فنان الغرافيتي بادسورا: هناك أمل لشباب فنزويلا

تعكس أعماله الفنية الجماليات والصمود في خضم الانهيار والدمار

فنان الشارع الفنزويلي «بادسورا» يواصل خلق الفن والأمل عبر الرسم المستمر في الأماكن العامة بالعاصمة كراكارس (تصوير: جينيزي غارسيا)
فنان الشارع الفنزويلي «بادسورا» يواصل خلق الفن والأمل عبر الرسم المستمر في الأماكن العامة بالعاصمة كراكارس (تصوير: جينيزي غارسيا)
TT

فنان الغرافيتي بادسورا: هناك أمل لشباب فنزويلا

فنان الشارع الفنزويلي «بادسورا» يواصل خلق الفن والأمل عبر الرسم المستمر في الأماكن العامة بالعاصمة كراكارس (تصوير: جينيزي غارسيا)
فنان الشارع الفنزويلي «بادسورا» يواصل خلق الفن والأمل عبر الرسم المستمر في الأماكن العامة بالعاصمة كراكارس (تصوير: جينيزي غارسيا)

باتت أزمة فنزويلا مادة إخبارية يومية في مختلف غرف الأخبار حول العالم، مع ارتفاع معدل التضخم في هذا البلد الغني بالنفط إلى نسبة مفزعة، لا تقل عن مليون في المائة، مع تزايد تدفقات المهاجرين من أبناء البلد إلى البلدان المجاورة، أو إلى البلدان الأوروبية المختلفة، إذ يعجزون عن تلبية متطلبات الغذاء والدواء الأساسية لأنفسهم ولذويهم في بلدهم مع احتدام وتيرة الصراعات السياسية المزرية هناك.
وبرغم ذلك، وفي خضم الأزمة الراهنة، لا يزال هناك بصيص من أمل وتفاؤل في الأفق. فهناك «فولفانغ سالازار» فنان الشوارع الفنزويلي، المعروف في بلاده باسمه المستعار المختار «بادسورا». وينبئ هذا الاسم المستعار عن تلاعب واضح بالألفاظ بين اللغتين الإنجليزية والإسبانية، إذ يوحي المقطع الأول «باد» بمعنى السيئ في اللغة الإنجليزية، في حين يعني المقطع الثاني «سورا» كلمة قمامة باللغة الإسبانية، في إيحاء من الفنان المحلي أن فنون الشوارع لا تعتبر فناً خالصاً قائماً بذاته لدى بلدان تلك المنطقة. وفي مقابلة أجرتها صحيفة «الشرق الأوسط» مع الفنان الفنزويلي «فولفانغ سالازار» في العاصمة كاراكاس، أوضح الفنان أن لقبه المستعار يشي بحالة التمرد الشائعة في جلّ أرجاء البلاد راهناً، وهو لقب وليد العجز، مع الرغبة المستمرة في الصراخ للعالم من حوله بأن أسلوبه ليس سلة للمهملات، بل هو فن مفروض من طريقة تعليمه لذاته.
ظل فولفانغ يواصل خلق الفن والأمل عبر الرسم المستمر في الأماكن العامة بالعاصمة كاراكارس. وتعكس أعماله الفنية الجماليات، واللطف، والصمود في خضم الانهيار والدمار. وكانت فنزويلا تعد واحدة من أغنى دول العالم، وكان سكانها يستمتعون بحياة طيبة هادئة. أما الآن، فقد تحول بعض من أشهر شوارعها إلى شاهد على القسوة، والعنف، والفقر.
يطالعك كثير من الوجوه ذات الابتسامات الهادئة المترنمة بألحان الموسيقى عند النظر إلى جداريات الفنان «بادسورا». وهو من دون شك انعكاس واضح لشخصية، أو ربما هوية الشعب الفنزويلي. ويمكن اعتبار هذه الأعمال الفنية بمثابة المرآة التي يتسنى للناس تلمس ذكريات الماضي بمجرد النظر إليها.
يقول «بادسورا» عن أعماله: «تحاول التداخلات كافة استهداف توعية الناس بشأن تيمة بعينها. وجذب انتباه وتصورات المارة يستلزم مني السعي الدؤوب لإنشاء تراكيب متنوعة؛ حيث تمتزج فيها مختلف أساليب وأنماط الفنون، مثل الواقعية والانطباعية والتكعيبية، بخلاف المناظر الطبيعية».
ويضيف «بادسورا» قائلا: «رسالتي من أعمالي شديدة الذاتية. فكل الأعمال الفنية تحمل انعكاساً للحياة؛ حيث يعثر كل فرد على رسالته الخاصة، وهو يقرر بنفسه كيفية تلقيها وترجمتها على الواقع الراهن من حوله. أما بالنسبة لي، فإن أعمالي بالغة الحساسية لتيمات الهوية، والقيم، والتنوع، والإعلام، والثقافة، والتجرد. ويتوقف كل شيء فيها على الخطوة التالية التي يتخذها المجتمع وانعكاساتها اللازمة عليه، وذلك من أجل إبلاغ رسالة ذات طابع أكثر استفزازاً من الطابع النقدي التقليدي». تمكن مطالعة أعمال الفنان «بادسورا» الفنية في مختلف أرجاء كاراكاس، وكذلك في بلدان أخرى من قارة أميركا اللاتينية، مثل الإكوادور، والبرازيل، وكولومبيا، فضلاً عن بعض العواصم الأوروبية الرئيسية. ولا تخرج أعماله الفنية عن التصوير الجداري أو الرسم الملون على الحوائط (الغرافيتي) المفعم بطاقة هائلة من التفاؤل. ومن المثير للدهشة أن يسعى هذا الفنان الشاب إلى الإعلان عن جماليات بلاده، بدلاً من الشعور بالشفقة والرثاء لحالها. والفن انعكاس ورؤية لزاوية من المجتمع الفنزويلي، لا تتطلع إليها نشرات الأخبار.
يقول «بادسورا»: «ما من شك أن الطريقة الوحيدة لبناء بلد من البلدان هي مواصلة العمل. وإنني أعيش في كل يوم أفكر في نوع التدخل التالي الذي يعزز من قيمة احترام الذات، والرغبة في الحياة الكريمة في واحدة من أجمل بلاد العالم. إن مسؤولية بناء الدولة على نحوها الأفضل لا تتعلق بالمؤسسات العامة أو الكيانات الخاصة فحسب، وإنما هناك جانب كبير من العبء يقع على عاتق المواطنين، ولكل منهم عمله ومساهمته. وينبغي على العالم مساعدتنا في التواصل بشأن الأمور الجيدة والجميلة في بلادنا، وتنبغي مساعدتنا في تنشيط الثقافة، والاقتصاد، والسعادة، كما ينبغي أن يعلموا حول العالم أن روح الشعب الفنزويلي هي أكبر وأصلب من هذه الأزمة الراهنة».
لكن هل من المتوقع أن تؤثر الأزمة الراهنة على عالم الفن في فنزويلا؟
يجيب «بادسورا» قائلاً: «إن فنون الرسم هي من الأنشطة المكلفة على الدوام. وصارت تكاليف المواد الخام، والطلاء، والألوان المستوردة من الخارج في أغلب الأحيان باهظة للغاية. ولا يعتبر فن الغرافيتي استثناء من ذلك بحال. وحقيقة الأمر أن هناك عدداً معتبراً من فناني الغرافيتي لم يهاجروا البلاد إلى دول أخرى، بل يواصلون الاضطلاع بمسؤولياتهم، إلى جانب الاهتمام بالفنون، وهناك آخرون لم يغادروا البلاد، ولكنهم لم يعودوا يمارسون الفن منذ فترة طويلة. ومع ذلك، يواصل عدد من فناني الشوارع الإسهام بأعمالهم الفنية في البلاد، بالاستعانة بمواردنا الخاصة، أو ببعض الدعم المؤسسي أو الخاص».
يقول لنا الفنان إنه مع استطاعته الحصول على مادة الأكريليك، فإن الأزمة الوطنية الراهنة تؤثر عليه باختفاء الألوان الأخرى التي يحتاج إليه في أعماله الفنية. ويوضح الأمر بقوله: «إن ألوان الرشّ صارت مكلفة للغاية، ولكن هناك مؤسسة حكومية يمكنها توفير بعض الدعم من خلال إحدى البرامج. وبالإضافة إلى ذلك، شرعت بعض الشركات الخاصة والجهات الحكومية في المطالبة بإنتاج مزيد من أعمال الرسم على الجدران، باعتبارها نوعاً من أنواع التواصل مع الشعب». وأخيراً، سألته إن كان يرى هناك أملاً بالنسبة لشباب فنزويلا، فجاءت كلماته مفعمة بالأمل والتفاؤل الصادق. ويعتقد الفنان «فولفانغ سالازار» أو «بادسورا» أن الجانب المضيء من الأزمة الراهنة يكمن في الفرص التي تخلقها لدى الجميع، وأن رسالته التي يخاطب بها الجميع قوية، ومؤثرة، ومبتكرة.



عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
TT

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة، وأكد أنه يعود للسينما بأحدث أفلامه «الغربان» الذي قام بتصويره على مدى 4 سنوات بميزانية تقدر بنصف مليار جنيه (الدولار يساوي 49.73 جنيه)، وأن الفيلم تجري حالياً ترجمته إلى 12 لغة لعرضه عالمياً.

وأضاف سعد خلال جلسة حوارية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الخميس، أنه يظهر ضيف شرف لأول مرة من خلال فيلم «الست» الذي يروي سيرة سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وتقوم ببطولته منى زكي وإخراج مروان حامد، ومن إنتاج صندوق «بيج تايم» السعودي و«الشركة المتحدة» و«سينرجي» و«فيلم سكوير».

وعرض سعد لقطات من فيلم «الغربان» الذي يترقب عرضه خلال 2025، وتدور أحداثه في إطار من الحركة والتشويق فترة أربعينات القرن الماضي أثناء معركة «العلمين» خلال الحرب العالمية الثانية، ويضم الفيلم عدداً كبيراً من الممثلين من بينهم، مي عمر، وماجد المصري، وأسماء أبو اليزيد، وهو من تأليف وإخراج ياسين حسن الذي يخوض من خلاله تجربته الطويلة الأولى، وقد عدّه سعد مخرجاً عالمياً يمتلك موهبة كبيرة، والفيلم من إنتاج سيف عريبي.

وتطرق سعد إلى ظهوره ضيف شرف لأول مرة في فيلم «الست» أمام منى زكي، موضحاً: «تحمست كثيراً بعدما عرض علي المخرج مروان حامد ذلك، فأنا أتشرف بالعمل معه حتى لو كان مشهداً واحداً، وأجسد شخصية الرئيس جمال عبد الناصر، ووجدت السيناريو الذي كتبه الروائي أحمد مراد شديد التميز، وأتمنى التوفيق للفنانة منى زكي والنجاح للفيلم».

وتطرق الناقد رامي عبد الرازق الذي أدار الحوار إلى بدايات عمرو سعد، وقال الأخير إن أسرته اعتادت اصطحابه للسينما لمشاهدة الأفلام، فتعلق بها منذ طفولته، مضيفاً: «مشوار البدايات لم يكن سهلاً، وقد خضت رحلة مريرة حتى أحقق حلمي، لكنني لا أريد أن أسرد تفاصيلها حتى لا يبكي الحضور، كما لا أرغب في الحديث عن نفسي، وإنما قد أكون مُلهماً لشباب في خطواتهم الأولى».

عمرو سعد في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (إدارة المهرجان)

وأرجع سعد نجاحه إلي «الإصرار والثقة»، ضارباً المثل بزملاء له بالمسرح الجامعي كانوا يفوقونه موهبة، لكن لم يكملوا مشوارهم بالتمثيل لعدم وجود هذا الإصرار لديهم، ناصحاً شباب الممثلين بالتمسك والإصرار على ما يطمحون إليه بشرط التسلح بالموهبة والثقافة، مشيراً إلى أنه كان يحضر جلسات كبار الأدباء والمثقفين، ومن بينهم الأديب العالمي نجيب محفوظ، كما استفاد من تجارب كبار الفنانين.

وعاد سعد ليؤكد أنه لم يراوده الشك في قدرته على تحقيق أحلامه حسبما يروي: «كنت كثيراً ما أتطلع لأفيشات الأفلام بـ(سينما كايرو)، وأنا أمر من أمامها، وأتصور نفسي متصدراً أحد الملصقات، والمثير أن أول ملصق حمل صورتي كان على هذه السينما».

ولفت الفنان المصري خلال حديثه إلى «أهمية مساندة صناعة السينما، وتخفيض رسوم التصوير في الشوارع والأماكن الأثرية؛ لأنها تمثل ترويجا مهماً وغير مباشر لمصر»، مؤكداً أن الفنان المصري يمثل قوة خشنة وليست ناعمة لقوة تأثيره، وأن مصر تضم قامات فنية كبيرة لا تقل عن المواهب العالمية، وقد أسهمت بفنونها وثقافتها على مدى أجيال في نشر اللهجة المصرية.

وبدأ عمرو سعد (47) عاماً مسيرته الفنية خلال فترة التسعينات عبر دور صغير بفيلم «الآخر» للمخرج يوسف شاهين، ثم فيلم «المدينة» ليسري نصر الله، وقدمه خالد يوسف في أفلام عدة، بدءاً من «خيانة مشروعة» و«حين ميسرة» و«دكان شحاتة» وصولاً إلى «كارما»، وقد حقق نجاحاً كبيراً في فيلم «مولانا» للمخرج مجدي أحمد علي، وترشح الفيلم لتمثيل مصر في منافسات الأوسكار 2018، كما لعب بطولة عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية من بينها «يونس ولد فضة»، و«ملوك الجدعنة»، و«الأجهر»، بينما يستعد لتصوير مسلسل «سيد الناس» أمام إلهام شاهين وريم مصطفى الذي سيُعْرَض خلال الموسم الرمضاني المقبل.