المرشحون لرئاسة تونس «يسابقون الزمن» لإقناع الناخبين قبل انتهاء حملاتهم

القروي يدخل إضراباً عن الطعام في محبسه... وهيئة الانتخابات تسجل مئات المخالفات والتجاوزات

المرشحون لرئاسة تونس «يسابقون الزمن» لإقناع الناخبين قبل انتهاء حملاتهم
TT

المرشحون لرئاسة تونس «يسابقون الزمن» لإقناع الناخبين قبل انتهاء حملاتهم

المرشحون لرئاسة تونس «يسابقون الزمن» لإقناع الناخبين قبل انتهاء حملاتهم

قبل يوم واحد من إقفال أبواب الحملة الانتخابية الخاصة بالانتخابات الرئاسية، التي تجري في تونس بعد غد الأحد، يسارع المرشحون للرئاسة من تكثيف لقاءاتهم في الجهات مع المواطنين، ويسابقون الزمن لعقد عشرات الاجتماعات لإقناع الناخبين بجدية ونجاعة برامجهم الانتخابية. لكن هذه الحملات الانتخابية المكثفة لم تخل من تجاوزات واختلالات كثيرة، فيما عدها أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مجرد خروقات عادية وغير مؤثرة في السباق الانتخابي المحموم.
وبعد عشرة أيام من انطلاق الحملة الانتخابية في الثاني من سبتمبر (أيلول) الحالي، سجلت هيئة الانتخابات ما لا يقل عن ألف مخالفة تتعلق بسير الانتخابات؛ حيث سجلت أعلى نسبة من المخالفات بدائرة تونس الأولى (العاصمة)، وذلك بنحو 120 مخالفة، في الوقت الذي تواصل فيه الهيئات الفرعية للانتخابات استعداداتها المادية واللوجستية لتأمين الانتخابات الرئاسية، عبر توضيب المواد الانتخابية، وتوزيعها على مقراتها الفرعية بالداخل والخارج.
وتنطلق اليوم (الجمعة) عمليات التصويت الخاصة بالانتخابات الرئاسية في دول المهجر؛ حيث ستتواصل لثلاثة أيام، وسخرت لها السلطات 392 مكتب اقتراع لاستقبال نحو 400 ألف ناخب مسجل.
وفي سياق المنافسة المستعرة بين المرشحين للانتخابات الرئاسية، تقدمت إدارة الحملة الانتخابية لرئيس الحكومة ورئيس «حركة تحيا تونس» يوسف الشاهد بشكوى رسمية إلى هيئة الانتخابات، بعد تعرض مؤيديه وأنصاره لاعتداءات، وتسجيل احتجاجات تكررت ضده في القصرين وسليانة وصفاقس وباجة، وذلك على خلفية اتهام بعض المواطنين له بعدم الاهتمام بمشاغل التنمية خلال فترة توليه رئاسة الحكومة منذ نحو ثلاث سنوات. كما اتهمت إدارة الحملة الانتخابية ليوسف الشاهد أنصار المرشح اليساري حمة الهمامي بالوقوف وراء عدد من الاعتداءات، معتبرة أن ما أقدموا عليه يعد «خرقا جسيما للقانون الانتخابي».
وسجل الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية نحو 412 مخالفة. كما أحصت هيئة الانتخابات خلال اليومين الأخيرين نحو 600 مخالفة انتخابية، وهو ما يعكس اشتداد الصراع بين المتنافسين على كرسي قرطاج في الأمتار الأخيرة.
وقالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في ردها على الخروقات المسجلة خلال الحملة الانتخابية الرئاسية، إن جل المتنافسين ارتكبوا خروقات وتجاوزات للضوابط وشروط القيام بأنشطة دعائية تتعلق بالسباق الرئاسي. وفي هذا السياق، قال أنيس الجربوعي، عضو هيئة الانتخابات، إن المخالفات التي سجلتها الهيئة خلال الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية لا تكتسي خطورة، إذ يتعلق أكثرها بعدم بتنظيم مظاهرة دون إعلام الهيئة الفرعية للانتخابات، وإلقاء خطابات تطعن بشكل غير مباشر في حملات وبرامج المتنافسين في هذا السباق الانتخابي. مؤكدا أن جلها لا تستوجب إسقاط أي مرشح من السباق الانتخابي الرئاسي، على حد قوله.

وبينما تسجل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مزيدا من المخالفات المتفاوتة، ما يزال المرشحون للرئاسيات يتبادلون الاتهامات فيما بينهم بخرق ضوابط وقواعد الحملة الانتخابية، وأهمها الاتهامات التي وجهت لعبد الفتاح مورو مرشح حركة النهضة(إسلامي)، ويوسف الشاهد مرشح حزب حركة تحيا تونس(حزب ليبرالي)، والمرشح المستقل عبد الكريم الزبيدي، وكلها اتهامات تتعلق أساسا بتوظيف المال العام ومؤسسات الدولة في حملاتهم الانتخابية.
على صعيد آخر عبرت أكثر من 80 شخصية معروفة، تضم محامين وأساتذة جامعيين وناشطين سياسيين غير منتمين لأحزاب سياسية، عن مساندتهم ودعمهم لترشح محمد عبو، رئيس حزب التيار الديمقراطي(وسطي) للانتخابات الرئاسية المبكرة، وذلك في إطار ما سموه «ميثاق من أجل تونس عادلة». واعتبر مؤيدو عبو أن «الأزمة التي تمر بها تونس ليست قدرا محتوما، بل إن المسؤولية الأولى تعود للأحزاب والمسؤولين السياسيين، الذين يحكمون البلاد منذ تسعة أعوام، والذين تعد حصيلة فترة حكمهم كارثية»، وذلك في انتقاد مباشر ليوسف الشاهد مرشح حركة تحيا تونس، وعبد الفتاح مورو مرشح حركة النهضة، علاوة على عبد الكريم الزبيدي المرشح المستقل المدعوم من حزبي النداء، الذي يتزعمه حافظ قائد السبسي (نجل الرئيس الراحل)، وآفاق تونس برئاسة ياسين إبراهيم.
على صعيد متصل، افتتح الرئيس المكلف محمد الناصر، أمس، مقر المركز الإعلامي الخاص بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية داخل قصر المؤتمرات وسط العاصمة، وهو مركز إعلامي خصص لتأمين التغطيات الإعلامية للسباق الرئاسي والبرلماني. وينتظر أن تعقد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مختلف مؤتمراتها الإعلامية المتعلقة بالنتائج الانتخابية داخل هذا الفضاء الإعلامي، وأولها الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية الثلاثاء المقبل.
ومن ناحيتها، أعلنت وزارة الداخلية عن تجند قوات الأمن لضمان حسن سير الاقتراع بعد غد الأحد. وقالت إنها عدلت أوقات العمل عبر إقرار نظام العمل المتواصل على مدار الساعة، إضافة إلى تعزيز وجود وحداتها الأمنية في مختلف الولايات (المحافظات).
في سياق ذلك، قال محام لوكالة «رويترز» للأنباء أمس إن رجل الإعلام نبيل القروي، والمرشح الأوفر حظا للفوز بانتخابات الرئاسة، بدأ إضرابا مفتوحا عن الطعام للضغط على السلطات للسماح له بالتصويت.
والقروي (56 عاما)، هو مالك تلفزيون نسمة الخاص، وواحد من أبرز المرشحين في الانتخابات. وقد اعتقلته السلطات منذ ثلاثة أسابيع بتهمة التهرب الضريبي وغسل الأموال.
وقال رضا بلحاج محامي القروي إن موكله «دخل في إضراب عام عن الطعام مفتوح منذ أول من أمس للمطالبة بحقه في الانتخاب يوم الأحد».
ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من السلطات.
وتقدم محامو القروي بطلب لمحكمة النقض، مفاده أن القضاة الذين أصدروا مذكرة توقيفه ليسوا متخصصين في المسائل المتعلقة بالفساد وتبييض الأموال، ولا ينتمون للقطب القضائي والمالي. لكن تم رفض كل الطلبات التي تقدم بها المحامون من أجل إطلاق سراح القروي في السابق.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.