الرئيس السوداني: لا تفاوض مع الحركات المسلحة خارج {الحوار الوطني}

البشير تمسك بإجراء الانتخابات في موعدها.. وقال إن إعلان باريس يهدف إلى إسقاط حكمه

الرئيس السوداني عمر البشير يلقي كلمته أمام المؤتمر العام لحزب المؤتمر الوطني في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
الرئيس السوداني عمر البشير يلقي كلمته أمام المؤتمر العام لحزب المؤتمر الوطني في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

الرئيس السوداني: لا تفاوض مع الحركات المسلحة خارج {الحوار الوطني}

الرئيس السوداني عمر البشير يلقي كلمته أمام المؤتمر العام لحزب المؤتمر الوطني في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
الرئيس السوداني عمر البشير يلقي كلمته أمام المؤتمر العام لحزب المؤتمر الوطني في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

أوصد الرئيس السوداني عمر البشير الباب في وجه التفاوض مع الحركات المسلحة المجتمعين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ورهن عودة رئيس حزب الأمة الصادق المهدي بتبرئه من إعلان باريس، الذي وقعه مع الجبهة الثورية. وقطع البشير، في أول ظهور جماهيري له بعد الجراحة التي أجراها في مفصل الركبة الشهر الماضي، الطريق أمام أي تفاوض مع «الجبهة الثورية»، خارج دعوته للحوار الوطني. وقال في كلمته للمؤتمر العام لحزب المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم أمس، إن التفاوض مع حركات دارفور المسلحة لن يتم خارج وثيقة الدوحة، التي وصفها بـ«النهائية».
وبخصوص الانتخابات، تمسك البشير بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد في أبريل (نيسان) المقبل، ضارباً عرض الحائط بطلب المعارضة والوسطاء بتأجيلها وتكوين حكومة انتقالية، وقال بهذا الصدد: «لن يكون هناك فراغ دستوري، ولن تكون هناك فوضى»، موضحا أن دعوته للحوار الوطني لم تأت عن ضعف، أو نتيجة لفشل حزبه ومحاولته إيجاد مخرج من أزمته.
وسخر البشير من جهات قال إنها تعتبر الحوار فرصة لتنفيذ أجندتها في تغيير نظام حكمه، وتستغل الحريات المتاحة لإثارة ما أسماه «الفوضى التي تمس الأمن القومي»، وأضاف: «الخرطوم لن تصبح مثل صنعاء، ونقول لمن يطالبون بالحريات والحوار إن الحرية لها سقوف، ولا توجد حرية مطلقة، ولن نسمح بأي شيء يضرب معنويات المقاتلين الميدانيين».
وبشأن الحوار مع الحركة الشعبية - الشمال، قال البشير إن حكومته لا تملك ما تقدمه لهم إلا «تسريح القوات وإعادة دمجها»، وما يتعلق بالترتيبات الأمنية.
ودعا البشير المتمردين إلى وضع السلاح واللحاق بالحوار الوطني، وتعهد بتوفير الضمانات اللازمة لعودتهم للمشاركة في الحوار الوطني.
كما رفض بشدة مبدأ التفاوض على وقف الأعمال العدائية بشأن دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان في وقت واحد، ومبدأ التباحث مع قوى الجبهة الثورية موحدة، وهو الأمر الذي تطالب به الحركات المسلحة المنضوية تحت لواء الجبهة. محذرا من إقامة أية تحالفات بين القوى السياسية والجبهة الثورية، وقال إن حكومته «لن تسمح للجبهة الثورية بإقامة تحالفات سياسية إلا في سياق الحوار الوطني، ومن يأتي للعمل السياسي ويضع السلاح، فمرحباً به، لكن من يُرِد حمل السلاح والحرب في الميدان، ثم يأتي للخرطوم لينشط سياسياً فلن نسمح له بذلك».
ووجه البشير رسالة حانقة لإعلان باريس، الذي وقعه رئيس حزب الأمة الصادق المهدي والجبهة الثورية، وطالب المهدي بالتبرؤ من الاتفاق للعودة للخرطوم بقوله: «مرحبا بالمهدي في أي وقت، لكن بعد أن يتبرأ مما وقعه في باريس».
وأضاف البشير أن إعلان باريس الذي وقعه حزب الأمة مع قوى الجبهة الثورية في العاصمة الفرنسية باريس في الثامن من أغسطس (آب) الماضي، يهدف إلى إسقاط نظام حكمه وتغييره، ووصف «برنامج الجبهة الثورية» بأنه يقوم على إسقاط النظام عبر العمل المسلح، بيد أنه عاد ليقول: «من يُرِد أن يسقط النظام بالعمل السياسي مرحبا به».
وقلل البشير من الأزمة الاقتصادية في البلاد، وقال إن السودان فقد 80 في المائة من عائداته من النقد الأجنبي، و40 في المائة من عائدات الموازنة العامة بسبب انفصال جنوب السودان وخروج عائدات النفط، مما جعل الجميع يراهن على انهيار السودان بعد شهرين من الانفصال، واستطرد موضحا بأن «الحكومة لن تنهار»، لكنه اعترف، في المقابل، بوجود مشكلة اقتصادية وغلاء وتضخم، مشيرا إلى أن معدلات النمو كانت إيجابية.
وشدد البشير على عدم التخلي عما أسماه «إرادتهم»، وبعدم التعامل بانتهازية في السياسة الخارجية، مشيراً إلى ما أسماه ضياع «العراق وسوريا»، وقال: «إننا مع المبادئ ليس لدعم أو غيره».
وكان مجلس السلم والأمن الأفريقي قد أوصى بعقد لقاء بين الفرقاء السودانيين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، إيذاناً بانطلاق الحوار السوداني، ولبحث إجراءات وقف عاجل للعدائيات في المنطقتين «جنوب كردفان النيل الأزرق» ودارفور. كما دعا المجلس حكومة الرئيس البشير إلى تسريع المطالب التي تتضمن إطلاق سراح السجناء والمعتقلين السياسيين، في الوقت الذي أبلغ الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال باستئناف المفاوضات بينهما في 12 من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وطالب الخرطوم وحركات دارفور بالدخول في مفاوضات ابتداء من 15 من الشهر ذاته، للوصول لوقف العدائيات، تمهيداً لعقد جلسات حوار وطني شامل.
وكان متوقعا دمج منابر التفاوض في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بيد أن الحكومة القطرية أبدت تحفظها على نقل التفاوض مع حركات دارفور من منبر «الدوحة» إلى أديس أبابا، في الوقت الذي تصر فيه الحركات المسلحة على التفاوض مع الخرطوم مجتمعة في منبر «أديس أبابا»، وأن تلحق بها قوى المعارضة السياسية في الخرطوم.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.