الجطيلي لـ «الشرق الأوسط»: هدف الحوثيين استخدام الملف الإنساني أداة ضغط

المتحدث باسم «مركز الملك سلمان» أكد وجود فائض في التمويل الأممي للعام الماضي

الدكتور سامر الجطيلي (حساب جامعة القصيم في «تويتر»)
الدكتور سامر الجطيلي (حساب جامعة القصيم في «تويتر»)
TT

الجطيلي لـ «الشرق الأوسط»: هدف الحوثيين استخدام الملف الإنساني أداة ضغط

الدكتور سامر الجطيلي (حساب جامعة القصيم في «تويتر»)
الدكتور سامر الجطيلي (حساب جامعة القصيم في «تويتر»)

نفى المتحدث باسم «مركز الملك سلمان للإغاثة والإعمال الإنسانية»، الدكتور سامر الجطيلي، وجود أي نقص في تمويل الاحتياجات الإنسانية في اليمن، في معرض تعليقه على تصريحات رسمية لـ«برنامج الغذاء العالمي».
وأكد الجطيلي لـ«الشرق الأوسط» وجود فائض في التمويل في العام الماضي (2018)، متوقعاً أن يكون الحال كذلك بالنسبة للعام الحالي (2019)، في المناطق اليمنية كافة دون تمييز.
وكان «برنامج الغذاء العالمي» أعلن أنه استطاع أن يوزع المعونات على نحو 12.4 مليون شخص في مختلف المناطق اليمنية، خلال الشهر الماضي، من ضمنهم تسعة ملايين شخص في المناطق الخاضعة للميليشيات الحوثية، وهو أعلى رقم يصل إليه البرنامج في عدد المستهدفين منذ بدء الأزمة في اليمن.
وأثنى المتحدث باسم برنامج الملك سلمان على هذا الإنجاز، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا ما يهدف إليه العمل الإنساني ويهدف إليه (مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية) منذ إنشائه، ومن خلال عمله في اليمن، وهو الوصول إلى أكبر عدد من المحتاجين».
وتابع الجطيلي: «هذا الرقم المفترض أن نكون قد وصلنا إليه في السنوات الماضية لو كان هناك تيسير للعمل وتفعيل لمعايير الرقابة والمتابعة، وكذلك لو تمَّت إعادة النظر في الطرق التقليدية التي تعمل بها كثير من المنظمات، فضلاً عن إعادة النظر في آليات الوصول، والضغط على الميليشيات الحوثية بشكل مستمر ودائم من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من أجل الوصول إلى نتائج أفضل».
وأضاف: «نرى الآن وصول برنامج الغذاء العالمي إلى تسعة ملايين شخص في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، ويفرض المعايير التي يراها مناسبة من ناحية التأكد من شخصية المستفيد باستخدام البصمة البيولوجية».
وقال المتحدث باسم «مركز الملك سلمان»: «إن تطوير آليات العمل وكذلك الأخذ بزمام المبادرة واستخدام كل ما يمكن استخدامه من وسائل ضغط سواء من الجانب السياسي أو الجانب الإنساني يؤدي إلى نتائج أفضل على الأرض، وإلى تحسين الوضع الإنساني».
وأشار إلى أن الحاجة قائمة الآن لاستمرار المنظمات في أداء عملها، مع الحرص على التطوير والارتقاء للوصول إلى أعداد أكبر من المحتاجين، كما أشار إلى أن «مركز الملك سلمان» يستهدف أن يصل إلى أعداد أكبر، وأن يغطي اليمن بكل محافظاته، بغض النظر عمن يسيطر على الأرض.
وأكد الجطيلي أن «التمويل موجود، وهو أكثر مما تحتاج إليه المنظمات الدولية»، وقال: «لم يتم إنفاق كل التمويل في 2018، بل بقي منه فائض، وفي 2019 تمت تغطية نسبة كبيرة جداً من تمويل الاحتياج الإنساني».
وقال: «الكرة في ملعب المنظمات الإنسانية الأممية والدولية الآن للوصول إلى المحتاجين وتطوير العمل وآلياته، ومحاولة تغطية الفجوات والثغرات في العمل الإنساني ومعالجة الحالة الإنسانية العاجلة والطارئة، وصولاً إلى مرحلة التعافي المبكر وإلى مرحلة الاستدامة، وربما الدخول في بعض قطاعات التنمية في المناطق المستقرة في اليمن، حيث توجد نسبة كبيرة من المناطق آمنة مستقرة، مما يستدعي من هذه المنظمات أن تعمل على التغيير من نمط عملها وصولاً إلى مرحلة الاستدامة».
وأوضح الدكتور الجطيلي أن التمويل الذي يحصل عليه برنامج الغذاء العالمي، الذي غطى أكثر من 12 مليون شخص إلى الآن، منهم تسعة ملايين شخص في مناطق سيطرة الحوثيين، معظمه من دول تحالف دعم الشرعية.
وقال: «أكثر مَن أنفق على الملف الإنساني في اليمن هي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، واستمرار دعم برنامج الغذاء العالمي إنما يدل على عدم التمييز بين منطقة يمنية وأخرى، بغض النظر عن تبعيتها للشرعية أو الميليشيات الحوثية».
وأضاف: «تحسين الوضع الإنساني في اليمن هو الهدف من الشراكات لمركز الملك سلمان، ونشعر بنجاح كبير عندما يعلن أحد الشركاء، وهو (برنامج الغذاء العالمي) عن أنه وصل إلى 9 ملايين شخص في مناطق سيطرة الحوثيين، فهدفنا هو احتواء الأزمة الإنسانية في اليمن، والوصول إلى الإنسان اليمني في أي مكان».
واتهم الجطيلي الميليشيات الحوثية بأن هدفها «تجويع الإنسان اليمني، واستخدام الملف الإنساني أداة ضغط للوقوف ضد قرارات الأمم المتحدة والقرارات الدولية، وإعاقة عودة الحكومة الشرعية إلى ما كانت عليه قبل انقلاب الميليشيات».
وكان «برنامج الأغذية العالمي» التابع للأمم المتحدة أعلن، الجمعة، أن 12.4 مليون شخص في اليمن حصلوا على مساعدات غذائية خلال شهر أغسطس (آب)، وهو رقم قياسي لأنه يمثل المرة الأولى التي تصل فيها المساعدات للفئة المستهدفة بالكامل.
وذكر البرنامج أنه لا يزال يحتاج إلى 600 مليون دولار من المانحين لتقديم شحنات غذائية لليمن دون انقطاع خلال الأشهر الستة المقبلة، مشيراً إلى أن الحصص قد تتقلص اعتباراً من أكتوبر (تشرين الأول)، إذا لم يحصل البرنامج على تمويل.
وقال المتحدث باسم البرنامج، إيرفيه فيرهوسل، في بيان، إن «الأرقام الجديدة من دورة التوزيع لشهر أغسطس (آب) تشير إلى أن برنامج الأغذية العالمي وصل إلى عدد قياسي بلغ 12.4 مليون شخص ممن يعانون انعدام الأمن الغذائي، وهذا أكبر عدد نصل إليه على الإطلاق».
وأوقف البرنامج معظم المساعدات في العاصمة صنعاء يوم 20 يونيو (حزيران) بدافع القلق من عدم وصول المواد الغذائية لمستحقيها من خلال شريك محلي، إلا أنه أبقى على برامج التغذية للأطفال المصابين بسوء التغذية، وللحوامل والمرضعات.
واستأنف البرنامج توزيع المساعدات على نحو 850 ألف شخص بعد ذلك بشهرين في العاصمة بعد التوصل إلى اتفاق مع الحوثيين الذين يسيطرون على المدينة، وقال البرنامج آنذاك إنه سيلجأ لعملية تسجيل بالقياسات البيولوجية لتسعة ملايين نسمة يعيشون في مناطق تحت سيطرة الحوثيين.


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.