الظروف الاقتصادية تدفع آلاف التلامذة اللبنانيين إلى المدارس الرسمية

إحصائية تتحدث عن ترك 12 % من الطلاب التعليم الخاص

الظروف الاقتصادية تدفع آلاف التلامذة اللبنانيين إلى المدارس الرسمية
TT

الظروف الاقتصادية تدفع آلاف التلامذة اللبنانيين إلى المدارس الرسمية

الظروف الاقتصادية تدفع آلاف التلامذة اللبنانيين إلى المدارس الرسمية

مع انطلاق العام الدراسي في القسم الأكبر من المدارس الخاصة وفتح باب التسجيل في المدارس الرسمية، بدا واضحا للمعنيين بالشأن التربوي أن الأزمة الاقتصادية التي يرزح تحتها لبنان ألقت بثقلها على القطاع التعليمي مع قرار عدد كبير من الأهالي نقل أولادهم من المدارس الخاصة إلى تلك الرسمية، في ظل إعلان منسق اتحادات لجان الأهل في لبنان عبدو جبرايل عن إحصائية تفيد بأن «12 في المائة من طلاب المدارس الخاصة توجهوا إلى المدارس الرسمية لأن الأهل لا يملكون المال لدفع الأقساط».
ووصلت أقساط المدارس الخاصة إلى مستويات غير مسبوقة في السنوات الماضية خاصة مع إقرار رفع رواتب الأساتذة، ما أدى لتكبيد الأهالي هذا العبء. ويبلغ متوسط الأقساط في هذه المدارس نحو 4 ملايين ليرة لبنانية أي نحو 2600 دولار، تضاف إليها القرطاسية واللباس والكتب. في الوقت الذي يمكن الولوج مجانا إلى المدارس الرسمية حتى صف الشهادة المتوسطة، ويدفع تلامذة الصفوف الثانوية أقل من 200 دولار عن كامل العام الدراسي.
ويبلغ عدد المدارس الرسمية في لبنان 1261. في الوقت الذي لم يعتد أن يتوجه إليها إلا 30 في المائة من الطلاب. وبحسب الشركة «الدولية للمعلومات» فقد بلغت نسبة الطلاب في المدارس الرسمية 42.4 في المائة في عامي 1974 - 1975 (أي قبل الحرب) وهي أعلى نسبة سجلت، وتراجعت إلى 29.5 في المائة في عام 2010 - 2011 وهي أدنى نسبة سجلت، وبلغت النسبة 31 في المائة في العام الدراسي 2018 - 2019. وأشارت مصادر وزارة التربية والتعليم إلى أنه وبعد أيام من فتح باب التسجيل في المدارس الرسمية «تمكنا من رصد ضغوط كبيرة لجهة الإقبال على التسجيل لم نكن نشهدها من قبل»، لافتة إلى أنه حتى الساعة لا يمكن الحديث عن أرقام محددة وإنما عن ضغوط على المدارس الرسمية في المناطق كافة وليس في مناطق محددة. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «في مدرسة بيصور التكميلية مثلا 700 طالب تم تسجيلهم وهناك 1007 طلاب على لوائح الانتظار»، مشددة على أن الأولوية تبقى للتلميذ اللبناني على أن تتساوى حظوظ التلامذة السوريين والفلسطينيين. وتحدثت المصادر عن إجراءات جديدة للتأقلم مع ضغط الطلاب تقوم على فتح صفوف وشعب جديدة والبحث باستحداث دوام مسائي، لافتة إلى أن ما يحصل هو بنسبة 80 في المائة نتيجة الأوضاع الصعبة التي يرزح تحتها اللبنانيون و20 في المائة نتيجة ثقة الأهالي بالمدرسة الرسمية بسبب النتائج الممتازة التي تتحقق في الشهادات الرسمية.
وبحسب المعلومات، فقد شكّل المدير العام لوزارة التربية فادي يرق لجنة متابعة لتسجيل التلامذة في المدارس الرسمية للتعامل مع الوضع المستجد، وتتركز مهامها على تبيان قدرة الصفوف على استيعاب أعداد أكبر من الطلاب والبحث بالخيارات المطروحة في ظل محدودية عدد الأساتذة مع توجه 1200 منهم إلى التقاعد ومنع أي شكل من أشكال التوظيف كنتيجة للتقشف المعتمد في الموازنة. كما دعا وزير التربية أكرم شهيب أكثر من مرة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء مخصصة للتربية أو لقاء ثلاثي مع رئيس الحكومة ووزير المالية لحل هذه المشكلة.
وأشارت إحدى الأمهات التي اضطرت مؤخرا إلى نقل أولادها الـ3 من إحدى المدارس الخاصة إلى مدرسة رسمية إلى أنها اضطرت إلى اتخاذ هذا القرار مجبرة بعد أن وصل قسط الولد الواحد إلى حدود الـ5000 دولار، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن وصول اثنين منهم إلى الصفوف الثانوية سهّل عليها اتخاذ القرار: «وإن كنت لا أزال أخشى ألا يتأقلموا سريعا... لكننا لم نعد نستطيع أن نتحمل الأكلاف التي تتعدى القسط إلى الكتب والقرطاسية والنقليات بعدما وصلت إلى حدود الـ600 دولار للولد الواحد خلال العام الدراسي».
ولفت نقيب المعلمين في المدارس الخاصة رودولف عبود، إلى أنّ «الأهل يضطرون لنقل أولادهم إلى المدارس الرسمية بسبب الوضعين الاقتصادي والاجتماعي الصعب، وليس عن قناعة»، موضحا في حديث إذاعي أنّ «المدارس الرسمية، لا سيما في المرحلة الأساسيّة، ليست مجهّزة لاستقبال الأعداد التي (تنزح) إليها»، معتبراً أن «وضع الثانويات يبقى أفضل».



مشاريع سعودية واتفاقيات حيوية لتعزيز التعافي في اليمن

مساعدات السعودية لليمن وصلت إلى كل المناطق والمحافظات (سبأ)
مساعدات السعودية لليمن وصلت إلى كل المناطق والمحافظات (سبأ)
TT

مشاريع سعودية واتفاقيات حيوية لتعزيز التعافي في اليمن

مساعدات السعودية لليمن وصلت إلى كل المناطق والمحافظات (سبأ)
مساعدات السعودية لليمن وصلت إلى كل المناطق والمحافظات (سبأ)

كثف مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من تنفيذ برامجه الإنسانية والتنموية في عدد من المحافظات اليمنية، حيث نفذ نحو 12 مشروعاً ووقّع اتفاقيتين جديدتين في مجالات التعليم، والصحة، والمياه، والتمكين المهني، والزراعة، في إطار الجهود السعودية المستمرة لدعم الشعب اليمني وتحسين سبل العيش وتعزيز التعافي الاقتصادي.

وشملت التدخلات مجالات متعددة تستهدف مختلف شرائح المجتمع، وتعمل على تحقيق التنمية المستدامة، ودعم القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة والخدمات والمياه، إضافة إلى تمكين النساء والشباب مهنياً واقتصادياً في المحافظات المحررة.

وفي هذا السياق، احتفى مشروع إعادة إدماج الأطفال المرتبطين سابقاً بالنزاع المسلح بتخريج الدفعة الثالثة المكونة من 25 طفلاً ضمن برنامج "كفاك" للعام 2024–2025، الممول من المركز، ليصل إجمالي المستفيدين إلى 150 طفلاً.

وشملت البرامج المقدمة لهم أنشطة تعليمية وثقافية ورياضية، إضافة إلى جلسات الدعم النفسي والاجتماعي والرعاية الصحية، فيما أُدرج أولياء الأمور في برامج تدريب مهني ومنحوا أدوات تمكين اقتصادي لتحسين أوضاعهم المعيشية وتعزيز استقرار أسرهم.

وفي العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، دشنت وزارة الصحة العامة والسكان مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا بتمويل من المركز، وتنفيذ مؤسسة طيبة للتنمية، بالتنسيق مع وزارة النقل وهيئة الطيران المدني.

ويستفيد من المشروع أكثر من مليون و153 ألف شخص في المناطق الأكثر تضرراً، ويستمر لمدة ستة أشهر، بهدف خفض معدلات الإصابة والحد من انتشار الوباء، من خلال إنشاء فرق طبية متخصصة لفحص ومراقبة المسافرين في أربع محافظات بينها عدن وحضرموت، وتعزيز الإجراءات الوقائية في المنافذ الجوية والبرية.

تمكين اقتصادي ومهني

شهدت محافظات شبوة ومأرب وتعز ولحج تنفيذ مشروعات متنوعة في مجال التمكين المهني والاقتصادي بتمويل من مركز الملك سلمان، وتنفيذ مؤسسة ائتلاف الخير للإغاثة الإنسانية. ففي مدينة عتق بمحافظة شبوة، سُلّمت حقائب أدوات المهنة لـ80 امرأة من خريجات الدورات التدريبية الهادفة إلى تحسين سبل العيش.

وفي مأرب، تسلّمت 90 متدربة أدوات مهنية بعد استكمالهن برامج تدريب استمرت 184 يوماً في مجالات الصناعات الغذائية والخياطة والتصوير وصناعة العطور والبخور وتغليف الهدايا، إلى جانب دورة إضافية في ريادة الأعمال لتأهيلهن لإدارة مشاريعهن الخاصة.

أما في تعز، فقد دُشن مشروع جديد يستهدف تدريب وتوزيع أدوات المهنة لـ125 متدربة في سبعة مجالات مختلفة لتأهيلهن لسوق العمل وتعزيز فرص الدخل المستدام.

مركز الملك سلمان يقود حراكاً تنمويا لمساعدة الشعب اليمني (سبأ)

وفي محافظة لحج، تم توزيع أدوات المهنة للنساء ضمن مشروع التمكين الاقتصادي لتحسين سبل العيش، الذي يهدف إلى خلق فرص عمل مدرّة للدخل في مجالات الخياطة والصناعات الغذائية والتجميلية وتربية المواشي، بما يسهم في رفع مستوى الدخل وتحقيق الاستقرار الاجتماعي للأسر المستفيدة.

كما سلّم المركز أدوات مهنية لـ650 مستفيدة في سبع محافظات هي مأرب، حضرموت، لحج، المهرة، شبوة، تعز وسقطرى، ضمن مشروع التمكين المهني لتحسين سبل العيش الذي يستهدف 1500 مستفيد ومستفيدة.

تعزيز التعليم

في قطاع التعليم، وزّع مركز الملك سلمان حقائب تعليمية ورياضية وإسعافات أولية على ثمان مدارس في مديريتي الحوطة وتبن بمحافظة لحج، ضمن مشروع تعزيز العملية التعليمية، الهادف إلى تحسين بيئة التعليم ودعم الأنشطة المدرسية ورفع جاهزية المدارس للاستجابة للحالات الطارئة. كما شمل المشروع توزيع زي مدرسي وحقائب للطلاب وتنفيذ دورات تدريبية للكادر التربوي لرفع الكفاءة التعليمية.

مشروعات السعودية في اليمن عززت من جودة الخدمات الصحية (سبأ)

وفي محافظتي أبين ولحج، وزّع المركز 270 حقيبة تدريبية للمعلمين و61 سبورة جدارية وحقائب نظافة مدرسية في سبع مدارس ضمن مشروع تحسين البيئة التعليمية للأطفال النازحين والمجتمع المضيف، الذي يشمل أربع محافظات هي أبين، لحج، تعز، والضالع.

كما جرى في مديريتي المخا وموزع بمحافظة تعز توزيع المستلزمات التعليمية على أكثر من 3 آلاف طالب وطالبة، تضمنت الزي المدرسي وحقائب النظافة الشخصية لتشجيعهم على مواصلة التعليم وتخفيف الأعباء عن أسرهم.

الصحة والخدمات

في المجال الصحي، دشّن المركز في هيئة مستشفى سيئون مشروع "بداية" لتقديم خدمات صحية تخصصية للنساء وأسرهن عبر مؤسسة الأمل الثقافية الاجتماعية النسوية، مستفيداً منه 21 أسرة في وادي حضرموت.

ويقدم المشروع استشارات وفحوصات طبية وأدوية مجانية، إلى جانب جلسات توعية صحية وتطعيم الأطفال وتحسين خدمات الرعاية الأولية لـ180 حالة في مجالات الصحة الإنجابية والنفسية.

تدخلات مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن ساهمت في رفع مستوى الخدمات الصحية (المركز)

أما في محافظة مأرب، فتم مناقشة متطلبات مشروع تحسين خدمات المياه في هيئة مستشفى مأرب العام، والذي تنفذه مؤسسة يماني بتمويل من المركز.

ويشمل المشروع إعادة تأهيل بئر قائمة وربطها بمنظومة طاقة شمسية، وحفر بئر جديدة بعمق 180 متراً، وإنشاء خزانين برجين ومحطة تحلية بقدرة إنتاجية 20 ألف لتر في الساعة، بما يضمن توفير مياه آمنة لأكثر من 24 ألف فرد من الكادر الطبي والمرضى والزوار.

وفي السياق ذاته، وقّع مركز الملك سلمان اتفاقية تعاون جديدة مع مؤسسة محلية لتأهيل شبكة المياه في مستشفى مأرب، تشمل إنشاء بئرين ومنظومة طاقة شمسية وخزانين برجين ومحطة تحلية متكاملة.

كما وُقّعت اتفاقية أخرى لتأهيل المياه في منطقتي الحرج وهمام بمديرية الخب والشعف في محافظة الجوف، تتضمن إنشاء شبكتي ضخ وتوزيع للمياه، وحفر بئر جديدة، وتأهيل محطة التحلية القائمة، وإنشاء نقاط لتوزيع المياه المحلاة للسكان المحليين والمارين.

العمل الإنساني السعودي في اليمن انتقل من الإغاثة الطارئة إلى التنمية المستدامة (سبأ)

وفي القطاع الزراعي، شهدت محافظة حضرموت تدشين مشروع الزراعة المستدامة والتمكين الزراعي والسمكي، الهادف إلى رفع إنتاجية المزارعين وتعزيز الأمن الغذائي.

وشمل التدخل تسليم 55 آلية زراعية متنوعة بينها حراثات وآلات رشّ وجزّ المحاصيل، إلى جانب تدريب المزارعين على استخدامها وصيانتها، وتوفير المحروقات اللازمة لتشغيلها بما يضمن الاستفادة المستدامة منها.

وتأتي هذه المشاريع ضمن الجهود الإنسانية والتنموية المتواصلة التي تقدمها السعودية عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الهادفة إلى تحسين مستوى الخدمات الأساسية، وتخفيف معاناة اليمنيين، وتعزيز الاعتماد على الذات في مختلف المجالات التنموية، بما يسهم في تحقيق التعافي الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي في البلاد.


الحكومة اليمنية تُحذّر من تهديدات الحوثيين للطيران المدني

الحوثيون يحتفظون بمركز الملاحة الجوية في صنعاء ويستخدمونه لتهديد الطيران (إعلام محلي)
الحوثيون يحتفظون بمركز الملاحة الجوية في صنعاء ويستخدمونه لتهديد الطيران (إعلام محلي)
TT

الحكومة اليمنية تُحذّر من تهديدات الحوثيين للطيران المدني

الحوثيون يحتفظون بمركز الملاحة الجوية في صنعاء ويستخدمونه لتهديد الطيران (إعلام محلي)
الحوثيون يحتفظون بمركز الملاحة الجوية في صنعاء ويستخدمونه لتهديد الطيران (إعلام محلي)

حذّرت الحكومة اليمنية من تصاعد تهديدات الحوثيين لقطاع الطيران المدني، مؤكدة أن استمرار سيطرة الجماعة على مركز الملاحة الجوية في صنعاء يُمثل خطراً مباشراً على أمن وسلامة الطيران في اليمن والدول المجاورة.

وجاءت التصريحات اليمنية على لسان وزير النقل عبد السلام حُميد خلال لقائه في العاصمة المؤقتة عدن، المستشار الاقتصادي لمكتب المبعوث الأممي إلى اليمن ريديك جان؛ حيث ناقش الجانبان -حسب الإعلام الرسمي- الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، وجهود الحكومة في إدارة قطاعي النقل والملاحة.

وأشار وزير النقل اليمني إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن تسببت في رفع رسوم التأمين البحري إلى 16 ضعفاً، داعياً الأمم المتحدة إلى التدخل لخفض هذه التكاليف التي تُثقل كاهل الاقتصاد اليمني والسكان.

وقال حميد: «إن ميليشيات الحوثي لا تزال تستولي على مركز الملاحة الجوية في صنعاء، وتستخدمه لابتزاز شركات الطيران وتهديد حركة الطيران المدني»، محذّراً من أن ذلك يُشكّل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية المتعلقة بأمن وسلامة الطيران.

وزير النقل اليمني يطلب من الأمم المتحدة المساعدة في خفض رسوم التأمين (إعلام حكومي)

ودعا الوزير اليمني الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى ممارسة ضغوط جدية على الحوثيين لإيقاف تهديداتهم للطيران المدني ونقل هذه الانتهاكات ضمن إحاطة المبعوث الأممي المقبلة أمام مجلس الأمن.

وأشار إلى أن الجماعة الحوثية تسعى إلى استغلال المطارات والمنافذ في أغراض غير مشروعة، من بينها تهريب شحنات عسكرية ومعدات لتصنيع الطائرات المسيّرة. واستشهد بضبط 50 حاوية تضم مواد ومعدات عسكرية في ميناء الحاويات بعدن خلال الأشهر الماضية.

منفذ للجميع

ولفت وزير النقل اليمني عبد السلام حميد إلى أن مطار عدن يُمثل منفذاً وطنياً لجميع اليمنيين، إذ إن غالبية المسافرين عبره من المحافظات الخاضعة للحوثيين، مؤكداً أن الحكومة ملتزمة بتوفير الخدمات لجميع المواطنين دون تمييز.

كما استعرض الجهود الحكومية، بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، لإيداع مبلغ تأميني في بنك لندن عام 2023 بقيمة 50 مليون دولار لتغطية رسوم التأمين البحري، وخفض تكلفته على السفن المتجهة إلى المواني اليمنية بعد تصنيفها مناطق عالية الخطورة.

غير أن الوزير أوضح أن الحكومة اضطرت لاحقاً إلى سحب الوديعة لتغطية احتياجات طارئة بسبب توقف صادرات النفط وتأثير حرب غزة، وما تلتها من تهديدات حوثية للتجارة والملاحة الدولية.

تكلفة التأمين البحري تضاعفت بسبب استهداف الحوثيين الملاحة في البحر الأحمر (إعلام حكومي)

وقال إن هذه التهديدات تسببت في ارتفاع غير مسبوق في رسوم التأمين البحري تجاوز 16 ضعفاً، وهو ما انعكس سلباً على أسعار السلع والمواد الغذائية والمعيشة اليومية للمواطنين.

وطالب وزير النقل اليمني الأمم المتحدة بالقيام بدور أكثر فاعلية في خفض رسوم التأمين على المطارات والمواني والمنافذ اليمنية، عبر تنسيق الجهود مع المنظمات الدولية وشركات التأمين لتخفيف المعاناة الإنسانية، خصوصاً في ظل تراجع التمويل الإنساني بنسبة وصلت إلى نحو 70 في المائة من البرامج الأممية داخل اليمن.

جهود الإصلاحات

وحسب المصادر الرسمية اليمنية، تطرّق لقاء حميد مع المسؤول الأممي أيضاً إلى جهود الحكومة في الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وتعزيز موارد الدولة وتوريد الإيرادات إلى البنك المركزي اليمني في عدن، تنفيذاً لتوجيهات مجلس القيادة الرئاسي بمعالجة الاختلالات المالية وإغلاق المنافذ غير المشروعة.

وأشار الوزير إلى أن الحكومة في بلاده بدأت تنفيذ قرارات لإغلاق مشروعات ومنافذ تستخدم في التهريب، مثل مشروع ميناء قنا في شبوة، وتحويل ميناء الشحر إلى ميناء سمكي فقط، إضافة إلى إغلاق منفذ رأس العارة الذي استُخدم سابقاً في تهريب البضائع.

ورأى الوزير حميد أن تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية يُمثل خطوة ضرورية لاستعادة التوازن المالي وقدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين، مشدداً على أهمية تطوير البنية التحتية للنقل البري.

حطام طائرة يمنية في مطار صنعاء إثر ضربات إسرائيلية (أرشيفية - رويترز)

وأكّد حميد أن إعادة تأهيل طريق «عدن - الضالع - صنعاء» تُمثل أولوية كبرى لتسهيل حركة النقل التجاري والإنساني وتعزيز نشاط ميناء عدن الحيوي، داعياً إلى تمويل دولي لمشروع الصيانة، بالتنسيق مع وزارة الأشغال العامة وصندوق صيانة الطرق.

ونسب الإعلام الرسمي إلى المستشار الاقتصادي لمكتب المبعوث الأممي أنه أثنى على وضوح الطرح اليمني، وتحديد التحديات بدقة، مؤكداً حرص المبعوث الأممي على نقل هذه القضايا في إحاطته المقبلة أمام مجلس الأمن، ودعم الجهود الحكومية الرامية إلى خفض تكاليف التأمين وتحسين الطرقات وتعزيز الإصلاحات الاقتصادية بما يُسهم في دعم الاستقرار الإنساني والاقتصادي في البلاد.


اتهامات للحوثيين بتحويل أكبر شركة اتصالات إلى غنيمة لكبار القادة

المقر الرئيسي لشركة «يمن موبايل» الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إكس)
المقر الرئيسي لشركة «يمن موبايل» الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إكس)
TT

اتهامات للحوثيين بتحويل أكبر شركة اتصالات إلى غنيمة لكبار القادة

المقر الرئيسي لشركة «يمن موبايل» الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إكس)
المقر الرئيسي لشركة «يمن موبايل» الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إكس)

تمرُّ شركة «يمن موبايل»، أكبر شركة اتصالات خاضعة للحوثيين، بمرحلة غير مسبوقة من التدهور الإداري والمالي والفني، وسط صراع نفوذ محتدم بين أجنحة الجماعة التي حوّلت الشركة إلى غنيمة مالية وسياسية تخدم مصالحها، على حساب الموظفين والمساهمين والمشتركين. وفق ما أفادت به مصادر مطلعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء.

وإذ تطرق أحدث تقرير لفريق الخبراء الأمميين إلى هيمنة الحوثيين على قطاع الاتصالات وتحويله إلى أداة للقمع والسيطرة والإثراء، فإن المصادر تؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن ما يتم داخل الشركة «ليس مجرد سوء إدارة»، بل عملية تدمير ممنهجة تهدف إلى إقصاء الكفاءات، وتفريغ المؤسسة من خبراتها الوطنية، وإحلال عناصر حوثية تفتقر إلى المؤهلات، لكنها تتمتع بالولاء المطلق للجماعة.

وأوضحت المصادر أنه منذ تعيين الجماعة القيادي عبد الخالق الحسام رئيساً لمجلس إدارة الشركة، بدأت مرحلة جديدة من الانحدار. فالحسام - بحسب المصادر - لا يمتلك أي مؤهل إداري أو فني، وكان قد أُقيل في عام 2019 من منصب نائب مدير فرع؛ بسبب تورطه في قضايا فساد، قبل أن يُعاد إلى الواجهة ليتحكم في شركة يبلغ دخلها اليومي أكثر من مليار ريال يمني (الدولار نحو 535 ريالاً في مناطق سيطرة الحوثيين).

قادة الجماعة الحوثية استغلوا شركات الاتصالات للإثراء وتمويل المجهود الحربي (إعلام حوثي)

وتشير المصادر إلى أن الحسام، بدلاً من إنقاذ الشركة (يمن موبايل)، بدأ منذ توليه المنصب بسحب صلاحيات المديرين التنفيذيين، وحرمانهم من الحوافز والمكافآت؛ لدفعهم إلى الاستقالة، تمهيداً لتعيين عناصر حوثية من خارج الشركة، لا تحمل سوى الولاء للجماعة.

ولم يتوقف الانحدار عند حدود الإدارة، بل شمل - وفق المصادر- تعطيل العقود والشراكات السابقة مع شركات ومقاولين من خارج منظومة الحوثي؛ بهدف إسقاط الثقة بالشركة، وتهيئة الطريق أمام متعهدين تابعين للجماعة.

هذه القرارات - وفقاً لمصادر اقتصادية - أدت إلى انهيار مشروعات استراتيجية وتعطيل التزامات قائمة، وتراجع حاد في سمعة الشركة التي باتت بوابة لقادة الجماعة من أجل الإثراء.

فساد صارخ

في الوقت الذي تتراجع فيه الإيرادات وتنهار الخدمات التي تقدمها الشركة، تقول المصادر إن القيادي الحوثي الحسام يصرف مئات ملايين الريالات اليمنية من أموال الشركة لصالح قيادة الجماعة، تحت ذرائع مشروعات وهمية ونفقات شخصية باهظة تشمل شراء سيارات فارهة، وتأثيث فلل وشقق خاصة.

وطبقاً لتعبير أحد الموظفين: «لم تعد الشركة تُدار بوصفها مؤسسةً وطنيةً، بل صندوقاً مالياً تحت تصرف القيادات الحوثية، في ظل غياب تام للرقابة والمساءلة».

وتشير تقارير داخلية إلى أن «يمن موبايل» فقدت نحو 15 في المائة من إيراداتها خلال 4 أشهر فقط من تولي الحسام المنصب، وهو تراجع غير مسبوق منذ تأسيس الشركة. كما ازدادت شكاوى المشتركين من سوء الخدمة، وانقطاع الشبكة حتى في العاصمة المختطفة، صنعاء.

طفل يمني في مقبرة بصنعاء أنشأها الحوثيون لقتلاهم (إ.ب.أ)

وعلى الرغم من التحذيرات التي أطلقها خبراء الاتصالات بشأن خطورة ما يحدث، فإن قيادة الجماعة تجاهلتها تماماً، لأن الهدف - وفقاً للمراقبين - يتمثل في إعادة تشكيل الشركة بما يخدم مشروعها الانقلابي مالياً وسياسياً.

وامتدت تداعيات الفساد - وفق المصادر - إلى كل الأطراف ذات العلاقة بالشركة، حيث حُرم الموظفون من حقوقهم، وتضرر المشتركون من تراجع الخدمة، وواجه التجار والمقاولون عراقيل متعمَّدة لتنفيذ العقود الموقَّعة معهم، وهو ما انعكس على قيمة أسهم الشركة وثقة المساهمين فيها.

وتضيف المصادر أن خطة الجماعة الحوثية مستمرة منذ سنوات في إحكام السيطرة على مفاصل الشركة عبر تعيين موالين لها في المواقع الحساسة، وتحويلها إلى ذراع مالية تموّل أنشطتها، بما في ذلك أعمال التعبئة العسكرية والطائفية.

نهب مستمر

تقول المصادر في صنعاء إن الشركة قبل رئيس مجلس إدارتها الجديد الحسام، كانت تخضع لإدارة عصام الحملي، وهو الآخر من القيادات الحوثية. وفي عهده تم صرف نحو 16 مليار ريال يمني (نحو 30 مليون دولار) تحت غطاء «تأهيل مباني الشبكات وأبراج الاتصالات»، رغم أن غالبية تلك المباني ليست مملوكة للشركة، بل مؤجَّرة.

مليارات الريالات اليمنية تنفقها الجماعة الحوثية على أعمال الحشد والتعبئة والتطييف (أ.ف.ب)

وكان موظفو «يمن موبايل» يأملون أن تكون مرحلة الحسام مختلفة، لكنهم فوجئوا - بحسب قولهم - باستمرار نهج الفساد ذاته، مع إضافة سياسة إقصاء وتهميش ممنهجة طالت حتى أصحاب الخبرات الطويلة في الاتصالات.

وأمام هذا الانهيار المتسارع، يرى موظفو «يمن موبايل» أن شركتهم أصبحت رهينةً لأطماع الجماعة الحوثية، وأن إنقاذها لم يعد مطلباً إدارياً فحسب، بل أصبح ضرورة وطنية لحماية ما تبقَّى من مؤسسات الدولة، ووقف العبث الذي يهدد قطاع الاتصالات، ويمس حياة ملايين اليمنيين.

دعم أممي للاتهامات

يأتي ذلك في ظل ما أكده تقرير الخبراء الأمميين الأخير بشأن اليمن، من أن الحوثيين «يسيطرون بالكامل على قطاع الاتصالات في مناطق نفوذهم، ويحولون عائداته إلى تمويل عملياتهم العسكرية والسياسية». وأشار التقرير إلى أن الجماعة تمتلك منظومة متقدمة من أدوات المراقبة والتنصت، تُمكّنها من اعتراض المكالمات والبيانات ومراقبة الناشطين والإعلاميين.

مقر شركة «تيليمن» المزوّد الرئيسي لخدمة الاتصالات الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إكس)

كما كشف التقرير عن أن إيرادات الاتصالات - بما فيها من شركات مثل «يمن موبايل» و«تيليمن» - تُحوَّل إلى ما تُعرف بـ«الهيئة العامة للزكاة» التابعة للجماعة، خارج أي رقابة مصرفية أو حكومية، لتصبح أحد أهم مصادر التمويل المستقلة للحوثيين. وأكد أن الجماعة تمنع أي تدقيق مالي أو إداري على موارد القطاع، وتستخدم تلك الموارد لتمويل «أنشطة التجنيد والتعبئة العسكرية».

وربط تقرير الخبراء الأمميين بين هذا الاستحواذ الحوثي وتفشي الفساد في مفاصل الاتصالات، مشيراً إلى أن القطاع بات يُدار من قبل شبكة مالية مغلقة ترتبط بمكتب زعيم الجماعة مباشرة. وأوضح أن هذه السيطرة مكَّنت الحوثيين من استخدام البنية التحتية للاتصالات أداةً للهيمنة والقمع، من خلال مراقبة الاتصالات، وحجب المواقع الإلكترونية، وإقصاء الكفاءات الوطنية.