تضامن إعلامي ضد طلب رئيس الجامعة اللبنانية حذف تقارير صحافية

TT

تضامن إعلامي ضد طلب رئيس الجامعة اللبنانية حذف تقارير صحافية

طالب ممثلون لوسائل الإعلام اللبنانية بإقالة رئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب، على خلفية طلبه من نحو 20 وسيلة إعلامية حذف تقارير صحافية سبق أن تطرقت إلى معلومات تفيد بحصوله على شهادة دكتوراه مزورة، إضافة إلى استغلال نفوذه. وأتت قضية الجامعة اللبنانية بعد يوم واحد على مثول رئيس تحرير جريدة «نداء الوطن»، الزميل بشارة شربل أمام القضاء.
وتأتي القضيتان ضمن ظاهرة ملاحقة الصحافيين والناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان في السنوات الأخيرة عند انتقادهم المسؤولين، وهو ما يواجه ردود فعل مستنكرة في لبنان رفضاً لتقييد حرية الإعلام والرأي.
واستدعى طلب أيوب رداً جامعاً ولافتاً من وسائل الإعلام المستهدفة التي اجتمع ممثلوها في مبنى جريدة «النهار»، معتبرين طلبه «سابقة خطيرة»، وداعين إلى عزله وأن استمراره على رأس الجامعة يهدد مصيـرها وسـمعتها.
وأكد المجتمعون «أن طلب رئيس الجامعة سابقة لم تتكرر في تاريخ الصحافة اللبنانية، إذ لو أقدم كل سياسي وأكاديمي وغيره على طلب شطب معلومات تسيء إليه، لفرغ أرشيف المؤسسات الإعلامية من كل مضمون». وقالوا في بيانهم: «إن استمرار أيوب رئيساً للجامعة بات يهدد مصيرها وسمعتها ووحدتها. وهو يتخطى كل القوانين والأعراف السائدة، مستنداً إلى دعم سياسي يدعيه، يسيء إلى كل الجهات التي تغطيه وتدافع عنه».
ومن الناحية القانونية، أوضح البيان «أن المرجع الوحيد للمؤسسات الإعلامية هو محكمة المطبوعات، وليس القضاء المستعجل، وأن الطلب مرفوض جملة وتفصيلاً، بالشكل والمضمون».
ونقلت «وكالة الأنباء المركزية» عن أوساط تربوية قولها: «إن وزير التربية والتعليم العالي أكرم شهيّب فوجئ بخطوة أيوب، الذي لم يضعه في أجوائها، علماً بأن وزارة التربية هي وزارة الوصاية على الجامعة اللبنانية».
في المقابل، أكد أيوب لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يتقدم بدعوى إلى القضاء، إنما طلب منه حذف الأمور المسيئة للجامعة بعدما ثبت للجميع عدم صحة المعلومات التي نشرها الإعلام، وبدوره طلب القاضي المختص من وسائل الإعلام إبداء الرأي بهذا الشأن»، مؤكداً «في النهاية أنا أخضع للخيار القضائي مهما كانت النتيجة». ورفض أيوب اعتبار طلبه يستهدف حرية الإعلام أو الرأي، قائلاً: «أنا حريص على الصحافة وحرية الرأي، وما قمت به لا يستهدف الإعلام بتاتاً، ولا يعقل أن أفكر أو أتصرف انطلاقاً من هذا التفكير».
ويؤكد محامي مؤسسة «مهارات» في لبنان، طوني مخايل، على ما جاء في بيان ممثلي وسائل الإعلام، لجهة عدم قانونية طلب أيوب، إضافة إلى عدم توفر شرط «الاستعجال» في الدعوى، مشيراً إلى أن ما قام به القاضي هو اتباع أصول المحاكمات المدنية لاتخاذ القرار المناسب بشأنها. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «طلب أيوب غير مشروع، وهو يأتي ضمن سياق الممارسات وسياسة تكميم الأفواه التي تطال حرية الرأي والإعلام في الفترة الأخيرة في لبنان، الذي طالما كان معروفاً بحرية إعلامه بعيداً عن أي قيود». ويوضح: «عندما يخالف أي صحافي أو وسيلة إعلامية قوانين النشر والمطبوعات عبر القدح والذم أو غيرها، تتم محاكمته أو يُفرض على الوسيلة الإعلامية نشر الرأي الآخر، لكن لا يسمح أن تحذف المواد إلا في حالات محددة كالإرهاب والترويج للعنف أو ما يخالف الآداب العامة، وهو ما لا ينطبق على المواد الصحافية التي تحدثت عن أيوب، والتي تندرج ضمن خانة قضايا الرأي العام».
وفي وقت لاحق، عاد أيوب وأصدر بياناً، قال فيه إن موقفه وسقفه هو خطاب رئيس الجمهورية، وإنه لجأ إلى القضاء ضد الحقد والحملة التي تطاله منذ أكثر من سنة، «وعلى الرغم من البيانات والتوضيحات والمؤتمرات والمستندات والقرارات القضائية، لم يقتنع هؤلاء بوجوب الكفّ عن محاولة النيل من شرفه وكرامته، وتبعاً شرف وكرامة الجامعة اللبنانية». وأوضح أن طلبه «خصّ فيه مجموعة من الأساتذة الذين يشنّون عليه وعلى الجامعة اللبنانية حملة واسعة على بعض المواقع الإلكترونية بهدف التشهير والنيل من سمعته، ومن سمعة الجامعة، فطلب إزالة التعدي وحذف المقالات والتعليقات الصادرة عن هذه المجموعة، منعاً للتشهير الممنهج والمستمر، وهو لم يتقصد أبداً أي وسيلة إعلامية».
ورأى أن البيان الصادر عن ممثلي وسائل الإعلام تبنى «مطالعة قانونية غير دقيقة لعدم الادعاء أصلاً على أي وسيلة إعلامية، يحاولون من خلالها استباق القرار المفترض صدوره عن حضرة القاضي المنفرد المدني في بيروت». وأكد أن الردّ الأمثل على هذا الأمر هو قول رئيس الجمهورية ميشال عون إن «سقف الحرية هو الحقيقة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.