تحوّل مقرّ المحكمة العسكرية في بيروت أمس إلى ثكنة عسكرية، بفعل الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها وحدات من الجيش اللبناني، إثر إحضار عامر الفاخوري آمر معتقل الخيام، إلى مكتب قاضية التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا، التي كانت حددت جلسة لاستجوابه في الجرائم المسندة إليه، وأهمها «الانضواء في صفوف جيش العدو والحصول على الجنسية الإسرائيلية وتعذيب مدنيين لبنانيين والتسبب بقتلهم».
وتكتسب محاكمة الفاخوري أمام القضاء العسكري أهمية قصوى، بالنظر إلى دوره الأمني، حيث كان يشغل منصب المسؤول العسكري لمعتقل الخيام، الذي كان يخضع لسلطة الاحتلال الإسرائيلي قبل تحرير جنوب لبنان في العام 2000، وكان أحد أبرز قادة ميليشيات «جيش لبنان الجنوبي» بقيادة أنطوان لحد، ومسؤولاً عن عمليات تعذيب السجناء اللبنانيين داخل هذا المعتقل. ورغم مثول الفاخوري لأكثر من ساعة أمام القاضية أبو شقرا، لم تتمكّن الأخيرة من استجوابه، بعدما استمهل لحضور محامية أميركية، وصلت إلى بيروت أول من أمس، لتتولّى مهمّة الدفاع عنه، ولم تحضر جلسة التحقيق أمس، بانتظار أن تحصل على إذن من نقابة المحامين في بيروت، عندها بادرت أبو شقرا لإصدار مذكرة توقيف وجاهية بحقّه، ثمّ عرضت أوراق القضية على النيابة العامة العسكرية لإبداء رأيها بطلب المدعى عليه (الخاص بتوكيل المحامية الأميركية)، على أن تحدد موعداً لاستجوابه فور حصول وكيلته على إذن يمكنها من الدفاع عنه. وكانت قوّة من الجيش اللبناني أحضرت الفاخوري عند التاسعة من صباح أمس إلى مقرّ المحكمة العسكرية، وسبقت ذلك إجراءات أمنية وعسكرية فرضت أمام مبنى المحكمة وفي محيطه، وسط حضور كبير لوسائل الإعلام ومحطات التلفزة اللبنانية والعربية والأجنبية، كما حضر وفد من السفارة الأميركية برفقة المحامية الأميركية إلى المحكمة، لكن لم يسمح له بالدخول لعدم حصوله على إذنٍ مسبق من جهاز أمن المحكمة، وترافقت هذه الإجراءات مع اعتصام للأسرى السابقين في معتقل الخيام، الذين رفعوا اللافتات المطالبة بمحاسبة الفاخوري وكلّ عملاء إسرائيل، وحملوا صوراً لرفاقهم الذين قضوا تحت التعذيب في هذا المعتقل. وأكد محامي الأسرى المحررين معن الأسعد من أمام المحكمة أن «هناك استحالة في التسوية بملف العميل الفاخوري». وأشار إلى أن «الجو كان إيجابياً جداً، والمحكمة العسكرية في قمة الحيادية والاستقلالية».
وكان الفاخوري مثل على مدى ساعة ونصف الساعة في مكتب القاضية أبو شقرا، في حضور المحامي اللبناني فرنسوا إلياس، الذي اعتذر عن مهمّة الدفاع عن المتهم، ما دام أن الأخير متمسّك بحضور المحامية الأميركية، وأوضح مصدر قانوني لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأسئلة التي طرحت على الفاخوري في جلسة اليوم (أمس) انحصرت بالشكل، وتمحورت حول تعيينه محامياً للدفاع عنه، وما إذا كانت لديه مطالب أخرى مثل عرضه على طبيب شرعي قبل المباشرة باستجوابه». وأكد المصدر أن «الجلسة المقبلة ستدخل في أساس القضية، وسيجري استجواب هذا الموقوف في الجرائم المسندة إليه، سواء التي ارتكبها عندما كان مسؤولاً عن معتقل الخيام، وعمليات التعذيب والتنكيل باللبنانيين المعتقلين فيه، أو تلك التي ارتكبها بعد ذلك التاريخ، لا سيما ما يتعلّق بحصوله على الجنسية الإسرائيلية، والتي تصنّف جناية مستمرّة لا تسقط بمرور الزمن».
وتشعّب ملفّ الفاخوري إلى ملفات متعددة، إذ لم يقتصر الأمر على ادعاء النيابة العامة العسكرية فحسب، بل ثمة تحقيقات ستجري في الأخبار المقدّم من وكيل الأسرى السابقين المحامي معن الأسعد، بالإضافة إلى الدعاوى الشخصية من متضررين، وكشف مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن «النيابة العامة التمييزية ستحيل الإخبار إلى القضاء العسكري لضمّه إلى الملف الأساس، باعتبار أن الملاحقة في الجرائم المنسوبة لهذا العميل، تقع ضمن اختصاص القضاء العسكري، خصوصاً ما يتعلّق منها بالتجسس لصالح إسرائيل، وخطف لبنانيين وتعذيبهم بطلب من قوات الاحتلال». وعن الحقوق الشخصية للمتضررين من جرائم الفاخوري، أوضح المصدر القضائي أن «المادة 24 من قانون القضاء العسكري، تحفظ للمتضرر حقّه، فإذا صدر حكم عن المحكمة العسكرية أدان المتهم بالجرائم المدعى بها، يمكن للمتضرر أن يستحصل على نسخة من هذا الحكم، ويتقدم بمراجعة أمام القضاء العدلي للمطالبة بتعويضات شخصية عن الضرر الجسدي والنفسي الذي لحق به جراء اعتقاله وتعذيبه».
القضاء العسكري يصدر مذكرة توقيف الفاخوري ويرجئ استجوابه
القضاء العسكري يصدر مذكرة توقيف الفاخوري ويرجئ استجوابه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة