ماكرون يؤكد دور فرنسا كـ«شبكة أمان» للبنان

الحريري كشف بعد لقاء الرئيس الفرنسي عن الحصول على قرض لشراء بوارج حربية

الرئيس ايمانويل ماكرون مستقبلاً الرئيس الحريري في الاليزيه امس (أ.ف.ب)
الرئيس ايمانويل ماكرون مستقبلاً الرئيس الحريري في الاليزيه امس (أ.ف.ب)
TT

ماكرون يؤكد دور فرنسا كـ«شبكة أمان» للبنان

الرئيس ايمانويل ماكرون مستقبلاً الرئيس الحريري في الاليزيه امس (أ.ف.ب)
الرئيس ايمانويل ماكرون مستقبلاً الرئيس الحريري في الاليزيه امس (أ.ف.ب)

سبق الاجتماعُ الذي جرى أمس في قصر الإليزيه بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري الاجتماعَ المرتقب مطلع الأسبوع المقبل بين ماكرون والرئيس اللبناني ميشال عون، على هامش أعمال الجمعية العامة في نيويورك. وكما كان متوقعاً، فإن محادثات الأمس تناولت الملف اللبناني، بجوانبه الأمنية والسياسية والاقتصادية، وكذلك الوضع الإقليمي الذي ازداد توتراً بعد الهجمات التي استهدفت منشأتي النفط السعوديتين، وما لذلك من اتصال بتطور الأوضاع اللبنانية. وكان الحريري قد قام بزيارة خاطفة إلى السعودية قبل وصوله إلى باريس.
وكما في كل اجتماع فرنسي - لبناني، تحرص باريس على إبراز تعلقها بلبنان، والدور الذي تقوم به كـ«شبكة أمان»، وهو ما أشار إليه ماكرون في كلمته إلى الصحافة وإلى جانبه الحريري قبل اجتماعهما.
وفي هذا السياق، أشار ماكرون إلى أنه «تدخل شخصياً» لدى الأطراف كافة، نهاية شهر أغسطس (آب) الماضي، لتلافي التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل، وللتشديد على تمسك فرنسا وحرصها على «أمن واستقرار لبنان»، ومساعدته على «مواجهة التداعيات الكبيرة للأزمة السورية، وتوفير الدعم الكامل في ملف اللاجئين السوريين».
وعد ماكرون أن بلاده تسعى لحل دائم في سوريا، يتيح عودة اللاجئين إلى بلدهم، إلا أنه نبه إلى أنه «لا يجب أن يكون لأي طرف سطحية في التفكير ترى أن هذا الأمر يمكن حله في غضون أسابيع، ونسيان الأسباب العميقة خلف هذا النزوح».
وفي موضوع التوتر بين إسرائيل و«حزب الله»، كشفت المصادر الرئاسية أن ماكرون اتصل بالرئيس الإيراني حسن روحاني، وبرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لحثهما على وقف الاندفاع نحو التوتر الذي يفضي إلى الحرب، وتجنيب لبنان «تمدد الصراعات الإقليمية» باتجاهه.
وأكد الرئيس الفرنسي أن بلاده «ستبقى ملتزمة بأمن واستقرار لبنان، ضمن إطار قوات اليونيفيل، كما في إطار التعاون الذي أطلقته، والذي يربطها بالجيش والقوى العسكرية اللبنانية».
وعملياً، سيترجم الالتزام الفرنسي بتوفير ضمان للحصول على قرض ميسر للبنان، قيمته 400 مليون يورو، لشراء بوارج حربية لحماية مياهه الإقليمية وثروته الغازية والنفطية.
وأفاد الحريري بأنه تم أمس توقيع «خطاب نوايا» بين الطرفين اللبناني والفرنسي لشراء معدات فرنسية، من أجل «تعزيز قدراتنا الدفاعية والأمنية»، مضيفاً أن «القرض سيستخدم في جزئه الأكبر لتجهيز القوات البحرية، وتزويدها بقدرات النقل الجوي - البحري».
وقال ماكرون إن لبنان «يستطيع أن يعتمد على التزام فرنسا تجاهه»، وإن ذلك ينسحب على الاقتصاد، وعلى تنفيذ قرارات مؤتمر «سيدر».
وأكد ماكرون أن باريس «ملتزمة بالكامل بتطبيق القرارات»، وتريد من لبنان إجراء الإصلاحات المطلوبة، خصوصاً أنها أبدت عبر قنوات مختلفة، ومنها عبر السفير دوكين المكلف بملف «سيدر» الذي زار بيروت مؤخراً، «تذمرها» من تباطؤ اللبنانيين في الاستجابة لما هو مطلوب منهم من إصلاحات.
وكشف الحريري في حديثه إلى الصحافة لاحقاً أنه استمع إلى «ملاحظات» ماكرون في هذا الموضوع.
وكان الوضع الاقتصادي حاضراً بقوة في اجتماع الحريري بوزير الاقتصاد برونو لومير، وبوفد من رجال الأعمال الفرنسيين، قبل وصوله إلى قصر الإليزيه. ودعا الحريري إلى اجتماع لـ«لجنة سيدر الاستراتيجية» في باريس منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وقال إنه «واثق» من أن لبنان سيكون مصدراً لـ«أخبار سارة» في منطقة صعبة، بفضل الإصلاحات ومشروع تحديث الاقتصاد والإدارة والبنية التحتية التي تقوم بها الحكومة.
وأشار الحريري، في رده على سؤال، إلى أنه كانت للفرنسيين «ملاحظات» على ما يقوم به لبنان من إصلاحات، وأن اللبنانيين «أخذوها بعين الاعتبار»، مشدداً على الحاجة للإسراع بها.
وعن زيارته للرياض، قال الحريري إن الجانبين يعملان من أجل عقد اجتماع للجنة العليا السعودية - اللبنانية، وأنه تم إنجاز 19 اتفاقية جاهزة للتوقيع، مضيفاً أنه سيكون قد بحث في كيفية مساعدة السعودية للبنان، فيما يخص وضعه المالي.
وعد الحريري أن الهجمات التي تعرضت لها السعودية «خطيرة جداً، ولا يمكن أن نمر عليها مرور الكرام»، إذ إنها أخذت الأمور إلى «مرحلة تصعيدية أكبر بكثير» مما كانت عليه قبلها. وإذ تمنى «ألا يكون هناك مزيد من التصعيد»، فإنه رأى أن «للمملكة العربية السعودية حق الرد بما تراه مناسباً، إذ إن الهجوم في النهاية وقع على أراضيها، وعلى سيادتها».
وكان الملف الإقليمي بتشعباته كافة، والعلاقات الثنائية اللبنانية - الفرنسية، موضع تباحث بين الحريري ووزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان الذي زاره في دارته الباريسية.



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.