تسابق وزارة الإسكان السعودية الزمن والمسافة بالعمل على تنظيم القطاع العقاري والإسكاني بمعاونة واسعة من الجهات الحكومية ذات الصلة. وفي الوقت الذي ينظر لها بعين التحدي، عملت الوزارة على تنظيم القطاعين من خلال عدد من التشريعات اللازمة لضمان الدورة الاقتصادية وتحقيق المطلوب من استحداثها قبل سنوات.
وقد يكون الضغط شديداً على الوزارة نتيجة سقف التوقعات العالي من قبل الأفراد بتوفير المنزل وفق معطيات معقولة، إلا أن الوزارة عملت على تنظيم القطاع وبخاصة الشق المالي منه الذي كان يعتبر الشوكة في حلق القطاع، وقدرة الوزارة في الانتقال من الوسائل التقليدية إلى وسائل أكثر اقتصادية وإقناع المستفيدين بتلك الأدوات التي أطلقتها، على الرغم من الانتقادات الواسعة حول اعتمادها مفهوم «الكم على الكيف»، إلا أنها حققت المأمول برفع نسبة التملك بين الأفراد.
ويظل التحدي أمام الوزارة لمعالجة كمية التضخم التي شهدتها أسعار الأراضي خلال العقدين الماضيين؛ إذ كانت سلعة «الأراضي» إحدى أهم القنوات الاستثمارية التي استثمر فيها أغلب السعوديين؛ مما نتج منه ارتفاع أسعارها بشكل فوق القدرة الشرائية للأفراد، في حين تغيرت سلوكيات الكثير مما ساهم في حلم تملك منزل أسهل مما كان عليه، والذي يثبت من خلال إحصائيات الوزارة وأرقام مؤسسة النقد بما يتعلق بالتمويل العقاري.
وكانت القروض العقارية التي منحتها البنوك التجارية في السعودية للأفراد والشركات بنهاية الربع الثاني من العام الحالي سجلت ارتفاعاً إلى نحو 263.7 مليار ريال (70.3 مليار دولار) بنسبة ارتفاع بلغت 22 في المائة، مقارنة بنحو 216.8 مليار ريال (57.8 مليار دولار) بنهاية الربع الثاني من العام الماضي.
وقال مختصان، إن وزارة الإسكان السعودية أصدرت حتى الآن، عدداً كبيراً من الأنظمة والقرارات الجديدة، الكفيلة بحل هذه المشكلة في مختلف المناطق، ورأى المختصان أن آلية عمل الوزارة، في تطبيق ما تعلن عنه من مبادرات، هو ما أحدث الفارق بين أدائها اليوم، وبين أداء القطاع العقاري في السعودية قبل استحداث الوزارة، متوقعين أن يشهد القطاع العقاري في قادم السنوات، طفرة كبيرة في عدد الأفراد الذين يمتلكون مساكن خاصة بهم.
وسعت وزارة الإسكان لتنظيم وتيسير بيئة إسكانية متوازنة ومستدامة، وذلك من خلال إيجاد وتطوير برامج لتحفيز القطاعين الخاص والعام من خلال التعاون والشراكة في التنظيم والتخطيط والرقابة لتيسير السكن لجميع فئات المجتمع بالسعر والجودة المناسبة.
وقال المحلل الاقتصادي الدكتور عبد الله المغلوث، عضو اللجنة السعودية للاقتصاد وعضو اللجنة الوطنية للمقاولين بمجلس الغرف وعضو اللجنة العقارية سابقاً، إن الوزارة نجحت في تحقيق الكثير من أهدافها خلال السنوات الماضية؛ ما يؤكد كفاءة الخطط وآليات التطبيق المتبعة في التعامل مع مشكلة السكن. وأضاف: «القطاع العقاري في السعودية، يشهد اليوم المزيد من التحولات الإيجابية، سواء في أدائه أو خططه أو برامجه أو إنتاجيته، في مشهد مغاير تماماً لما كان عليه الأمر في السابق».
وقال «قبل استحداث وزارة للإسكان في البلاد، كان القطاع تائهاً، بين جهات عدة، تتحكم فيه، كلٌ فيما يخصها، مثل وزارة الشؤون البلدية والقروية، وهيئة العقار، والمحاكم وغيرها من الجهات، ووجدت آنذاك تشريعات كثيرة لتنظيم القطاع، لكنها غير مُفعّلة، ولا يلتزم بها الكثيرون، وهذا يفسر لنا سبب ظهور مشكلات كثيرة، من بينها مشكلة السكن، وارتفاع الأسعار، واحتكار الأراضي البيضاء، وغيرها».
وتابع المغلوث: «مع استحداث وزارة للإسكان، فوجئنا بإصدار الكثير من التشريعات والقوانين الجديدة بهدف تنظيم القطاع العقاري، وهذه التشريعات نجحت في علاج الكثير من مشكلات القطاع، وبدأنا نجني اليوم ثمار هذه التشريعات، بزيادة المنتجات العقارية التي تشرف عليها الوزارة، بالتعاون مع القطاع الخاص، ومن ثم زيادة نسبة التمليك في صفوف المواطنين، وتراجع أسعار الأراضي البيضاء، بعد بلوغها في وقت سابق حدوداً خارج المنطق والعقل».
واستطرد المغلوث: «الأهم من ذلك، أن الوزارة أوجدت منتجات سكنية تقل 50 في المائة عن أسعار السابق، حيث تبدأ بـ250 ألف ريال (66.6 ألف دولار) للشقة السكنية الجاهزة، علماً بأن سعرها في السابق كان بلغ 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار)».
من جانبه، رأى خالد بارشيد، رئيس اللجنة العقارية السابق بغرفة المنطقة الشرقية، أن المبادرات التي أعلنت عنها الوزارة، تعتبر كافية جداً، لترتيب أوراق القطاع. وقال: «الوزارة عالجت الكثير من مشكلات القطاع بما أعلنت عنه من مبادرات وأنظمة وقوانين، وهي من وجهة نظري كثيرة ومهمة ومطلوبة؛ لأنها مهدت الطريق لقطاع عقاري فعال ومثمر، ولعل أهم هذه المبادرات والتشريعات، التي كان لها دور في تخفيض الأسعار، قرار فرض رسوم على الأراضي البيضاء، ومبادرة تعزيز القروض العقارية، وتوفير المزيد من البرامج لبناء المساكن، وتنويع المنتجات العقارية بين وحدات سكنية جاهزة، ومنازل وفلل».
ووفق خطتها المعلنة، تعمل وزارة الإسكان من أجل حل مشكلة السكن في البلاد، لتحفيز المعروض العقاري ورفع الإنتاجية لتوفير منتجات سكنية بالسعر والجودة المناسبة، وذلك من خلال عقد شراكات مع مطورين من القطاع الخاص على أراضي الوزارة، وتحفيز تطوير منتجات سكنية على أراضي القطاع الخاص، وتطوير منتجات سكنية على الأراضي الخاضعة لرسوم الأراضي البيضاء، فضلاً عن تطوير المناطق العشوائية ومركز المدن للاستفادة القصوى منها، وكذلك الأراضي الوزارية ليستفيد منها المنتسبون لبرنامج الدعم السكني»،
وبتقدير بارشيد، فإن الوزارة تمكنت من خلال هذه الخطة، من الإمساك بالمدخل الصحيح، موضحاً أن «تنظيم القطاع العقاري في أي بلد، لا يحتاج إلى المزيد من المبادرات العقارية والقوانين والأنظمة، بقدر حاجته إلى جهات نافذة، قادرة على تطبيق كل ذلك على أرض الواقع وعلى الجميع صغيرا وكبيرا من دون محاباة أو استثناءات».
وقال «هذا ما حرصت عليه وزارة الإسكان في السنوات الأخيرة، عندما أدركت أن القطاع العقاري تنقصه آلية تفعيل التشريعات، وليس إصدارها، وهذا ما نجني ثماره اليوم».
وتابع بارشيد «بما فرضته الوزارة من مبادرات، أوجدت الوزارة حلولاً ناجعة لمشكلة الإسكان»، لكنه استطرد موضحاً: «هذا لن يتحقق في ليلة وضحاها، وإنما مع مرور الوقت، وبالحرص على تنفيذ هذه الخطوات بكفاءة»، مؤكداً أنه «إذا استمر أداء الوزارة على ما هو عليه اليوم، سوف نحقق مستهدفات (رؤية 2030) بالوصول لنسبة تمليك المساكن في صفوف المواطنين، إلى 70 في المائة، وعندما نصل إلى هذه النسبة، نكون قد قطعنا شوطاً طويلاً في حل مشكلة السكن».
وعلى الرغم من النجاحات التي حققتها وزارة الإسكان خلال الفترة الماضية، لكن يظل التحدي الكبير يتمحور في كيفية منح القطاع الخاص قدرة أكبر في قيادة سوق الإسكان والعقارات، وجذب الاستثمارات، وبخاصة أن القطاع الإسكاني والعقاري يتمتع بمقومات الصناعة كافة، من صناع ومسوقين وشركات وساطة وطلب داخلي ضخم يتنامى بشكل متواصل مع زيادة عدد الأسر.
وزارة الإسكان السعودية تسابق الزمن لتنظيم قطاع الإسكان والعقارات
الأسواق تستجيب لمبادراتها وتواجه ضغطاً لإحداث التوازن بين القدرة الشرائية والأسعار
وزارة الإسكان السعودية تسابق الزمن لتنظيم قطاع الإسكان والعقارات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة