الحكومة تنجز التعيينات القضائية وتنفي التدخل السياسي

من جلسة الحكومة أمس برئاسة الرئيس ميشال عون (دالاتي ونهرا)
من جلسة الحكومة أمس برئاسة الرئيس ميشال عون (دالاتي ونهرا)
TT

الحكومة تنجز التعيينات القضائية وتنفي التدخل السياسي

من جلسة الحكومة أمس برئاسة الرئيس ميشال عون (دالاتي ونهرا)
من جلسة الحكومة أمس برئاسة الرئيس ميشال عون (دالاتي ونهرا)

أقرّ مجلس الوزراء في جلسته أمس في قصر بعبدا، برئاسة الرئيس ميشال عون، سلسلة تعيينات في القضاء العدلي والإداري والمالي، لإنهاء حالات الشغور، وتعيين قضاة أصيلين بدلاً من المكلفين بالوكالة لأكثر من 15 سنة.
وعيّن مجلس الوزراء، القاضي سهيل عبود، رئيساً أول لمحكمة التمييز ورئيس مجلس القضاء الأعلى، والقاضي غسان عويدات نائباً عاماً تمييزياً، والقاضي فادي إلياس رئيساً لمجلس شورى الدولة، والقاضي محمد بدران رئيساً لديوان المحاسبة، كما تم تعيين القاضية رولا جدايل مديرة عامة لوزارة العدل.
وبعد انتهاء الجلسة، أعلن وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي المقررات، وأشار إلى تشكيل لجنة وزارية لدرس أوضاع المؤسسات العامة، تمهيداً لاتخاذ القرارات المناسبة في شأنها، وهي برئاسة الرئيس سعد الحريري، وعضوية الوزراء غسان حاصباني، سليم جريصاتي، علي حسن خليل، جمال الجراح، وائل أبو فاعور، مي شدياق.
ووافق مجلس الوزراء على خطة العمل الوطنية لتطبيق القرار 1325 الصادر عن مجلس الأمن حول المرأة والسلاح والأمن. كما وافق على التدابير الواجب اتخاذها من وزارة الداخلية والبلديات لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية الفرعية. وقال جريصاتي إن توزيع مشروع قانون موازنة العام 2020 على الوزراء سيتم بصورة عاجلة في أقرب فرصة ممكنة، كما وعد وزير المال للتداول بشأنه، وستخصص جلسة لدرس المشروع ضمن المهل.
وحول التعيينات، لفت جريصاتي إلى أن هناك آلية دستورية لتعيين القضاة، تقوم على اقتراح من وزير العدل، ويصوت مجلس الوزراء، وفق المادة 65 من الدستور، بالثلثين، لافتاً إلى أن تعيين القضاة «حصل بالإجماع لجميع الذين وردت أسماؤهم. إنما تم تحفظ وزراء (القوات اللبنانية) على اسم، من دون ذكر الأسباب، وتم تجاوز هذا التحفظ بعد اتخاذ القرار، وفق الآلية والأكثرية الدستورية». وكان نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني لفت إلى «أننا اعترضنا على تعيينات ديوان المحاسبة لعدم اتباع الآلية اللازمة بكاملها». واعترض وزراء حزب «القوات اللبنانية» على تعيينات رؤساء غرف ديوان المحاسبة، باعتبار أنها لم تتبع الآلية التي ينصّ عليها القانون.
وقال جريصاتي: «إن التعيينات التي تمت أتت وفق نبذات شخصية، تم ضمها إلى جدول الأعمال، والبند هو السابع في الجدول. ولا بد من الإشارة إلى أن الآليات التي تنظم عملية التعيينات هي دستورية أو قانونية، وكل الآليات الأخرى هي بمثابة توجيه، وليست ملزمة». وقال: «إن الآلية الملزمة وفق الدستور هي اقتراح الوزير المعنيّ، على أن يقرر المجلس وفق أكثرية الثلثين، كما تنص عليه المادتان 65 و66. وإذا كانت هناك آليات معينة يرغب بعض الوزراء المعنيين اقتراحها، فلا مانع. إنما المهم مراعاة الاقتراح من الوزير المعني فقط».
ورفض جريصاتي أن يكون الاتفاق السياسي الذي سبق التعيينات يشير إلى تدخل سياسي في القضاء، وقال: «هذا الأمر غير صحيح، لأن التعيينات التزمت النصوص القانونية، أي نصوص الدستور وقانون القضاء العدلي وقانون ديوان المحاسبة». وعن الاتفاق السياسي الذي سبق التعيينات، قال: «كل اجتماع تنسيقي مطلوب، لكنه لا يلزم مجلس الوزراء، بدليل أن المجلس هو الذي يتخذ القرارات».
وعن تعيينات رؤساء الغرف في ديوان المحاسبة، قال جريصاتي إن التعيينات التي أُقرت «تُعتبر ممهداً لملء الشواغر وتولي قضاة مهام رؤساء غرف بالوكالة لأكثر من 15 سنة»، مضيفاً: «إنه عهد انتظام عمل المؤسسات القضائية والإدارية وغيرها، وهو أمر يفترض تعيين أصيل، وهذا ما حصل».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.