الرقابة الروسية تتهم «فيسبوك» و«غوغل» بالتدخل في الانتخابات التشريعية

تحول موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، ومعه مجموعة أخرى من المواقع الشهيرة ومحركات البحث والإعلانات على الإنترنت، إلى مشارك رئيسي في الانتخابات، بغض النظر عن طبيعتها أو في أي بلد تجري. هذا ما تؤكده اتهامات روسية للموقع، ومعه محرك البحث العالمي «غوغل»، بالتدخل أخيراً في انتخابات البرلمانات المحلية في المقاطعات والأقاليم الروسية، بسبب نشرهما ما وصفته السلطات الروسية بأنه «دعاية سياسية»، لا سيما ضمن حملة المعارض أليكسي نافالني الذي كان يدعو الناخبين إلى «عدم التصويت لمرشحي حزب روسيا الموحدة (حزب السلطة)». وكانت تلك الاتهامات موضوعاً رئيسياً لاجتماع فريق العمل في اللجنة المؤقتة لحماية السيادة الروسية، التابعة للمجلس الفيدرالي (الغرفة العليا في البرلمان الروسي)، ولجان أخرى تابعة لمجلس الدوما والمجلس الاجتماعي.
وكانت مؤسسة «روسكومندزور»، أي «هيئة الرقابة الفيدرالية الروسية»، قد قالت في أعقاب الانتخابات، نهاية الأسبوع الأول من سبتمبر (أيلول) الحالي، إنها سجلت حالات نشر «دعاية سياسية» على المساحات الإعلانية في «فيسبوك» و«غوغل» في اليوم الأخير قبل الاقتراع، المعروف بـ«يوم الصمت». وأوضحت أن الدعاية السياسية ظهرت على محرك البحث «غوغل»، وموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، وعلى موقع «يوتيوب» للفيديو الذي تملكه «غوغل».
وقالت الوكالة: «يمكن النظر إلى هذه الأعمال على أنها تدخل في شأن سيادي لروسيا، وعرقلة للانتخابات الديمقراطية في روسيا الاتحادية»، وأكدت أن «مثل هذا الممارسات من جانب الشركات الأجنبية أمر لا يمكن السماح به».
وفي ردها على تلك الاتهامات، أكدت شركة «غوغل»، في بيان رسمي، أنها تدعم الإعلانات السياسية المسؤولة، بما يتوافق مع القوانين والتشريعيات المحلية للبلد. أما «فيسبوك»، فقد قالت إن الجهة التي تقوم بتحميل الدعاية للنشر هي التي تتحمل المسؤولية عن الالتزام بالتشريعات والقوانين الانتخابية في روسيا، وأكدت أنها تقوم دوماً باتخاذ التدابير اللازمة، عندما يصلها بلاغ حول منشورات مخالفة، وتنتهك القوانين.
وفي أعقاب توجيه «روسكومندزور» تلك الاتهامات، انتقلت القضية إلى عدد من اللجان الحكومية للتحقيق في الأمر. وكان مجلس الدوما (الغرفة السفلي من البرلمان الروسي) قد افتتح دورة عمله الخريفية يوم 10 سبتمبر (أيلول) بتبني مشروع قانون تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لروسيا. واللجنة باشرت عملها فعلياً منذ شهر أغسطس (آب)، وستقوم حالياً بالتحقيق في الاتهامات الموجهة لـ«فيسبوك» و«غوغل».
كما بحث المجلس الاجتماعي، وهو مؤسسة تشاورية لتنسيق المواقف بين مؤسسات الدولة والمجتمع، تلك الاتهامات بالتدخل خلال جلسة خاصة يوم 11 سبتمبر (أيلول) الحالي. وقال ألكسندر مالكيفيتش، رئيس لجنة المجلس، إن شركات الإنترنت الأميركية التي تواجه الاتهامات مهددة بغرامة مالية قدرها 18 مليون روبل (نحو 285 ألف دولار أميركي)، إن لم تلتزم بالقوانين الروسية، لافتاً إلى أن مجلس الدوما تبنى مشروع قانون يفرض الغرامة على الشركات، بحال احتفظت ببيانات المستخدمين الروس خارج الأراضي الروسية. وقال إن المجلس سيوجه رسالة احتجاج قريباً لممثلي «غوغل» و«فيسبوك»، وسيدعوهم للحوار.
وركز مالكيفيتش بصورة خاصة على الانتخابات في برلمان موسكو، وقال إن محرك «غوغل»، عند البحث عن «انتخابات موسكو»، يأخذ المستخدمين نحو دعاية «التصويت الذكي» التي يقف خلفها المعارض أليكسي نافالني. أما «فيسبوك»، فقد قام مرتين بحجب معلومات حول كيفية تحقق اللجنة الانتخابية من شكاوى وصلتها من مواطنين، وحاولت لجنة الانتخابات في موسكو نشرها على حسابها الرسمي هناك، على حد قول مالكيفيتش الذي رأى أن هذه الممارسات «دليل مباشر على التدخل الأجنبي في الانتخابات الروسية».
وفي اليوم التالي، عقدت لجنة المجلس الفيدرالي المؤقتة لحماية سيادة الدولة الروسية والحيلولة دون التدخل بالشؤون الداخلية لروسيا اجتماعاً ركزت فيه على الاتهامات الموجهة لمواقع «فيسبوك» و«غوغل»، مع اهتمام خاص بنشاط المعارض أليكسي نافالني، عبر عنه أندريه كليموف، رئيس اللجنة، حيث قال إن «المواطن نافالني كان يقول كل نصف ساعة عبر منصة (يورو نيوز) إنه لا يجوز التصويت لمرشحي حزب (روسيا الموحدة)»، لافتاً إلى أن «نافالني حقوقي»، وتساءل بعد ذلك «ألا يعلم أنه لا يجوز القيام بهذا في يوم الانتخابات؟». وبالنسبة لـ«فيسبوك» و«غوغل»، كرر كليموف الاتهامات، وقال إنهما انتهكتا القوانين الروسية عشية الانتخابات، وفي يوم الاقتراع، من خلال نشرهما دعاية سياسية، ولفت إلى «إشارات تصلنا خلال اليومين الماضيين إلى أن موقفنا الحازم، ورد فعلنا المبرر، وصل المسؤولين في تلك الشركات، وهناك إشارات إلى استعدادهم للحوار»، وقال إن اللجنة بحال تأكدت من رغبة «فيسبوك» و«غوغل» في الحوار، ستقوم بتشكيل فريق خاص لهذه المهمة «حتى لا تتكرر مستقبلاً الانتهاكات المتعمدة أو غير المتعمدة لقانون الانتخابات الوطني».
وأكد كليموف أن ذلك «التدخل» لم يؤثر بشكل ملموس على سير العملية الانتخابية، ولا على نتائج التصويت، وقال إن الفضل في محدودية التأثير يعود إلى العمل الذي تقوم به اللجان لمواجهة التدخل في الانتخابات.