نقابات العمال في تونس تحذر الحكومة من «ثورة موظفين»

في ظل غياب حل يرضي الطرفين بشأن زيادة الأجور

جانب من مظاهرة قرب وزارة الداخلية في تونس أول من أمس طالب المشاركون فيها بحل مشكلة الفضلات في جزيرة جربة (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرة قرب وزارة الداخلية في تونس أول من أمس طالب المشاركون فيها بحل مشكلة الفضلات في جزيرة جربة (أ.ف.ب)
TT

نقابات العمال في تونس تحذر الحكومة من «ثورة موظفين»

جانب من مظاهرة قرب وزارة الداخلية في تونس أول من أمس طالب المشاركون فيها بحل مشكلة الفضلات في جزيرة جربة (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرة قرب وزارة الداخلية في تونس أول من أمس طالب المشاركون فيها بحل مشكلة الفضلات في جزيرة جربة (أ.ف.ب)

لم تفض المفاوضات الجارية بين الحكومة التونسية والاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) بشأن زيادة الأجور إلى حل يرضي الطرفين. وبدت المواقف متناقضة إلى حد كبير، فالحكومة عرضت زيادة في أجور موظفي القطاع العام لا تتجاوز حدود 30 دينارا تونسيا في الشهر (نحو 15 دولارا أميركيا) واشترطت تطبيق الزيادة ابتداء من سنة 2015، مما أربك حسابات نقابة العمال التي دعت الحكومة إلى مراجعة موقفها ومراعاة تدهور القدرة الشرائية في تونس وغلاء المعيشة الذي طال الطبقات المتوسطة والفقيرة.
وأضافت نقابة العمال إلى هذه الدعوة، الإشارة إلى أن عدم زيادة الأجور قد يفضي في القريب العاجل إلى ما سمتها «ثورة الموظفين» في تحذير مبطن لحكومة مهدي جمعة. وفي هذا الشأن، قال سامي الطاهري المتحدث باسم الاتحاد التونسي للشغل لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة الحالية نسفت العقد الاجتماعي بتأجيلها التفاوض حول زيادة أجور موظفي القطاع العام. وأضاف أن الاتحاد يعترض على الطريقة التي مررت بها الحكومة موقفها في شكل قرار مفتقد للتشاور والحوار. وأوضح الطاهري أن الدخول في مفاوضات من أجل الزيادة في أجور العاملين في القطاع العام والوظيفة العمومية، استحقاق وضرورة يفرضها تدهور القدرة الشرائية لمعظم التونسيين، معتبرا نسف الحوار تعسفا وضربا للاستقرار الاجتماعي، على حد تعبيره.
وجاء رد فعل القيادات النقابية حادا على خلفية تأكيد نضال الورفلي المتحدث باسم رئاسة الحكومة بأنه «لن تجرى مفاوضات عامة للزيادة في الأجور في القطاع العام خلال سنة 2014 وأن هذه المفاوضات ستجرى مع الحكومة التي ستفرزها الانتخابات المقبلة». وأدى هذا التصريح إلى انتقادات حادة من قبل نقابة العمال التي اتهمت الحكومة بتصدير الأزمة إلى الحكومة المقبلة.
وتسابق عدة قطاعات إنتاجية عقارب الساعة من أجل الفوز بامتيازات مادية خلال ما تبقى من عمر الحكومة الحالية، الذي سينتهي دستوريا بعد الفراغ من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، أي نهاية السنة الحالية.
وأقرت الحكومة خلال الأشهر الماضية زيادات قدرت بنسبة 7 في المائة إثر فتح أبواب المفاوضات مع ممثلي القطاع الخاص، فيما تعطلت لغة الحوار بشأن الزيادة في أجور العاملين في القطاع العام.
وسبقت سلسلة من الاحتجاجات الاجتماعية المتبوعة بإضرابات، الإعلان الرسمي عن تدهور العلاقة بين الحكومة والمركزية النقابية. وشهدت قطاعات الصحة والضمان الاجتماعي والاتصالات والتعليم العالي والشباب والطفولة إضرابات، أو التهديد بشن إضرابات في حال امتناع الحكومة عن تنفيذ سلسلة من الاتفاقيات المبرمة بينها وبين القيادات النقابية.
وتخشى الحكومة التونسية الحالية من امتداد رقعة الاحتجاجات إلى مدن تونسية أخرى، وهو ما أشارت إليه هيئة الانتخابات بشأن المخاطر التي تتهدد العملية الانتخابية، الانتخابات الرئاسية يوم 23 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، والانتخابات البرلمانية يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وتعطيل هذين الاستحقاقين من خلال سلسلة من الاحتجاجات الاجتماعية.
وكانت آخر الاحتجاجات «يوم الغضب» الذي شهدته أول من أمس مدينة صفاقس (350 كلم جنوب العاصمة التونسية) للمطالبة بوضع حد للتهميش المستمر للمنطقة عبر تعطيل ورفض إنجاز المشاريع الكبرى المبرمجة بالمنطقة في مختلف المجالات. وهددت جمعية «صفاقس تحلم» التي قادت الاحتجاجات بسلسلة من التحركات الشعبية خلال الفترة المقبلة، وقالت إنها ستتخذ نسقا تصاعديا بهدف الضغط على السلطات المركزية لدفعها إلى الالتفات إلى المنطقة وتقدير حجمها الاقتصادي والاجتماعي وبالتالي الكف عن مواصلة تهميشها والتعجيل بإنجاز مجموعة من المشاريع البرية التي بقيت حبرا على ورق.
وتقول الأطراف المحتجة في مدينة صفاقس إن عدة مشاريع لم تر النور، من بينها مشروع تبارورة (مشروع بيئي) ومشروع المدينة الرياضية ومشروع المترو الخفيف ومشروع المستشفى الجامعي الجديد.
من ناحية ثانية، لا تزال الحكومة في وضع محير تجاه المشكلة البيئية في جزيرة جربة جنوب شرقي تونس، على خلفية غلق مصب الفضلات المراقبة بقلالة منذ شهر أبريل (نيسان) 2012، وهو ما أدى إلى تراكم الفضلات بطريقة عشوائية في إحدى أهم المدن التونسية التي تعيش على الأنشطة السياحية. ومن المنتظر أن تشهد الجزيرة إضرابا عاما عن العمل يوم 30 سبتمبر (أيلول) الحالي، بهدف لفت انتباه السلطات إلى فداحة المشكلة البيئية التي تهدد بكارثة صحية.
وينادي سكان جزيرة جربة بنقل المصبات المراقبة إلى مدينة جرجيس المجاورة. وأحرقوا في فترة سابقة تجهيزات المصب المراقب بمدينة قلالة بعد أن شكوا من تسرب أمراض خطيرة جراء معالجة قرابة 55 ألف طن من الفضلات سنويا في الجزيرة.
وفي تطور آخر ذي صلة، ألغت الجامعة العامة للصحة إضرابا مدته 3 أيام ويمتد من 30 سبتمبر (أيلول) إلى الثاني من أكتوبر المقبل، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق مع وزارة الصحة أفضى إلى زيادات في أجور معظم موظفي الصحة العامة وكوادرها وتراوحت الزيادة بين 77 و104 دينارات تونسية (بين 48 و65 دولارا أميركيا).



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.