غرينبلات يطلب من القادة الإسرائيليين ألا يفشلوا «صفقة القرن»

التقى غانتس ورفلين ونتنياهو وتحدث عن «فرصة تاريخية»

TT

غرينبلات يطلب من القادة الإسرائيليين ألا يفشلوا «صفقة القرن»

أكدت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس الثلاثاء، أن المبعوث الأميركي المستقيل لعملية السلام في الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، لم يخفِ قلقه على خطة «صفقة القرن» الأميركية للتسوية، وبدا أنه منزعج ليس فقط من الرفض الفلسطيني لها بل إنه يخشى أن يرفضها الإسرائيليون أيضاً.
وقالت هذه المصادر إن غرينبلات، الذي اجتمع يوم الجمعة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويوم الأحد مع الرئيس الإسرائيلي رؤوبين رفلين، واجتمع مساء الاثنين، مع رئيس حزب الجنرالات، «كحول لفان»، بيني غانتس، طلب من مضيفيه ألا يرفضوا «صفقة القرن»، وأبلغهم بقلق الرئيس دونالد ترمب «من أن يتسبب أصدقاء الولايات المتحدة بإفشال مشروعها للسلام».
وكان اللقاء مع غانتس، هو أول لقاء لمسؤول أميركي معه، رغم مرور 9 أشهر على ظهوره على الساحة السياسية الإسرائيلية، ومرور 5 أشهر على ظهوره كقائد لثاني أكبر الأحزاب. وجرى اللقاء في ضوء نتائج الانتخابات الإسرائيلية، التي أسفرت عن فوز حزب غانتس بالمكان الأوّل، قبل حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو.
وكشفت المصادر أن غرينبلات حرص في لقاءاته مع المسؤولين الإسرائيليين على التأكيد أنه يأخذ بالاعتبار وضع السياسة الإسرائيلية ورغبته في إعلان تفاصيل «صفقة القرن»، في توقيت مناسب لها، من دون التعطيل على مفاوضات تشكيل الحكومة. ولكنه في الوقت ذاته، لم يختر هذا الوقت للزيارة واللقاءات، صدفة، بل استهدف التأثير على المشهد السياسي في إسرائيل، والتأكد من أن تكون «صفقة القرن»، «جزءاً من الاتصالات لتشكيل الحكومة المقبلة»، ومحاولة منه لتحضير الأرضية لإعلانها وتقويض المعارضة لها.
وقد انتقد غرينبلات توجهات عناصر في اليمين الإسرائيلي الراديكالي، المتحالف مع حزب الليكود وعناصر من داخل الليكود، تحدثت ضد الصفقة وتداولت أفكاراً بأنها باتت في «وضع ميؤوس منه». وقال للمسؤولين الإسرائيليين إن هذه الخطة تعتبر فرصة تاريخية أمام إسرائيل عليها ألا تضيعها، لأنها لن تحصل على فرصة أفضل بوجود رئيس مثل ترمب في البيت الأبيض.
وذكرت صحيفة «معريب» العبرية، أمس، «حقيقة أن غرينبلات، الذي ينهي منصبه مبعوثاً للرئيس الأميركي في المنطقة، لم ينتظر حتى تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل، (ليزور إسرائيل)، ولا حتى معرفة من سيكون رئيس الحكومة المقبل، ليكشف يأس الإدارة الأميركية من فرص نجاح الخطة».
وأضافت الصحيفة أن غرينبلات لاحظ «كم أن (صفقة القرن) لا تثير اهتمام نتنياهو، ولا تظهر حتّى في قائمة مخاوفه، فيما بدا أن لغانتس سلّم أولويات مختلفاً لا توجد فيه «صفقة القرن»، حتى بالتلميح». وأكدت أن «نجاح نتنياهو في تشكيل حكومة يمينية، سيقضي على احتمالات (صفقة القرن) نهائياً، حتى قبل الإعلان عنها».
وكان مقرب من غانتس قد أكد أن غرينبلات بحث معه في الخطة الأميركية لتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأن الشعور الأساسي الذي خرج به هو أن غرينبلات «جاء في زيارة وداعية أكثر من أي شيء آخر».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.