تنطلق اليوم مباريات دور المجموعات لدوري أبطال أوروبا للموسم الجديد، ومعها يتم طرح الكثير من التساؤلات المثيرة، مثل: هل يستطيع ليفربول أن يدافع عن لقبه؟ وهل سيتوقف المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا عن تعقيد الأمور بشكل مفرط، وينجح للمرة الأولى منذ تسع سنوات في الحصول على لقب دوري أبطال أوروبا للمرة الثالثة في تاريخه كمدير فني؟ وهل مغامرة يوفنتوس بالتعاقد مع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو ستؤتي ثمارها وينجح النادي الإيطالي في حصد اللقب؟ وهل حقا برشلونة وريال مدريد في حالة سيئة كما يبدو الأمر للوهلة الأولى؟ ومن الفريق الذي سيطيح باريس سان جيرمان من المسابقة هذه المرة؟ لكن السؤال الأكثر أهمية هو: متى يبدأ المعترك الحقيقي للبطولة؟.
خلال الموسم الماضي، تمكن فريق واحد فقط من الإطاحة بناد لديه إيرادات سنوية أعلى منه في دور المجموعات. وفي العام السابق، ودعت أربعة أندية المسابقة أمام أندية لديها إيرادات سنوية أقل، وقبل ذلك بعام خرج فريق واحد من المسابقة أمام فريق أقل منه من حيث الإيرادات السنوية. ومن بين آخر 48 فريقاً وصلوا إلى مراحل خروج المغلوب، لم تنجح سوى ستة أندية فقط من الأقل تحقيقا للإيرادات المالية في الصعود للمرحلة التالية من البطولة - وبات من الصعب حتى أن تقول إن أياكس أمستردام أو بازل السويسري يمكنه الإطاحة ببنفيكا البرتغالي، أو إن روما يمكنه التأهل على حساب أتلتيكو مدريد.
عندما ننظر إلى احتمالات المراهنات، نجد أن الاستنتاجات الخاصة بالمجموعات الأولى والثانية والرابعة والخامسة محسومة تماما، وحتى فيما يتعلق باحتمال تأهل صاحب المركز الثاني في هذه المجموعات كانت المراهنات بنسبة تسعة إلى اثنين أو أقل. وكانت المجموعة السادسة هي الوحيدة التي تضم أربعة فرق يمكن لأي منها التأهل للدور التالي، وجاء نادي زينيت، الذي تأهل للمسابقة بصفته حاملا للقب الدوري الروسي، في المركز الرابع ضمن المراهنات بنسبة ستة إلى أربعة.
ويعني هذا في واقع الأمر أنه في المجموعات السبع الأخرى، ستكون هناك 84 مباراة لتقرير ما إذا كان بإمكان نادي أتالانتا الإيطالي الذي يعتمد على الضغط المتواصل على حامل الكرة سيمكنه الإطاحة بنادي شاختار الأوكراني الذي يمر بمرحلة انتقالية بعد رحيل باولو فونسيكا أم لا، وما إذا كان أنطونيو كونتي يمكنه قيادة إنتر ميلان للتفوق على بوروسيا دورتموند، وما إذا كان يمكن لفالنسيا التغلب على آثار الفوضى الناجمة عن إقالة المدير الفني للفريق، مارسيلينو، الأسبوع الماضي والتغلب على أياكس أمستردام.
أو بعبارة أخرى، في ست مجموعات من المجموعات الثمانية، يوجد فريق يتفوق على الآخرين بنسبة 50 إلى واحد أو أكثر ومرشح لاحتلال صدارة المجموعة. أما بطل التشيك - سلافيا براغ، الذين وقع في نفس المجموعة مع برشلونة وبوروسيا دورتموند وإنتر ميلان – فتبلغ حظوظه 100 إلى واحد، أي إن شخصا واحدا فقط من بين كل 100 يتوقع أن يتأهل النادي من دور المجموعات!.
ويكمن الشيء السيئ في هذه المسابقة في حقيقة أن هناك مجموعة صغيرة من الأندية الكبيرة الأقوى بكثير من باقي الأندية، علاوة على أن هناك عددا من الأندية الصغيرة التي ليس لها أي فرصة في المنافسة على التأهل من دور المجموعات. ولنضرب مثلا بنادي دينامو زغرب، الذي فاز بلقب الدوري الكرواتي في 13 من آخر 14 موسماً، لكنه في النسخة الماضية لم يحصل إلا على أربع نقاط فقط في دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا. وأصبحت اللعبة التي تلعبها مثل هذه الأندية تتمثل في خسارة المباريات بدوري أبطال أوروبا والحصول على أموال مقابل المشاركة ثم تعود لبلدها وتفوز بلقب الدوري المحلي ثم تعود للمشاركة في دوري أبطال أوروبا، وهكذا.
ربما يكون دينامو زغرب وغيره من الأندية المماثلة سعيدة بالطريقة الحالية التي تقام بها البطولة، لأن هذا النظام يساعدها على كسب الكثير من الأموال من دون بذل الكثير من الجهد، وهو الأمر الذي يساعدها على الهيمنة على المسابقات المحلية في بلادها، في الوقت الذي يعني فيه المشاركة في دوري أبطال أوروبا أنه يكون لديها فرصة كبيرة لتسويق أي موهبة شابة واعدة تسعى لبيعها بمقابل مادي كبير. لكن تقريرا صادرا عن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم هذا الصيف أظهر أن عدد الحضور الجماهيري بعيدا عن مباريات أندية الدوريات الخمسة الكبرى بدأ في الانخفاض.
وقد بدا أن الأندية الكبرى أيضا راضية عن هذا النظام لبعض الوقت، وهو ما يعني أن هذه الأندية لم تعد تهتم كثيرا بجوهر كرة القدم المتمثل في المتعة والإثارة وأنها لا تفكر هي الأخرى سوى في زيادة عائداتها المالية.
وقال المدير العام لنادي ريال مدريد، خوسيه أنخيل سانشيز، إن النادي يجب أن يرى نفسه مثل شركة ديزني، أي كمنتج للمحتوى، أما المحتوى الآن فهو مباريات دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا، وباتت وسائل الإعلام تركز على إحراز النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو لثلاثة أهداف (هاتريك) في مباراة واحدة، أو مرور النجم البرازيلي نيمار من ظهير الفريق المنافس بلمحة فنية رائعة، أو مرور النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي من أربعة لاعبين دفعة واحدة، لكن وسائل الإعلام ومقاطع الفيديو التي تنتشر على موقع يوتيوب لم تذكر أن لاعبا بالفريق البيلاروسي الذي خرج من المسابقة مثلا يحصل على راتب أقل بمائة مرة من الراتب الذي يحصل عليه لاعب آخر في ناد من أندية القمة.
لكن منطق الاقتصاد الليبرالي الجديد لكرة القدم أصبح هو المسيطر والمتحكم في كل شيء. إن مسابقة دوري أبطال أوروبا تجعل الأندية الغنية أكثر ثراء للدرجة التي جعلت المسابقات المحلية لا قيمة لها تقريبا بالنسبة لهذه الأندية. وهذا هو السبب الذي جعل نادي يوفنتوس يغامر بالتعاقد مع كريستيانو رونالدو مقابل 100 مليون يورو رغم أنه يبلغ من العمر 33 عاما، على أمل أن يقودهم للحصول على أول لقب لدوري أبطال أوروبا منذ عام 1996.
وعندما ودع يوفنتوس النسخة التالية من دوري أبطال أوروبا من الدور ربع النهائي بعد الخسارة أمام أياكس أمستردام الهولندي، تمت الإطاحة بالمدير الفني للفريق ماسيميليانو أليغري، على الرغم من أنه قاد النادي للحصول على خمسة ألقاب للدوري الإيطالي الممتاز على التوالي.
لكن فيما يتعلق بكرة القدم نفسها، فإن المسابقة للأسف لا تنتج سوى ما يتراوح بين مباراتين وسبع مباريات حقيقية ومثيرة لكل ناد من الأندية الكبيرة، ولا تبدأ هذه المباريات المثيرة إلا مع بداية شهر فبراير.
وبالتالي، لم يكن من الغريب أن تسعى أندية النخبة في أوروبا – بعيدا عن أندية الدوري الإنجليزي الممتاز – إلى تغيير النظام الحالي لدوري أبطال أوروبا. وفي الحقيقة، من الواضح أن نظام البطولة يحتاج إلى تغيير، نظرا لأن نحو 80 في المائة من مباريات دور المجموعات باتت لا معنى لها إلى حد كبير، في الوقت الذي يساعد فيه هذا النظام على توسيع الفجوة المالية الهائلة بين الأندية الغنية والأندية الفقيرة.
لكن الخطة التي اقترحها رئيس يوفنتوس، أندريا أنيللي، هي أن يكون دور المجموعات مكونا من أربع مجموعات تضم كل مجموعة منها ثمانية أندية، سوف تجعل الأمر أكثر سوءا من الناحية الهيكلية، لكنها ستكون جيدة من ناحية أخرى لأنها ستقلل عدد المباريات التي لا أهمية لها بعد ضمان الأندية الكبرى للتأهل مبكرا (على عكس النظام الحالي؛ حيث تتحول الكثير من المباريات القوية إلى مباريات لا معنى لها، نظرا لأن أحد الأندية أقوى بكثير من الأندية الأخرى).
ويبدو أن هذا الاقتراح يواجه اعتراضا من جانب أندية الدوري الإنجليزي الممتاز - ليس لصالح اللعبة بالطبع، ولكن لأنه يهدد المزايا المالية التي تتمتع بها بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز. وتكمن المفارقة العظيمة في أنه، بعيدا عن التسويق الجيد، فإن السبب الرئيسي وراء الشعبية الكبيرة للدوري الإنجليزي الممتاز يعود إلى أنه من الصعب للغاية التنبؤ بنتائج المباريات، بالمقارنة بأي دوري آخر في العالم، وبالتالي يتعين علينا أن نتعلم الدرس مما يحدث في الدوري الإنجليزي الممتاز ونسعى لتطبيقه في دوري أبطال أوروبا حتى تكون المسابقة أكثر قوة وإثارة.
دوري أبطال أوروبا يعود لكن المواجهات الحقيقية في فبراير
مباريات دور المجموعات عززت من التفاوت المالي بين الأندية الكبرى والصغرى ومنافساتها قابلة للتنبؤ بشكل كبير
دوري أبطال أوروبا يعود لكن المواجهات الحقيقية في فبراير
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة