«تشابه أسماء» يفجر انقساماً بين جمهور عمرو أديب في مصر

البعض اعتبره «انتصاراً ضد شائعات الإخوان»

الإعلامي عمرو أديب
الإعلامي عمرو أديب
TT

«تشابه أسماء» يفجر انقساماً بين جمهور عمرو أديب في مصر

الإعلامي عمرو أديب
الإعلامي عمرو أديب

فجّر الإعلامي المصري عمرو أديب انقساماً بين جمهوره بعد إعلانه مساء أول من أمس، استضافة «محمود عبد الفتاح السيسي»، من دون الإشارة إلى هوية ومنصب الضيف، ما ترك المجال مفتوحاً أمام المواقع الإخبارية وبعض القنوات التلفزيونية ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي والمشاهدين للتّخمين بأن الضيف هو نجل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قبل أن يظهر لاحقاً مخالفاً توقعات مشاهديه، وليتبين أنّ ضيفه هو أحد ملاك سلسلة صيدليات جديدة أثارت جدلاً في مصر، وأنّ هناك فقط تشابه أسماء بينه وبين نجل الرئيس.
واستهل أديب حلقته بالحديث عن المظاهرات، محذّراً من تداعياتها السلبية على الاقتصاد. قبل أن يعرّف ضيفه لاحقاً بأنّه محمود حمدي عبد الفتاح السيسي، العضو المنتدب لصيدليات 19011. وأشار أديب إلى أنّ الإخوان استغلوا تشابه الأسماء من أجل إثارة الشّائعات لتقويض ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.
وثارت في الآونة الأخيرة تساؤلات عدة بعد قرار وزارة الصحة شطب سلسلة صيدليات شهيرة في مصر. ونفى ضيف أديب امتلاك الجيش لسلسلة صيدليات 19011. مضيفاً أنّ السّجل التجاري يؤكد ذلك.
وطلب الضيف من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي عدم الانسياق وراء «الادّعاءات المغرضة»، مشيراً إلى أنّ اسم الصيدلية استوحى من الخط الساخن الذي وضعته شركة الاتصالات المصرية على ذمة صيدلياتهم.
وتصدّر مساء أول من أمس، اسم محمود السيسي قوائم الموضوعات الأكثر تداولاً على «تويتر» و«غوغل» في مصر.
وكانت وسائل إعلامية وشخصيات تنتمي لتنظيم الإخوان، المصنف رسمياً جماعة إرهابية، سارعت إلى تداول ما قاله أديب ونشرت تنويهاً بأنّه سيستضيف ابن الرئيس، فقد استبق الإعلامي محمد ناصر والفنان خالد أبو النجا الحلقة بتوجيه انتقادات وتساؤلات حول الغرض من استضافة نجل السيسي.
وعقب انتهاء الحلقة، نشر أديب صورة من مسلسل «دموع في عيون وقحة» الذي يروي قصة الجاسوس «جمعة الشوان». كما أعادت نشرها زوجته الإعلامية لميس الحديدي، وحققت التغريدة انتشاراً واسعاً.
وانقسم الجمهور ما بين مؤيد ومعارض، فبينما يرى المؤيدون أنّ «أديب أوقع قنوات ومواقع تابعة لتنظيم الإخوان في الفخ وفضح أسلوبهم المتكرر في إصدار الشائعات عن مصر»، انتقد آخرون تصرف عمرو، بحجة أنّه لم «يكن دقيقاً في تعريفه للضيف، وتلاعب بالجمهور في برنامج إخباري مهم لا يستوعب الخداع الإعلامي». خصوصاً أنّ ظهور أفراد عائلة الرئيس السيسي يعدّ نادراً في الإعلام والمناسبات العامة، ما أثار اهتماماً لافتاً من قبل قطاع كبير من الجماهير بإعلان أديب عن اسم الضيف.
«الخدعة» التي نفذها أديب بإحكام عبر تأكيده «أيوه محمود عبد الفتاح السيسي»، لم تُربك المواقع والقنوات التابعة لتنظيم الإخوان فقط، بل أربكت المواقع الإخبارية الكبرى، التي نشرت أخباراً عن استضافة عمرو أديب لـ«نجل الرئيس السيسي»، قبل حذفها لاحقاً بعد ظهور الضيف المقصود وهو «محمود حمدي عبد الفتاح السيسي»، أحد ملاك صيدليات «19011» وليس نجل الرئيس.
وفي الوقت الذي احتفى فيه عدد كبير من الإعلاميين والصحافيين المصريين بـ«سبق» عمرو أديب، فإنّه تعرض لهجوم كبير من بعض الصحافيين وأساتذة الإعلام في مصر، وقال الدكتور د. إسماعيل إبراهيم مدير تحرير جريدة «الأهرام» السابق وأستاذ الصحافة في كلية الإعلام وفنون الاتصال بجامعة 6 أكتوبر، لـ«الشرق الأوسط» إنّ «تصرف عمرو أديب لم يكن مهنياً على الإطلاق، بعد استغلاله شغف الجمهور المصري بالتعرف على أفراد أسرة الرئيس السيسي، في وقت تشهد فيه البلاد زخما سياسيا وحملات إعلامية مكثفة ضد تنظيم الإخوان. واعتبر إبراهيم أنّ ما قام به أديب مخالف للمعايير المهنية وليس سبقا صحافيا أو إعلاميا، لأن السبق الإعلامي يتضمن كشف أسرار وشرح أمور غامضة لكنّه تلاعب بالأسماء، ولم يفصح عن هوية الضيف واستغل اسم نجل الرئيس.
واتهم إسماعيل عمرو أديب باتباع طرق «الصحافة الصفراء» التي تعتمد على التضليل، وقال: «هذا النهج اختفى تماما من الصّحافة الورقية بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي والصحافة الرقمية».
لكن الكاتب والباحث في شؤون الأمن القومي جمال طه كتب على صفحته على موقع «فيسبوك»: «الغاضبون من عمرو أديب لا بد أن يراجعوا أنفسهم، لأنّه يكفيه ما فعله أول من أمس، إن لم يحقّق أي شيء في حياته، اتركوا المهنية جانباً لأن كل الإعلام تقريباً من دون مهنية، وعمرو أديب أول إعلامي يحقق سبقاً بمنطق ذكي يناسب حرب الإعلام الضارية التي نواجهها، بل ويتفوق عليها». وغردت زوجته الإعلامية لميس الحديدي على صفحتها الرسمية على موقع «تويتر»: «ملعوبة يا مورا يا حريف».
فيما قالت الدكتورة ليلى عبد المجيد، العميد الأسبق لكلية الإعلام، جامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط» إنّ «تصرف عمرو أديب تم تفسيره وفق نمطين الأول أخلاقي، والثاني وفق ممارسة مهنة الإعلام بمفهوم الغاية تبرر الوسيلة، مشيرة إلى أن عمرو تعرض لانتقادات أخلاقية، بعدم توضيح مهنة وهوية الضيف لكشف أكاذيب الإخوان، بينما رأى الفريق الثاني أنّه حقق أهدافاً عبر تعمده الإثارة، وهي قضية خلافية وجدلية».
وترى عبد المجيد أنّ أديب «نجح في كشف كل أمور قضية الصيدليات التي كان يتردّد أنّها تابعة لإحدى جهات الدولة، ونجح في كشف تسرع وسائل الإعلام في الحكم على الأمور من دون تقصّي الحقيقة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».