الجيش الليبي يتهم «الوفاق» بإخفاء جثث الميليشيات للتستر على الهزائم

حفتر يلتقي وفداً قبلياً... والسراج يترأس اجتماعاً لحكومته

TT

الجيش الليبي يتهم «الوفاق» بإخفاء جثث الميليشيات للتستر على الهزائم

تراجعت حدة القتال أمس بين قوات «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، والقوات الموالية لحكومة «الوفاق»، المدعومة دوليا برئاسة فائز السراج، حول بلدة غريان جنوب العاصمة طرابلس، والتي تخضع لهيمنة الميلشيات، بعدما كانت تضم قاعدة الإمداد الرئيسية لقوات الجيش في هجومها الذي بدأ منذ الرابع من شهر أبريل (نيسان) الماضي. وفي غضون ذلك، اتهم الجيش الوطني الليبي حكومة «الوفاق» بإخفاء جثث ميليشياته «لإخفاء هزائمه». وأعلن مكتب الإعلام الحربي لعملية «بركان الغضب»، التي تشنها القوات الموالية للسراج، أن سلاح الجو التابع لها نفّذ ما وصفه بضربات جوية ناجحة ودقيقة على تمركزات لقوات «الجيش الوطني» في منطقة العربان، ما أدى إلى سقوط عدد لم يحدده بين قتلى وجرحى.
كما وزع المركز أمس، لقطات مصورة لجانب من الاشتباكات، التي دارت أول من أمس بين قواته وقوات «الجيش الوطني» بمحيط منطقة العربان، جنوب البلدة التي تبعد نحو 90 كيلومتراً إلى الجنوب من طرابلس.
ولا تزال قوات الجيش تسعى لاجتياح دفاعات القوات الموالية لحكومة السراج، وتجاوز الضواحي الجنوبية لطرابلس، حيث يسيطر الجيش على بلدة ترهونة (جنوب شرقي العاصمة)، التي تعد قاعدته الرئيسية الثانية في هجومه لتحرير المدينة.
واتهم «الجيش الوطني» في بيان للمركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة» التابعة له، الميليشيات المسلحة بالاستعانة بثلاجات موتى متنقلة لإخفاء العدد الحقيقي لضحاياها خلال المواجهات الأخيرة.
وقال المركز في بيان له إن الميليشيات أحضرت بالتنسيق مع وزارة الصحة في حكومة السراج ثلاجات متنقلة كبيرة داخل قاعدة معيتيقة، ووضعت فيها جثث عشرات الذين لقوا مصرعهم بهدف إخفاء خسائرها وعدم إبلاغ أهاليهم، لافتا إلى أن غالبية الجثث التي بدأت تظهر روائحها الكريهة، وأصبحت محل شكوى العاملين تعود لأفراد من مدينة مصراتة في غرب البلاد.
كما أعلن المركز عن إحباطه محاولة تغيير الحشد الميليشياوي مؤخرا لخططه الحربية، بعدما نزعت عناصر الجيش جهازا للاتصالات والتشويش وتحسين دور طائرات الدرون التركية الموجهة، مشيرا إلى قيام مجموعة من الحشد الميليشياوي بتخزين المدرعات، والأسلحة الثقيلة في منطقة أبو صرة السكنية. وقال إنه تم الكشف عن مكان إقلاع الطائرة التركية المسيرة، التي اتضح أنها تقلع من داخل المصفاة النفطية، مشيرا إلى وجود معلومات عن وجود غرفة عمليات ليلاً في تسيير طائرة الإرهاب التركية.
وفى أحدث ظهور له، استقبل المشير حفتر بمقره في الرجمة خارج مدينة بنغازي (شرق)، وفداً من حكماء وأعيان ومشايخ قبيلة الرجبان والعربان، الذين جددوا، بحسب بيان لمكتب حفتر مساء أول من أمس، دعمهم لقيادة الجيش، ودور قواته المسلحة في تطهير كامل ليبيا من التطرف والإرهاب والتشكيلات كافة، التي تشكل خطرا على أمن الوطن والمواطن.
من جانبه، أصدر المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» أمس، قرارا بجعل مرزق الجنوبية، مدينة منكوبة. وكان السراج قد ترأس أول من أمس اجتماعا لحكومته، ناقش فيه مشروع اللائحة التنفيذية للقانون رقم 29 لسنة 2012 بشأن الأحزاب السياسية. بالإضافة إلى أوضاع النازحين، حيت تم تكليف نائبه أحمد معيتيق بمتابعة تنفيذ إجراءات تقديم الإعانات المادية والعينية للنازحين.
وقال السراج في بيان وزعه مكتبه إن الاجتماع، الذي استعرض تطبيق نظام الحوكمة الرشيدة في مؤسسات الدولة الإدارية، قرر تكليف مستشارين مختصين للتواصل مع وزير الدولة لشؤون هيكلة المؤسسات بالخصوص.
من جهة أخرى، طالبت حكومة السراج إيطاليا بالتراجع عن إبرامها اتفاقية مع هيئة حكومية تابعة للحكومة الموازية في شرق البلاد لصيد الأسماك.
وقالت وزارة الخارجية، التابعة لحكومة السراج، في بيان لها أول من أمس، إنها تطالب السلطات الإيطالية بالتدخل لوقف فيدرالية صيد الأسماك بجزيرة صقلية عن التعامل مع ما وصفتها بـ«الأجسام غير الشرعية في المنطقة الشرقية».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.