«الجونة السينمائي» في مصر يحتفل بمئوية إحسان عبد القدوس

عبر معرض فنّي يُبرز مشواره الأدبي والفني

إحسان عبد القدوس في مكتبه  -  صورة تجمعه مع حفيده الأكبر
إحسان عبد القدوس في مكتبه - صورة تجمعه مع حفيده الأكبر
TT

«الجونة السينمائي» في مصر يحتفل بمئوية إحسان عبد القدوس

إحسان عبد القدوس في مكتبه  -  صورة تجمعه مع حفيده الأكبر
إحسان عبد القدوس في مكتبه - صورة تجمعه مع حفيده الأكبر

يحتفل مهرجان الجونة السينمائي الدُّولي بمئوية الكاتب الكبير الراحل إحسان عبد القدوس (1919 - 1990)، عبر تنظيم معرض استثنائي يُبرز مشواره الطويل بين عالم الصحافة والأدب والفن. ورغم إعلان مهرجان القاهرة السينمائي العام الماضي نيته الاحتفال بمرور مائة عام على ميلاد عبد القدوس، فإنّه لم يحتفل بمئويته بعد اعتذار أسرة الكاتب الراحل عن عدم الحضور والتكريم، لعدم إشارة إدارة المهرجان لتكريم عبد القدوس في حفل الافتتاح، حسب نجل الكاتب الراحل أحمد عبد القدوس، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنّه «كان من المفترض كذلك الاحتفال بمئويته في معرض كتاب القاهرة العام الماضي، لكنّي فوجئت بإقامة الندوة في قاعة اجتماعات غير مناسبة، ومن دون تعليق صور أو بوسترات تشير إلى موعد ومكان الندوة مما دفعني للانسحاب».
وتأمل أسرة الكاتب الراحل في إقامة احتفالية تليق بمشواره الأدبي والفني الكبير، بمهرجان الجونة السينمائي الدولي، خصوصاً بعد تحويل نحو 47 رواية له إلى أعمال سينمائية شهيرة، لعبت بطولتها كبار نجمات السينما المصرية في عصرها الذهبي، على غرار فاتن حمامة وشادية وماجدة ولبنى عبد العزيز ونجلاء فتحي ونبيلة عبيد، كما حملت أعماله توقيع كبار المخرجين من بينهم صلاح أبو سيف وحسين كمال وهنري بركات وحسن الإمام وغيرهم.
وقررت إدارة مهرجان الجونة أخيراً تنظيم معرض خاص لتخليد ذكرى عبد القدوس الذي عمل كاتبا وروائيا وصحافيا وألّف عدداً كبيراً من الروايات تحوّل عدد كبير منها إلى أفلام سينمائية، من منطلق حرص المهرجان على كل ما هو متعلق بفن السينما وكل من ساهم بشكل معين في فن السينما.
ويضمّ المعرض عدداً كبيراً من مقتنيات الأديب الراحل الشّخصية، وفق أحمد عبد القدوس: «كل أشيائه خرجت لأول مرة من بيتنا إلى المعرض، ورغم مرور 29 عاما على رحيله، فإننا لم ولن نفرط في ورقة منها، لذا فالمعرض يضمّ أوراقه الخاصة وصوره في مراحل مختلفة من حياته، بجانب لوحاته التي رسمها كبار الفنانين التشكيليين بل وقطع الأثاث مثل مكتبه واللوحات الفنية التي كان يقتنيها وشهادات التقدير والجوائز التي حصل عليها، بالإضافة إلى بعض الأوراق المكتوبة بخط يده».
وكشف أحمد كواليس اتفاقه مع إدارة مهرجان الجونة قائلاً: «لم تكن هناك أي شروط مسبقة بيننا وبين إدارة المهرجان التي تحمّست بقوة لتنظيم احتفال كبير يليق بوالدي في ذكرى مرور 100 عام على ميلاده، وزار وفد من المهرجان البيت لمعاينة مقتنيات والدي واختاروا عدداً كبيراً منها لأجل المعرض».
ويرى نجل الكاتب الكبير أنّ والده لم «يأخذ حقه في حياته أو بعد وفاته، ففي حياته كان يُهاجم من النقاد لجرأة آرائه وأفكاره ولم يكن يهتم بالنقد، بل مضى مخلصا في كتاباته الجريئة، وبعد وفاته لم يلق التكريم الذي يليق بموهبته الإبداعية».
ولإحسان عبد القدوس، سجل أدبي وسينمائي حافل يعتبره النقاد إضافة مهمة جداً للسينما، لا سيما أنّه من أكثر الكتاب الذين انتبهت السينما لأعمالهم الروائية واهتمت بتحويلها إلى أفلام، لأنّه واكب في كتاباته مرحلة التغير الاجتماعي في دور الفتاة المصرية، وقدّم نماذج مختلفة للمرأة المصرية على الشاشة، خصوصاً بعد ثورة 23 يوليو (تموز) 1952، على غرار «في بيتنا رجل»، و«أنا حرة»، كما تحدّث عن الطبقة التي لم تكن السينما قد تناولتها من جوانبها كافة، وهي الطبقة المرفّهة التي تناولها في عدد من الأعمال مثل فيلمي «النظارة السوداء» و«أنف وثلاث عيون» وغيرهما.
من جهته، قال الناقد والباحث السينمائي سامح فتحي، الذي يُشرف على تنظيم المعرض وصاحب فكرة الاحتفال بمئوية عبد القدوس لـ«الشرق الأوسط»: «أصدرت كتابا بعنوان (إحسان عبد القدوس بين الأدب والسينما)، تناولت من خلاله مشواره الأدبي والسينمائي بالنقد والتحليل مستعرضاً الرواية الأصلية ثم الفيلم، ومتناولا الاختلاف بينهما وكيف عصف بعض المخرجين بنهايات النص الأدبي وقدموا نهايات مغايرة». مشيراً إلى أنّ «المخرج صلاح أبو سيف كان من أكثر من فعل ذلك حيث عمد إلى تغيير نهاية فيلم (أنا حرة)، ونهاية (لا أنام)، لأنّه كان يرى أنّ رؤيته السينمائية لا بد أن تختلف عن الرواية، رغم أنّه كان من أكثر المخرجين إخلاصا لفكر إحسان».
ويضيف سامح: «لم يصدر كتاب يقيّم تجربة الكاتب الكبير السينمائية الثرية بين الأدب والسينما قبل كتابي، رغم أنّه أثرى الشاشة بأفلام مهمة شكلت وجدان أجيال كثيرة ولا تزال».


مقالات ذات صلة

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
رياضة سعودية السباق سيقام في الفترة المسائية على مسافة اثنين من الكيلومترات (واس)

«مهرجان الإبل»: تأهب لانطلاق ماراثون هجن السيدات

تشهد سباقات الهجن على «ميدان الملك عبد العزيز» بالصياهد في الرياض، الجمعة المقبل، ماراثوناً نسائياً يُقام في الفترة المسائية على مسافة اثنين من الكيلومترات.

«الشرق الأوسط» (الصياهد (الرياض))
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
رياضة سعودية إقامة شوط للسيدات يأتي في إطار توسيع المشاركة بهذا الموروث العريق (واس)

مهرجان الصقور: «لورد» غادة الحرقان يكسب شوط الصقارات

شهد مهرجان الملك عبد العزيز للصقور 2024؛ الذي ينظمه نادي الصقور السعودي، الجمعة، بمقر النادي بمَلهم (شمال مدينة الرياض)، جوائز تتجاوز قيمتها 36 مليون ريال.

«الشرق الأوسط» (ملهم (الرياض))
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».