تشكيل اللجنة الدستورية يخرج الخلافات الكردية في سوريا إلى العلن

مشاركة المجلس الوطني الكردي... وإقصاء الاتحاد الديمقراطي و«حركة المجتمع»

TT

تشكيل اللجنة الدستورية يخرج الخلافات الكردية في سوريا إلى العلن

تعوّل الأمم المتحدة على تشكيل اللجنة الدستورية التي تأمل من خلالها إيجاد تسوية للنزاع الدائر في سوريا منذ 8 سنوات، لكنها أخرجت الخلافات الحزبية الكردية من عنق الزجاجة، ففي الوقت الذي يشارك «المجلس الوطني الكردي» المعارض عبر شخصيتين في تشكيلة اللجنة ضمن قائمة المعارضة؛ استُبعد حزب «الاتحاد الديمقراطي» و«حركة المجتمع الديمقراطي» أحد أبرز الجهات السياسية التي تدير مناطق شمال شرقي سوريا والإدارة الذاتية المُعلنة منذ 2014.
وأصدر ثلاثون حزباً وجهة سياسية من «الإدارة الذاتية لشمال وشرق» سوريا بياناً يوم أمس، قالوا فيه «إن الأطراف التي توصلت إلى هذه الرؤية ليست أطرافاً سورية وإنما أطراف روسية - تركية - إيرانية، تسعى إلى إيجاد حل سياسي مبني على مصالحها، وليس على أساس أهداف ومطالب الشعب السوري»، في إشارة إلى اجتماع دول ضامني مسار آستانة بالعاصمة التركية أنقرة منتصف الشهر الحالي. وترى هذه الأحزاب غياب طرف سوري رئيسي يُعد رقماً مهماً في المعادلة العامة وفي حلِّ أزمتها وكتابة دستورها المستقبلي، «متمثلة بالإدارة الذاتية و(مجلس سوريا الديمقراطية)، وبما أنه يتم استبعاد وإقصاء هذا الطرف من المشاركة يؤكد لنا أن اللجنة المشكلة لا تمثل جميع الأطراف السورية، وإنما تقوم على بعض الأطراف التي يتم تسييرها من قبل دول آستانة».
ولدى تعليقه على استبعاد حزب «الاتحاد الديمقراطي» وممثلي الإدارة الذاتية عن اللجنة الدستورية، يقول شاهوز حسن الرئيس المشترك لحزب الاتحاد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأن استبعاد أكراد سوريا من هذه المحادثات مرده التعصب القومي والذهنية السلطوية «لدى تركيا والنظام السوري، فإذا أردنا تحقيق سلام مستدام وحلاً سياسياً حقيقياً يرضي جميع الأطراف، فعلينا تجاوز هذه العقلية؛ لأنها جذر المشكلة»، مشدداً على أن الكرد متحالفون مع كل المكونات من العرب والسريان والآشوريين والتركمان والشركس بالإدارة الذاتية؛ «لذا يجب أن يكونوا ممثلين في جميع المحادثات الدولية الخاصة بالأزمة السورية باسم المشروع الديمقراطي الذين يمثلونه على الأرض». ولفت حسن أنه في حال تمت صياغة الدستور بهذه التشكيلة ستكون ناقصة وهشة بعيداً عن آمال وطموحات الشعب السوري بجميع مكوناته نحو الحرية والتغيير. وأكد أن «أي دستور ينتج من أعمال هذه اللجنة لن نعترف به، باعتباره لا يمثل جميع السوريين؛ لذا نطالب الأمم المتحدة بضرورة تمثيلنا في المفاوضات السورية وتمثيلنا في جميع اللجان المعنية».
ويعزو مراقبون ومحللون للشأن الكردي في سوريا، إبعاد أحزاب وكيانات كردية بارزة من اللجنة الدستورية، إلى انقسام الشارع السياسي الكردي وعدم اتفاق حركته السياسية على ترتيب البيت الداخلي في مواجهة هذه الاستحقاقات، إلى جانب تأثر أبرز أقطابها بالتدخلات الإقليمية والدولية في الشأن الداخلي السوري، وبخاصة في تشكيلة اللجنة الدستورية.
غير أن المعارض الكردي فيصل يوسف، المنسق العام لـ«حركة الإصلاح» المنضمة إلى المجلس الوطني الكردي، أكد لـ«الشرق الأوسط» من القامشلي، بأن «المجلس ممثل في اللجنة الدستورية منذ بداية تشكيلها»، وإذا باشرت اللجنة الدستورية عملها «سنعمل على تثبيت حقوق الشعب الكردي دستورياً، واعتبار سوريا دولة ديمقراطية متعددة الأديان والقوميات». ويضيف: «نتطلع أن تكون سوريا المستقبلية دولة اتحادية علمانية تضمن حقوق الشعب الكردي وباقي المكونات، وإيجاد حل عادل للقضية الكردية باعتبارها وحدة جغرافية سياسية موحدة».
ويتابع فيصل يوسف: «ارتكزت الثورة السورية على مبادئ أساسية، أبرزها تغير بنية النظام الحاكم إلى نظام ديمقراطي تعددي يضمن حقوق جميع المكونات، وبالنسبة لأكراد سوريا نرى ضرورة تثبيت حقوقنا دستورياً».
وتقول الأحزاب السياسية الكردية، إن نسبتهم تشكل نحو 12 في المائة من التعداد السكاني العام (23 مليون نسمة قبل 2011)، وقد عانوا على مدى عقود طويلة من التهميش والتمييز القومي. وتتوزع جماعاتها بين 3 أطر رئيسية؛ أولها: «حركة المجتمع الديمقراطي»، ويعد حزب «الاتحاد الديمقراطي» أحد أبرز الأحزاب التي أعلنت الإدارة الذاتية بداية 2014 في 3 مناطق يشكل فيها الأكراد غالبية سكانية.
وتعد «وحدات حماية الشعب» الكردية جناحه العسكري. أما الإطار الثاني فيتمثل بـ«المجلس الوطني الكردي» المُشكل نهاية 2011، وهو منضم إلى «الائتلاف الوطني السوري» المعارض وعضو في «الهيئة العليا للتفاوض» المعارضة، ويمثل سياسياً قوة «بيشمركة روج أفا». أما التحالف الوطني الكردي فيشكل الإطار الثالث، وهو مؤلف من أحزاب وقوى سياسية مقربة من الإدارة الذاتية، في حين يعمل الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي خارج هذه الأطر.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».