«النهضة» تدعم قيس سعيّد في الانتخابات الرئاسية

التونسيون يتابعون في الصحف نبأ وفاة زين العابدين بن علي (أ.ف.ب)
التونسيون يتابعون في الصحف نبأ وفاة زين العابدين بن علي (أ.ف.ب)
TT

«النهضة» تدعم قيس سعيّد في الانتخابات الرئاسية

التونسيون يتابعون في الصحف نبأ وفاة زين العابدين بن علي (أ.ف.ب)
التونسيون يتابعون في الصحف نبأ وفاة زين العابدين بن علي (أ.ف.ب)

أعلنت أمس حركة «النهضة»، التي حلّ مرشحها في الانتخابات الرئاسية في المرتبة الثالثة، أنها ستدعم الأستاذ الجامعي قيس سعيّد في الدورة الثانية من الانتخابات، التي سيتبارى فيها مع قطب الإعلام نبيل القروي الموجود في السجن. ويأتي هذا التطور المفاجئ في انتخابات انتهت الدورة الأولى منها أصلاً بنتيجة غير متوقعة، غداة وفاة الرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي أسقطته احتجاجات شعبية في 14 يناير (كانون الثاني) 2011، في المنفى في جدة.
ولا شك أن موقف «النهضة»، بدعم المرشح المستقل المعروف بمواقفه المحافظة، سيلعب دوراً كبيراً في تحديد هوية الرئيس التونسي المقبل. وقال المتحدث باسم «النهضة»، عماد خميري، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «النهضة اختارت أن تساند خيار الشعب التونسي، فهي ستساند قيس سعيّد في الدورة الثانية من الرئاسية». وحل سعيّد المؤيد للامركزية جذرية في المركز الأول في الدورة الأولى التي أجريت الأحد الماضي، وحصل على 18.4 في المائة من الأصوات، بينما حصل القروي، الموجود في السجن بتهمة تبييض أموال، على 15.6 في المائة من الأصوات،
وجاء مرشّح حزب النهضة عبد الفتاح مورو في المركز الثالث بـ12.9 في المائة من الأصوات. وحصل سعيّد أيضاً على دعم مرشح آخر خرج في الدورة الأولى، هو رئيس الجمهورية الأسبق المنصف المرزوقي. وكان رئيس مجلس الشورى في حركة النهضة، عبد الكريم الهاروني، قد أوضح في حديث مع إذاعة «موزاييك إف إم» أنه تمت استشارة أعضاء مجلس الشورى «عبر الهاتف والبريد الإلكتروني»، مؤكداً أن توجه الغالبية واضح بدعم سعيّد. ويقول المحلل السياسي صلاح الدين جورشي إن الحزب ذا الجذور الإسلامية «لم يكن يستطيع دعم نبيل القروي، لأن قاعدته تتهمه أصلاً بأنه تعامل مع النظام السياسي على حساب مبادئه».
وشاركت حركة النهضة في التحالف الحاكم، مع حزب «نداء تونس» الذي خرج منه القروي. وفاز «نداء تونس» بالانتخابات في 2014، على أساس برنامج مناهض للتوجه الإسلامي. وأدى ذلك إلى تهدئة التوتر الذي نجم عن الانقسامات في بلد شكل مهداً «للربيع العربي»، ويعد الوحيد الذي نجح في مساره الديمقراطي بين دول المنطقة التي شهدت انتفاضات شعبية منذ 2011.
ويعد جورشي أن خيار النهضة دعم سعيّد، الذي ركز حملته الانتخابية على انتقاد المؤسسات السياسية القائمة، محاولة لاستعادة القاعدة. ويمكن لحزب النهضة الذي لطالما عرف أنصاره بانضباطهم ووفائهم أن يراهن على نقل أصوات عدد كبير من أنصاره إلى سعيّد الذي قال بعد الانتخابات، رداً على سؤال حول علاقته بحزب النهضة، إنه ليس متحالفاً مع أحد. كما أعلن كل من المرشح الخاسر المحافظ لطفي مريحي الذي حصد 4.4 في المائة من الأصوات، والمحامي سيف الدين مخلوف المعروف بتوليه الدفاع عن «جهاديين»، والناشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان محمد عبو، تأييدهم لسعيّد.
وقد وصفه هؤلاء بأنه رجل «نظيف» و«شريف»، متوقفين عند الحملة البسيطة الأكلاف التي قام بها، معتمداً على دعم كثير من الشباب المتطوعين. وأكدت نتائج الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية التونسية أن التونسيين قاموا بما وصفه محللون بـ«التصويت - العقاب»، أي ضد كل الأحزاب والحكومات التي توالت على حكم البلاد منذ سقوط زين العابدين بن علي.
وتوفي زين العابدين بن علي الخميس عن 83 عاماً. وكان قد حكم تونس بقبضة من حديد على مدى 23 عاماً، قبل أن يلجأ إلى السعودية في أعقاب انتفاضة شعبية. وغاب خبر الوفاة عن العناوين الرئيسية للإعلام التونسي المنشغل بنتائج الانتخابات الرئاسية، والتحضير لانتخابات تشريعية في السادس من الشهر المقبل.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.