«غارات غامضة» تستهدف مجدداً «موقعاً إيرانياً» شرق سوريا

مصادر قالت إنها إسرائيلية وأسفرت عن مقتل عشرة موالين لطهران

«غارات غامضة» تستهدف مجدداً «موقعاً إيرانياً» شرق سوريا
TT

«غارات غامضة» تستهدف مجدداً «موقعاً إيرانياً» شرق سوريا

«غارات غامضة» تستهدف مجدداً «موقعاً إيرانياً» شرق سوريا

قتل عشرة مقاتلين عراقيين موالين لإيران ليل الاثنين - الثلاثاء جراء غارات شنتها طائرات حربية مجهولة في منطقة البوكمال في شرق سوريا الحدودية مع العراق، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ «الغارات استهدفت ثلاثة مواقع للحرس الثوري الإيراني ومجموعات موالية له» في ريف دير الزور الشرقي، من دون أن يتمكن من تحديد الجهة التي نفّذت الغارات.
وتنتشر قوات إيرانية وأخرى عراقية، داعمة لقوات النظام السوري، في منطقة واسعة في ريف دير الزور الشرقي خصوصاً بين مدينتي البوكمال الحدودية والميادين.
ومحافظة دير الزور مقسمة بين أطراف عدة، إذ تسيطر قوات النظام ومقاتلون إيرانيون على المنطقة الواقعة غرب نهر الفرات الذي يقسم المحافظة إلى جزأين، فيما تسيطر قوات سوريا الديمقراطية، وهي فصائل كردية وعربية مدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، على المناطق الواقعة عند ضفافه الشرقية.
وجرى استهداف مقاتلين موالين للنظام في المنطقة مرات عدة، إذ قتل 55 منهم، من سوريين وعراقيين، في يونيو (حزيران) 2018 في ضربات قال مسؤول أميركي إن إسرائيل تقف خلفها، إلا أن الأخيرة رفضت التعليق. كما استهدفت طائرات التحالف الدولي مرات عدة مواقع لقوات النظام في المنطقة.
وقال «المرصد» لاحقا إن الضربات الجوية التي استهدفت القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها في منطقة الهري بريف البوكمال شرق دير الزور «تسببت في خسائر بشرية ومادية فادحة، حيث قتل ما لا يقل عن 10 من الميليشيات الموالية لإيران من الجنسية العراقية، واستهدفت الضربات مستودعا للصواريخ والذخيرة وموقعين آخرين في المنطقة، الأمر الذي أدى لتدمير المستودع». وزاد: «عدد القتلى مرشح للارتفاع لوجود جرحى بعضهم في حالات خطرة».
وهذه هي المرة الثانية التي يستهدف القصف الجوي الإيرانيين شرق سوريا خلال الشهر الحالي.
وجاءت هذه الضربات بعد نحو عشرة أيام من غارات مماثلة ولم تتضح هوية الطائرات التي نفذتها وتسببت بمقتل 18 مقاتلاً، بينهم إيرانيون، في المنطقة ذاتها. وحدث ذلك على وقع توتر متصاعد بين إيران و«حزب الله» اللبناني من جهة وإسرائيل من جهة ثانية. وقد اتهمت الأخيرة حينها قوات تابعة لإيران بإطلاق صواريخ نحوها من منطقة قرب دمشق.
وأوضح «المرصد السوري» أن «الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مواقع وآليات ومستودعات ذخيرة وسلاحا للقوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها في مدينة البوكمال ومحيطها بعدة غارات وصواريخ، أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 18 من الإيرانيين والميليشيات الموالين لها، حيث استهدفت مواقع للإيرانيين في كل من مركز الإمام علي ومنطقة الحزام الأخضر والمنطقة الصناعية وفي قرية العباس بالقرب من مدينة البوكمال، والمعبر الحدودي مع العراق ومواقع أخرى في منطقة البوكمال بريف دير الزور الشرقي».
وجاء ذلك بعدما نشرت قناة «فوكس نيوز» الأميركية صورا لـ«قاعدة إيرانية» في البوكمال.
وفي 17 يونيو، قال «المرصد» إنه «وثق مقتل 55 من القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها من جنسيات غير سورية وعناصر من قوات النظام في الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مواقع مشتركة للإيرانيين والنظام والميليشيات الموالية لهما في منطقة الهري بالقرب منطقة البوكمال أقصى شرق دير الزور».
وذكر مصدر في التحالف الإقليمي الذي يدعم دمشق ومصادر أمنية في العراق الثلاثاء أن طائرة مسيرة مجهولة ضربت موقعاً بالقرب من بلدة تسيطر عليها الحكومة السورية على الحدود مع العراق الليلة الماضية.
وقال المصدر الموالي للحكومة السورية إن الهجوم الذي وقع قريباً من بلدة البوكمال أصاب موقعاً يسيطر عليه مقاتلون عراقيون من قوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران ولم يوقع قتلى أو مصابين.
وأشارت المصادر الأمنية في العراق إلى أن هجوم الطائرة المسيرة استهدف البوكمال في سوريا، دون تقديم مزيد من المعلومات.
وكانت وسائل إعلام تابعة لـ«حزب الله» ذكرت الأسبوع الماضي أن طائرات إسرائيلية قصفت معسكراً تحت الإنشاء للجيش السوري في البوكمال. وتقول إسرائيل، التي تشعر بالقلق من تزايد نفوذ إيران الإقليمي، إنها نفذت مئات الضربات في سوريا.
وأفادت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) بأن السفير السوري في العراق اجتمع في بغداد الأسبوع الماضي مع المسؤول العراقي عن المعابر الحدودية لبحث سبل الإسراع بإعادة فتح المعبر.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.