوات الماضية، وما تولّد عنه من شلل مديد في عمل المؤسسات وارتفاع منسوب الإحباط والاستياء في أوساط المواطنين من أداء الطبقة السياسية.
لكن هذه الاستطلاعات تكشف أيضا أن الانتخابات المقبلة قد تحطّم كل الأرقام القياسية السابقة من حيث تدنّي نسبة المشاركة التي يرجّح أن تتراجع بنسبة 12 في المائة عن الانتخابات الأخيرة التي أجريت أواخر أبريل (نيسان) الفائت. وقد تتراجع هذه النسبة أكثر في حال عودة الأحزاب السياسية إلى نفس النمط الذي اعتمدته في الحملة الانتخابية الماضية، والذي تميّز بالتركيز على مثالب الخصوم ومساوئهم عوضاً عن الترويج للبرنامج الذاتي وطرح الأفكار التي يتضمنها والحلول التي يقترحها.
نسبة الاستياء من العودة إلى صناديق الاقتراع تتجاوز 90 في المائة بين المواطنين، وتسجّل أرفع مستوياتها في صفوف اليسار الذي شارك بكثافة في الانتخابات الأخيرة، مدفوعاً بتعبئة واسعة لمنع تشكيل حكومة يمينية يشارك فيها اليمين المتطرف للمرة الأولى منذ نهاية الديكتاتورية. ولا شك في أن ارتفاع الاستياء في صفوف اليسار من العودة إلى صناديق الاقتراع، يعود إلى فشل الأحزاب اليسارية في التوصل إلى تشكيل تحالف حكومي بدا شبه محتوم وبديهيّاً بعد الانتخابات الأخيرة.
ويُظهر استطلاع نُشر أمس الأحد أن شعبية الحزب الاشتراكي قد ترتفع بنسبة ضئيلة في الانتخابات المقبلة على حساب حزب «بوديموس» الذي كان مفترضاً أن يكون شريكه في التحالف الحاكم الذي لم يشهد النور بسبب من الخلافات الشخصية العميقة بين الزعيم الاشتراكي ورئيس الوزراء بيدرو سانتشيز وزعيم «بوديموس» بابلو إيغليزياس الذي اتّهم سانتشيز بالكذب بعد أن قال هذا الأخير إن النوم كان سيفارقه لو قبل بالشروط التي كان يطالب بها إيغليزياس. كما يُظهر الاستطلاع أن الحزب الشعبي، الذي مُني بخسارة كبيرة في الانتخابات الأخيرة، قد يستعيد قدراً ملحوظاً من شعبيته يمكن أن يصل إلى 5 في المائة، على حساب حزب «مواطنون» الوسطي، مع تراجع في شعبية حزب «فوكس» اليميني المتطرف الذي دخل البرلمان الإسباني للمرة الأولى في الانتخابات الأخيرة.
العِبرة الأساسية التي تُستخلَص من هذه الاستطلاعات، ومن نتائج الانتخابات العامة في السنوات المنصرمة، هي أن الإسبان لا يرغبون في العودة إلى الثنائية الحزبية التي سادت ثلاثة عقود تقريباً منذ عودة النظام الديمقراطي، وأن التغييرات الاجتماعية التي شهدتها إسبانيا في السنوات المنصرمة كانت من الكثافة بحيث تولّد منها واقع جديد ترك تداعيات عميقة على النظام السياسي. لكن إصرار الأحزاب السياسية على تجيير المسؤولية للمواطنين، بدفعه مرة غبّ المرّة إلى صناديق الاقتراع سعياً وراء أغلبية حاكمة تعجز الطبقة السياسية عن تشكيلها، من شأنه أن يخصّب التربة الاجتماعية أمام التيّارات الشعبويّة واليمينية المتطرفة التي تنمو وتزهر بسرعة في المحيط الأوروبي.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».