«نوت ذا أونلي وان»... نظام يجمع الذكاء الصناعي مع الفن

في معرض سياتل للفن، يستقرّ جسم ذهبي لمّاع على منصّة خشبية، ويدور الزوّار حوله لاستكشاف الثرثرة التي يصدرها. يحمل هذا الجهاز المطور في إطار مشروع مدعوم بتقنيات الذكاء الصناعي والتفاعل الصوتي اسمه «نوت ذا أونلي وان «Not the Only One (إنه ليس الوحيد)، وهو مصمم للتجاوب مع الأشخاص استناداً إلى محادثات أجرتها فنانة الوسائط المتعدّدة ستيفاني دينكينز مع خالتها وابنة أخيها.
خلال افتتاح المعرض، قالت دينكينز التي تعيش في بروكلين: «لا بدّ من أن أقول إن هذا التصميم لا يشبه أليكسا».

ذكاء صناعي
شعر بعض الزوّار بالانزعاج أثناء التفاعل مع الجهاز الذكي الذي لا يزال في المرحلة التجريبية له بحسب ما أفادت الفنانة، كونه يتجاوب بلغة غير مفهومة أو لا يتجاوب أبدأ في الأوساط الكثيرة الضجيج، ما تسبب في مشكلة كبيرة كون غالبية العروض التي ظهر بها كانت في معارض الجامعات مثل جامعة كارنيغي ميلون في بيتسبرغ، ومركز «ستوني بروك» البحثي في نيويورك منذ إطلاقه للمرّة الأولى في يناير (كانون الثاني) 2018.
عملت دينكينز لفترة طويلة في عالم الوسائط الرقمية والفيديو، إلّا أن «نوت ذا أونلي وان» كان إنجازها الأوّل لجهة ابتكار كيان يعمل بالذكاء الصناعي. وتركز الفنانة في عملها على أشخاص من أعراق مختلفة ومن مجتمعات مهمّشة لدمجهم في المحادثات القائمة حول التكنولوجيا، لا سيّما بعد أن أثبتت مجموعة كبيرة من الأبحاث أن القوة العاملة في عالم علوم الكومبيوتر تفتقر إلى التنوّع. اعتمدت دينكينز في مشروعها على تسجيل محادثات دارت بينها وبين عائلتها، وعمدت بعدها إلى حقن هذه المقابلات المسجّلة في برنامج رقمي مهمته إنتاج الإجابات.
خلال هذا المشروع، علمت الفنانة بعض الأشياء التي لم تفكر في السؤال عنها قبلاً عن عائلتها، كقدوم جدّها الأكبر وامتلاكه لمزرعة في جورجيا في أوائل القرن الماضي، وسبب هجرتهم من الجنوب إلى نيو جيرسي ونيويورك، بالإضافة إلى تفاصيل عن والدتها التي توفّيت عندما كانت صغيرة. خرجت دينكينز بفكرة مشروعها الجديد بعد مشاهدتها لفيديو على يوتيوب عن «بينا 48» Bina48 وهو روبوت مدعوم بالذكاء الصناعي، يعتمد على مجموعة من المحادثات مع بينا روثبلات، الشريكة المؤسسة في منظمة «تيراسيم موفمنت» غير الربحية المعنية بمناصرة إطالة الحياة البشرية.
عندما شاهدت الفنانة فيديو «بينا 48» يحرّك وجهه بطريقة أشبه بالبشر، تفاجأت بكون هذا النوع من التقدّم التقني قد صُمم على هيئة امرأة داكنة البشرة، قائلة إن «هذا النوع من العروض في مجال التكنولوجيا لا يزال غير معتاد»، الأمر الذي حثّها سريعاً إلى السعي لدعم «بينا 48».
في مشروع «كونفرسيشنز وذ بينا» الذي قدّمته عام 2014، سجّلت دينكينز مقابلات مصوّرة مع الروبوت لمحاولة استنباط ما قد تعنيه عملية «قيام شريحة صغيرة من المجتمع بصناعة أنظمة بعيدة المدى سيكون لها تأثير على غالبية الناس على كوكب الأرض بطريقة أو بأخرى».

روبوت أسود
من هنا، بدأت الفنانة مشوار ابتكار نظام الذكاء الصناعي الخاص بها الذي يتمحور حول مذكرات عائلة أميركية أفرادها من أصحاب البشرة السوداء. في البداية، حاولت دينكينز ترميز «نات ذا أونلي وان» بنفسها، ولكنها اليوم تعمل مع مبرمجين آخرين، واحتفظت لنفسها بدور المنتج والمؤرّخ في المشروع.
تعتقد صاحبة المشروع أن الذكاء الصناعي، كغيره من الأنماط التقنية، سيصبح أخيراً قادراً على مساعدة البشر في فهم أنفسهم بشكل أفضل.
وترى دينكينز أن «أنظمة الذكاء الصناعي هي غالباً انعكاسات للأشخاص الذين يبتكرونها ويغذّونها بالمعلومات». هذا الأمر يعني أن البشر لا يزال أمامهم الكثير من العمل في عوالم محاربة التجاهل والانحياز لدى مبتكري أنظمة الذكاء الصناعي، وتصحيح الانحياز في البيانات التاريخية، وأخيراً، ابتكار أنظمة شفّافة ومتاحة للجميع». وتضيف دينكينز: «لأن الذكاء الصناعي يعد بالانتشار الواسع، علينا أن نفكر بهدوء وتمحيص، بما نريده حقاً من هذه الأنظمة وبما تحتاجه هي من البشر لتصبح إضافة إيجابية على بيئاتنا المدنية، والسياسية، والاجتماعية، والطبية، وحتى العائلية».
زار الفنان غريغ بيرس المعرض الذي يستضيف «نوت ذا أونلي وان»، ولكنه قال إنه لم يستطع إجراء محادثة كاملة معه، لا سيما أن النظام يتفوّه غالباً بسطور وكلمات مبهمة ودون معنى. رأى بيرس أن تصميم وعرض المشروع مميزان، ولكنه أمل أن يشهد عامل التفاعل الصوتي «تحسيناً لجهة تفاعله مع الناس».
وقبل مغادرته، كان بيرس قد سمع من المشروع الصغير جملة «شكراً لزيارتكم».
* «ذا سياتل تايمز» خدمات «تريبيون ميديا»