العراق: الأسماك على خط تمويل «داعش» في جزيرة «كنعوص»

يتم بيعها لتمويل عمليات شراء الأسلحة والتنقل

TT

العراق: الأسماك على خط تمويل «داعش» في جزيرة «كنعوص»

بعد سلسلة الضربات، التي تلقاها تنظيم داعش المتطرف في العراق، منذ هزيمته العسكرية على يد القوات العراقية أواخر عام 2017. بدأ يعيد تنظيم صفوفه، سواء بالانتقال إلى تحت الأرض في الجبال والصحارى، أو العمل الدعائي من أجل رفع معنويات عناصره، كان آخرها ظهور زعيم التنظيم أواخر أبريل (نيسان) الماضي، بعد مضي خمس سنوات على أول ظهور له في جامع النوري بمدينة الموصل. غير أن المفاجأة التي لفتت الأنظار مؤخرا هي وجود أعداد كبيرة من عناصر التنظيم في جزيرة «كنعوص»، الواقعة جنوب محافظة صلاح الدين بمحاذاة نهر دجلة، والتي تمثل نقطة تنقل للدواعش المسافرين إلى العراق «ترانزيت».
وكانت صور التقطت عبر الأقمار الصناعية من قبل الطيران الأميركي، الذي تولى قصف الجزيرة من الجو لصعوبة التعامل معها عن طريق التحرك البري، قد أظهرت التأثيرات التي باتت عليها الجزيرة بعد قصفها عما كانت عليه قبل القصف. ووفقا للتحالف الدولي فإن طائراته أسقطت 36 طنا من القنابل على تلك الجزيرة، التي تعج بأعضاء «داعش» المتطرفين. وقد أوضح التحالف أن الغارات التي شنتها طائرات «إف - 15» و«إف - 35»، استهدفت الجزيرة الموجودة في محافظة صلاح الدين، (وسط) إلى الشمال من العاصمة بغداد.
وكان المتحدث باسم العمليات المشتركة في وزارة الدفاع قد أعلن عن مقتل 25 إرهابيا جراء الغارات، التي قامت بها طائرات التحالف الدولي. بالإضافة إلى قوات عراقية مرابطة هناك، وقوات من الحشد العشائري في تلك المناطق.
ويعد هذا الهجوم جزءا من العمليات، التي تنفذها القوات العراقية والتحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم، والتي عرفت بعمليات «إرادة النصر».
وفي هذا السياق يقول الباحث العراقي الدكتور معتز محيي الدين، رئيس المركز الجمهوري للدراسات الاستراتيجية والأمنية، لـ«الشرق الأوسط» «هذه الجزر النهرية تنتشر منذ عشرات السنين في نهري دجلة والفرات، وأصبحت ملجأ مهما للعناصر المسلحة من قبل تنظيم داعش، حيث تم استغلالها للاختباء والغش والتموين، وكذلك معرفة تضاريس الأرض القريبة من هذه الجزر». مبينا أنها «تكون أحيانا موضع اختباء جيد لأنها مملوءة بالقصب والبردي، وبالتالي يتم استثمارها ماليا من قبل «الدواعش» لتربية الأسماك، وبيعها كجزء من عمليات التمويل التي يحتاجون إليها لشراء الأسلحة، والتنقل بعد أن قلت إلى حد كبير مواردهم الأخرى». كما أوضح محيي الدين أن «القوات الأميركية كانت قد نبهت منذ فترة القوات الأمنية العراقية أن هناك عودة لمسلحي «داعش» من أطراف الحدود العراقية - السورية، ومجيئهم إلى هذه المناطق النائية والوعرة، ولا سيما الجزر. لكن لا توجد في الواقع قوة يمكن أن تصل إلى هذه الجزر، ومنها هذه الجزيرة، خصوصا أنه لا تستطيع الوصول لها بسهولة لأن هذه الجزر تكون في العادة وسط شواطئ الأنهار، وليس قريبة من الجرف، مما يحتم وجود قوة متمرسة هناك». وبين محيي الدين أن «هذه الجزر تحولت إلى ملاذ آمن منذ فترة طويلة، خصوصا بعد سيطرة «داعش» على صلاح الدين، والأنبار والموصل، وبالتالي أصبحنا أمام إشكالية أمنية، ناجمة عن عدم وجود قوات متخصصة لمعالجتها، باستثناء طيران الجيش الذي يحاول معالجة بعض الأهداف فيها، برغم أن الموجودين فيها من «الدواعش» هم أعرف بتضاريسها، وبالتالي يمكنهم الاختفاء قدر الإمكان، لا سيما أنهم يملكون زوارق نهرية تمكنهم من التوجه إلى مناطق قريبة، مثل جبال مكحول وجبال حمرين من أجل الاختفاء لفترة قبل العودة إلى الجزيرة».
وتابع محيي الدين موضحا أن «هناك جزيرة في منطقة الطارمية (شمالي بغداد)، يطلق عليها الهورة، تقع وسط نهر دجلة، أصبحت هي الأخرى ملاذا آمنا منذ فترة طويلة، حيث تشن عليها القوات العراقية هجمات منذ فترة طويلة. لكن المسلحين يعودون إليها لأنها تحتوي على كميات كبيرة من القصب والبردي».
ودعا محيي الدين إلى «تخصيص قوات كافية لحماية الشواطئ العراقية لأنها مهملة ومتروكة، وبالتالي تستغل من قبل عناصر هذا التنظيم المتطرف».


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع الأميركي: نحتاج لإبقاء قواتنا في سوريا لمواجهة تنظيم داعش

الولايات المتحدة​  وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا (أ.ف.ب)

وزير الدفاع الأميركي: نحتاج لإبقاء قواتنا في سوريا لمواجهة تنظيم داعش

قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لوكالة أسوشيتد برس إن الولايات المتحدة بحاجة إلى إبقاء قواتها في سوريا لمنع تنظيم داعش من إعادة تشكيل تهديد كبير.

«الشرق الأوسط» (قاعدة رامشتاين الجوية (ألمانيا))
المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تكشف عن 4 مطالب دولية في سوريا

كشفت تركيا عن إجماع دولي على 4 شروط يجب أن تتحقق في سوريا في مرحلة ما بعد بشار الأسد وهددت بتنفيذ عملية عسكرية ضد القوات الكردية في شمال سوريا وسط دعم من ترمب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قائد الجيش الأردني اللواء يوسف الحنيطي مستقبلاً وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة (التلفزيون الأردني)

بين أنقرة ودمشق… مساع أردنية لإعادة بناء قدرات «سوريا الجديدة»

هناك رأي داخل مركز القرار الأردني ينادي بدور عربي وإقليمي لتخفيف العقوبات على الشعب السوري و«دعم وإسناد المرحلة الجديدة والانتقالية».

محمد خير الرواشدة (عمّان)
المشرق العربي فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

أبدت تركيا توافقاً مع الأردن على العمل لضمان وحدة وسيادة سوريا ودعم إدارتها الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل يشارك فيه جميع السوريين من دون تفرقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عبد القادر مؤمن

كيف أصبح ممول صومالي غامض الرجل الأقوى في تنظيم «داعش»؟

يرجّح بأن الزعيم الصومالي لتنظيم «داعش» عبد القادر مؤمن صاحب اللحية برتقالية اللون المصبوغة بالحناء بات الرجل الأقوى في التنظيم

«الشرق الأوسط» (باريس)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.