الشوفان وقهوة الشعير... بدائل لذيذة للطهي

الأردن في طريقه إلى الطبخ الصحي

الشوفان وقهوة الشعير... بدائل لذيذة للطهي
TT

الشوفان وقهوة الشعير... بدائل لذيذة للطهي

الشوفان وقهوة الشعير... بدائل لذيذة للطهي

تتجه الفنادق والمنتجعات في الآونة الأخيرة إلى البدائل الغذائية الصحية؛ حتى أن بعضاً منها يمنع منعاً باتّاً استخدام المُكمّلات المصَنعة.
وبالنظر إلى القانون الغذائي في الأردن فإنه يشدد على المعايير التي تتصل بالسلامة الغذائية وما تقتضيه من استخدام المكونات الطبيعية تماماً وتجنب الملونات الصناعية.
محمد فاروق - الشيف التنفيذي في فندق شيراتون عمّان النبيل؛ واحد من الطهاة الذين يفضلّون استخدام معززات النكهة الطبيعية عند تحضير الطعام أسوة بالأجداد؛ وكان من بين ما استخدمه منتجات طبيعية للمهندس عامر أبو ناموس؛ «توفرّ منتجات كهذه في السوق المحلية مدعاة للفخر والتشجيع؛ بعد أن تعودّنا على منتجات طبيعية لشركات تايلاندية أو إنجليزية». يقول لـ«الشرق الأوسط».
وبِعينٍ ناقدة وبعد التجربة؛ يذكر أن النكهة الطبيعية المُعدّة من الخضار «بديل مكعبات الدجاج» حظيت بإعجابه؛ حين أضافها إلى اللحوم والدجاج والصلصات؛ وكانت النتائج حسب رأيه ترقى إلى المستوى المطلوب؛ كما أنه أحبَّ طعم القهوة المُعدّة من الشعير؛ ناهيك عن خل التفاح الذي أضفى نكهة لطيفة إلى السلطات والطبخ.
طريقة الطهي تضمن النكهة الطيبة مع هذه المنتجات الصحية بحسب ما يخبرنا به فاروق في حال الالتزام بطريقة الاستخدام؛ والتي إذا ما شَابها خطأ فستكون النتيجة غير مقبولة.
ومن واقع خبرته فإن المعرفة تَختزل أي فجوة وبها سيتقبل الزبون المنتج؛ «فمن فينا لا يرّحب بالطعام المحضرّ من المكونات الطبيعية!»؛ مسدياً نصيحة سبق وأن تلقاها من أحد أساتذته «أنت بحاجة إلى تعليم زبونك»؛ مما يعني بحسب توضيحه أنه يقع على عاتق هؤلاء المُنتجين بذل جهد كبير في تدريب الفئات المستهدفة بشأن تبيان الفوائد وطرق الاستعمال؛ والتسويق الذكي بعيداً عن الأهداف التجارية؛ وشيئاً فشيئاً يمكن أن تتسع رقعة الانتشار لتشمل المنشآت السياحية.
للمرضى والأصحاء
رغبة عارمة تملّكت المهندس عامر أبو ناموس لابتكار منتجات طبيعية نالت موافقة واستحسان الجهات الرسمية؛ وقد بدأ طرف الخيط من السنوات التي عمل خلالها نائباً لرئيس قسم التغذية في المستشفى الإسلامي؛ حين كان يبثّ الكثير من المرضى شكواهم اليومية بخصوص عدم توفر بدائل غذائية صحية، كمرضى الضغط الذين يُمنعون من شرب القهوة؛ فقفزت إليه الفكرة «لماذا لا أبادر إلى إنتاج بدائل آمنة؟».
يقول خبير التغذية «فلسطيني الأصل» في حديث مع «الشرق الأوسط» إن مشكلة إعراض الناس عن تناول البدائل الصحية وضعته أمام تحدٍ حقيقي يكمن في إنتاج بدائل طبيعية لا يُضاف إليها أي مواد حافظة وفي الوقت نفسه يصحبها طعم لذيذ، ساعياً إلى إزالة فكرة راسخة تروّج لصالح المنتج غير الصحي وما فيه من لذة لا تقاوم؛ في حين أن المنتج الصحي قادر على منح تلك اللذة؛ وهو الأولى بالثقة وفقاً له.
ويتابع حديثه بالقول: «أرّقني تذمر المرضى من حرمانهم لبعض الأطعمة؛ في تلك الآونة كان نداء في داخلي لا يسكت يخبرني أن الله أوجد الدواء قبل الداء، ومن هنا قررت تكريس وقتي لأغير نمط حياتهم؛ وكل همّي أن آخذ بيدهم إلى الشفاء، وأن ينعم الأصحاء بمعيشة لا مرض فيها». وعلى سيرة الأصحاء يقول م. أبو ناموس إن الناس عموماً يمكنهم الاستفادة من خصائص منتجاته؛ ففي العصر الحديث صاروا عرضة للكثير من الأمراض بسبب الهوس بالطعام المُصنّع والمعلَبات والوجبات السريعة؛ مما جعل توفير بدائل غذائية تحمي صحتهم وتكون أسلوب حياة حاجة مُلّحة؛ حسب تعبيره.
وبنبرة أسف يحكي «من المحزن أن نترك مكونات أصيلة مثل زيت الزيتون ونستخدم عوضاً عنها الزبدة المُهدرجة».
تستهدف مؤسسته بالدرجة الأولى ربات البيوت؛ فـ«المرأة صاحبة القرار في المطبخ ودورنا أن نعلّمها طرق استخدام البدائل بحيث تطهو لعائلتها بطريقة صحية وبنكهة رائعة».
وبحسب أبو ناموس فإن منتجاته تنطلق من نهج علمي دقيق ومدروس؛ مع الحرص على التعاون مع مصانع تنتج وفق المعايير المهنية بأعلى جودة ووفق المواصفات؛ بعيدا عن المشاريع التي تستهدف الربح؛ مثمناً تقدير ودعم الجهات الرسمية مثل وزارة الزراعة ونقابة المهندسين الزراعيين لجهوده.
لا سموم ممتعة
نُورد إليكم مميزات بعضٍ من منتجاته:
بديل مكعبات الدجاج «ناترافيج»: مكث م. عامر ثلاث سنوات في العمل على إنتاجه؛ كونه يدخل في الاستخدام اليومي؛ مع تأكيده على أنه المنتج الوحيد في الأردن الخالي من الملح الصيني؛ وهو مادة ضارة تحتوي على سموم تعرف بـ«جلوتومات الصوديوم» توجد في المنتجات الرائجة.
يتميز هذا المنتج بخلوه من الدهون والزيوت المهدرجة؛ ويوضع عادة في بداية الطهي على الحساء والكبسة وغيره، ولا داعي لإضافة البهار، لأنه في الأساس يحتوي على بهار وخضار؛ وقد حاز على إشادة من جرّبوه.
قهوة الشعير: تعد بديلا عن القهوة العربية؛ وتخلو من الكافيين وآمنة لمرضى الضغط وللأطفال، على أن يُضاف إلى كل لتر ماء معلقة هيل ومعلقتان من قهوة الشعير، وهي ممتازة للالتهابات خاصة الكلى كونها مدرة للبول، مع العلم أن الشعير مُكوّن مهدئ للجسم ويُعد من الأغذية الوظيفية.
التلبينة النبوية أو «طحين الشعير»: وهي بديل عن الطحين أو النشا أو الشوفان؛ وتحتوي على الألياف الخشبية علاوة على أنها مُشبعة، ويوصي خبير التغذية بإضافة التلبينة إلى الحلويات بمعدل 25 - 30 في المائة، ويحبذ إضافتها إلى الحليب للرضع بدءاً من سن 5 أشهر فما فوق.
ويقول إن التلبينة سنة نبوية مهجورة مستدلا بقول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام: «التلبينة مجمّة لفؤاد المريض تذهب بعض الحزن»؛ فهي غذاء فعال في تهدئة النفس وعلاج الاكتئاب؛ وتجدي نفعاً مع القولون والإمساك؛ كما أنها ترفع المناعة في الجسم ومفيدة لمرضى السكري.
ويزيد بحديث نبوي آخر: «والذي نفسي بيده إنها تغسل بطن أحدكم كما تغسل إحداكن وجهها من الوسخ».
خل التفاح: يُعدّ من المُكمّلات الغذائية الطبيعية، ويمكن استخدامه في السلطات والدجاج واللحم والصُوص؛ مستشهدا بالحديث النبوي: «نِعم الإدام الخل»؛ فقد ثبت علميا عِظم فائدته لمرضى الكولسترول. إذن من الواضح احتذاؤه بالنظام الغذائي لسيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام الذي عرُف عنه تناول العسل والتلبينة؛ ومن جهة ثانية يظهر تمسكه بتراث الأجداد عبر تحضيره بأجود الطرق الزعتر الأخضر المضاف إليه السماق والسمسم؛ وغيره من المنتجات الشعبية.
سألناه عن بعض أفكار الطهي التي يقترحها من تلك البدائل بطرق سريعة؛ فعددّ منها: الكنتاكي الصحي والبطاطا المشوية والشيبس البيتي، ناصحاً بتحضير الصوص الصحي من كلٍ من التلبينة النبوية والخل الطبيعي وبدائل مكعبات الدجاج مع إضافة زيت زيتون.
ولا يدخر الرجل وسعاً في تنظيم ورشات العمل في الجمعيات والمراكز والمدارس وافتتاح بوفيهات للطعام الصحي وطرح أفكار متجددة للطهي؛ والمشاركة في المعارض والأيام العلمية، وكذلك في مهرجان التذوق الحسي للطبخ الصحي؛ إذ يشهد ذلك كله تفاعلاً ملحوظاً من الحضور؛ مؤكداً أنه لجأ إلى توزيع الاستبيانات للتحقق من آراء الفئات المستهدفة في الطعام المطهي بهذه المنتجات فكانت النسبة الأكبر راضية وراغبة بتجريبه.
وعلى ما يبدو أن النَفس الطويل مطلوبٌ في رحلته؛ فالمطاعم والمستشفيات لم تتعاط بعد مع منتجاته؛ معقباً: «غالبيتها تميل إلى شراء المنتج الأرخص والكمية الأوفر».
وعن المنتجات التي يعكف على اختبارها لتخرج قريباً إلى النور؛ قال إن تركيزه سينصّب على السكر والملح، وسيتجه إلى إنتاج مخبوزات يومية تكون بديلا عن الكعك؛ معرباً عن أمله بالتغلب على المعوقات المادية واللوجيستية التي تحول دون تطور المشروع وانتشاره بالسرعة المطلوبة ليصل إلى مختلف شرائح المجتمع.



الشيف أميرة حسن تجمع أطباق السعودية ومصر بـ«الحب»

الشيف المصرية أميرة حسن (الشرق الأوسط)
الشيف المصرية أميرة حسن (الشرق الأوسط)
TT

الشيف أميرة حسن تجمع أطباق السعودية ومصر بـ«الحب»

الشيف المصرية أميرة حسن (الشرق الأوسط)
الشيف المصرية أميرة حسن (الشرق الأوسط)

منذ طفولتها ارتبطت شيف أميرة حسن، بالمطبخ الشرقي عامةً. فما بين مولدها ونشأتها في المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى إرثها الغذائي القادم من موطن أبيها بالصعيد (جنوب مصر)، تكونت ذاكرتها الوجدانية والبصرية عن الطعام.

تحتفي الشيف المصرية مقدمة فقرة «الطعام الشرقي والشعبي» في البرنامج التلفزيوني «4 شارع شريف» بالأكلات اللذيذة والأطباق الشهية من مختلف مطابخ العالم، لكنها تعد المطبخ الشرقي مميزاً، والطعام الشعبي الأكثر جذباً للناس حول العالم.

الشيف المصرية أميرة حسن (الشرق الأوسط)

وترجع أميرة اختلاف المطبخ الشرقي عن أي مطبخ آخر إلى أنه يرتبط بـ«لمة العائلة» والأصدقاء والجيران؛ حيث اعتاد الناس على التجمع في المناسبات السعيدة. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنه طعام مُحمل بذكريات الطفولة وإرث الأجداد في البيوت العربية».

وتنصح أميرة متابعيها بالطهي بـ«الحب»، وتعدد أميرة حسن أكلات مشهورة في المنطقة العربية ارتبطت بأيام لا تُمحى من الذاكرة: «لم أعرف في طفولتي سوى الأكلات السعودية؛ كنا نجتمع في الولائم، والعزومات».

وتتابع: «أتذكر على سبيل المثال (المرسة)، وهي تشبه الفطير في مصر، كانت ترتبط بوجبة الإفطار الجماعي بعد صلاة العيد مباشرة، وتتكون (المرسة) من الدقيق والموز والعسل والسمن، وتكون المكونات مهروسة مع بعضها، وما زلت أحرص على تقديم طريقتها للمشاهدين والمتابعين لي على إنستغرام».

«أما (التميس) فكان ولا يزال الخبز المفضل لي، أجيد صنعه ويذكرني بنوع خبز في الصعيد أقدمه مع زيت الزيتون، وأتبع الطريقة التقليدية الخاصة بتحضيره، ولكم تأخذني إلى طفولتي لحظات وضع كريات عجينة خبز التميس في صينية مدهونة بالزيت، وخبزها في الفرن».

تضيف: «عندما عدت إلى مصر، نمت فكرة أن أصبح طاهية، كنت أعمل على ابتكار أطباق جديدة، لا سيما بين المطبخين المصري والسعودي، لكن لم أكن ألقى ترحيباً كافياً بالفكرة من قبل أبي الذي يعشق الأكل التقليدي».

وتلفت إلى حرصها منذ بدايتها على متابعة برنامج الطاهي أسامة السيد، والشيف منى عامر، ثم برامج طهاة أجانب من بينهم إيميرل لاغاسي، ومارثا ستيوارت، وجيمي أوليفر.

«فرصتي الحقيقية للانطلاق في عالم الطهي، جاءت بعد أن أنهيت دراستي وتزوجت»، وفق تعبيرها، لافتة إلى أنها حصلت على دروس متخصصة في فنون الطهي، وإدارة المطاعم والسلامة المهنية والإسعافات الأولية في المطبخ. كما عملت أميرة في شركة تطبيقات ذكية للطعام.

وتعتمد فكرة برنامجها على الأكل الشرقي «على أصوله»، وتقول: «المشاهدون يهتمون للغاية بأكل جداتنا والوصفات القديمة، ولا يزال الرجل الشرقي شغوفاً بالطواجن والصواني والأرز المعمر والمحاشي والبط والحمام المحشي».

تقر أميرة بأن هناك وصفات أصيلة لا يمكن المساس بها أو الاقتراب منها لتعديلها أو تطويرها؛ في مقدمتها الملوخية والمحاشي والصواني، وتضيف: «البعض حاول تطوير بعض الأطباق الشهيرة مثل الكشري، فرأيناه بالكبدة والشاورمة على سبيل المثال، لكنني أرى أنها ظلت محاولات محدودة وغير ناجحة ومحصورة بين فئة الشباب».

أكثر ما تنصح به أميرة للحصول على أكلات شرقية مثل الجدات بطعمها الأصلي، هو حب هذه الأكلات وحب الطهي: «لا أحد يمكن أن يطهو طعاماً شهياً من دون حب، كما أن من أهم مقومات النجاح في إنجاز الوصفات ما نطلق عليه في مصر (النفس)، وهو شيء لا يكتسب، إنما يكون بمثابة موهبة إجادة الطهي بالفطرة». بحسب قولها.

السمك والطحينة على الطريقة المصرية من شيف أميرة حسن (الشرق الأوسط)

ولا يقل أهمية عن ذلك التدقيق في اختيار مكونات الطعام، تقول الشيف أميرة: «تذوق مقادير طعامك بنفسك، وبالتجربة ستكتسب خبرة اختيار المكونات والتمييز بين الطازجة وغير الطازجة، مثل الخضراوات والبقوليات والطيور واللحوم».