تحليل إخباري: موسكو تعول على «ضبط الساعات» مع أنقرة وطهران

الرؤساء الروسي والتركي والايراني خلال لقائهم (إ.ب.أ)
الرؤساء الروسي والتركي والايراني خلال لقائهم (إ.ب.أ)
TT

تحليل إخباري: موسكو تعول على «ضبط الساعات» مع أنقرة وطهران

الرؤساء الروسي والتركي والايراني خلال لقائهم (إ.ب.أ)
الرؤساء الروسي والتركي والايراني خلال لقائهم (إ.ب.أ)

لم يُخفِ الكرملين، أمس، درجة الاهتمام التي توليها موسكو للقمة الثلاثية بأنقرة، في إطار ما وصفها يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس، بأنها عملية «إعادة ضبط الساعات» في الملفات الأساسية المطروحة. ومع الإشارة إلى التركيز الروسي على 3 ملفات؛ هي: الوضع حول إدلب، ومسألة تشكيل اللجنة الدستورية، وملف الوضع الإنساني الذي تندرج فيه؛ وفقاً للكرملين، مسائل عودة اللاجئين، وتقديم مساعدات دولية، وإعادة الإعمار، ونزع الألغام... لكن الديوان الرئاسي تجنب في الوقت ذاته، الحديث عن اختراقات متوقعة في الملفات المطروحة على الطاولة، وفضل الإشارة إلى التطلع نحو «مواصلة عمليات التنسيق مع الطرفين الإيراني والتركي».
وبدا أن ملف تشكيل اللجنة الدستورية ما زال يراوح عند «خلافات محدودة جداً» وفقاً لتأكيد الكرملين، رغم المحاولة الروسية لتجاوز العقبات القائمة، وهو ما برز من خلال إرسال المبعوث الرئاسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف في زيارة عاجلة إلى دمشق، في 12 سبتمبر (أيلول) الحالي، هدفت إلى دفع هذا الملف.
وأكد أوشاكوف تطلع موسكو إلى تحقيق «تقدم قريب» في ملف «الدستورية»، وقال إن «إتمام عملية تشكيل اللجنة وإطلاق عملها توافقاً مع قرارات مؤتمر الحوار السوري المنعقد في يناير (كانون الثاني) 2018 في مدينة سوتشي، سوف يطلق مرحلة مهمة ضمن جهود تفعيل العملية السياسية. ونعدّ تشكيل اللجنة الدستورية فرصة فريدة لإطلاق حوار مباشر بين السوريين؛ سيكون الأول حول مستقبل بلادهم». وكشف بوتين، أمس، عن جانب من «المسائل العالقة» حول هذا الملف، خلال إشارته إلى أن «مسألة تشكيلة اللجنة الدستورية تقريباً اكتملت، والنقاشات متواصلة حول آليات عملها، ومن المهم أن يكون عملها مستقلاً وألا تخضع لأي ضغوط أو تدخل خارجي».
في المقابل، ترى أوساط روسية أن قمة أنقرة يمكن أن تكون نقطة تحول أساسية في معالجة الوضع حول إدلب، وقال لـ«الشرق الأوسط» مصدر قريب من وزارة الخارجية إن موسكو تتطلع إلى «وضع إطار لعمل تركي - روسي مشترك يستند إلى اتفاق الرئيسين رجب طيب إردوغان وفلاديمير بوتين في شأن القيام بخطوات محددة خلال اللقاء الذي جمعهما في موسكو الشهر الماضي». ووفقاً للمصادر، فإن «الأسابيع الماضية شهدت حوارات مكثفة على المستوى العسكري في البلدين، ونتائج هذا الجهد سوف تقدم إلى الرئيسين وإلى القمة الثلاثية».
ورغم أن المصادر الروسية تتجنب الإشارة إلى طبيعة «الخطوات المشتركة» التي يمكن القيام بها، فإن الأوساط العسكرية والدبلوماسية ركزت خلال الأيام الأخيرة على أنه «لا بديل عن إنهاء ملف وجود الإرهابيين في إدلب، واستكمال بسط سيطرة الحكومة السورية على أراضيها». كما قال أمس، فلاديمير جباروف، نائب رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الفيدرالية (الشيوخ) الروسي، لافتاً إلى تطلع لأن تضع القمة «ترتيبات محددة على صعيد التحرك الروسي - التركي المشترك».
وفي هذا الإطار، كانت مصادر روسية أشارت في وقت سابق في حديث إلى «الشرق الأوسط» إلى أن «التطورات الميدانية التي جرت خلال الأشهر الأخيرة، غيرت كثيراً من ملامح اتفاق سوتشي المبرم بين موسكو وأنقرة، والجهد ينصب حالياً على التوصل إلى تفاهمات تستند إلى اتفاق سوتشي لجهة المحافظة على التعاون الروسي - التركي، لكنها تأخذ في الاعتبار الوضع الميداني الجديد، لجهة اتساع رقعة سيطرة القوات النظامية في منطقة خفض التصعيد، كما تأخذ في الاعتبار التطور المتعلق بوجود روسيا المباشر في هذه المنطقة، مما يعني أن موسكو لم تعد تنتظر تحركاً منفرداً من جانب أنقرة لتنفيذ التزاماتها السابقة بموجب اتفاق سوتشي».
وبرزت أهمية إضافية للقمة الثلاثية بالنسبة إلى موسكو، من خلال تأكيد الكرملين أنها «تمهد لعقد اجتماع جديد لقمة تضم رؤساء روسيا وتركيا وفرنسا وألمانيا»، وهو أمر تعول عليه موسكو كثيراً في دفع جهودها في ملفات المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار وعودة اللاجئين.
ورأى خبراء أن الإنجاز الأكبر في القمة أنها تؤكد على «استمرار التنسيق الروسي - التركي - الإيراني» رغم بروز ملفات فيها تباينات مختلفة بين الأطراف، وهو الأمر الذي عناه الكرملين بعبارة «إعادة ضبط الساعات». وأوضح الخبير الروسي ستانيسلاف تاراسوف وجهة النظر الروسية حول الخلافات التي برزت حيال ملفات عدة بين أطراف المحور الثلاثي، ونقلت عنه صحيفة «إزفيستيا» أن «التحالف القائم في إطار (محور آستانة) معقد وغير تقليدي، لذلك لا يمكن تجنب ظهور صعوبات». وعلى سبيل المثال، قال الخبير إن تركيا تعارض في الرؤية الروسية للتسوية إحدى النقاط المتعلقة بمشاركة التشكيلات الكردية في مفاوضات محتملة. في حين أن ثمة وجوهاً أخرى للتباينات مع طهران.
ووفقاً لتاراسوف، فإنه، مع ذلك، لا يمكن تجاهل أن التعاون بين أنقرة وموسكو في المجال العسكري ومجالات أخرى أوسع وأكثر عمقاً من التعاون بين موسكو وطهران.
ولفت الخبير إلى تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أخيراً حول «انتهاء الحرب في سوريا»، مشيراً إلى أن أطراف «آستانة» الثلاثة تتفاوت وجهات نظرهم في تقييم الأهداف؛ وأنه «قد لا تتفق تركيا وإيران مع روسيا في أن الحرب وضعت أوزارها»، مشيراً مع ذلك، إلى أن «مسيرة القمم الثلاثية منذ أن وضعت أول قمة ملامح مناطق خفض التصعيد، دلّت إلى أن كل اللقاءات لها أهمية خاصة في وضع ترتيبات مشتركة ومحاولة التوصل إلى توافقات حول القضايا التي تظهر خلال العمل المشترك».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.