واشنطن تنتقد برلين لاستضافتها مؤتمر التجارة مع طهران

السفير الأميركي في برلين ريتشارد غرينل
السفير الأميركي في برلين ريتشارد غرينل
TT

واشنطن تنتقد برلين لاستضافتها مؤتمر التجارة مع طهران

السفير الأميركي في برلين ريتشارد غرينل
السفير الأميركي في برلين ريتشارد غرينل

أثارت مشاركة الخارجية الألمانية في مؤتمر لمناقشة التجارة الأوروبية مع إيران واستضافة برلين، أمس، الندوة التي تنعقد على مدى يومين، حفيظة السفير الأميركي في برلين ريتشارد غرينل والمعارضة الإيرانية. وقال السفير في بيان نشرته السفارة، إن «المؤتمر خطوة خطيرة لتمويل الإرهاب والتقليل من أهمية العقوبات الأميركية». وأضاف أن «إيران ترتكب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ضد مواطنيها، وخططت ونفذت عمليات اغتيال داخل الأراضي الأوروبية، وتسهل حرب الأسد في سوريا». وتابع البيان: «الآن ليس وقت الترويج لأعمال تجارية لإرسال أموال إلى صناديق النظام الإيراني على حساب الشعب الإيراني».
من جهته، دعا المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الحكومة الألمانية للانسحاب من المشاركة في المؤتمر، وقال جواد دابيران، إن «المؤتمر الذي يهدف لزيادة التجارة مع إيران يشكل فضيحة»، مضيفاً أن الاعتداء على السعودية «من قِبل النظام الإيراني يشكل عملاً حربياً واضحاً». وقال إن الرد لا يجب أن يكون «بالاسترضاء وتقديم حوافز بنكية وتجارية»، بل برد «قوي وحازم».
لكن ممثل الحكومة في المؤتمر لم يكترث للانتقادات. ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كان القرار صائباً بالمشاركة في مؤتمر للترويج لعلاقات أوسع مع إيران في وقت تواجه طهران اتهامات بتهديد الأمن العالمي، ابتسم ميغيل بيرغر، مدير قسم العلاقات الاقتصادية والتنمية المستدامة في الخارجية الألمانية، بارتباك وهز كتفيه من دون الإجابة.
وكان ممثل الحكومة الألمانية قد حثّ في كلمة ألقاها في المؤتمر، رجال الأعمال في ألمانيا لمتابعة الاستثمار في إيران. وقال بيرغر إنه يرفض «الضغوط الممارسة على الشركات الألمانية التي تُجري معاملات تجارية وفق القانون مع إيران»، في إشارة إلى تحذير واشنطن الشركات التي تتعامل مع إيران بإضافتها إلى اللائحة السوداء.
وتحدّث بيرغر عن «تقدم كبير» تم إحرازه في آلية الدفع الأوروبية الجديدة «إنستكس» التي تهدف لتفادي العقوبات الأميركية. لكنه قال إنه لن يفصح عن أسماء الشركات التي قررت التعامل عبر هذه الآلية، «بسبب مسائل تتعلق بالسمعة». ورغم أنه كان من المفترض أن تكون «إنستكس» تهدف لتسهيل التعاملات المتعلقة بالصحة والأدوية لإيران، فإن المسؤول الألماني قال إن التعاملات «لن تقتصر على ذلك». وأضاف: «نريد أن نركّز على المستشفيات والأدوية والأدوات الطبية، لكن الأمر لا يقتصر على ذلك، بل إن التعاملات مفتوحة على كل الأنواع».
وتواجه الحكومة الألمانية صعوبة كبيرة في إقناع الشركات الألمانية بالبقاء في طهران. ومنذ إعادة فرض واشنطن العقوبات عليها بعد انسحابها من الاتفاق النووي، انسحبت معظم الشركات الألمانية الكبيرة. ورغم إقرار الاتحاد الأوروبي لآلية «إنستكس»، فإن الشركات ما زالت غير راغبة بالمرور عبرها خوفاً من التعرض لعقوبات أميركية. وقد اعترف السفير الإيراني في برلين، محمود فرازانده، الذي كان حاضراً في المؤتمر بأن «إنستكس» لا تعمل بالشكل الذي تريده طهران. وقال إن مستوى التعاملات التجارية مع أوروبا انخفض بدرجة كبيرة منذ إعادة العقوبات، داعياً إلى تفعيل الآلية الأوروبية.
في سياق آخر، كرّر بيرغر موقف برلين من إدانة الاعتداء على منشأتي النفط في «أرامكو»، ووصفه بـ«غير المقبول»، لكنه تابع يقول إنه من الضروري الحفاظ على الاتفاق النووي وإنقاذه. وأشار إلى خرق إيران للاتفاق عبر تخفيض التزامها به 3 مرات في الأشهر الماضية، ودعاها للعودة عن قرارتها والالتزام بالاتفاق. كما تحدّث بيرغر عن مبادرة فرنسية لإعادة إحياء الحوار. وقال: «نحن في حاجة إلى مناخ سياسي داعم، لكن للأسف، فإن المناخ السياسي يتجه مرة جديدة نحو التصعيد».
وكانت الخارجية الألمانية قد أصدرت بياناً أدانت فيه الهجوم، وتحدّث البيان عن تبني الحوثيين له، ودعت «المسؤولين عن الهجوم» إلى الكف عن التصعيد في المنطقة. وأوضح بيرغر، أن الخارجية الألمانية «لم تقل إن الحوثيين هم المسؤولون» كما لم تُبرّئ إيران، «ومن المعروف أنها تقف خلف» الميليشيات اليمنية، «بل اكتفت بالإشارة إلى أنهم تبنوا الهجوم»، مكرراً ضرورة انتظار نتائج التحقيق.
ورغم الأدلة التي استعرضتها الرياض أول من أمس والاتهامات الأميركية الواضحة لإيران بالوقوف وراء هجوم «أرامكو»، رفض بيرغر توجيه الاتهام لها، وقال إنه من «الضروري انتظار نتائج التحقيقات»، وإن اتهام طهران «ما زال مبنياً على التكهنات البحتة».



إيران «لن تعرقل» مفتشي «الطاقة الذرية»

غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)
غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)
TT

إيران «لن تعرقل» مفتشي «الطاقة الذرية»

غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)
غروسي يجري محادثات مع محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

تعهدت إيران بعدم «عرقلة» مهمة ممثلي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة لتفتيش مواقعها النووية. وقال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي، السبت، إن إيران لن تعرقل دخول ممثلي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إلى مواقعها وتفتيشها. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن إسلامي قوله: «لم ولن نضع أي عقبات أمام عمليات التفتيش والمراقبة التي تنفذها الوكالة (الدولية للطاقة الذرية)».

وأضاف: «نعمل في إطار الضمانات كما تعمل الوكالة وفقاً لضوابط، لا أكثر ولا أقل».

ووفقاً لتقرير صدر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الخميس الماضي، قبلت إيران تشديد الرقابة على منشأة فوردو النووية بعدما سرّعت طهران بشكل كبير من تخصيب اليورانيوم ليقترب من مستوى صنع الأسلحة. وقبل أيام ذكرت الوكالة أن إيران ضاعفت وتيرة تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو إلى درجة نقاء تصل إلى 60 بالمائة، أي قريباً من نسبة 90 بالمائة اللازمة لإنتاج أسلحة.

وأعلنت الوكالة أنها ستناقش الحاجة إلى إجراءات وقائية أكثر صرامة، مثل زيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، وهي واحدة من منشأتين تصلان إلى هذا المستوى العالي من التخصيب.

وجاء في التقرير السري الموجه إلى الدول الأعضاء: «وافقت إيران على طلب الوكالة زيادة وتيرة وشدة تنفيذ إجراءات الضمانات في منشأة فوردو، وتساهم في تنفيذ هذا النهج المعزز لضمانات السلامة».

ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يمكن لـ«فوردو» الآن إنتاج أكثر من 34 كيلوغراماً شهرياً من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المائة، مقارنة بـ5 إلى 7 كيلوغرامات كانت تنتجها مجتمعة في فوردو ومنشأة أخرى في نطنز فوق الأرض.

ووفقاً لمعايير الوكالة، فإن نحو 42 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة تكفي نظرياً، إذا تم تخصيبها أكثر، لصنع قنبلة نووية. إيران تمتلك بالفعل أكثر من أربعة أضعاف هذه الكمية، بالإضافة إلى ما يكفي لصنع المزيد من الأسلحة عند مستويات تخصيب أقل.

وتؤكد القوى الغربية أنه لا يوجد مبرر مدني لتخصيب إيران إلى هذا المستوى، حيث لم تقم أي دولة أخرى بذلك دون إنتاج أسلحة نووية. فيما تنفي إيران هذه الادعاءات، مؤكدة أن برنامجها النووي ذو أهداف سلمية بحتة.