دول الخليج تتطلع إلى توفير 5 مليارات دولار بالاستثمار في عملية الربط الكهربائي

قد يوفر تكاليف تشغيل تصل إلى 1.5 مليار دولار

الربط الكهربائي الخليجي فتح المجال أمام توفير حجم الاستثمارات في محطات إنتاج الكهرباء وذلك بتخفيض قدرات التوليد المطلوبة («الشرق الأوسط»)
الربط الكهربائي الخليجي فتح المجال أمام توفير حجم الاستثمارات في محطات إنتاج الكهرباء وذلك بتخفيض قدرات التوليد المطلوبة («الشرق الأوسط»)
TT

دول الخليج تتطلع إلى توفير 5 مليارات دولار بالاستثمار في عملية الربط الكهربائي

الربط الكهربائي الخليجي فتح المجال أمام توفير حجم الاستثمارات في محطات إنتاج الكهرباء وذلك بتخفيض قدرات التوليد المطلوبة («الشرق الأوسط»)
الربط الكهربائي الخليجي فتح المجال أمام توفير حجم الاستثمارات في محطات إنتاج الكهرباء وذلك بتخفيض قدرات التوليد المطلوبة («الشرق الأوسط»)

تتطلع دول مجلس التعاون الخليجي إلى توفير 5 مليارات دولار من الاستثمارات في قطاع الكهرباء، إضافة إلى توفير 1.8 مليار دولار من تكاليف التشغيل والوقود، وذلك من خلال الربط الكهربائي الخليجي الموحد، وفقا لما ذكره تقرير اقتصادي أعدته هيئة الربط الكهربائي وقدمته إلى لجنة التعاون الكهربائي والمائي المشكّلة من الوزراء المعنيين بشؤون الكهرباء والماء بدول مجلس التعاون.
وقال الدكتور مطر النيادي وكيل وزارة الطاقة في الإمارات رئيس مجلس إدارة هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي إن الربط الكهربائي الخليجي يمكن أن يوفر 1.8 مليار دولار من تكاليف التشغيل إذا جرى تفعيل التبادل الاقتصادي للطاقة بين دول مجلس التعاون، لافتا إلى أن الربط الكهربائي جنّب الدول الأعضاء أكثر من 1072 حادث انقطاع منذ عام 2009 من خلال تقديم الدعم اللحظي بنقل الطاقة المطلوبة عبر شبكة الربط بشكل مباشر، الأمر الذي حقق توفيرا في الخسائر الاقتصادية الناجمة عن ذلك من كل الانقطاعات الكاملة أو الجزئية.
وأضاف أن الربط الكهربائي أسهم منذ بدء تشغيله بتقديم الدعم اللحظي بنقل الطاقة المطلوبة للدعم عبر شبكة الربط بشكل مباشر، مما أدى إلى تجنب الانقطاعات الكاملة أو الجزئية في دول المجلس أثناء الحوادث الكبيرة، وبالتالي تجنب خسائر اقتصادية كبيرة قد تسببها انقطاعات الكهرباء.
وجاء حديث النيادي خلال فعاليات المنتدى الثالث لتجارة الطاقة الخليجي الذي تنظمه هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي تحت شعار «تنمية سوق تجارة الطاقة من خلال الربط الكهربائي الخليجي» في العاصمة الإماراتية أبوظبي.
وأوضح تقرير اقتصادي أعدته هيئة الربط الكهربائي، وقدمته إلى لجنة التعاون الكهربائي والمائي المشكلة من الوزراء المعنيين بشؤون الكهرباء والماء بدول مجلس التعاون إلى أنه، إضافة إلى الفوائد الفنية التي لمستها الدول الأعضاء من الربط، فإن الربط الكهربائي عاد بفوائد اقتصادية كثيرة على الدول المرتبطة تمثلت في إمكانية تركيب مولدات كهرباء بحجم أكبر من السابق، وتركيب مولدات كهربائية باستخدام تقنية الطاقة النووية، والتوسع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة في شبكات دول مجلس التعاون، مما يقلل تكلفة رأس المال لكل ميغاواط من القدرة المركبة كما قدرت القيمة الحالية للوفر الكلي للدول جميعها من خفض القدرة المركبة على مدى 25 سنة، بما يتجاوز نحو 5 مليارات دولار.
وبالعودة إلى النيادي الذي أوضح أن الربط الكهربائي الخليجي فتح المجال أمام توفير حجم الاستثمارات في محطات إنتاج الكهرباء، وذلك بتخفيض احتياطي قدرات التوليد المطلوبة مع المحافظة على مستوى الموثوقية لشبكات الكهرباء، حيث يبلغ الوفر الاقتصادي في الاستثمارات المطلوبة لدول المجلس في محطات إنتاج الكهرباء بوجود الربط الخليجي أكثر من 5 مليارات دولار، على مدى 25 سنة.
ولفت إلى أن آخر الدراسات لخبراء مختصين قدرت حجم الوفر الاقتصادي الناتج عن تفعيل تجارة الطاقة للوصول إلى الاستخدام الأمثل لقدرات الإنتاج في دول المجلس، بنحو 1.8 مليار دولار على مدى 25 سنة. وأضاف أن البعد الآخر للتوفير الاقتصادي ناتج عن إتاحة الربط الكهربائي المجال للدول المرتبطة لتفعيل تجارة الطاقة، والتمكن من إنشاء سوق خليجية لتجارة الطاقة، مما يعود على الدول الأعضاء بمكاسب اقتصادية كبيرة يمكن تحقيقها من خلال اغتنام فرص تجارة الطاقة لتسويق الطاقة الفائضة والحصول على الطاقة الأقل تكلفة بين دول الخليج، مما ينتج عنه توفير كبير في استهلاك كميات الوقود الأحفوري السائل والغازي، كما قدرت آخر الدراسات حجم الوفر الاقتصادي الناتج عن تفعيل تجارة الطاقة للوصول إلى الاستخدام الأمثل لقدرات الإنتاج في دول المجلس بنحو 180 مليون دولار أميركي سنويا.
وأشار إلى أن تقديرات الوفورات الاقتصادية لعمليات تجارة الطاقة توضح أهمية الإسراع نحو بناء سوق لتجارة الطاقة في الدول الأعضاء مما يخولهم الاستفادة بشكل فاعل من الفرص الاقتصادية، وتخفيض تكلفة إنتاج الطاقة لديهم، وتحقيق قيمة اقتصادية مضافة لمشروع الربط الخليجي، وهو الأمر الذي سيدعم الاقتصاد الوطني لدول مجلس التعاون.
وأكد النيادي أن الوصول إلى هدف تفعيل تجارة الطاقة بين دول المجلس يتطلب السعي لتسويق القدرات الفائضة لمحطات التوليد وإيجاد العروض والفرص المناسبة للعرض والشراء على أسس اقتصادية، وفي هذا الصدد يمكن لهيئة الربط الكهربائي أن تقوم بدور الوسيط والمحفز لعمليات العرض والطلب لسوق الكهرباء الخليجية.
من جانبه، أوصى الدكتور صالح العواجي وكيل وزارة المياه والكهرباء السعودية رئيس مجلس إدارة شركة السعودية للكهرباء بضرورة استكشاف فرص إضافية على جميع المستويات الإقليمية والدولية من الدول المؤثرة في قطاع الطاقة الكهربائية، وقال: «نحن ندعم هذا التوجه الذي تشرف عليه هيئة الربط الكهربائي، ونؤكد التزامنا بتعزيز التعاون للوصول إلى وفورات أفضل من الطاقة الكهربائية في السنوات المقبلة».
وقال المهندس عدنان المحيسن الرئيس التنفيذي لهيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي إن الربط الكهربائي عاد بفوائد اقتصادية كثيرة، أهمها تقليص تكلفة رأس المال لكل ميغاواط من القدرة المركبة بسبب إمكانية تركيب مولدات كهرباء بحجم أكبر من السابق، بالإضافة إلى استغلال الربط الكهربائي لاستيراد وتبادل الطاقة الأقل كلفة، وهو ما يحقق توفيرا في الكلفة التشغيلية الإجمالية.
وتوقع المهندس أحمد الإبراهيم نائب الرئيس للعمليات في هيئة الربط الكهربائي الخليجي أن ترتفع عوائد هذه الشبكة الكهربائية على المستويين الخدمي والمالي بشكل مطرد في السنوات المقبلة، مما يحقق وفورات اقتصادية للدول الأعضاء.



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».