محادثات روسية ـ بيلاروسية لإطلاق التكامل الاقتصادي

مع اقتراب الذكرى السنوية الـ20 لتوقيع اتفاقية تأسيسها

الرئيس الروسي يناقش الوضع الاقتصادي مع رئيس وزراءه قبل المحادثات مع بيلاروسيا.(أ.ف.ب)
الرئيس الروسي يناقش الوضع الاقتصادي مع رئيس وزراءه قبل المحادثات مع بيلاروسيا.(أ.ف.ب)
TT

محادثات روسية ـ بيلاروسية لإطلاق التكامل الاقتصادي

الرئيس الروسي يناقش الوضع الاقتصادي مع رئيس وزراءه قبل المحادثات مع بيلاروسيا.(أ.ف.ب)
الرئيس الروسي يناقش الوضع الاقتصادي مع رئيس وزراءه قبل المحادثات مع بيلاروسيا.(أ.ف.ب)

انطلقت في العاصمة الروسية موسكو، أمس، جولة من المحادثات الروسية - البيلاروسية، يمكن وصفها بأنها «الجولة التقنية الأولى» في إطار جهود صياغة «خريطة طريق» لإتمام التكامل الاقتصادي بين البلدين.
يأمل الجانبان في التوصل إلى نتائج إيجابية تساهم في إزالة جميع النقاط التي أثارت خلافات بينهما طيلة السنوات الماضية، وتقربهما من الارتقاء بالتكامل الاقتصادي حتى مستوى «اتفاقية الدولة الاتحادية» الروسية - البيلاروسية، التي وقّعها الجانبان منذ عقدين من الزمن، بهدف «خلق فضاء اقتصادي موحد لضمان التنمية الاجتماعية والاقتصادية، على أساس توحيد الإمكانات المادية والفكرية في البلدين، واعتماد آليات السوق في عمل الاقتصاد»، وفق ما جاء في الفقرة الثانية من نص الاتفاقية الاتحادية الروسية - البيلاروسية.
وقالت وكالة الأنباء الروسية «ريا نوفوستي» إن وفداً من وزارة الطاقة البيلاروسية وصل إلى موسكو، أمس الاثنين، لبحث مسائل تشكيل سوق موحدة في مجال الغاز والطاقة الكهربائية، في إطار «الدولة الاتحادية» الروسية - البيلاروسية. وقال مصدر مقرب من أجواء المحادثات، إن وفداً برئاسة وزير الطاقة البيلاروسي وصل إلى موسكو «لبحث التعاون مع روسيا في مجال الطاقة، وبصورة خاصة مسائل تشكيل سوق موحدة للغاز والطاقة الكهربائية في الدولة الاتحادية»، لافتاً إلى أن الجانبين سيبحثان أيضاً المسائل المتعلقة بصياغة خريطة طريق للتعاون في إطار جهود تعزيز التكامل الاتحادي بين البلدين.
وتشكل المحادثات الحالية ثمرة جهود لتذليل العقبات أمام التكامل الاقتصادي، انطلقت منذ نهاية العام الماضي، في أعقاب تجدد الخلافات بين البلدين على خلفية بدء العمل في روسيا بخطة «المناورة الضريبية للقطاع النفطي»، والتي تنص على تخفيض رسوم تصدير النفط الروسي الخام من 30 في المائة حتى «صفر» بحلول عام 2024، مقابل رفع ضريبة الإنتاج. حينها قالت ناتاليا إيسمونت، المتحدثة باسم الرئاسة البيلاروسية، إن بلادها ستخسر خلال 4 سنوات نحو 11 مليار دولار نتيجة تلك «المناورة»، لأنها تحرم بيلاروسيا بذلك من حصتها في الرسوم عن صادرات النفط الروسي عبر أراضيها، فضلاً عن أن رفع ضريبة الإنتاج سيعني زيادة أسعار صادرات النفط الروسي إلى السوق البيلاروسية. وأعاد ذلك الخلاف الحديث مجدداً حول ضرورة تنظيم التعاون التجاري والعلاقات الاقتصادية الثنائية، بما يتماشى مع روح الاتفاقية الاتحادية، وقوانين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، التي تضمن، بما في ذلك، أسعاراً موحدة على السلع، ورسوماً جمركية موحدة، للدول الأعضاء في الاتحاد.
وطيلة الفترة الماضية بحث الجانبان سبل تذليل العقبات التي تعترض التكامل الاقتصادي، وجرت محادثات ضمن فريق خاص تم تشكيله لهذا الغرض، فضلاً عن أكثر من جولة محادثات على مستويات رفيعة، لعل أهمها محادثات الرئيسين البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو والروسي فلاديمير بوتين، على هامش «منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي» في يوليو (تموز) الماضي. خلالها اقترح الرئيس البيلاروسي العمل على إزالة جميع القضايا الخلافية وإعداد برنامج استراتيجية عمل للتكامل، يتم عرضه في مطلع ديسمبر (كانون الأول) الذي يصادف الذكرى السنوية الـ20 لتوقيع «اتفاقية الدولة الاتحادية».
وشهدت موسكو يوم 6 سبتمبر (أيلول) الحالي محادثات بين رئيسي الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف والبيلاروسي سيرغي روماس، شكلت عملياً الخطوة التمهيدية الأخيرة أمام بدء العمل على صياغة خريطة طريق للتكامل بين البلدين. وأكد ميدفيديف في أعقاب المحادثات «الانتهاء من صياغة برنامج عمل تنفيذ الاتفاقية الاتحادية (الروسية - البيلاروسية) المبرمة عام 1999»، موضحاً أنه «يتعين على الجانبين بعد ذلك إعداد القوانين (الموحدة للبلدين) في جميع مجالات النشاط الاقتصادي، لا سيما في المجالات المالية والائتمانية والضريبية، فضلاً عن الجمارك والتنمية الرقمية والأتمتة، والسياحة». وشدد على ضرورة إنجاز هذه الوثائق حتى مطلع ديسمبر (كانون الأول) المقبل لعرضها على الرئيسين بوتين ولوكاشينكو.
وحسب تصريحات المسؤولين البيلاروس، فإن الوثائق التي يدور الحديث عنها تتضمن 28 خريطة طريق في شتى المجالات. وكان رئيس الوزراء البيلاروسي حريصاً على التأكيد أن المضي في التكامل الاقتصادي لن يمس «السيادة». وتنص «الاتفاقية الاتحادية» على تكامل بين البلدين في شتى المجالات وفق صيغة تشبه «الاتحاد الأوروبي»، حيث يتم تأسيس برلمان مشترك ومجلس قيادي مشترك للدولة الاتحادية، لكن دون المساس بسيادة أي من الدولتين.
منح الأولية لملف الطاقة في محادثات صياغة خطة التكامل بين روسيا وبيلاروسيا لم يكن عن عبث، ذلك أن هذا الملف يشكل عملياً مصدر الجزء الأكبر من الخلافات الاقتصادية بين البلدين، فضلاً عن ذلك؛ ينتهي العمل هذا العام باتفاقية أسعار الغاز الروسي للسوق البيلاروسية، ولا بد من صياغة اتفاقية جديدة. وكانت بيلاروسيا تحصل على الغاز الروسي عام 2019 بسعر 127 دولاراً لكل ألف متر مكعب.
ويطالب الرئيس البيلاروسي بتخفيض الأسعار لتصبح أقرب إلى السعر في السوق الروسية، وينطلق في ذلك من قوانين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، ونص الاتفاقية الاتحادية الروسية - البيلاروسية، وكلاهما يتحدث عن أسعار موحدة للسلع والخدمات داخل أسواق الدول الأعضاء. ويبدو أن التوصل إلى اتفاق حولها أولاً، ومن ثم حول النقاط الأخرى، سيحدد ما إذا كانت روسيا وبيلاروسيا ستتمكنان أخيراً من الانتقال إلى تطبيق نص «الاتفاقية الاتحادية» ضمن فعاليات الاحتفال بمرور 20 عاماً على توقيعها.



انطلاق «ملتقى السياحة السعودي 2025» بمشاركة أكثر من 100 جهة

جانب من «ملتقى السياحة السعودي 2025» بالرياض (الشرق الأوسط)
جانب من «ملتقى السياحة السعودي 2025» بالرياض (الشرق الأوسط)
TT

انطلاق «ملتقى السياحة السعودي 2025» بمشاركة أكثر من 100 جهة

جانب من «ملتقى السياحة السعودي 2025» بالرياض (الشرق الأوسط)
جانب من «ملتقى السياحة السعودي 2025» بالرياض (الشرق الأوسط)

استضافت العاصمة الرياض النسخة الثالثة من «ملتقى السياحة السعودي 2025»، بمشاركة أكثر من 100 جهة؛ حيث يقدم منصة شاملة لاستعراض أحدث المستجدات في القطاع، من خلال إبراز المشروعات الاستثمارية، وتطوير المهارات والقدرات، وبناء شراكات جديدة تسهم في دفع عجلة التنمية السياحية في المملكة.

ويسعى الملتقى، الذي يقام في الفترة من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الحالي، بالشراكة مع وزارة السياحة وهيئة السياحة السعودية وصندوق التنمية السياحي، إلى تقديم تجارب مبتكرة لزوّاره واستكشاف إمكانات الوجهات المتنوعة التي تتميز بها المملكة.

وأكد رئيس السياحة الداخلية في الهيئة، محمد بصراوي، خلال الكلمة الافتتاحية، أن قطاع السياحة يشهد مسيرة مستمرة من التقدم والنمو المتسارع، مع تحقيق أرقام قياسية وابتكار منتجات جديدة. وقال: «في عام 2023، احتفلنا بوصول عدد الزوّار إلى 100 مليون زائر للمملكة، وهو ما يتماشى مع طموحات (رؤية 2030) وتوجيهات ودعم قيادتنا الحكيمة».

وأضاف بصراوي أن النسخة السابقة للملتقى شهدت مشاركة أكثر من 28 ألف زائر من 100 جهة، وتم توقيع 62 اتفاقية، منها 9 اتفاقيات مع الهيئة السعودية للسياحة، إضافة إلى استحداث أكثر من 20 مبادرة ومنتجاً جديداً.

وأكد أن النسخة الحالية ستشهد مزيداً من الشراكات المثمرة والتسهيلات التجارية في قطاع السياحة، إلى جانب إطلاق حملات ترويجية دولية ومحلية لتعزيز مكانة المملكة بصفتها وجهة سياحية رائدة.

جناح صندوق التنمية السياحي في «ملتقى السياحة السعودي 2025» بالرياض (الشرق الأوسط)

من جانبه، قال المتحدث الرسمي للصندوق، خالد الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على هامش الملتقى، إن الصندوق يعمل على تنفيذ أكثر من 135 مشروعاً مؤهلاً في جميع أنحاء المملكة، تبلغ قيمتها الإجمالية أكثر من 40 مليار ريال. ما يُمثل إنجازاً كبيراً في غضون 4 سنوات فقط، مشيراً إلى أن من بين المشروعات التي تم العمل عليها إنشاء أكثر من 8800 غرفة فندقية، موزعة على مختلف المناطق، بما في ذلك أبها والباحة والطائف والعلا والمدينة المنورة، وليس فقط في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة والمنطقة الشرقية.

وأكد الشريف أن الاستثمارات السياحية في المملكة تستهدف جميع المدن والطموحات، مشدداً على أن هذه المشروعات هي البداية فقط مع دعم الدولة المستمر. ولفت إلى أن الصندوق يُركز على جذب الاستثمارات الأجنبية في القطاع السياحي، بالتعاون مع وزارتي الاستثمار والسياحة، ومن أبرز الأمثلة على نجاح هذه الجهود هو مشروع فندق «ريكسوس» في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، إضافة إلى مشروع «صندوق إنسيمور»، الذي يتضمن إقامة أكثر من فندق في مختلف مناطق البلاد.

وأشار الشريف إلى أن منطقة عسير تعد واحدة من أبرز المناطق المستهدفة في القطاع السياحي، نظراً لتنوع طبيعتها الجغرافية، موضحاً أن هذه المنطقة تستهدف السياح المحليين والدوليين في فصل الصيف، وأن إجمالي عدد المشروعات في المنطقة الجنوبية بلغ 15 مشروعاً، بقيمة إجمالية تصل إلى 2.6 مليار ريال، معرباً عن أهمية استمرار دعم الصندوق لهذه المشروعات، سواء من قِبَل الشركات التابعة لصندوق الاستثمارات العامة أو القطاع الخاص.

وتابع الشريف أن الاستدامة تُشكل أحد أبرز توجهات الدولة في القطاع السياحي، مع التركيز على مشروعات البحر الأحمر، التي تعد معياراً عالمياً في مجال الاستدامة، إضافة إلى الاهتمام بالحفاظ على الطبيعة في مناطق مثل عسير، خصوصاً فيما يتعلق بالشعاب المرجانية والجبال.

وأكد أن إشراك المجتمعات المحلية في هذه المشروعات يُعدّ عنصراً أساسياً في نجاحها، ومن أهم أهداف الصندوق في مختلف المناطق.

يُشار إلى أن «ملتقى السياحة السعودي» حقق إنجازات ملحوظة منذ انطلاقته، مسلطاً الضوء على التراث الثقافي الغني والمواقع السياحية المميزة في المملكة، مع المساهمة في تحقيق التزام مشترك نحو تطوير هذا القطاع الحيوي.

ويضم البرنامج مجموعة متنوعة من الندوات وورش العمل التي تُسلط الضوء على أحدث الاتجاهات والتطورات، ما يمكّن الحضور من التفاعل مع المتحدثين الرئيسيين وصناع القرار، إلى جانب تعزيز المهارات والقدرات المهنية لمتخصصي السياحة.